وصلت آن للمكتبة لتفقُد أحوال البناء هُناك, وكانت تتوعد لدانييل إذ أنهُ لم يُهاتفها حتىَ يخبرها عن ميعاد تسليم المبنىَ الجديد .
خرجت من سيارتها التي صفتها قريباً من الأرض التي يعمل بها العمال الأن, وجدت دانييل يقف مع واحداً منهم ويُشير لهُ علىَ عدة أشياء .
تقدمت منهما ليستأذن العامل من دانييل ويذهب, عقدت يداها علىَ صدرها وقالت بحدة
-أنا أتيتُ اليوم لقتلك, هل تتهرب مني حتىَ لا تقول لي علىَ ميعاد التسليم ؟!
قابل دانييل حدتها بإبتسامة واسعة, وقال بنبرة قمة في السعادة
-أنا حقاً أسف, ولكني كنت مشغول جداً مع إيميلي بالأمس, فعندما عادت من العمل كانت مُتعبة قليلاً, وعندما أحضرنا الطبيب قال لنا أسعد خبر علىَ وجه الأرض
تناست آن غضبها منهُ سريعاً, ثم إبتسمت بشدة وقد فهمت الىَ ماذا يرمي
-لا تقُل
أومأ دانييل ليؤكد شكوكها, وقال بنبرة أسعد من التي قبلها
-سأكون أباً لأحدهم بعد ثمانية أشهر
-ياإلهي دانييل, أنا سعيدة من أجلكما, مبارك لكما, هل أستطيع أن أتي لزيارة إيميلي
-شكراً لكِ آن, وبالطبع تستطيعين
-ولماذا أنت هُنا, هيا عد لزوجتك أيها الأحمق
كان دانييل علىَ وشك الإعتراض, ولكن قاطع ذلك بدأ نزول بعض قطرات المطر من السماء, ثم لحظة بلحظة بدأت تشتد, فقالت آن بصوت عالً حتىَ يسمعها
-هيا, عُد للمنزل, وأيضاً إجعل العمال يعودون لمنازلهم
أومأ دانييل علىَ الفور, ثم أسرع لتنفيذ ما قالت, بعد ذلك عادت آن للمنزل وقد بدأ المطر يشتد أكثر وأكثر, وما إن دخلت الىَ غرفة المعيشة حتىَ هاتفت چيك, وأخبرتهُ أن يعود للمنزل هو والأطفال, وأن يقود بحذر لأن السماء لن تتوقف الأن, ولا في أي وقت قريب .
كذلك هاتفت جميع الرفاق لتُخبرهم نفس الأمر, وهيَ أن ينتبهوا لأنفُسهُم وأن يقودوا بحذر, وهاتفت روز لتُخبرها الأمر ذاته, ولكنها وجدتها بالفعل في المنزل .
بعد أن إطمأنت علىَ الجميع, إتجهت للسلم حتىَ تصعد لغرفتها, ولكنها وقفت فجأة وإبتسمت بشدة, وعادت مجدداً للأسفل, ولكن هذه المرة للخارج, في حديقة المنزل .
توقفت تحت المطر الذي يهطل بشدة, كأنهُ يشتاق الىَ أن يغسل هموم البشر بماءه, فعلت كما تفعل دائماً, حيث أنها قد فردت ذراعيها, وأخذت تدور وتدور, وهيَ مُغمضة العينين, ورافعة الرأس .
وبعد وقت طويل من الرقص والإستمتاع تحت المطر, أخيراً دخلت للمنزل, وصعدت للأعلىَ وأخذت حمام دافئ وجلست في غرفة المعيشة لتنتظر چيك والأطفال .
بعد ساعة, سمعت صوت بوق سيارة چيك, فهرعت للخارج وما إن فتحت الباب حتىَ وجدت الثلاثة أطفال يدخلون سريعاً, بعد ذلك دخل چيك لتجدهُ مُبتل تماماً, فقد وضع المظلة الوحيدة التي كانت معهُ علىَ الأطفال وبالطبع هو كان جميع ماء المطر من نصيبهُ .
بعد قليل, كانوا جميعاً قد بدلوا ملابسهم لملابس دافئة, ثم جلسوا تحت الأغطية والوسادات التي قد وضعتها آن لهم علىَ الأرض بغرفتها هيَ چيك .
وكما يفعلون دائماً في الأيام المُمطرة, فقدوا قررت آن أن يُشاهدوا فيلم "home alone", فهيَ جعلتها عادة في تلك الأيام من السنة .
همس چيك لآن بعد أن جلس بجانبها
-أُراهن أنكِ قد وقفتي تحت المطر قبل أن نأتي
أومأت آن بحماس شديد, وقالت
-بالطبع فعلت, وهل تعتقد أني سأفوت مشهد رائع مثل هذا ؟!
-مازلتِ آن مجنونة المطر
قاطع همساتهما رون وقد إلتفت لهما, وسأل آن بجدية
-أمي, هل من الممكن أن أتحدث معكِ في أمراً ما ؟
حاولت آن أن لا تتعجب من نبرة رون, وأن لا تُذكر نفسها أنهُ ولدها الذي لا يتعدىَ عمرهُ الستة سنوات, فأومأت ليُردف
-أنا أُريد هاتف خلوي "محمول" مثلكما
-لماذا ؟
-لأن جميع من بالمدرسة يمتلك واحداً
رفعت آن حاجباً بتعجب ثم سألتهُ
-وأنت تُريد تقليدهم ؟
ردت عليها ڤايول هذه المرة
-أمي, حتىَ الأطفال يملكون هواتف, فلماذا لا نحصل نحن علىَ واحداً أيضاً ؟!
عقدت آن يداها علىَ صدرها, ثم سألت بإستغراب
-هل أنتِ أيضاً معهُ في هذا الأمر, وماذا عنكِ آني، هل تُريدين واحداً أيضاً ؟
هزت آني رأسها نافية وأجابت
-لا, أنا لا أريد, أنا أعلم أني مازلتُ صغيرة
إبتسم كلاً من آن وچيك علىَ ذلك, ثم تحدث چيك هذه المرة
-هل ترىَ رد آني رون ؟, حسناً, دعوني أقول لكم شيئاً, أولاً لا يجب أن ننظر لما في يد غيرنا, هذا ليس بالشِئ الجيد, فقط إنظروا دائماً الىَ مَن هُم أقل منكم حتىَ تحمدوا الله علىَ ما تملكون, أيضاً قبل أن تطلبوا الشِئ يجب أن تعلموا في ماذا سيُفيدكم, أو إذا كان هذا مُناسباً لسنكم أم لا, هل أنا حرمتكم من شِئ من قبل ؟
ثم نقل بصرهُ بين الثلاثة أطفال, فهزوا رأوسهمُ بالنفي, فأردف
-جيد, لذلك كل شِئ يجب أن يأتي في وقتهُ الصحيح, مثلاً, هل أستطيع أن أشتري لرون سيارة ويقودها الأن ؟
ضحك ثلاثتهُم, بينما قالت ڤايول
-لا
سألهم چيك حتىَ يوصل لهم المعلومة أكثر
-لماذا ؟
أجابت آني سريعاً
-لأنهُ مازال صغير ولا يعرف كيف يقود
-بالضبط, لذا كل شِئ يجب أن يأتي في موعدهُ وإلا لن نحصل علىَ فائدته
..
اليوم التالي كان المطر قد توقف لقليل من الوقت, ثم بدأ في الهطول مرة أخرىَ, لذا إضطر الجميع للجلوس في المنزل اليوم, وإضطر چيك أن يُعطي اليوم أجازة لجميع العاملون في الشركة, وبالطبع كانت آن في قمة سعادتها لأن چيك والأطفال سيقضون معها اليوم .
وقفت آن آمام چيك ورون وهما يلعبان ألعاب الفيديو, وسألتهما
-أين آني و ڤايول ؟
لم يُجيبها أحد, فيبدوا أنهما مُنغمسان فيما يلعبان, بينما صاح رون في هذه اللحظة
-نعم, لقد فزت
مَثل چيك الإنزعاج ثم قال
-لم أكن مُستعداً بعد, لنلعب مُبارآه أخرىَ
قامت آن بمُناداتهما عدة مرات ولكن لم ينتبه لها أحد أيضاً, لذا توجهت لمقبس الكهرباء وأنتزعتهُ لتنطفئ شاشة التلفاز وينظر لها چيك بإنزعاج, فكررت سؤالها ولكن بحدة أكثر
-قُلت أين آني و ڤايول ؟
إقترب رون من چيك خوفاً من غضب آن, بينما رد عليها چيك
-أعتقد أنهما بالأعلىَ آن, والأن أعيدي تشغيل التلفاز
نظرت آن لرون بنفس ملامح الحدة ثم سألتهُ
-هل أنهيت واجباتك المدرسية ؟
أومأ رون سريعاً, ثم أجابها
-نعم, أمي لا تغضبي لأني ألعب, أنا أريد اللعب مع أبي, حسناً ؟
تنهدت آن ثم أومأت, وبعدها أعادت تشغيل التلفاز لهما, ثم صعدت للأعلىَ, بحثت في كل الغرف لم تجد الفتاتان, لذا ذهبت لغرفتها, وما إن دخلت حتىَ توقفت آني و ڤايول عما تفعلان وتجمدتا في مكانيهما .
فقد كانتا تمسكان بأدوات التجميل الخاصة بآن وقد قامتا بملئ وجههما به, إبتسمت آن علىَ ذلك, وعلىَ ملامح الذعر التي تحتل وجهيهما, ثم تقدمت لهما, وقالت بإبتسامة
-ماذا تفعلان ؟
لم تقوما بالرد عليها من كثرة الخوف, ثم فجأة قالتا معاً
-أسفة
إبتسمت آن أكثر, ثم جلست أمامها علىَ الأرض وقالت
-ولماذا الأسف, هيا, أنا أريدكما أن تضعا المساحيق علىَ وجهي
إبتسمت الفتاتان فجأة, ثم بدأتا في وضع المساحيق التجميلة في وجه آن بشكل عشوائي وسط ضحكات ثلاثتهم التي تملئ الغرفة .
بعد ذلك أخذت عدة صور لهم بعدة أشكال مختلفة, وبعد أن أزالوها, اخبرتهم آن أن المساحيق التجميلية ليست شِئ جيد ومضرة للبشرة, ولكن لا بأس بأن يضعنها مرة أو إثنتان عندما يكبرن, وأن لا بأس أيضاً أن يخبرنها إن إردن اللعب بها في أي وقت .
بعد أن نزل ثلاثتهم للأسفل, جلسن مع رون وچيك وشاركنهم اللعب, وبعدها شاهدوا بقية أجزاء فيلم"home alone", ثم صعد كلاً منهم لغرفته للنوم .
..
بعد مرور ثلاثة أشهر, سلم دانييل لآن المبنىَ الجديد, وكان بالفعل مثلما أردات وأفضل أيضاً, وكانت قد سلمتهُ هيَ بدورها لشركة الديكور حتىَ يفعل به التصميمات التي أرداتها .
وبعد شهر أخر, تم تجهيز المكتبة من كل شِئ, فقد تم وضع الكتب بها, كذلك التحف الفنية واللوحات التي قالت روز لآن عليها, وقد تم إعداد المكتبة لتكون أكثر من رائعة, وأكثر من مُريحة لكل قارئ, حتىَ الأطفال منهم .
كانت آن في قمة سعادتها وهيَ ترىَ فكرتها بعد أن إكتملت, وقد أقامت حفل إفتتاح للمكتبة وقد دعت به الجميع, كذلك بعضاً من أصدقائها في الميتم .
وصلت آن وچيك والثلاثة أطفال للمكتبة لتجد أن نصف المدعوين قد حضروا بالفعل, والجميع أخذ يُهنئها علىَ هذه الفكرة العظيمة .
والذي فاجأ آن أكثر, أن سيدة مادلين قد أتت هيَ الأخرىَ, فرغم أن آن أرسلت لها دعوة ولكنها لم تعتقد أنها ستأتي, ولكن ها هيَ قد أتت, وأخذت تخبر آن كم هيَ فخورة بها .
بعد أن إندمجت روز في الحديث مع مادلين, إستأذنت منهما آن وذهبت للرفاق, فهم كانوا جالسون في حديقة المكتبة, جلست آن بجانب چيك فقال دانييل لإغاظته
-وها قد أتت الجميلة صاحبة هذه الفكرة الرائعة
عبس چيك, بينما قال بنبرة تحذيرية مُصطنعة وهو يُحيط خصر آن
-إن أردت الإحتفاظ برأسك لا تقُل ذلك علىَ زوجتي مجدداً
ضحك الجميع, بينما وقف چايد وقال
-لندع تفاهات چيك ودانييل بعيداً, أنا و إيمي لدينا خبر جيد لكم
أنصت الجميع مُنتظرين تصريح چايد, فأردف
-لقد قُمنا بتحديد ميعاد للزفاف
صاح الجميع في فرحة, وقبل أن يذهبوا لهُ هو وإيمي ويقوموا بتهنأتهُما, وقف داني وقال بإستغراب
-أنتما أيضاً !, لقد كنت سأقول الكلام نفسهُ بالمُناسبة
قهقه الجميع ثم صاحوا في حماس أكبر هذه المرة, فلم يتوقع أياً منهم أن يتزوج داني يوماً ويستقر علىَ فتاة واحدة .
وهكذا مر اليوم في تذكرهم لبعض الذكريات لهم في الماضي, وبين السخرية من داني أنهُ أخيراً سيتزوج, الىَ أن إنتهىَ اليوم وأخذت لهم آني جميعاً صورة تذكارية, فبعد أن فازت في مُسابقة ناشيونال چيوجرافيك قد سمحت لها آن أن تتعمق في هذا الأمر أيضاً, ويبدوا أن آني ستتخذُها مهنة المستقبل .
..
في اليوم التالي, وفي أول يوم عمل للمكتبة, كانت آن تتفقدها وتتفقد كل ركن بها, فقد أتت صباحاً مجموعة أطفال من نفس الميتم الذي كانت به هيَ و الرفاق .
كانت تُشاهد كيف أن الأطفال أندمجوا سريعاً مع الجوا العام, وكيف أنهم مبهورين بالمكتبة, وبالقصص المُصورة علىَ وجه التحديد, ولكن في منتصف جولتها وجدت فتاة صغيرة جميلة جداً تجلس علىَ مقعد وحدها .
إتجهت لها, ثم جلست بجانبها, وسألتها بإبتسامة
-لماذا لا تقرأين مع أصدقائكِ ؟
نظرت لها الصغير ولم ترد عليها, وكان يبدوا في عينيها الخوف الشديد, فحاولت آن أن تكون ملامح وجهها مُريحة ومُطمئنة أكثر, وأردفت
-ألا تُعجبكِ القصص هُنا ؟
بعد قليل من الصمت أومأت الصغيرة, فقهقهت آن, ثم سألتها مجدداً
-حسناً, ماذا تُريدين أن تفعلي غير قراءة القصص ؟
نظرت لها الصغيرة مجدداً وكانت عيناها تصرخ بالبراءة, ثم نطقت بعد صمت دام طويلاً
-الرسم
أومأت آن بإبتسامة, ثم وقفت ومدت يدها للفتاة وقالت بمرح
-إذاً, هيا بنا لنرسُم
أمسكت الفتاة يدها بتردد, ثم أخذتها آن وتوجهتا لقسم الرسم, جلستا علىَ طاولة متوسطة الحجم, وأتت آن لها بدفتر للرسم وألوان كثيرة, ثم قالت وقد قوست شفتاها
-أنا لا أعرف كيف أرسم, هل من الممكن أن تُعلميني ؟
وأخيراً إبتسمت الصغيرة, ثم أومأت, أخذت منها الأقلام وبدأت في صُنع الخربشات, فسألتها آن بعد أن أبدت إعجابها برسوماتها
-ما أسمكِ ؟
-إسمي إلينا
ربتت آن علىَ رأسها ثم قالت
-إسمكِ رائع إلينا
إتسعت إبتسامة إلينا أكثر, ثم عادت للرسم مجداً, كانت آن ترسم رسم سيئ مُتظاهرة بذلك, حتىَ تضحك إلينا عليها وتحاول تعليمها هيَ .
أدركت آن أن بهذا المكان من الممكن, أو من المؤكد أنها ستبني أجيال جديدة بعقول راقية, وأنها ستُعطي للأطفال الذين فقدوا عائلتهُم في هذه الحياة الإهتمام والحب الذي حُرِموا منه, والذي حُرمت منهُ أيضاً وهيَ صغيرة .
شعرت بسعادة بالغة عندما تأكدت ولو بإحساسها فقط أن هذه المكتبة ستُساعد الكثير والكثير من الأطفال, والأشخاص الذين أغلقت الحياة في وجوههم أبواب الأمل, فهيَ ستُعطيهم الأمل, حتىَ وإن كانت الحياة لا تُريد ذلك .
______________________________________________
صباح الخير، اخباركوا ايه ؟
اللي مستغرب اني بقيت انزل بسرعة، فانا بقولكوا اني بعمل كدة علشان عايزة الرواية تخلص بسرعة، علشان بعدها عايزة اخد فترة راحة وبعد كدة اكتب رواية الالفا ان شاء الله .
وبس، معنديش حاجة تانية عايزة اقولها غير تصبحوا على خير .