ومن أجل العائلة قتل، من أجل العائلة عذب، احرق، ذبح، ارتكب الأهوال وتشبعت روحه بالآثام، توغل بالظلام حتى تشرّبه وصاره منه!!

هو مًن جعله هكذا.. هو مَن أخبره أنه لابد له أن يكون كذلك.. قد آمن به، كان ذنبه الوحيد أنه آمن به، وآمن بكل كلمة لقنه إياها.. أن رابطة العائلة -بالمعنى الذي علّمهُ إياه- أكبر أقوى من أي رابطة عرفتها البشرية.. لا شيء -لا شيء قط- يمكنه كسرها!!..

العائلة تأتي أولًا

العائلة قبل المصلحة الشخصية

 وتأتي حتى قبل الحب!!

أليس هو مَن قال هذا؟ إذًا لما أنكره وتملص منه؟!

لمَ تملّص من رابطة العائلة وأنكر العهد؟! .. لم عاقبه وهم لم كان جُرمه الوحيد أنه نفذ ما العهد.. كان يحميه، يقسم بكل ما فعله كان يحميه!!.. كان يحميه بقانون العائلة مِن سُمً الافعى الذي تخثر بعروقه وأعماه أهلكه.. خشي أن يخسره، فيخسر معه نفسه وكل شيء..

فيما أخطأ؟!.. أين الخطأ الذي من أجله عاقبه هكذا عقاب؟!.. اللعنة، لقد أماته على قيد الحياة، وأمات كل شيءٍ فيه!!.. والأهم، كيف أمكنه فعله، وهو الأخ قبل الصديق، وهو العائلة التي أقسم بحفظها على مصلحته وأهواءه الشخصية!!

أكان كل هذا وهم..؟!

أضحوكة صدقها هو وحده؟!

أيعقل كان أدهم يعده بشيء هو نفسه لا يفي به!!

”أين ذلك القسم أدهم وأنت تلقيني في قاع الجحيم!!“

دمغت عيناه بتلك الذكرى المستعرة بينما كان مستلقيًا على الفراش بشقة ريم، شقيقة اللعين، وميض قرابة الثلاث سنوات، والأفكار التي صاحبتها غيمت فوق رأسه، وهي التي لم تبرحه قط!!.. فكرة الوجود، الحياة، الموت.. والعقاب!!.. كل تلك الأفكار تربت معه وتربى عليها منذ أن كان صغيرًا، حاربها وحاربته، كسرته عدة مرات واستوطت واستنزفته.. لكن تلك المرة.. جاءته من حيث لم يتوقع!!.. كانت كقضبان الحديد القاسية، شجت رأسه لعشرات الأجزاء، فلا نجاة له منها..!!

قضبان أقسى عليه من القضبان التي حبسه خلفها أدهم!!

-        ما هذا الهراء؟!.. ولمّ لم يخبرني!!

 

فزع عادل من استلقاءه على صراخ ريم وتبعته بحركتها المعتادة عندما لا يروق لها ما سمعته، إذ تغلق الهاتف وتقذفه بتهور دون أن تنتظر سماع الرد.. اعتدل ليرتدي سرواله التحتي ثم عاد للجلوس على الفراش ومراقبة انفعالها وهو يتصاعد بينما تجئ الغرفة ذهابًا وإيابًا من شدة الاغتياظ، ومن ثم أعربت عن حنقها ذلك بسبة عالية وهي تدب بقدمها أرضًا مستكملة ثورانها:

After Burn بعد الاحتراقWhere stories live. Discover now