الفصل الرابع والثلاثون

3.4K 194 55
                                    

الفصل الرابع والثلاثون ( الجزء الاول )

في صباح اليوم التالي
فتحت عيناها الخضراوين مستيقظة من نومتها أخيرا ..
نومتها التي إستمرت طيلة ساعات الليل بعدما فقدت وعيها بين ذراعيه فحملها ووضعها على السرير ثم ألقى الغطاء فوقها وتركها نائمة دون أن يفكر في جلب طبيب لها والاطمئنان عليها حيث قضى الليل بأكمله مستيقظا بدوره يفكر فيما حدث بينهما وحقيقة كونها لم تكن عذراء ..
رغم انه كان شبه متأكد من ذلك فلا سبب سوف يدفع أخيها لتزويجها الا سبب كهذا وخاصة مع شرطه الغريب بعدم لمسها أكد له شكوكه لكن أن يكتشف الأمر بوضوح منحه شعورا من الغضب المتفاقم وخيبة الذات ..
هو مهند الهاشمي الذي عرف بنات بعدد شعر رأسه وخبير الفتيات الأول يقع بهذه الطريقة ويتزوج من فتاة لم يكن الأول في حياتها ..
فتاة لم تصل الى السابعة عشر من عمرها بعد وفقدت عذريتها بطريقة لا يعملها لكنه سيعلمها بالتأكيد بعدما يؤدبها ويعاقبها جيدا ..
يتمنى لو يعاقب أخيه الذي يجزم إنه يعلم بكل هذا ويتمنى لو يلقي غضبه الذي يشبه الجحيم فوق رأسه ورأس أخيها المغرور لكنه لن يفعل ..
رجولته تمنعه أن يفعل ذلك فكيف سيفعل ذلك ويظهر أمامهما بمظهر الشخص الغبي علنا !!
كلا هو لم يكن غبيا .. هو كان يعلم كل شيء وإختار أن يدعي الغباء كي ينال ما يريد ...!
والنتيجة إنه منح اسمه لعاهرة كهذه وتورط معها ..
هذه نتيجة تسرعه وتصرفاته الغير محسوبة ومحاولاته المستميتة للخروج من دائرة عائلته والتحرر عنهم بعيدا ..!
شعر بها تتململ داخل فراشها فنهض من مكانه متجها نحوها وهو ما زال عاري الصدر مكتفيا بإرتداء بنطاله ..
وقف مباشرة فوقها فتلاقت عيناها اللي فُتِحت لتوها بعينيه الزرقاوين الحادتين ..!!
انتفضت من نومتها وعادت اليها ذكريات الليلة الماضية على الفور حالما رآته فسيطر على ملامحها الفرع الشديد ..
" إستيقظتِ أخيرا !!"
قالها بصوته الجليدي البارد لتتراجع الى الخلف لا إراديا منكمشة على نفسها فأضاف مكملا بنفس الصوت الجليدي المخيف :-
" توقفي عما تفعلينه ومحاولات الإستعطاف خاصتك .. هذا لن يؤثر بي ولن يمنعني عن محاسبتكِ .."
تشنجت ملامحها وترقرت الدموع داخل عينيها دون رد فانحنى نحوها يقبض على كتفيها بقوة يقربها منها ليشعر بإنتفاضة جسدها بين ذراعيه ..
ردد بصوت قاسي :-
" تنتفضين بين ذراعي الآن وانا زوجك بينما تمنحين جسدك بإريحية لرجل آخر لا يحل لكِ .. تمنحينه شرفك وعذريتك أيتها الساقطة ..!"
انتفضت باكية بنشيج مكتوم فأكمل وهو يهزها بعنف بلا مبالاة بما حل بها :-
" استمري في بكائك .. استمري هيا .. لن تؤثري بي أبدا .. دموع التماسيح خاصتك لن تؤثر بي .."
قالت بصوت مبحوح ما إن توقف عن هزها وهي تغالب دموعها :-
" انا لم أفعل شيئا ... "
" بل فعلتِ كل شيء .. "
صاح بها بقوة فأحاطت جسدها المنتفض بين ذراعيها وهي تبكي بصمت ..!!
اقترب منها مجددا يصيح بغضب مدمر :-
"أخبريني عنه .. من هو ..؟! من ذلك الذي منحته جسدك دون تفكير بشرف والدك وعائلتك .. ؟! تحدثي هيا ..."
انتفضت مبتعدة نحو الطرف الآخير من السرير فقال وهو يتقدم نحوها مجددا من الطرف الآخر يحاوطها بجسده يتحدث بسلاطة دون أن يرف له جفن :-
" من فعل ذلك ..؟! تحدثي .. لن أترككِ دون أن تخبريني عمن فعل ذلك ... تحدثي هيا .. سأقتلك .."
قال كلمته الأخيره وهو يقبض على رقبتها بكفيه يعتصرها بشدة فشعرت بالإختناق يسيطر عليها ..
كان غاضبا بشدة .. ساخطا على نفسه وعليها وعلى كل شيء ..
غضب مهند الهاشمي عادة مدمر ولا يوجد شيء يمكن إيقافه مهما حدث فكيف إذا تعلق الأمر بشرفه ..؟!!
" ارجوك .."
همست بضعف وهي تحاول أن تدفعه ليقول غير مباليا بملامح وجهها التي إحمرت كليا ودموعها التي جفت فوق وجنتيها :-
" من هو ..؟! أخبريني عنه .. ما اسمه ..؟! كيف تعرفتِ إليه ..؟! كيف ..؟!"
" لا أعرف .."
بالكاد إستطاعت نطقها وشعر هو بدوره بنفسها يتقطع بين كفيه فدفعها بعنف لستقط بكامل جسدها على السرير بينما هو إبتعد عن السرير يسير بجانبه محيطا خصره بذراعيه مرددا بعصبية مخيفة :-
" سأقتله .. والله سأقتله .."
عاد يتقدم نحوها فزحفت بجسدها الى الخلف مرددا بنفس القوة والعينين المشتعلتين غضبا مخيفا :-
" سأقتله ثم أقتلك يا جيلان .. والله سأقتلك .. "
" ارجوك .."
همستها بذعر فقفز فوق جسدها لتصرخ هلعا ليكتم فمها كي لا يسمع صوت صراخها أحدا وهو يهتف بعصبية :-
" وأخوك الباشا يتحدث بكل عنجهية معي بل ويهددني أيضا .. كان عليه أن يعاقب أخته التي فرطت بشرفها بدلا من عنجهيته وغروره ..."
أضاف يسألها بعينين تحاصران عينيها المذعورتين :-
" راغب كان يعرف ايضا ، أليس كذلك ..؟!"
هزت رأسها دلالة على عدم معرفتها ليبعد كفه عن فمها عائدا بجسده الى الخلف مرددا بينه وبين نفسه بصوت مسموع :-
" سأحاسبه .. وسأحاسب أخيك الحقير .. سأحاسب الجميع وأولهم أنتِ وعشيقك الساقط .."
حاولت أن تعتدل في جلستها وهي تردد بصوت مبحوح باكي :-
" والله لم أفعل شيئا .. كنت مرغمة .."
قاطعها قبل أن تنهي حديثها يصرخ بها :-
" لا أريد سماع صوتك .. اخرسي .. اخرسي تماما .."
أضاف بحدة :-
" والله سأحاسبكِ حسابا عسيرا يا جيلان .. لن أرحمك ثانية واحدة بعد الآن .. من الآن فصاعدا سترين وجه مهند الهاشمي الحقيقي ويا ويلكِ من وجهه ...!!"
انكمشت مجددا كعادتها منذ بداية حديثه فأضاف بقوة مهيمنة وملامح بدت متوحشة للغاية :-
" من الإن فصاعدا ستعيشين في جحيم لا ينتهي يا جيلان .. يا ابنة عمي المصون .."
نهض من فوق السرير يضيف بقوة ثابتة لا تتزحزح :-
" أمامكِ حتى المساء وتخبريني بإسم عشيقك الحقير .. وإذا لم تفعليِ فقسما بربي سأفعل ما لا يمكنك تخيله ..!!"
أضاف وهو يتجه نحو الباب ويسحب المفتاح الخاص بالجناح ثم استدار نحوها يشير لها :-
" ستبقين في هذا الجناح .. لن تخرجي منه بعد الآن حتى أوافق انا .. سأغلق الجناح وأخرج .. كل شيء بعد الآن سوف يسير بناء على أوامري .."
أضاف وهو يرفع إصبعه في وجهها مرددا بتحذير :-
" وإياكِ ثم إياك أن تخبري أحدا بما حدث بيننا أو أن تشتكي لأي أحد عما حدث من خلف الباب .."
أضاف وهو يتقدم نحوها مشيرا:-
" هاتي هاتفك ..."
لم تتحرك إنش واحد فقط جسدها كان يرتجف فجذب الهاتف الموضوع على الطاولة ووضعه في جيبه مرددا بحسم :-
" لن تأخذي هاتفك مجددا فأنتِ فتاة لا يمكن أن تؤتمن على أي شيء والله وحده يعلم ما قد تفعلينه بهذا الهاتف .."
انهى كلماته واندفع خارجا مغلقا الباب بالمفتاح لتسمع هي صوت إغلاق الباب فتشهق باكية بصمت وهي تضع كفها فوق فمها وقد أدركت إن جحيمها بدأ بالفعل ..
اما هو فهبط الى الأسفل ليتجه نحو مكان وجود الخادمات فأشار الى إحداهن يخبرها بصوت قوي :-
" بعد ساعة من الآن خذي الفطور الى جيلان هانم .. هذا مفتاح الجناح .. سوف تضعين الفطور لها وتغادرين بعدما تغلقين الجناح بالمفتاح .. المفتاح سيبقى معكِ حتى أعود وأخذه منكِ.. نفس الشيء ستفعلينه وقت الغداء وإذا سأل أحدٌ من عائلتي عما يحدث أخبريهم إنها مريضة للغاية .. مصابة بالإنفلاونزا او ما شابه ولا يجب أن تهبط الى الأسفل كي لا يصابوا بالعدوى .. هل فهمت ..؟!"
هزت الخادمة رأسها بتفهم لا يخلو من الخوف ليمنحها المفتاح وهو يؤكد حديثه السابق :-
" إياك أن تفعلي شيئا يختلف عما أمرتكِ به .. وإلا سيكون عقابك قاسيا .. نفذي ما قلته بالحرف الواحد. ."
عادت تهز رأسها بتفهم ليبتعد عنها وهو يزفر أنفاسه بقوة قبل أن يفتح هاتفه ويقلب في أرقامه فيصل الى رقمها ينظر إليه بتردد ما بين رغبته بالذهاب إليها وهو يثق إنها ستعرف كيف تخفف عنه وطأة غضبة وبين قراره بإقصائها من حياته لفترة حتى تتأدب وتدرك حجم خطأها وتعرف كيف تتعامل معه ..
حسم قراره أخيرا وبعث رسالة مختصرة كتب فيها :-
" أين أنتِ الآن ..؟!"
وبعد لحظات قليلة وجدها تتصل به فضحك ساخرا وهو يراها تتلهف بسرعة لإجابته ليضغط على زر الإجابة ويتحدث معها مقررا بحسم :-
" سأنتظرك في شقتنا .."
..........................................................................
وقفت أمام المرآة ترتدي أقراطها الناعمة بعناية عندما سمعت صوت طرقات على باب غرفتها يتبعها دخول مريم ما إن سمعت صوت أختها يسمح لها بالدخول ..
تقدمت مريم نحوها تسألها بصوت مرهقا ما زالت آثار النوم تسكنه :-
" هل ستذهبين الى والدي ..؟!"
ردت ليلى وهي تستدير نحوها :-
" نعم سنذهب انا وماما إليه .. أبقى عنده قليلا ثم أذهب الى الشركة لأرى ما يحدث .."
" أنا أيضا سأذهب لكن بعدكما بقليل .. أحاول الإستيقاظ جيدا فالنعاس ما زال يغالبني .."
هتفت ليلى بجدية :-
" عودي الى النوم لساعتين آخريتين .. وبعدها خذي حماما منعشا ثم اذهبي لرؤية أبي .. من الأفضل أن ترتاحي أكثر قبل ذهابك .."
قالت مريم بجدية :-
" سأتناول فطوري سريعا اولا ربما تساعدني القهوة في رفع نسبة نشاطي قليلا .."
قالت ليلى بجدية وهي تسحب حقيبتها :-
" هيا بنا إذا ..."
خرجت الفتاتان من الغرفة ليلى بطلتها الأنيقة ومريم ببيجامة نومها ترتدي فوقها روب طويل وقد عجزت عن تبديل ملابسها ..
هبطتا الى الطابق السفلي لتجدا والدتهما تجلس على طاولة الطعام ترتشف قهوتها وطبقها كما هو لم تضع فيه شيئا ..
ألقيتا تحية الصباح وجلستا على جانبها الأيمن لتسألها ليلى :-
" سنذهب سويا الى بابا ، أليس كذلك ..؟!"
هزت فاتن رأسها موافقة دون رد لتهتف مريم بدورها :-
" لم تتناولِ شيئا يا ماما .."
ردت فاتن بصوت حزين :-
" لا شهية لدي لتناول أي شيء .."
قالت ليلى بترجي :-
" هذا لا يجوز يا ماما .. انتِ تحتاجين الى طاقة فأمامك يوم طويل وشاق .."
أضافت مريم بدورها :-
" ستتعبين يا ماما إذا لم تتناولي شيئا وربما يهبط السكر عندك او الضغط لا سامح الله .."
قالت فاتن بحزم :-
" سأخذ شيئا خفيفا معي أتناوله عندما أشعر بالجوع .."
قالت ليلى بحذر :-
" وخذي شوكولاتة او شيئا حلوا كي تتناوليه إذا هبط السكر عندك لا سامح الله .."
هزت فاتن رأسها دون رد وكان واضح كم التعب والألم المسيطران على ملامحها ..
هتفت مريم بتردد :-
" ماذا سنفعل بذلك الصغير ..؟!"
همت ليلى بالرد لكن والدتها قاطعتها :-
" ماذا سنفعل به مثلا يا مريم ..؟! سيبقى في منزل والده حتى يحن قلب والدته وتأخذه مجددا .."
سألت مريم مجددا:-
" وإذا لم تفعل ولم يحن قلبها ..؟!"
ردت فاتن بعقلانية :-
" هذا منزل والده سيبقى فيه حتى لو لآخر العمر ووالدك سيخرج بإذن الله قريبا من المشفى ويتصرف مع والدته ويدبر أمره .. في النهاية هذا الصغير ابنه وأخوكِ ووجوده هنا في حالة غياب والدته هو الشيء الأكثر منطقية .. أليس كذلك يا مريم ..؟!"
هزت مريم رأسها على مضض لتنظر فاتن الى ليلى وتسألها عن قصد :-
" أليس كذلك يا ليلى ..؟!"
" بالطبع يا ماما .."
قالتها ليلى بهدوء لتهتف فاتن بجدية :-
" هذا أخوكما .. مهما حدث وأيا كانت والدته يبقى أخوكما .. ولدتم جميعا لنفس الأب وتحملون نفس الدماء والكنية .."
قالت مريم تتسائل مجددا :-
" هل ستخبران بابا بما حدث البارحة ..؟!"
ردت ليلى بسرعة :-
" بالطبع لا يا مريم ..كيف سأخبره بشيء كهذا .. سوف يسوء وضعه إذا علم بتصرف سهام الحقير مع إنني أفضل أن يعرف بالأمر كي لا ينصدم عندما يعود الى هنا بعد أيام معدودة ويراه دون معرفة مسبقة بما حدث .."
" انا لا أفهم ماذا حدث لتتصرف هكذا ..؟! هل علمت بأمر الميراث ..؟!"
سألت مريم بإهتمام لترد ليلى بجدية :-
" نعم وحدث غير ذلك ايضا .."
توقفت للحظات ثم قالت :-
" تشاجرت مع والدك وهو بدوره ألقى يمين الطلاق عليها .."
" هكذا إذا .. كان عليكِ أن تقولي هذا منذ البداية .. الآن فهمت سبب تصرفها البارحة .."
قالها مريم وهي تبتسم بسخرية لتسألها فاتن :-
" ماذا تعنين ..؟!"
ردت مريم بجدية :-
" ما أعنيه إن تصرف سهام هانم محاولة منها لإستعادة ما خسرته .. هي تستخدم الصغير كورقة ضغط على أبي كي يعيدها على عصمته ويمنحها جزءا لا بأس به من أملاكه وأمواله .."
أيدتها ليلى :-
" نعم ، هذا بالضبط ما فكرت به .. تترك الصغير لدينا وعندما يعلم والدي بما حدث ويرى حاجة الطفل لوالدته سيضطر الى التوافض معها .. "
" انا لا يمكنني أن أرى شيئا أحقر من هذا .. تستغل ابنها للضغط على والده وتتخلى عنه وترميه عندنا وهي حتى ليست واثقة من طريقة معاملتنا له .."
قالها مريم بنفور لتهتف فاتن بشرود :-
" عادي جدا .. هناك من يفعلن أسوء من ذلك .. ليست كل أم تستحق هذا اللقب وليس جميع الأطفال ينالون حظهم الجيد في آبائهم وأمهاتهم .."
" ولكننا نلنا حظا كبيرا رائعا بوجودك كونك أمنا .."
قالتها ليلى بمشاعر صادقة لتؤيدها مريم :-
" نعم نحن محظوظتان بك كثيرا يا ماما .."
أدمعت عينا فاتن التي قالت بجدية :-
" هل تصدقاني لو أخبرتكما إنكما أفضل شيء حدث لي في حياتي ..؟! انا حتى بعدما فعله والدكما بي سأبقى ممتنة له كونه كان سببا بعد الله في إنجابي لكما .."
أدمعت عينا ليلى وهي تضغط على كفها بحب فربتت فاتن على كفها قبل أن تأخذ نفسها ثم تقول :-
" كنت سأفكر أن آخذ عبد الرحمن إلى والدك .. بالتأكيد سيفرح بوجوده لكن أخاف أن يخبره بما حدث فيحدث العكس وتستاءحالته .."
" برأيي ألا نفعل ذلك الآن .. "
قالتها ليلى بحذر لكن مريم قالت بجدية :-
" هو في السادسة من عمره او ربما أكبر .. يمكن أن يزور والدي قليلا ثم يعود الى هنا .. برأيي بابا سيفرح عندما يراه .."
قالت فاتن بدورها :-
" وربما عندي يرى طفله الذي ما زال صغيرا سوف يتحسن وضعه عندما يدرك إن هناك مسؤولية طفل لم يتجاوز السابعة من عمره معلقة في رقبته .. "
" وما الحجة التي سنقولها له بحيث إننا جلبنا له الصبي ..؟! سيعلم كل شيء عندما يراه .."
قالتها ليلى بجدية لتزفر فاتن أنفاسها بقوة ثم تقول :-
" أجلا هذا الأمر لاحقا ..."
أضافت وهي تنهض من مكانها مشيرة الى ليلى :-
" إذا انتيهت من فطوركِ دعينا نذهب .."
ردت ليلى والتي ارتشفت القليل من قهوتها سريعا :-
" اساسا لا شهية لدي لشيء .."
ثم سارت جانب والدتها بعدما ودعت مريم لتقبض على ذراعها وهي تسير جانبها مرددة بجدية:-
" برأيي إن بابا يجب أن يعلم بتصرف سهام .. هو سيخرج خلال أيام أساسا ويرى كل شيء بعينه وأيضا أخاف أن تزوره سهام في المشفى وتخبره بتصرفها او تبعث له مرسالا .. لو نمهد له نحن ما حدث ويصبح لديه علم أفضل .."
" اسإلي الطبيب اولا .."
قالتها فاتن بتحذير لترد ليلى بجدية :-
" بالطبع سأفعل ذلك .. اساسا لن أقوم بأي تصرف دون إستشارة الطبيب وأيضا سأمنع سهام من الوصول الى والدي او رؤيته .."
" هل ستجلبين حرس امام غرفة والدك ..؟!"
سألتها فاتن بعدم تصديق لترد ليلى بتصميم :-
" نعم سأفعل .. انا مضطرة لذلك .. اساسا تواصلت مساء البارحة مع شركة متخصصة بهذه الأمور كي يجهزان حارسين يقفان أمام غرفته يمنعان دخول سهام او اي مرسال وأي شخص مهما كان دون وجود أحد منا بجانبه وسهام بالذات سأطلب من مدير المشفى منعها من الدخول الى المشفى أساسا .."
" أصبحت تفكرين بكل شيء وتنظمين كل شيء بطريقة تبهرني شخصيا .."
قالتها فاتن وهي تتأملها بفخر لا إرادي لتبتسم ليلى وهي تربت على كتفها مرددة :-
" أفعل كل شيء لأجل سلامة أبي وسلامة عائلتنا كلها بالطبع ... لا تقلقي يا ماما .. طوال ما أنا موجودة معكم لن أسمح لأي شخص أن يمس أيا منكم بسوء .."
" أثق بذلك أكثر من أي شيء .. انا فخورة بك يا ليلى .. فخورة بقوتك وعطائك ومدى إهتمامك بجميع من حولك .. انا أشعر بفخر شديد لإنكِ إبنتي .."
جذبتها والدتها نحوها تحتضنها بقوة لتبادلها ليلى عناقها وهي تبتسم بسعادة سكنت روحها بسبب كلام والدتها الذي جاء كالبلسم لجروحها وجعلها تشعر بالفخر الشديد لذاتها بسبب قدرتها رغم كل شيء على الإستمرار وتقديم الدعم والمساندة لجميع من حولها وهذا منحها شعورا شديدا بالقوة والثقة بالنفس ..شعورا كانت إفتقدته لسنين طويلة وهاهو عاد إليها مجددا وبعودته شعرت إن ليلى القديمة عادت أخيرا ..!!
.......................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن