مشهد متقدم لعمار ومريم

3.7K 107 15
                                    

يوم عمل جديد يمر ببطأ غريب يزعجه بشدة رغم كونه رجل يحب العمل عموما ويقدسه فعمله ومكانته التي ترتفع بقوة بين رجال الاعمال والتجار حوله تمنحه نشوة خاصة وشعورا رائعا بالإنتصار الذي لطالما حلم به فهو يسعى لتثبيت مكانته رغم سنوات عمره الصغيرة مقارنة بأغلب منافسيه على الساحة ...
كان يتأمل المكتب حوله بملامح جامدة قليلا وذكرى آخر لقاء جمعه بها تطفو حوله بقوة ...
هناك تغيير لا ينكره وهناك اشياء بدأت تثير إستهجانه ..
لمح يومها غيرة في عينيها لا يخطئها .. تبدل ملامحها عند إقتراب أخرى منه كان صريحا ... بل إن تقاربهما يومها كان مختلفا ورغم رفضها لمحاولاته لكنه لم يشعر بنفورها المعتاد بقدر ما كان يشعر بغضب من هذا القرب الذي يزعجها كونه ليس في محله ...
كل شيء يظهر عليها يوحي ببداية تكوين مشاعر جديدة نحوه ورغم هذا لا يصدق .. داخله شيء يخبره إن هناك خطأ ما .. عقله يرفض التصديق رغم رغبة قلبه الشديدة بذلك .. تبدلها مريب وإن جاء مقنعا بعدما أخذ يراجع ما جمعهما في الأونة الآخيرة تدريجيا ورغم هذا يرفض الإقتناع بل يرفض أن يكون صيدا لإبنة سليمان التي يدرك جيدا رغم صغرها مدى مكرها ودهائها بل ونبوغتها المخيفة ...
وكأنها برزت من عمق أفكارها فوجدها أمامه تخطو بخيلاء يليق بها وملابسها العملية تمنحها عمرا أكبر خاصة مع تلك التسريحة الصارمة والملامح التي باتت تختلف قليلا عن سابقها وإن ما زال بها من التمرد والحدة ما يكفي لكن هناك شيء من الحزم والجدية بدأ يظهر عليها وكأنها باتت تدرك حجم التغيرات التي تطرأ عليها خاصة بعدما تخرجت من كليتها بل وإنخطرت في مجال العمل قبل تخرجها بأشهر حينما سألها يوما عن رغباتها في المستقبل بإهتمام جلي لتجيبه بملامح مشعة وطموح كبير :-
" سأدير شركات والدي .. "
" مهمة صعبة .."
كان جادا وكانت تدرك لكنها تهز كتفيها ببساطة وهي ترد بثقة لمعت في عينيها الزرقاوين بوضوح :-
" أنا قادرة على تلك الهمة مهما كانت صعوبتها ... "
أضافت والحماس هذه المرة يشع من عينيها :-
" أرغب بتطوير أعمالنا بل أسعى بجدية لأن أحملها لمكانة جديدة وأترك بصمتي الخاصة فيها .. "
" يبدو إنك تحبين العمل بل وتسعين لإثبات وجودك فيه ...؟!"
كان مهتما رغم البروده التي تسيطر على ملامحه ونبرة صوته فتجيب بقوة وعنفوان :-
" بل أسعى لأحفر إسما من ذهب في مجال الإقتصاد ... أريد أن أصبح سيدة أعمال لها ثقلها في البلد ... "
ورغم صمته لكن هناك لمحة إعجاب ظهرت في عينيه راقتها كثيرا وقتها ..
تأملها بجمود لا ينتهي وهي تخطو بخطواتها الثابتة نحوه تثرثر بخفة وكأنها لم تقتحم مكتبه دون إستئذان :-
" من المفترض أن تحترم سكرتيرتك عملها أكثر .. إنها ليست المرة الأولى التي أتي بها الى هنا ولا أجدها في مكتبها تمارس عملها .."
رد بهدوء :-
" إنها في إجازة .."
أضاف بقليل من الهزل :-
" ولكن هذا بالطبع لا يمنحك الحق في إقتحام مكتبي دون إستئذان .. هناك باب يا مريم تستطيعين طرقه وهناك شيء إسمه خصوصية من اللائق أن تحترميها قليلا ..."
لم يبدو عليها إي نوع من الإحراج وهي تجيب بينما تهز كتفيها ببساطة :-
" ما بيننا تعدى الإحراج يا عمار ..."
تضيف بعدم إهتمام :-
" لقد تجاوزنا تلك المنطقة منذ زمن .... جمعتنا الكثير من المواقف المحرجة ... بل ورأيتك بأوضاع مخجلة مع عشيقاتك ... لذا لا يوجد جديد سأراه إن دخلت دون إستئذان وانا رأيت كل ما هو متوقع .."
نهض من فوق مكتبه يتقدم نحوها بخطوات بطيئة ..
يرمقها بنظرات كسولة للحظات قبل أن ينحني نحوها يحاصرها بين ذراعيها اللتين تتمسكان بطرفي كرسيها بينما أنفاسه تلفح وجنتيها بقوة ولسانه يسأل بهدوء مريب :-
" هل تظنين ذلك ...؟! "
حدقت به والعين بالعين تجيب :-
" بالطبع ... "
" أصبحت لا تخافين قربي يا مريم ..."
قالها وهو يتأمل هدوئها وثباتها رغم قربه الشديد منها والذي كان يزعزع كيانها مسبقا لتعاود هز كتفيها تجيب بنفس البساطة :-
" لإنني أصبحت أتقبله ... "
سألها وهو يلوي فمه :-
" هكذا ببساطة .. مالذي تغير لتتقبليه ..؟!"
تنهدت وقالت بينما عيناها ترسلان نظرات قوية نحوه :-
" أصبحت أدرك جيدا إنك لن تؤذيني مهما فعلت ..."
ابتعد قليلا عنها فنهضت من مكانها تراقب ملامحه الجامدة والتي تقسم إن خلفها أفكارا متصارعة يخفيها خلف قناع الجمود الذي يرتديه أغلب الأوقات ..
" ماذا تريدين يا مريم ...؟! أعلم جيدا إن وراء تصرفاتك الأخيرة شيئا ما ... "
وهي لم تنكر بل أومأت برأسها وهي تخبره بصدق :-
" نعم هناك شيء وشيء مهم أيضا .. شيء يجعلني أريد منك ما لا يستطيع غيرك أن يمنحني إياه ..."
ابتسم بقليل من التهكم الذي أخفاه وهو يسألها بقليل من الغرابة :-
" وما هو هذا الشيء ...؟!"
والإجابة صريحة هادئة :-
" الحماية والأمان .. أريد حمايتك وأمانك مثلما تريد أنت قربي ووصالي ... أدرك صدق مشاعرك نحوي مثلما أدرك إنك الوحيد القادر على حمايتي لذا سأقولها بكل ما أمتلكها من جرئة وصراحة ممكنة .. أريد الزواج بك وفي أقرب وقت ممكن حتى لو الآن ..."
الدهشة سيطرت عليه للحظات وعقله يراجع ما تطلبه ...
مريم تعرض الزواج عليه .. مريم بنفسها ... مريم سليمان ... الحلم الذي جاهد لنيله بل وحارب لإمتلاكه ... مريم تقف أمامه وتخبره إنها تريد الزواج منه .. تعرض عليه ما رغب به منذ أعوام وما زال يرغبه بنفس القوة بل وأكثر ...
يدرك إن هناك مقابل وإن خلف كلماتها شيء ما .. يعلم جيدا إنها ستطلب شيئا مهما لكن لا يهمه .. ما يهمه إنها ستصبح له .. ملكه ..
هل سيقبل ..؟! سيكون مجنونا إن لم يفعل ...
سيتزوجها وينالها كما أراد .. سيتزوجها حتى لو كانت هناك أخرى سبقتها إليه ... أخرى تزوجها منذ أشهر قليلة وباتت تحمل إسمه .. سيتزوجها دون أن تدرك إنها ستكون الثانية وسينالها وبعدها سيكشف لها كل شيء لكن ليس قبل أن يتأكد إن لا خلاص لها منه وحينها سيضمن أيضا إنها لن تفعل ما يضره فشكوكه حولها موجوده بقوة رغم كل شيء ..

رأيكم ..؟!
تفاعلوا وحمسوني 🥲💔
دعواتكم وان شاءالله ارجع قريبا بفصل طويل ودسم ...

؟!تفاعلوا وحمسوني 🥲💔دعواتكم وان شاءالله ارجع قريبا بفصل طويل ودسم

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن