سألها رون ببعض الحذر
-أنا أسف أني سأسألكِ هذا السؤال, ولكن, هل كان الأمرُ صبعاً كونكِ كنتِ تعيشين في ميتم وليس مع والداكِ ؟
-بالطبع كان أكثر من صعباً, ومازال كذلك, فأنا كنت أحتاجهما بشدة في حياتي, ولكن وجود والدك وأصدقاءنا هون الأمر علينا جميعاً, فقد قمنا بتعويض بعضنا عن عائلاتنا
-أسف أني قُمتُ بتذكيركِ
-لا بأس حبيبي, أنا لم أنسىَ في المقام الأول
صمت رون قليلاً يفكر كيف أن إلينا عانت كثيراً, فهو نفسهُ لا يستطيع الإستغناء عن والداه لمدة ساعات حتىَ, فكيف هيَ وقد حُرِمت منهما للأبد .
لا يعلم لما تعاطف معها, ولكنهٌ قرر في النهاية أن يتعامل معها بلطف من الأن وصاعداً, لأنها لا تستحق إلا ذلك, سأل رون آن مجدداً
-أمي, لماذا إلينا لا تمتلك حبيب الىَ الأن ؟, أنا فقط أشعر بالفضول, لا أكثر
أومأت آن بإبتسامة مُحاولة مُجاراته, ثم أجابت
-في الحقيقة هيَ لا تحب فتيان هذه الأيام, وتعتقد أنهم تافهون
أخذ رون إجابة آن بصمت, وأخذ يفكر مع نفسهُ, أنهُ ربما, ربما إن أراد أن يحدث شِئ بينهما, فهيَ لن توافق عليه, ولكنهُ سأل آن سؤال أخر وبالطبع تظاهر بعدم الإهتمام
-أمي, أنا لستُ تافهاً صحيح, أعني لا أعتقد أني كذلك ؟
-رون, إن كنت مازالت مُصر علىَ وجود فتيات كثيرات في حياتك لمجرد أنهن جميلات أو لأي سبب أخر ليس لهُ معنىَ, وإن كنت مازلت ترىَ غرورك هو مجرد ثقة بالنفس, فنعم, ستبدوا تافهاً
عقد رون حاجبيه, ثم سألها مجدداً
-أمي, لماذا تقولين ذلك ؟
-لأنها الحقيقة رون, ولكني أرىَ أنك تغيرت قليلاً, وأعلم أنك ستصبح أفضل من ما كنت عليه, حينها فقط ستصبح أهلاً للثقة من تجاه أي فتاة محترمة وتستحق التقدير , مثل إلينا مثلاً
بعد أن صعد رون للنوم قليلاً, جلست آن في غرفة المعيشة وهيَ تشعر بالملل كثيراً, فهيَ قد إعتادت أن تكون في مثل هذا الوقت في المكتبة .
أخذت تُقلب في برامج التلفاز, وتتنقل من قناة الىَ قناة, ولكنها لم تجد شِئ جيد, وفي نهاية الأمر, تركتهُ علىَ قناة عشوائية, وقررت أن تقرأ قليلاً, ولكن قبل أن تخرج من غرفة المعيشة لتُحضر كتابها, سمعت مُقدمة برامج تقول
-إنتظرونا غداً مع أسطورة رجال الأعمال, چيكوب أندرسون, سيكون حوار مشوق جداً, لذا لا تقوموا بتفويته
جلست مكانها مجدداً, وعقدت حاجباها مُفكرة, فلم يقُل لها چيك عن أمر المقابلة هذه, وبالطبع أخذتها الأفكار لأبعد الحدود, وساعدها علىَ ذلك, أنها لم تُحب مُقدمة البرامج هذه لأنها قالن إسم چيك ببع الدلال, وبالطبع هذا لم يُعجبها, وهيَ الأن تُريد قتلها .
..
مساءً, جلس چيك بجانب آن علىَ الأريكة التي بغرفتهما, فنظرت لهُ عاقدة الحاجبان ولم تتحدث, لذا سألها
-آن, لماذا تنظرين الي هكذا ؟
-لما لم تقُل لي من قبل أنك ستكون في مُقابلة تلفزيونية غداً ؟
عقد چيك حاجباه هذه المرة مُفكراً, ثم بعد ثوانً فك عقدة حاجبيه كأنهُ تذكر شيئاً, و أجابها
-نعم, لقد قاموا بمُحادثة إد بالأمس, ولم يقُل لي غير اليوم, وقال أن هذه المقابلة لصالح العمل
-حقاً, هل ستذهب لصالح العمل, أم ستذهب لتتغزل بك مقدمة البرامج هذه ؟!
إبتسم چيك, ثم أمسك وجهها بين يديه, وقال
-حبيبتي الغيورة, أنا بالطبع سأذهب لصالح العمل, ولكن إن كنتِ تُريديني أن أذهب لصالح شِئ أخر, فسأفعل بالطبع
أبعدت آن وجهها عن يديه, ثم قالت ببعض الحدة والإنزعاج وهيَ تُشير بسبابتها في وجهه
-چيك, من الأفضل لك أن لا تمزح معي الأن
-لا بأس آن, ليس لأنها جميلة, وتبدوا لطيفة, ومُثيـ
كان چيك يُريد إثارة غيرتها أكثر, ولكنهُ حتىَ لم يستطع أن يُكمل جملتهُ لأنها قد أمسكت وسادة وضربتهُ بها
-هل تراها جميلة أيها الأحمق أنت!, كيف تجرأ, هل كنت ستتجرأ أيضاً وتقول عليها أنها مثيرة, أيها الخائن ؟
ضحك چيك بشدة علىَ كلمتها الأخيرة, ثم أمسك الوسادة منها, وقال من وسط ضحكاته
-هيا آن, أنا أُثير غيرتكِ فقط
كانت آن ستتحدث, ولكنها صمتت فجأة, وبعد ثوانً إبتسمت الإبتسامة التي لا يحبها چيك, أي أنها ستنتقم منهُ أشد إنتقام .
وقفت آن بدون أن تتحدث بحرف واحد, فنظر لها چيك مُستغرباً, سارت تجاه باب الغرفة, ثم خرجت منها, خرج خلفها چيك سريعاً ليرىَ ماذا ستفعل, وفي هذه اللحظة ركضت أن للغرفة مجدداً, ثم أغلقت الباب خلفها, فأًصبحت هيَ بالداخل, وهو بالخارج .
صاحت من خلف الباب
-إذهب للنوم في مكان أخر
وقف چيك مكانهُ مصدوماً من ما فعلت, ثم بعد ذلك طرق علىَ الباب
-آن, إفتحي الباب الأن
وضعت آن يدها علىَ فمها لتكتم ضحكتها, لتسمع صوت چيك مجدداً
-آن, إفتحي وإلا قَتلتُكِ
لم ترد عليه آن هذه المرة أيضاً, لذا, أخذ يطرق عليها, الىَ أن فُتِح باب رون, ثم آني, ثم ڤايول, فسألت هذه الأخيرة چيك
-أبي, ماذا هُناك ؟!
نظر لهم چيك لقليل من الوقت ولم يعرف بماذا يُحيب, ولكنهُ توصل لحل أخيراً
-أنا فقط كنتُ أختبر إذا كان باب غرفتنا من الخشب الجيد أم لا, والدتكم تقول ليس أنهُ ليس جيد, وأنا أقول العكس
نظر چيك للباب, ثم صاح وكأنهُ يُخاطب آن
-آن, أترين, أنهُ أكثر من جيد أيضاً
فتحت آن الباب في هذه اللحظة, حتىَ لا يشك الثلاثة أولاد بشِئ, وقالت
-حسناً, أنت تربح
بعد أن دخل ثلاثتهم الىَ غرفهم, ضيق چيك عيناه تجاه آن, ثم دخلا الغرفة, وإنفجرت آن ضاحكة, ركضت آن من أمامهُ سريعاً, وهو قام بالحاق بها, وهو يصيح
-سأقتُلُكِ
..
أغلقت آن مع مكتب مُخصص لتصميم حفلات للأطفال, لتتفق معهُ علىَ الحفل الذي ستُقيمهُ للأطفال, لتعويضهم عن أيام غيابها هذه, فقد أخبرتها فتاة تعمل في المكتبة, أن الأطفال يفتقدونها بشدة, لذا, قررت أيضاً أن تُقيم لهم هيَ وداني مسابقة صغيرة للرسم, ثم بعدها يبدأ الحفل, والذي سيكون في حديقة المكتبة الخلفية .
نظرت لچيك الواقف أمام المرآه بحقد كبير, فهو كان يتجهز للمُقابلة التلفزيونية, كان قد إرتدىَ بذة سوداء, وقميص أسود اللون أيضاً, وقد قام بفتح أول زِرَين, وإكتفىَ بذلك فقط, فبدىَ قمة في الجاذبية .
قامت آن, وإتجهت لهُ, ثم قالت وهيَ تقف أمامهُ وقد عقدت يداها علىَ صدرها
-هل يجب أن تتأنق بهذا الشكل ؟
-أعتقد ذلك
قلبت آن عيناها, ثم قلدت جُملتهُ ساخرة, فإبتسم ثم نظر لها
-أرىَ أنكِ مازلتِ غاضبة من تجاه هذا الأمر
تظاهرت آن بالتفاجُأ, ثم قالت ساخرة
-حقاً ؟, لم أكن أعرف ذلك, معلومة جيدة
إقترب منها چيك باسماً, فوجدها فجأة تُبعثر شعرهُ, فتذمر وعاد أمام المرآه مجدداً
-آن, أنا بالكاد أصلحتهُ
حدقت به بغيظ كبير هذه المرة, وقالت
-يبدوا أنك مُهتم حقاً بإثارة إعجاب هذه الحمقاء
إنتهىَ چيك من ما يفعل, ثم نظر لها, وقال
-آن حبيبتي, أنتِ تعلمين أني لا أهتم إلا بإثارة إعجابكِ أنتِ
ثم غمز لها في نهاية حديثه, فإبتسمت آن ثم نظرت للجهة الأخرىَ وقالت بخفوت
-هذا حقاً يجعلك أكثر جاذبية -الغمزة-
سألها چيك مُتفاجأً
-هل قُلتِ ما سمعتهُ حقاً ؟
-ولماذا تبدوا مُتفاجأً هكذا ؟!
-فقط, أنتِ لا تقولين لي أياً من الكلام المعسول, أو أياً من كلمات الغزل, يجب أن أتفاجأ عندما تفعلين ذلك
إقتربت منهُ آن هذه المرة, ثم أمسكت بطرف سُترتهُ, وقالت
-أنت تعلم أني أخجل سريعاً
-آن, لقد كنا أحباء لمدة ستة سنوات, ومتزوجان لمدة سبعة عشر عاماً, أي أننا معاً منذ ثلاثة وعشرون عاماً, هل حقاً مازلتِ تخجلين مني ؟
نظرت آن بداخل عيناه لقليل من الوقت, ثم قالت في شرود
-ياإلهي چيك, هل مر كل هذا الوقت ونحنُ لم نشعر ؟!
كانت نبرتها مُتعجبة, مُمتزجة بقليل من الحزن, فهيَ بالفعل لم تشعر بمرور كل تلك السنوات, هيَ فقط تشعر أنهما كانا البارحة يلعبان في حديقة الدار في المطر, والأن هما ناضجان ؟! .
ما أغرب هذه الحياة وما أقصرها إن كنت تمتلك أوقات غالية مع أشخاص تحبهم حقاً ويحبونك, فهذه الحياة تحقد علىَ كل شخص مر بلحظة سعيدة في حياته, وكأنها لا تُريد أن يمتلكها أحدهم يوماً .
ومن قسوتها تُسرع في سرقة سنوات عمرك إن كنت تمتلك أكبر سبب لبقاء أي إنسان علىَ قيد الحياة, الحب, الحب بجميع أنواعه, فيبدوا أن الحياة مُتمرسة في سرقة سنوات عمرنا بدون أن نشعر .
أفاقت آن من شرودها في حياتهما التي مرت سريعاً علىَ نظرة چيك القلقة, فقالت بإبتسامة صغيرة
-انا فقط أريد ألف قرن يُضاف علىَ عمري حتىَ أستطيع أن أكتفي منكم, لا أريد لحياتي معكم أن تنتهي سريعاً
إبتسم چيك إبتسامة حنونة, ثم أبعد خصلة من خصلات شعرها خلف أذنها, وقال وهو ينظر بداخل عيناها حتىَ تمر كلماتهُ من خلالها وتصل الىَ قلبها
-أنتِ تعلمين أننا سنكون معاً حتىَ بعد الموت, أيضاً أنا وأنتِ سنموت معاً عندما نشيخ ونُصبح في المئتين من عمرنا أو ماشابه, ألا تذكرين وعدنا الذي دفناهُ معاً بجانب البحيرة التي قد شهدت علىَ أول لحظات حبنا ؟
..
من الماضي "الثانية عشر"
بعد مرور بضعة أشهر علىَ إرتباط آن وچيك ببعضهما البعض, وبعد أن أدركت آن أنها تحب چيك حقاً وتُريد أن تمضي معهُ بقية عمرها, قررت شيئاً ما .
لذا, ذهبت هيَ وچيك للغابة, وبالتحديد في المكان الذي قد إعترفا بحبهما لبعضهما البعض به, وبعد أن جلسا علىَ الصخرة, سألها چيك وهو ينظر للصندوق المعدني الذي بين يداها بعدم فهم
-آن, ألن تقولي لي ماذا يوجد بهذا الصندوق ؟
أومأت آن, ثم فتحت الصندوق, وأخرجت منهُ ورقتان فارغتان, ثم شرحت لچيك
-أنت ستأخذ ورقة, وأنا ورقة, ونكتب بها وعد خاص بنا, هو أن نعيش بقية عمرنا معاً, وأن نموت معاً, ثم سنضعهما في هذا الصندوق وندفنهُ هُنا, وقبل أن نموت بيوم نأتي ونأخذهُ
سألها چيك بإستغراب, وعدم فهم معاً
-وكيف سنعرف أننا سنموت قبل أن نموت ؟
-لا أعلم, ولكني أعتقد اننا سنشعر بذلك, والأن, هيا خذ ورقتك
قالت آن ماذا تُريد أن تكتب في الورقتان, وكان چيك يكتب علىَ ورقته المثل
"أعدُك/ي أني سأظل معك/ي للأبد, وأعدك/ي أني سأموت معك/ي, وأننا سنكون معاً حتىَ بعد الموت أيضاً".
_____________________________________________________