الفصل الثاني

Start from the beginning
                                    

-دي زيادة معايا، ومقفولة.

أوشكت على الاعتراض؛ لكنه أبدى تصميمًا فاقها عنادًا:

-مش هاقبل بالرفض، دي حاجة بسيطة.

أمام ما اعتبرته ذوقه اللطيف استسلمت، خاصة أن مظهره المهندم والرسمي أوحى برقيه وعدم انتمائه لطبقة عامة الشعب الكادحة، فأمثاله من الأثرياء لن يحاولوا استمالة إحداهن بواحدة من الطرق الرخيصة. قبلتها منه قائلة بوداعةٍ، وقد ارتخت تعابيرها المشدودة نوعًا ما:

-شكرًا على ذوقك.

عاودت الجلوس، وراحت ترتشف من المياه المعدنية القليل، نظرت ناحيته مرة أخرى عندما سألها:

-أول مرة تسافري؟

أجابت بحذر:

-أيوه.

لاحقها بسؤاله التالي، بطريقةٍ أوحت برغبته في التودد إليها:

-فسحة ولا شغل؟

حاولت الحفاظ على جديتها وهي تجيب مقتضبة:

-بعثة!

مط فمه معلقًا في إعجابٍ:

-بعثة! واضح إنك من المتفوقين.

تنحنحت هاتفة في تهكمٍ طفيف:

-بيقولوا.

ترك المجلة من يده، ووضعها جانبًا، ثم سألها باهتمامٍ:

-خريجة إيه؟

تنهدت قبل أن تجاوبه:

-علوم.

استدارت بجسدها نصف استدارة، وسألته في تحفزٍ يشوبه الضيق:

-حضرتك سألتني كتير، وأنا معرفش حاجة عنك.

على عكسها تمامًا، كان مسترخيًا لأبعد الحدود، وكأنه اعتاد على محاولات الصد والرد من النساء؛ لكنه كان لا يستسلم أبدًا، فله طريقته الاحترافية في جذبهن إليه للظفر بما يريد. انتصب في جلسته، ووضع ساقًا فوق الأخرى، ثم خاطبها بعتابٍ خفيف:

-أكيد ده مش شكل حد ناوي شر، دي أسئلة عادية، بنكسر بيها الملل، فأرجو إن ده مايكونش مضايقك.

ردت بقدرٍ من الحيطة:

-مقصدش، بس مش متعودة أتكلم مع حد مش عارفاه.

هز رأسه متفهمًا حين عقب عليها:

-معاكي حق، الحرص واجب برضوه...

بقيت نظرات "تهاني" مرتكزة عليه، لا تعرف ما الذي كان يستحثها لمواصلة الحوار معه، رأت كيف زادت ملامحه ارتخاءً حين سألها بمكرٍ:

-بس الأهم إني معرفش لحد دلوقتي اسمك، ممكن أعرفه ولا في مانع؟

رغم القلق الذي يمور بداخلها تجاهه، إلا أنها بعد لحظة من التردد قالت:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWhere stories live. Discover now