الفصل الثامن والثلاثون

Start from the beginning
                                    

هبطت من غرفتها أخيرا وهي ترتدي ملابس شديدة الإناقة إستعدادا للخروج مع مجموعة من صديقاتها للترفيه ...!!
وجدت والدتها تتناول قهوتها في صالة الجلوس وهي تتابع أحد البرامج لتلقي التحية بإبتسامة صادقة وهي تتقدم نحوها وتقبلها من وجنتها لتبتسم صباح بدورها وهي تتأملها مرددة :-
" اهلا حبيبتي .. ما كل هذا الجمال ...؟!"
ضحكت غالية مرددة بثقة :-
" انا دائما جميلة حتى لو إرتديت شوال بطاطا كما يقولون ..."
" انت جميلة وجذابة وفاتنة وكل شيء ..."
قالتها صباح وهي تربت على كفها لتهتف غالية بجدية رغم إنها ما زالت تحتفظ بإبتسامتها :-
" لقد فسخت خطبتي .."
اختفت إبتسامة صباح كليا وهي تردد بعدم إستيعاب :-
" ماذا ..؟!"
ابتسمت غالية بخفة وهي تردد :-
" فسخت الخطبة .. "
" لماذا ..؟!"
سألتها صباح وقد أفاقت من دهشتها أخيرا لترد غالية بنفس الجدية :-
" لم نتفق ... "
رددت صباح :-
" هكذا فقط ..؟!"
قالت غالية موضحة :-
" هذا سببا أكثر من كافي بالنسبة لي .."
قالت صباح بحيرة رغم فرحتها بخبر إنفصالها عن ذلك الشاب :-
" حسنا ولكن انا لا أفهم .. لماذا وافقت على الخطبة من الأساس ثم فسختها بهذه السرعة ...؟!"
" يا ماما .. الخطبة هي فترة تعارف لأي إثنين وانا بالفعل تعرفت على فراس وفهمت إنه لا يناسبني وأنهيت الأمر بهدوء ..."
سألتها صباح بشك :-
" هل انت متأكدة إنه لا يوجد سببا آخر يا غالية ..؟!"
قالت غالية وهي تبتسم بهدوء :-
" صدقيني هذا هو السبب الوحيد يا ماما ..."
هزت صباح رأسها بتفهم ثم ربتت على كتفها تقول بدعم :-
" لا تحزني حبيبتي .. خطبة وانتهت .. لا بأس ..."
ضحكت غالية وهي تردد :-
" انا لست حزينة من الأساس .. على العكس تماما انا سعيدة .. سعيدة للغاية ..."
" سعيدة .. للغاية ..!!"
كررتها صباح بعدم استيعاب لتهتف غالية بجدية :-
" نعم سعيدة ومرتاحة وأشعر بكافة المشاعر الإيجابية ... "
" غريب أمرك يا غالية .. يعني عادة الفتيات ينزعجن ويحزن قليلا في هذه الحالات .."
ضحكت غالية وقالت :-
" هؤلاء الفتيات الآخريات أما أنا فلا أحزن على شيء كهذا لإنني من ربحت عندما تخلصت من زيجة كانت ستفشل في جميع الأحوال ..."
أضافت بعدها وهي تنظر الى. ساعتها :-
" حسنا سأتأخر على موعدي .. دعيني أذهب ... أراك مساءا ..
سألتها والدتها :
" إلى أين ستذهبين ..؟!"
ردت غالية بجدية :-
" سأذهب مع مجموعة من صديقاتي الى مطعم جديد يقولون إنه رائع لذا سنذهب لتجربته .. هيا أراك مساءا .."
قالتها بعدما قبلتها من وجنتها تاركة والدتها تتابعها وهي تغادر بحماس غير مستوعبة ما يحدث حتى الآن ..
اتجهت غالية نحو الكراج وشغلت سيارتها لتركبها وتتحرك خارج الفيلا عندما وجدته يقف خارج الفيلا بجانب سيارته وما إن رآها حتى إعتدل في جلسته وأخذ ينظر لها بقوة ...
تجهمت ملامحها وأوقفت سيارتها وسارعت تهبط منها وهي تتجه نحوه تتسائل بضيق :-
" ماذا تفعل هنا ..؟!"
رد يتسائل بقوة :-
" ألم أحذرك مسبقا ألا تقتربي من عائلتي ...؟!"
عقدت ذراعيها أمام صدرها تتسائل بإستفزاز مقصود :-
" حقا ..؟! وماذا فعلت ومتى أساسا إقتربت من عائلتك ..؟!"
تقدم نحوها خطوتين يردد من بين أسنانه :-
" غالية .. انت تدركين جيدا ما أعنيه .. كيف تجرأت على فعل هذا ...؟! "
هتفت بتهكم :-
" من الواضح إن أخيك أخبرك بما حدث ..."
" نعم ، أخبرني بتصرفك الدنيء والذي لا يليق بفتاة محترمة .."
قاطعته بحدة :
" إياك أن تتجاور حدودك .. انا محترمة غصبا عنك وعن أخيك ..."
أضافت ببرود وهي تعاود عقد ذراعيها أمام صدرها :-
" وثانيا إذا كان هناك من يستحق محاسبته فهو أخيك المحترم .. ماذا كنت تتوقع مني بعدما إتضح لي إنه يخونني بعد فترة قصيرة من خطبتنا ...؟! "
تأملها بملامح جامدة للحظات قبل أن يتسائل بنبرة ذات مغزى :-
" أخبريني يا غالية ... تصرف كالذي قمت به انت .. هل يليق بفتاة محترمة حقا ...؟!"
ردت بجدية :-
" تصرفي كان لدوافع محددة وأهمها كشف حقيقة أخيك ... "
" وما علاقة هذا إذا بموضوع حضانة تميم ...؟!"
سألها متهكما لترد ببرود :-
" والله فكرت في أكثر شيء يكسر أخيك فوجدت إن هذا أكثر شيء سوف يؤذيه بل ويلقنه درسا قويا أيضا كي لا يتلاعب من خلاله ببنات الناس إضافة الى ذلك فسأقوم بعمل خيري حيث سأعيد طفل مسكين الى أحضان والدته التى حرم منها لسنوات..."
" نشكرك على خدماتك العظيمة يا غالية ..."
قالها بسخرية قبل أن يهتف بقوة :
" ولكن لا تتدخلي في أمورنا العائلية فنحن نعرف كيف نحل مشاكلنا بيننا .. "
رددت بإستهزاء :-
" نعم وأكبر دليل تصرفات أخيك وعلاقاته المشبوهة وفوق هذا إستغلاله ابنه الوحيد كورقة ضغط على طليقته ..."
ردد فادي بتصلب :-
" لا تتدخلي فيما لا يعنيك .. والآن هاتي الفيديو فورا .. هيا .."
ضحكت مرردة بخفة :-
" يا لك من مضحك .. هكذا بكل بساطة ..."
رد ببرود :-
" نعم ، هكذا يا غالية وبكل بساطة ..."
" وإذا قلت لا ..؟!"
سألته بنعومة مستفزة ..
" أنت تعبثين مع الشخص الخطأ .."
قالها بملامح مهيبة وقد شعرت في تلك اللحظة إنه تحول الى نسخة من أخيه ولا تعرف لماذا شعرت بذلك رغم إختلاف ملامحهما لكن ربما نزعة الشر التي إرتسمت على ملامحه في تلك اللحظة كانت تشبه شر أخيه ..
" انا لا أعبث .. أساسا العبث ليس من صفاتي .. انا فقط أخطط وأنفذ وأنال ..."
اقترب منها خطوتين أخريتين حتى بات قريبا للغاية منها  وقال بصوت متسلط قوي :-
" أنت تدركين جيدا إنني يمكنني حبسك بتهمة الإبتزاز  ..؟! "
ردت والبرود يسيطر على ملامحها :-
" جيد ولكن حينها عليك أن تحبس أخيك المحترم بتهمة الزنا ..."
رد عليها مستهزئا :-
" حقا ..؟! هل تظنين إن القانون سيحاسب أخي لكونه أقام علاقة غير شرعية مع بائعة هوى بكامل إرادتها ..؟!"
ردت بصوت قوي حازم :-
" لن أمنحك الفيديو مهما حاولت ..."
هتف وقد بديت عينيه في تلك اللحظة تتحدانها أن ترفض :-
"  هاتي الفيديو وإلا قسما بربي سأريك وجها آخرا لم تعهديه ... انا لا أسمح لأي شخص أن يقترب من عائلتي وانت بتصرفك تجاوزت كل الخطوط الحمراء لذا تراجعي فورا عن تصرفك الدنيء وإلا .."
وصمته كان وراءه الكثير من الحكايا ...
نطقت أخيرا وهي ما زالت ثابتة في مكانها :-
" ليتنازل أخيك اولا عن حضانة الطفل وسنتحدث بعدها بشأن الفيديو ..."
أضافت :-
" وانت لا يمكنك أن تهددني... لا انت ولا عشرة أمثالك يمكنهم أن يهزوا شعرة واحدة مني ولا تنسى يا حضرة الضابط إن الفيديو الذي معي سيدمر سمعة عائلتك بالكامل .. يعني رقبتك انت وأخيك وكل عائلتك بيدي لذا تمهل قليلا ولا تتحدث بطريقة تندم عليها فيما بعد ..."
منحته نظرة مليئة بالقوة والغرور وهي تنسحب بخطواتها متجهة نحو سيارتها لتركبها فتنظر إليه من مرآة السيارة تمنحه إبتسامة باردة قابلها بملامح جامدة تماما قبل أن تشغل سيارتها وتحركها بأقصى سارعا ...!
................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) Where stories live. Discover now