الفصل الثامن والثلاثون

3.6K 176 20
                                    

الفصل الثامن والثلاثون
في صباح اليوم التالي
كانت تجلس على طاولة الإفطار ترتشف قهوتها بصمت تام .. لم تنم طوال الليل وعقلها يفكر في ردة فعل زوجها عندما يعلم بما حدث البارحة في غيابه ووجود تلك الفتاة في القصر ..
عقلها كان لا يكف عن التفكير طوال الليل بعدما غادرت المكان حيث جناحها لتنفرد به تماما فيأتي زوجها ويخبرها بما حدث وطلاق جيلان ومهند الذي كان المفترض أن يسعدها فالفتاة حقا بريئة ولا تستحق هذه الزيجة لكن ما حدث قبلها لم يسمح لها بالتفكير بأي شيء سوى بردة فعل زوجها بعدما يعلم ما حدث ..
ألا يكفي إن تلك الفتاة ستصبح زوجة إبنها بل وستنجب حفيدا لهم ..؟!
لا تعلم كيف يمكنها أن تتقبل هذا بل كيف سيتقبل زوجها هذا ..؟!
أفاقت من أفكارها على صوت توليب وهي تلقي تحية الصباح قبل أن تجلس في مكانها يتبعها فيصل الذي تسائل :-
" أين البقية ..؟! ألم يستيقظوا بعد ..؟!"
ردت زهرة :-
" والدك تركته نائما فقد عاد متأخرا جدا البارحة .. راغب وهمسة لم يستيقظا بعد .. راجي غادر فجر اليوم فلديه مناوبة ... ومهند لا أعلم عنه شيئا ..."
هتفت توليب بصوت مرهق :-
" أساسا انا أشعر بالتعب حقا .. لم أنم سوى ساعات  قليلة ولولا إنه لدي موعد هام ما كنت لأستيقظ أبدا ..."
" جميعنا لم ننم حتى الفجر .. .."
قالها فيصل بجدية لتسأله توليب :-
" ولماذا إستيقظت إذا ..؟!"
رد ببساطة :-
" لدي موعد مع أصدقائي .."
منحته توليب نظرة ذات مغزى تجاهلها وهو يشير الى الخادمة أن تصب له القهوة ..
تقدم بعد لحظات راغب ملقيا تحية الصباح ليجلس في مكانه على الطرف الأيسر جانب كرسي أبيه مقابلا لكرسي والدته لتسأله والدته بإهتمام :-
" همسة لم تستيقظ بعد ، أليس كذلك ..؟!"
رد راغب بجدية :-
" تركتها نائمة .. تعلمين البارحة لم ننم حتى وقت متأخر .."
رمقته بنظراتها وهي تتسائل بخفوت :-
" ماذا ستفعل الآن ...؟!"
تبادل راغب النظرات معها ورد بعدما أطلق تنهيدة طويلة :-
" سأتحدث مع والدي بعد الفطور .."
" انا لا أريد تلك الفتاة هنا يا راغب .."
قالها زهرة بصرامة ليرد راغب بجدية :-
" تحمليها يا أمي .. جميعنا مجبورون على ذلك ..."
سأل فيصل بتردد :-
" هل هي حقا حامل من مهند ..؟! يعني ألا يمكن أن تكون كاذبة ..؟!"
رد راغب ببرود:-
" شيء كهذا لا يمكن الكذب فيه يا فيصل.. هي ليست غبية أبدا لتكذب بشيء كهذا .."
هتفت زهرة بملامح عصبية :-
" يعني ماذا ..؟! ستتزوج أخيك وتنجب طفلا منه أيضا ... يا إلهي لا أصدق .. والله سأصاب بالجنون .. لا يمكنني تحمل هذا .."
" ماما اهدئي .."
قالتها توليب محاولة تهدئتها لتهتف زهرة بإنفعال :
" كيف سأهدأ وتلك الفتاة ستصبح فردا من عائلتنا بل وتنجب حفيدا لنا ..؟! فتاة كهذه كيف يمكن أن تنتمي لنا ...؟!"
قال فيصل بسرعة :-
" لقد جاء أبي .. لا تتحدثي الآن من فضلك .."
صمتت زهرة على مضض وهي تسحب فنجانها وترتشف منه مجددا بينما دلف عابد ملقيا تحية الصباح متأملا ملامح زوجته المتشنجة ..
جلس بإسترخاء على مقعده وأشار للخادمة أن تصب له القهوة قبل أن يصرفها ويبدأ في إرتشاف قهوته ..
لحظات قليلة وأشار الى راغب يتسائل :-
" أين مهند يا راغب ..؟!"
رد راغب وهو ينظر الى والدته :-
" لا أعلم .. في جناحه بالتأكيد .."
هتف عابد ببرود قبل أن يرتشف من قهوته مجددا :-
" مع تلك الفتاة ، أليس كذلك ..؟!"
تطلع كلا من توليب وفيصل بدهشة بينما سيطر الجمود على ملامح راغب اما زهرة فتأملته بعدم استيعاب ليبتسم مرددا بتهكم :-
" أزيلوا تلك الدهشة عن وجوهكم ... ألم تتعلموا بعد ألا يوجد شيء يمكن إخفائه عني ...؟؟"
" جيد إنك تعلم .. لقد وفرت علي الكثير .."
قالها راغب بجدية لتهتف زهرة بتجهم :-
" بما إنك تعلم يا عابد فدعني أتحدث بصراحة إذا .. تلك الفتاة لا مكان لها هنا .. انا لا يمكنني تقبل فتاة مثلها في القصر .. "
رد عابد بجدية :-
"تلك الفتاة تحمل حفيدك ..."
" أساسا هذا يثير جنوني أكثر ..."
قالتها زهرة بغضب ليقول عابد بهدوء مريب :-
" كل شيء سيتم حله ، لا تقلقي ..."
سألته زهرة بعدم إقتناع :-
" كيف يعني ..؟! ماذا ستفعل بتلك الفتاة والطفل الذي تحمله ..؟!"
رد عابد بغموض :-
" سأفعل ما يتطلبه المنطق .. انت فقط اطمئني .. طوال حياتي لم أسمح لأحد أن يسيء لسمعة العائلة ولن أسمح بذلك مهما حدث ... في النهاية لن تأتي فتاة كهذه لا تساوي شيئا وتدمر ما بنيته لسنوات .. "
ضغطت زهرة على شفتيها بقوة بينما أشار عابد لهم وهو ينهض من مكانه :-
" لا تتدخلوا في هذا الأمر .. تلك الفتاة ستبقى حاليا هنا .. لا تتسببوا في مشاكل معها نحن في غنى عنها .. اتركوا الأمر لي وتصرفوا بشكل طبيعي .."
أكمل وهو يشير الى راغب :-
" سأنتظرك في مكتبي لنغادر سويا الى الشركة ... هناك أمور كثيرة يجب أن نتحدث بها ..."
نهض راغب من مكانه قائلا بسرعة :-
" إنتهيت من فطوري أساسا .. لنغادر الآن .."
تحرك عابد خارج المكان يتبعه راغب ترافقهما نظرات زهرة الغير راضية أبدا عما يحدث ..
..................................................................
تقدمت نحو طاولة الإفطار لتجد والدها يترأس الطاولة وبجواره أختها بينما والدتها ليست موجوده ..
" صباح الخير .
قالتها مبتسمة وهي تسحب كرسيا لها على الجانب الآخر بجانب والدها ليرد كلاهما تحيتها عندما تسائلت :-
" ألم تستيقظ ماما بعد ..؟!"
رد أحمد بجدية :-
" أظن إنها تتعمد عدم الإستيقاظ .."
سألت مريم بإستغراب :-
" لماذا ..؟! هل حدث شيء ما ..؟!"
رد والدها بخفوت :-
" إختلاف في الآراء ليس إلا .."
نظرت مريم نحو أختها بتسائل فأوضحت ليلى بإختصار :-
" الأمر يخص سهام وما فعلته .. يعني بابا لديه وجهة نظر وماما لديها وجهة نظر مختلفة تماما .."
سألت مريم والدها :-
" وما هي وجهة نظرك يا بابا ..؟!"
رد أحمد بجدية :-
" انا طلقت سهام وهي أصبحت خارج حياتي وبما إنها تخلت عن طفلها فسيقى ابني معي ولن أقبل أن تساومني على إستعادة الطفل مقابل أي شيء كان .."
" هذا أفضل قرار يمكن إتخاذه تجاه واحدة مثلها .."
قالتها مريم بتأكيد لترد ليلى بهدوء :-
" في خضم كل هذا لا تنسوا إن هناك طفل يحتاج والدته وطفل آخر سيأتي بعد عدة أشهر .. الأمر لا يتوقف عند سهام فقط بل هناك طفلين في الوسط يجب التفكير بهما جيدا قبل أي خطوة نتخذها ..."
ردت مريم ببرود :-
" على أساس إنها تهتم حقا لأمر طفليها .. لو كانت تهتم ما كانت لتترك طفلها مهما حدث ..."
قالت ليلى بجدية :-
" لا أحد يعلم كيف تفكر ولكن من الخطأ أن نستعجل في إتخاذ قرارات قد تضر أشخاصا لا ذنب لهم فيما يحدث ..."
تجهمت ملامح مريم بينما قال أحمد بهدوء :
" لا تقلقي من هذه الناحية يا ليلى .. لن أفعل ذلك أبدا .. من الآن فصاعدا لن أقوم بأي تصرف يؤذيكِ انت أو أخوانك ... الجميع سيكون بخير وتأكدي إن قراري في وضع سهام وعبد الرحمن والطفل القادم سيكون لصالح الجميع ...!"
ابتسمت له بصمت عندما رن هاتفها بإسمه فنظرت الى الشاشة قبل أن تنهض من مكانها قائلة :-
" يجب أن أغادر الآن ... "
هتف والدها يتسائل :-
" ألن تتناولي فطورك اولا ...؟!"
ردت بجدية :-
" سأتناوله في الخارج وأذهب بعدها الى الشركة..."
تحركت نحو الخارج بعدما ودعتهما لتجده في إنتظارها لتتقدم نحوه مبتسمة بهدوء لتلقي التحية عليه فيسألها :-
" هل أنت جاهزة للمغادرة ..؟!"
هزت رأسها وهي تجيب :-
" نعم جاهزة .."
هتف وهو يشير نحو سيارته :-
" اركبي إذا .."
قالت بسرعة :-
" لقد غيرت رأيي .. سأتبعك بسيارتي لإن علي الذهاب الى الشركة بعدها .."
" سأوصلك الى الشركة إذا .."
قاطعته مبتسمة :-
" وماذا بعدما أنهي عملي ..؟! لأذهب بسيارتي أفضل .."
قال مستسلما :-
" حسنا كما تريدين ...."
قالت وهي تخرج هاتفها من حقيبتها :-
" سأرسل لك موقع المطعم وأعتذر حقا لإنني جلبتك الى هنا بدلا من ذهابك الى المطعم مباشرة لكنني قررت فجأة وقبل قليل الذهاب الى الشركة .."
" لا عليك يا ليلى ..."
قالها مبتسما لتبادله إيتسامته وهي ترسل له الموقع قبل أن تتجه نحو سيارتها بينما يركب هو سيارته وينتظر تحرك سيارتها كي يتحرك بسيارته هو الآخر ..
بعد حوالي نصف ساعة جلست ليلى على الكرسي المقابل له ليتقدم النادل نحوهما ويضع أمامهما قائمة الطعام ...
قالن ليلى بسرعة :-
" هنا يعدون فطور تركي رائع .. يمكننا تجريبه .."
رد بنفس الإبتسامة :
" لنجربه إذا ..."
أشارت ليلى الى النادل فتقدم نحوها لتطلب منه أن يعد مائدة الفطور التركي التي إعتادت على تناولها هنا ..
غادر النادل لتنظر نحو زاهر مجددا وتقول :
" أشكرك جدا لإنك لبيت دعوتي على الفطور .."
ابتسم مرددا بجدية :-
" وأنا بدوري أشكرك على الدعوة ..."
أكمل يتسائل :-
" ولكن بالتأكيد هناك شيء ما خلف هذه الدعوة .."
ظهر التردد على ملامحها فسألها مجددا:-
" ماذا هناك يا ليلى .. ؟! هل هناك مشكلة ما ..؟! أخبريني .."
ردت ليلى بسرعة :-
" أبدا ، ليست هناك اي مشكلة ..أريد التحدث معك قليلا ولكن دعنا ننتهي من تناول الطعام أولا .."
" حسنا .. كما تحبين .."
قالها بجدية لتبتسم له بإمتنان ليأتي النادل بعد لحظات ويبدأ في إعداد المائدة ..
انتهى النادل من تجهيز المائدة ليهتف زاهر بإعجاب :-
" المائدة منظرها رائع والطعام يبدو شهيا للغاية .."
قالت ليلى مؤكدة حديثه :-
" نعم جدا .. تناوله هيا وأعطني رأيك ...."
بدأ كلاهما يتناولا الطعام حيث بعض أنواع الأكلات التركية الخاصة بوجبة الفطور فوجد زاهر الطعام لذيذا حقا ..
تأمل زاهر ليلى وهي تضع قطعة صغيرة من الخبز في ذلك الطبق الذي يحوي على ما يبدو شيئا أصفرا لا يعلم طبيعته لكنه يبدو شهيا خاصة عندما حملت ليلى القطعة بشوكتها بعدما ذابت كليا في الكتلة الصفراء لترفعها بتأني فترتفع معها الآكلة الذائبة التي لا يعرف مكوناتها بعد فتسارع ليلى لقطع لقمتها وتناولها بتلذذ ..
مضغت ليلى لقمتها ثم قالت وهي تشير له :-
" تذوقها .. إنها لذيذة للغاية ..."
أكملت وهي تكرر نفس الفعل مجددا لكن وضعت اللقمة في طبقه هذه المرة :-
" تناولها وأعطني رأيك ..."
ابتسم وهو يتناولها بالفعل ليشعر بطعم الجبن قليلا مع الزبد ولكنه لم يشعر بنفس اللذة التي كانت تبدو عليها فظهر ذلك على وجهه لتسأله بإحباط :-
" ألم تعجبك ..؟!"
رد بسرعة وهو يمسح فمه بالمنديل :-
" ليس تماما .. طعمها عاديا ... يعني لا بأس بها .."
سألها بعدها :-
" هل هي آكلة مشهورة ..؟!"
ردت بسرعة :-
" مشهورة جدا وخاصة في منطقة الشمال التركي .. إسمها موهلاما ..."
ردد ضاحكا :-
" موهلاما .."
ضحكت وهي تردد :-
" نعم اسم غريب قليلا ولديها اسم آخر كويماك ..."
ابتسم مرددا وهو يرفع بيالة الشاي :-
" إسمها غريب حقا .. "
أضاف بعدما إرتشف القليل من الشاي :-
" ولكن يبدو إنك تحبيها كثيرا .."
قالت بسرعة :-
" كثيرا .. إنها آكلتي المفضلة .. في الحقيقة أنا أحب الطعام التركي عموما ... "
ابتسم مرددا :-
" ربما لإن أصولك تركية .."
ضحكت قائلة بجدية :-
" من قال هذا ..؟!"
هتف بتذكر :-
" سمعت أبي يقول هذا ذات مرة .. عمي أحمد لديه أصول تركية .."
ردت بجدية :-
" أظن هذا الكلام غير الصحيح .. البعض يقول إن إصول عائلتنا تعود الى تركيا وإن أجدادنا كانوا أتراك وأمور كهذه لكن لا يوجد شيء مؤكد ..."
" عندما أنظر الى عائلتكم يزداد شكوكي بشأن هذا .."
ضحكت تتسائل بخفة :-
" وما بهم عائلتي ..؟!"
هتف بجدية :-
" يعني الشقار المنتشر في عائلتكم .. ليس في عائلتك فقط بل اغلب أفراد عائلة أبيك .. حتى الغير شقر يمتلكون بياضا ناصعا .."
اومأت برأسها موافقا :-
" نعم ... البشرة البيضاء والشعر الأشقر والعيون الملونة صفة مكتسبة في جميع أفراد عائلة سليمان .."
هتف بنبرة ذات مغزى :-
" والعيون العسلية أيضا .."
ابتسمت تتسائل بخفة :-
" وما بها العيون العسلية ..؟!"
رد بجدية :
" جذابة جدا جدا .. وحلوة جدا جدا كالعسل تماما .."
توردت وجنتيها فكحت بخفة وهي تحمل بيالة الشاي خاصتها ترتشف منها فقرر أن يغير الموضوع ليتحدث في أمور مختلفة فتبادلت الأحاديث معه حيث تحدثا في الكثير من الأمور وغرقا في الضحك عدة مرات حتى تناست ليلى سبب دعوته على الفطور وما أرادت قوله ..
.......................................................................
جلست هايدي بجانب أختها تتأمل شرودها المستمر فتهتف بجدية :-
" حسنا يا نانسي .. لقد جاء الطعام .. هيا لنتناوله ..."
التفتت نانسي نحوها بعدما أفاقت من شرودها وقالت :-
" هايدي اتصلي بعمي ... أريد أن يخبرني بقراره .. "
قالت هايدي بجدية :-
" انتظري قليلا ... هو سيخبرنا بنفسه .. وعمي بالطبع سيوافق لإنه لا يمكن أن يقف ضد رغبتك .."
أضافت بجدية :-
" ولكن المهم أنت.. عليك أن تتخذي قرارا سريعا بشأن الطفلين ... "
نظرت نانسي لها للحظات ثم سألتها:-
" لو كنت مكاني ماذا ستفعلين ..؟!"
نهضت هايدي من مكانها وأجابت بعدما عقدت ذراعيها أمام صدرها :-
" كنت سأجهض بالطبع .. لكن هذا لا يعني أن تفعلي مثلي .. انت تختلفين عني يا نانسي .. شخصيتك تختلف عن شخصيتي .. نعم انا كنت أشجعك على الإجهاض لكن عندما فكرت وجدت إنه من الأفضل أن تحددي قرارك بنفسك ولهذا توقفت عن محاولة إقناعك بالتخلص من الحمل .. انا فقط لا أريدك أن تتخذي قرارا تندمين عليه ...عليك أن تتذكري دائما إن هناك مسؤولية طفلين ستتعلق بك إذا لم تجهضِ .. عليك أن تتأكدي من مقدرتك على تحمل مسؤوليتهما حتى لو رفض والدهما تحمل المسؤولية معك .. إذا وجدتِ نفسكِ قادرة على هذا فإحتفظي بهما ولكن في المقابل إذا كنتِ لستِ متأكدة من ذلك فلا تنجبي طفلين وتتسببين في تعاستهما طوال حياتهما بسبب عدم قدرتك على رعايتهما جيدا وتحمل مسؤوليتهما كاملة ..."
همست بتردد :
" ربما علي أن أسأل صلاح ...!!"
قالت هايدي بجدية :-
" برأيي هذا سيكون افضل .. يجب أن يكون لديه علم بهذا .."
نهضت نانسي من مكانها تهتف بقلق :-
" وماذا لو رفض ..؟!"
قالت هايدي ي بسرعة :-
" غالبا سيرفض وسيطلب منك إجهاضهما .."
تسائلت نانسي بفزع :-
" وهل سيجبرني على الإجهاض ..؟!"
ردت هايدي بجدية :-
" توقعي منه أي شيء ..."
ظهر التوتر على ملامح نانسي فتسائلت هايدي وهي تقترب منها وتقبض على كفيها :
" هل تريدين الطفلين يا نانسي ..؟! هل تريدين الإحتفاظ بهما ..؟! "
إبتلعت نانسي ريقها وهتفت بتحشرج :-
" لا أعلم .. ولكن فكرة قتلهما وهما داخل رحمي تفزعني ... "
أكملت بعينين محتقنتين :-
" الأمر ليس سهلا بل هو أصعب ما يكون ... "
أضاف بصوت مبحوح :-
" أشعر إنني لن أسامح نفسي أبدا إذا قتلتهما .. وفي نفس الوقت أخاف أن أندم فيما بعد على إنجابهما .. سأموت يا هايدي .. تعبت حقا .. تعبت من وضعي هذا وعجزي عن إتخاذ قرار .."
احتضنتها هايدي تردد برفق :
" حسنا يا نانسي ... تمهلي قليلا .. ما زال أمامك بضعة أيام .. "
أردفت وهي تنظر الى عينيها بقوة :
" يمكنك الإحتفاظ بهما إذا تأكدتِ من رغبتكِ بذلك .."
سألها نانسي بتردد :
" وماذا عن صلاح ..؟!"
اجابت هايدي بسرعة :-
" ليس مهما قراره .. انت تتوقعين أن يرفض الطفلين ..  لا نريد منه شيئا سوى إسمه فقط .."
أضافت بتهمل :-
" ولكن عليكِ أن تكوني مستعدة لمستقبلك مع طفلين دون وجود أب يهتم بهما ... يعني ستكونين أنت الأب والأم حينها .."
تسائلت نانسي بألم :-
" ألا يمكن أن يقبل بوجودهما ...؟! يعني يكون أب لهما .. في النهاية هما من صلبه .. إبنيه .. يعني من غير المعقول أن يرفضهما .. أليس كذلك يا هايدي ..؟! "
هزت هايدي رأسها دون رد لتأخذ نانسي نفسها ثم تهتف بها :-
" اتصلي بعمي يا هايدي من فضلك ..."
" حسنا .. سأتصل به لأعرف قراره ثم تتناولين الطعام بعدها .."
هزت نانسي رأسها وهي تقول بترجي :-
" فقط اتصلي به ..."
........................................................................
حمل أشرف هاتفه فوجد هايدي تتصل به ليجيبها مرحبا بها قبل أن يقول :-
" كنت سأتصل بك اليوم يا هايدي .."
هتفت هايدي بسرعة :-
" حقا يا عمي .. "
رد أشرف بجدية :-
" نعم ، كنت سأخبرك إنني وافقت على طلب صلاح بالزواج من أختك وسأبلغه هو أيضا موافقتي اليوم .."
هتفت هايدي بفرحة بالغة :-
" حقا ..؟! شكرا كثيرا يا عمي ...
رد أشرف مبتسما :-
" على ماذا يا إبنتي ..؟! انا لا يمكنني الوقوف أمام رغبة  أي واحدة منكما طالما رغبتكما تلك لا شيء سيء فيها .."
قالت هايدي بسرعة :-
" وماذا عن ماما ..؟!"
رد أشرف بجدية :-
" سأذهب لرؤيتها الآن وأتحدث معها وأحاول إقناعها .."
تسائلت هايدي مجددا بقلق :-
" وماذا لو أصرت على قرارها بالرفض ..؟!"
تنهد أشرف وقال :-
" حينها سنضطر الى إتمام الخطبة دونها ...."
" حسنا .."
قالتها هايدي بخفوت ليطمأنها أشرف :-
" لا تقلقي .. كل شيء سيكون بخير .."
ودعها بعدها وأغلق الهاتف معها ليخرج من غرفته ومن الفيلا بأكملها متجها الى منزل أخيه الذي لم يدخله منذ مدة طويلة ..
كان يشعر بالضيق وهو مضطر لرؤية زوجة أخيه الراحل والتي لم يتفق معها يوما لكنه مضطر لذلك ..!
وقف امام باب الفيلا بعد مدة لتفتح له الخادمة الباب فيبتسم لها وهو يخبرها :-
" أخبري تهاني هانم إن أشرف مختار يريد مقابلتها .."
سارت به الخادمة نحو صالة الضيوف ثم إستأذنته لتنادي تهاني بعدما سألته عما يفضل تناوله ..
جلس في مكانه يتأمل الفيلا التي لم تتغير كثيرا منذ وفاة أخيه والذي بعد وفاته تغيرت الكثير من الأشياء ...
زفر أنفاسه ببطء مفكرا إن كل شيء بسبب تهاني التي لطالما حاولت تدمير علاقته بأخيه ولكن أخيه رحمة الله عليه كان يقف لها دائما بالمرصاد وعندما توفي أخيه سارعت لقطع العلاقات بينه وبين أبناء أخيه وقد نجحت في ذلك عندما أصبح تواصله مع إبنتي أخيه شبه معدوم ولا يلتقيهما إلا نادرا بينما بقي كرم إبن أخيه الوحيد الذي يتواصل معه رغم سفره منذ سنوات للدراسة في الخارج ...
ولكن الآن بدأ يتغير كل شيء وها هما إبنتي أخيه لجئتا إليه وسيدركان إنه مهما مهما حدث سيظل عمهما الذي يسعى دائما لحمايتهما ورعايتهما فهما إبنتي أخيه الراحل .. أخيه الوحيد ..!!
أفاق من أفكاره على صوت تهاني تلقي التحية بإقتضاب فتأمل ملامحها الحادة كعادتها وهو ينهض من مكانه يرد تحيتها ..
جلست قباله بملامح جامدة فهتف بجدية :-
" جئت للتحدث معك يا زوجة أخي بشأن موضوع خطبة نانسي .."
قالت تهاني بتجهم خفيف :-
" وما علاقتك أنت بالأمر ..؟!"
رد بجدية :-
" كيف يعني ما علاقتي أنا ...؟! أنا عمها أم نسيت هذا ...؟؟"
ضحكت مرددة بتهكم :-
" إذا عندما تعسرت عليها الأمور كليا لجأت إليك ..."
أضافت بعدها بصوت هامس لكنه مسموع :-
" سأريها ماذا سأفعل بها .. تظن إنها تتحداني بهذه الطريقة ..."
قال أشرف بصوت قوي لا يخلو من الحدة :-
" ماذا ستفعلين بها يا تهاني ..؟! هل ستضربيها ..؟! أم تحبسيها وتمنعيها من رؤيتي ..؟؟ الفتاة لم تفعل شيئا خاطئا .. لقد أتت الى عمها ... عمها أخو والدها الراحل .."
قالت بسخرية :-
" كف عن هذه الخطابات المملة بالله عليك ..."
هتف بتحذير :-
" كفي انت عن تصرفاتك تلك يا تهاني ..نانسي وهايدي كبرتا وبدأتا تستوعبان كل شيء بوضوح .. هما لم تعدان تلك الفتاتين اللتين تتحكمين بهما وتملئين عقلهما وقلبها كلاما كاذبا وحقدا نحوي ..."
" مالذي تقوله انت ..؟! وثانيا انت كيف تتحدث معي هكذا ..؟! انظر الي انا والدتهما و ..."
قاطعها بحزم :-
" أعلم إنك والدتهما لكن ليس دائما الأمهات هن الصح ... أحيانا يكونن الأمهات لعنة في حياة أبنائهن .."
انتفضت من مكانها تصيح :-
" هل تقصد إنتي لعنة في حياة إبنتي ..؟! هل جننت ..؟!"
نهض بدوره من مكانه وقال بقوة وهيمنة :-
" انا أقول هذا بناء على تصرفاتك التي لا داعي لذكرها مجددا .. اسمعي يا تهاني .. رغم كل أفعالك ما زلت أضع حدودا للتعامل معك لأجل خاطر أخي الراحل وخاطر أبناء أخي لهذا تعقلي وإجلسي ودعينا نتحدث .."
" عم سنتحدث ..؟! انا لست موافقة على هذه الخطبة .. هذا قراري وانتهي .."
" لماذا ..؟! لماذل ترفضين هذه الخطبة ..؟! هل لديك سبب مقنع ..؟!"
ردت بتعنت :-
" انا حرة .. انا أرفض هذا الشاب ... ابنتي لن تتزوجه .. لا أحد يمكنه إجباري على شيء لا أريده .."
" ولكن إبنتك تريده يا تهاني .."
قالها بجدية لترد بلا مبالاة :-
" فلتذهب الى الجحيم .. قراري هو الذي سينفذ ..."
ضحك مرددا بإستخفاف :-
" يبدو إنك لم تفهمي بعد .. نانسي جائت وتركت القرار لي وانا عندما رأيت رغبتها في ذلك الشاب وافقت وهي بدورها تتمنى موافقتك لكنها لن تتراجع عن الزيجة إذا لم تحصل عليها .. هذا كلامها هي وليس كلامي ..."
" انت تفعل ذلك عن قصد .. تحرضها ضدي .."
قالتها بعينين مشتعلتين ليرد بثبات :-
" إفهمي يا إمرأة .. ابنتك هي من جاءت بنفسها إلي وطلبت مني مقابلة الشاب .... "
" وانت لم تصدق ووافقت فورا مي تكسبها وتجعلها في صفك ضدي .."
قالتها بغضب ليرد بقوة :-
" هذه التصرفات تصدر من أمثالك يا تهاني ... ممن يحاولون أذية من حولهم دون مبرر .. انا لا يمكنني إستغلال إبنة أخي فقط لإغاضتك وإزعاجك كما تدعين .."
تسائلت بعصبية :-
" لماذا اذا وافقت ..؟! لماذا وافقت عليه ..؟!"
رد بجدية :-
" لإن إبنتك تريده ومقتنعة به تماما .."
صاحت بصوت أكثز علوا :-
" انه شاب مستهتر لا مستقبل لديه .. لو كانت ابنتك مكان ابنتي هل كنت ستوافق عليه ..؟!"
رد بصدق:-
" كنت سأتحدث معها كما فعلت مع نانسي وأتحدث معه ايضا وإذا وجدتها مصرة على قرارها وهو بدوره يحبها ويريدها وينوي التغير لأجلها سأمنحهما الفرصة وأوافق .."
" كلام أهوج .. انظر الي يا أشرف .. انا لن أوافق على هذه الزيجة أبدا .."
قالتها بتحدي ليرد أشرف بجدية :-
" ولكنني وافقت وأخبرت صلاح بذلك وسيأتي هو وعائلته غدا للتقدم رسميا لخطبة الفتاة .. أتمنى أن تأتي يا تهاني .."
صاحت بنبرة مجنونة :-
" ستزوج ابنتي دون موافقتي يا أشرف ..؟!"
رد بلا مبالاة :-
" أتيت بنفسي وحاولت إقناعك لكنكِ ترفضين بتعنت دون سبب واضح ولهذا إعذريني انا مضطر لإتمام الخطبة دونك ... "
" لا يمكنك  فعل هذا .. ولا تنسي إن لديها أخ أيضا يجب أن يمنح موافقته .."
رد أشرف وهو يبتسم بهدوء :-
" رغم إن القرار يخص نانسي لوحدها لكنني تحدثت مع كرم وأخبرته وهو بارك هذه الخطبة بل وأخبرني إنه سيتواجد في الزفاف أيضا .."
اتجه نحو الباب بعدها قبل أن يتوقف مكانه ثم يستدير نحوها مرددا بجدية :-
" فكري جيدا فيما قلته وحاولي أن تتواجدي غدا لأجل إبنتك يا تهاني .."
تركها ورحل وهي تكاد تنفجر من الغضب وقد جاءت موافقة ابنها كالصاعقة فوق رأسها وهو الذي كان الأمل الوحيد المتبقى لها ...
................................................................
فتحت باب الشقة لتجده أمامها يتأملها بملامح تنطق بمدى غضبه فشعرت بالقلق يكسوها وهي تهتف بتوتر ظهر رغما عنها :-
" فراس ..؟! ماذا هناك ..؟!"
رد ببرود مخيف :-
" قولي مرحبا أولا  ، تفضل يمكنك الدخول .. أم ستتركيني واقفا هنا عند الباب يا أم ولدي ..؟!
ردت بتردد :-
" انا لوحدي و .."
لكنه دفعها بلا مبالاة وهو يردد :-
" لا تخافي .. لن آكلك لإنك وحدك .."
استدار نحوها يخبرها بقوة :-
" أغلقي الباب وتعالي .. علينا أن نتحدث ..."
هزت رأسها وهي تدفع الباب تاركة فتحة لا تكاد ترى منه قبل أن تتقدم نحوه فيجذبها من ذراعها ويجلسها على الكرسي خلفها ثم يجلس هو الكنبة قبالها يسألها بحدة :-
" أخبريني بكل شيء .. متى وكيف خططتم لكل هذا ..؟!"
سألت بخوف :-
" عم تتحدث يا فراس ...؟! "
تقدم نحوها أكثر حتى قبض على ذراعها بعنف فشهقت بفزع ليتحدث من بين أسنانه :-
" انا لست غبيا يا هذه .. أخبريني ما حدث بينكما بالضبط ... علام اتفقت مع غالية ..؟!"
أكمل وعيناه تقدحان شررا :-
" أنا أعلم إنك إتفقتِ معها من الباطن وربما أنتِ من حرضتها على ذلك فهي لم تكن لتفعل ذلك لوحدها .. انت السبب الخفي لكل ما حدث .. ولكن ليكن بعلمك لا انت ولا هي تستطيعان إجباري على ما لا أريده ... "
انتفضت من مكانها مبتعدة عنه تردد بغضب مكتوم :-
" انا لا أفهم عم تتحدث ولست مسؤولة عما يحدث بينك وبين خطيبتك ... حسنا ..؟!"
نهض بدوره مرددا :-
" بل تفهمين جيدا ومسؤولة ايضا .. تظنين إنك ستلوين ذراعي بهذه الطريقة .. لكنكِ مخطئة .. لا انت ولا هي ولا عشرة منكما يمكنهما الوقوف في وجههي وإجباري على ما لا أريده ... "
سمعا كلاهما صوت طرقات على باب الشقة فإندفعت عهد مسرعة وفتحت الباب لتجد فادي أمامها يتسائل بإستغراب :-
" لماذا الباب غير مغلق بالكامل ..؟!"
أضاف وهو يدلف الى الداخل :-
" جئت لرؤية تميم ورؤيتك .."
ثم توقف مكانه متفاجئا بوجود فراس فهتف مندهشا :-
" انت هنا يا فراس ..."
رد فراس بوجوم :-
" نعم وسأغادر حالا ..."
تحرك نحو الباب ليوقفه فادي متسائلا بإستغراب :
" ماذا حدث ..؟! لماذا تذهب بهذه السرعة ...؟!"
رد وهو يثبت عينيه فوق عهد الواقفة بجانب الباب :-
" لم آت لأجلس أساسا .. أردت أن أخبر عهد بما عندي وأغادر ..."
نطقت عهد أخيرا :-
" أخبرتك إنني لا أعلم أي عما تتحدث .."
رد فراس بقوة :-
" كاذبة ... انت كاذبة يا عهد وأنا سأكون أكبر غبي إن صدقتك .."
التفت فادي نحو عهد يتسائل بضيق :-
" هل يمكنني أن أعلم ما يحدث هنا بالضبط ..؟!"
قالت عهد وهي تتقدم نحوهما :-
" انا مثلك تماما لا أعلم أي شيء .. يبدو إن هناك مشكلة بينه وبين خطيبته ويتهمني إنني السبب عنها ..."
" فراس انت بالتأكيد مخطئ .. عهد بالتأكيد لن تتسبب بمشكلة بينك وبين خطيبتك .."
قالها فادي بجدية ليرد فراس بغلظة :
" لم تعد خطيبتي .. نحن إنفصلنا .."
" ماذا ..؟!"
هتف بها فادي بدهشة ليضيف فراس متهكما :-
" ابنة الخولي تركتني .. فسخت الخطبة بعدما حققت ما تريد بمساعدة تلك التي تقف جانبك وتدعي بكل براءة إن لا دخل لها فيما حدث .."
" ولكنني بالفعل .."
قاطعها فراس بصرامة :-
" إصمتي تماما .. انا أعرف كيف أتصرف معكِ ومعها .. أعرف جيدا .."
أنهى كلماته بتهديد واضح واندفع خارج المكان ليهتف فادي مسرعا وهو يلحقه :-
" سأتبعه وأفهم ما يحدث معه ..."
ثم ركض خارج الشقة وهو ينادي على أخيه الذي توقف مكانه في غضب ليتقدم فادي نحوه ويقف أمامه متسائلا :-
" ماذا يحدث يا فراس ..؟! مالذي فعلته خطيبتك ...؟! ولماذا تتهم عهد بالتواطئ معها ..؟!"
" لإن هذه هي الحقيقة .."
قالها فراس بغضب ليهتف فادي :-
" أخبرني ما خدث .. دعني أفهم .. قبل ليلة كنتما سويا تحتفلان بعيدميلادك .. ماذا حدث لتفسخ غالية الخطبة وو..."
قاطعه بصوت عصبي :-
" ما حدث إنني أصبحت لعبة بين يدي هاتين المخادعتين ... بين خطيبتي ومن كانت زوجتي وأم إبني .."
" كيف يعني ..؟!"
أغمض فراس عينيه بنفاذ صبر ثم فتحها وقال :-
" دعني الآن يا فادي من فضلك .."
لكن فادي أوقفه مرددا بحزم :-
" لن تتحرك خطوة واحدة دون أن تخبرني بما حدث .. انا متأكد إن هناك مصيبة ما حدثت معك ولن أتركك دون أن أن أعرف ما هي .."
" ما بالك يا فادي ..؟! لا تنسى إني أخوك الكبير ... انت لا يمكنك أن تجبرني على ما لا أريد .."
رد فادي بهيمنة :-
" بل يمكنني مثلما يمكنني الذهاب حالا الى خطيبتك المصون ومعرفة منها كل شيء .."
تجهمت ملامح فراس بعدم رضا ليقول فادي بحزم :-
" والآن تعال معي الى شركتك حيث سنتحدث في مكتبك عما حدث .."
............................................................
انتفض فادي من مكانه ما إن أنهى فراس حديثه صارخا بغضب بدا كالجحيم :-
" أيها اللعين .. كيف تفعل شيئا كهذا ..؟! هل انت غبي ..؟! "
نهض فراس بدوره صائحا بتحذير :-
" الزم حدودك ولا تتجاوزها معي يا فادي ولا تنسى إنني أخوك الكبير .."
قال فادي بعينين مشتعلتين غضبا :-
" أخي الكبير المحترم .. الذي لا يتوقف عن علاقاته المشبوهة حتى وقع في يد فتاة صورت له فيديو فاضح .. "
نطق فراس من بين أسنانه :-
" فادي يكفي .."
ردد فادي بإصرار :-
" أليست هذه الحقيقة ..؟! هل قلت شيء خطأ ..؟! بسبب نزواتك الحقيرة حدث كل هذا وها أنت بل نحن جميعا مهددين بفضيحة كبيرة مثل هذه .."
" انظر إلي .. انا لم أخبرك بما حدث لتبدأ في تأنيبي .."
قاطعه فادي بحدة :-
" بل أنت من يجب أن ينظر إلي بل ويسمعني جيدا .. ألن تتوقف عن نزواتك وعبثك الذي لا ينتهي و علاقاتك القذرة ... ؟! ألا ترى ماذا فعلت بك نزواتك .. ؟! بسبب ما تفعله خسرت الكثير وما زلت تخسر .."
هتف فراس بصوت متصلب :-
" يكفي ...!!"
لكن فادي لم يسمعه وهو يسترسل بنفس النبرة :-
" خسرت زوجتك التي كانت تحبك بحق .. خسرت إحترامك أمام جميع من يدرك حقيقتك ... حتى إبنك خسرته .."
ضرب فراس على المكتب بقوة يصرخ بصوت مرعب :-
" قلت يكفي ..."
تقدم فادي نحوه يجذبه من ياقة قميصه مرددا بصوت قوي :-
" انت من يكفي .. انت من يكفي يا فراس .. في السابق كنت تدمر نفسك .. لطالما حذرتك وانت لم تسمع .. لكن الآن الموضوع لم يعد يخصك وحدك بل يخصنا جميعا .. سمعتنا جميعا سوف تتدمر بسببك ... بسبب نزوة من نزواتك الحقيرة...."
قال فراس بملامح مشدودة غضبا :-
" نعم بسبب نزوة من نزواتي الحقيرة .. في النهاية انا القذر الوحيد بينكم وأنت القديس هنا .. "
قاطعه فادي بنفور :-
" انا لست قديسا ولن أكون .. لكنني على الأقل لا أرمي نفسي كل يوم بين أحضان عاهرة لا أعرف إسمها حتى ... "
" نعم ، أساسا قلتها منذ قليل .. انا القذر الوحيد بينكم ..."
قالها فراس بتهكم ليرد فادي ببرود :-
" قذارتك تخصك وحدك .. لكن انا ولوجين ووالدتي لن نسمح لك أن تؤذينا بسبب أفعالك تلك ... "
أكمل وعيناه تنطقان قوة :-
" اتصل بغالية تلك وتحدث معها ..."
" لا أريد ... "
قالها فراس ببرود ليتسائل فادي بغضب مكتوم :-
" ماذا يعني لا تريد ..؟! الفتاة معها فيديو يخصك .. فيديو فاضح .. "
" سأتصرف معها بنفسي .."
قالها فراس ببرود أغاظ فادي الذي ردد هازئا :-
" حقا ... ؟! وماذا ستفعل ..؟! كيف ستأخذ الفيديو منها ..؟! هل سوف تهددها ..؟؟ أم ترسل عصابة وتخطفها ..؟؟"
رد فراس بنفس البرود :-
" كل شيء ممكن ..."
قال فادي بتحذير :-
" لا تجن .. هيا اتصل بها وحاول أن تتفاوض معها ..."
نظر له فراس برفض لكن فادي أشار له بقوة :-
" ماذا تنتظر ...؟! لا يوجد حل آخر أمامك .. أي تصرف آخر كي يؤدي بك الى الجحيم .. حاول أن تتفاوض معها وإذا إضطررت تنازل عن تميم ..."
هتف فراس بعدم تصديق :-
" هل تطلب مني التنازل عن إبني ...؟!"
رد فادي بسخرية :-
" على أساس إنك تركت لنا حلا غير هذا ..."
زفر فراس أنفاسه بضيق قبل أن يخرج هاتفه ويتصل بها ليطلب منه فادي أن يجعله يسمع المكالمة كي يسجلها في هاتفه الذي أخرجه وبدأ يسجل بالفعل عندما جاء صوتها يردد :-
" اهلا فراس بك ... توقعت أن تتصل بهذه السرعة ..."
أشار له فادي أن يتحدث ليقول فراس :-
" يجب أن نتحدث يا غالية ..."
ردت غالية ببساطة :-
" عم سنتحدث بالضبط ..؟! الأمر لا يحتاج الى حديث .. الفيديو عندي .. إذا تنازلت عن حضانة الطفل لعهد فلن أنشره وإذا لم تفعل فسيتم نشره في كافة المواقع ..."
قاطعها فراس يتسائل بغضب مكتوم :-
" هذا إبتزاز يا غالية ..؟!"
صدحت ضحكتها الناعمة وهي تردد :
" إبتزاز من النوع الجيد .. انا لا أطلب منك مقابلا مشينا يا فراس .. "
تسائل فراس بأعصاب بدأت تفلت :-
" وما علاقتك انت بكل هذا .. ؟؟ ما علاقتك بعهد وابني ..؟؟"
ردت غالية بجدية :-
" هذا ما عندي ... إذا تنازلت عن حضانة الطفل فلن يتم نشر الفيديو أبدا ..،"
" لحظة ، هل تعنين إنك لن تعيدين لي الفيديو اذا ما تم نشره ...؟؟"
تسائل بوجوم لترد بخفة :-
" الفيديو سيبقى معي حتى بعدما تتنازل لإنني لا أضمن كيف سيكون إنتقامك مني بعدها .. طالما الفيديو معي فأنا في أمان ولا يمكن أن تلمس شعري واحدة مني .."
هم بشتمها قائلا :-
" انت حقا ..."
قاطعته بتحذير :-
" إياك أن تتجاوز حدودك يا فراس .. انتظر قرارك في أسرع وقت  مع السلامة .."
اغلقت الهاتف في وجهه ليغلق فادي هاتفه بدوره بعدما حفظ التسجيل فيتبادل النظرات مع أخيه وكلا منهما له أفكاره ...
.................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن