زيديني عشقاً زيديني يا أحلى نوبات جنوني
زيديني غرقاً يا سيدتي إن البحر يناديني
زيديني موتاً علّ الموت إذا يقتلني يحيني
يا أحلى امرأة بين نساء الكون أحبيني
يا من أحببتك حتى أحترق الحب أحبيني
إن كنتِ تريدين السكنى أسكنتك في ضوء عيوني
حبكِ خارطتي ما عادت خارطة العالم تعنيني
أنا أقدم عاصمة للحزن وجرحي نقش فرعوني
وجعي يمتد كسرب حمام من بغداد إلى الصين
( نزار قباني )
_________________________________________________________________________________
نظرت لخارج النافذة بتضجر وأخذت تتأمل الشوارع والناس والسيارات الى أن قاطع تأملها توقف السيارة ونزول چيك سريعاً , وفتح لها الباب وما لبس إن فعل ذلك حتىَ وضع يدهُ على عيناها وساعدها على النزول لتقول آن
-حقاً ؟
إبتسم چيك ثم قال
-فقط القليل بعد
بعد عدة خطوات أزال چيك يدهُ من على عينا آن وقال
-يُمكنكِ النظر الأن
فتحت آن عيناها ببطئ لتجد أمامها منزل باللون الأبيض متوسط الحجم من طابقين وملتصق به مبني أخر ليس بصغير ولا كبير بطابق واحد, ويبدوا على المنزل أنهُ عصري جداً, أمسك چيك يدها فنظرت لهُ لتجدهُ يبتسم إبتسامة واسعة فإبتسمت تلقائياً لتجدهُ يقول
-قولي مرحباً لمنزلكِ المُستقبلي , هيا لؤريكِ بقية المنزل
حينها أدركت آن أنهُما بداخل المنزل ( الجزء الخارجي منهُ ) أغلق چيك البوابة الحديدية الكبيرة التي تتوسط سور يحيط بالمنزل ثم إتجها لباب المنزل الخشبي الذي يتكون من جهتين باللون العسلي, صعدا بعضاً من السلالم المُكونة من الرُخام الأبيض ثم أخرج چيك مفتاح من جيبهُ, وفتح الباب
دخلا لتجد آن أن المنزل واسع جداً عكس ما يبدوا عليه من الخارج, وجميع الحوائط كانت باللون الأبيض الناصع , فعلى يمينها توجد مرآه مُتصلة بطاولة باللون الأبيض مُزخرفة بطريقة كلاسيكية ورقيقة وبجانبها مرآه أخرىَ مُستطيلة كبيرة مُستندة على الحائط.
ثم بعدها درج مُلتف الى الأعلى مُكون من الخشب البني المحروق والزُجاج, وعلى يسارها يوجد مطبخ كبير مفتوح يطل على البهو ببار رُخامي, والمطبخ جميعهُ باللون الأبيض أيضاً بجانبهُ توجد غرفة الطعام والتي يكون لون طلائها مكون من الكريمي والذهبي, ولون الأساس باللون البني الغامق, والمقاعد التي حول طاولة الطعام مُبطنة بقماش باللون الأبيض الناصع
خلف الدرج من جهة اليمين يوجد عدة أرائك ملتصقة ببعضها مُشكلة مُستطيل ناقص ضلع باللون الأبيض وبالوسط طاولة مُستطيلة باللون البني سطحها زجاجي, ومُقابلها عدة أرائك أخرىَ ومقاعد, ثم على جهة اليمين يوجد باب يؤدي الى غرفة معيشة كبيرة يتوسطها تلفاز كبير ومقاعد وأرائك للجلوس جلدية سوداء .
وفي نهاية البهو يوجد مكان الحائط بابان من الزجاج عندما تعبر منهما ستجد نفسك أمام حمام سباحة كبير, وفي نهاية الممر الذي بجانب حمام السباحة يوجد ثلاث درجات يؤدوا الى الحديقة الكبيرة , يوجد بالحديقة عدة أماكن للإسترخاء كذلك أرجوحة بيضاء, ثم في نهاية الحديقة يوجد -نافورة- مياة ما بين الأحجار تصب على مكان صغير كأنهُ بحيرة صغيرة, وفوقها جسر خشبي متوسط الحجم .
كانت آن مبهورة بالمكان فهو كبير جداً ورائع التصميم . هى حتى لم ترىَ الطابق العلوي بعد, أفاقت من تأملها على صوت چيك المتحمس وهو يقول
- لقد إهتممت بوجود أماكن كثيرة للإسترخاء في الحديقة لأنكِ تحبينهُ كثيراً " الإسترخاء" وأيضاً حتى تقرأي في أماكن هادئة ومناظر جميلة
إبتسمت آن لهُ ولكنها لم تقُل شيئاً إذ أنها مازالت تنتابها هواجس الخوف من الزواج وماذا سيحدث لهُما بعد ذلك, أمسك چيك يدها ثم قال
-هيا لؤريكِ الطابق الثاني
صعدا للأعلىَ وكان المكان واسع أيضاً وبمتصف الطابق يوجد شُرفة كبيرة تطل على الحديقة , وكان الطابق مليئ باللوحات والأعمال الفنية, توجها في ممر على اليمين ثم وقف چيك أمام باب بدرفتان باللون الأبيض ثم فتحهُ وقال
-هذه غرفتنا
دخلت آن لتتسع عيناها من الصدمة, كانت الغرفة كبيرة جداً وتتكون من جزءان, كانت غرفة ملكية كلاسيكية, ديكوراتها باللون الكريمي , مليئة باللوحات أيضاً, سرير على اليمين كبير جداً مُزخرف باللون الكريمي والأسود والذهبي , وعلى اليسار توجد مرآه " التسريحة " مُنفصلة عن الطاولة باللون الذهبي والكريمي أيضاً, ثم على يسار المرآه يوجد ممركبير به بابان, باب لغرفة تغيير الملابس والتي هى حتى أكبر من غرفتهما بالقصر, والباب الأخر دورة المياة, والتي لم ترىَ آن دورة مياة في قمة الفخامة مثلها من قبل ,كانت رائعة بمعنى الكلمة.
الجزء الأخر من الغرفة كان بين الممر وبين السرير يوجد جزء أخر به أرائك باللون الكريمي للجلوس وبها نافذة بحجم الحائط تطل على الحديقة من الخلف, إلفتت آن لچيك والذي كان يينتظر رأيها على أحر من الجمر فقالت
-الغرفة رائعة , بل كلمة رائعة قليلة عليها
إتسعت إبتسامة چيك ثم قال
-حقاً؟ هل أعجبتكِ ؟
أومأت آن , فأمسك چيك يدها وقال
-تعالي
أخذها للجزء الأول الذي به السرير, وكان على يمين السرير نافذة كبيرة وأسفلها أريكة مُلتصقة بالنافذة فضحكت آن وقالت
-لقد تذكرت ذلك
إبتسم چيك ثم قال
-بالطبع, ألم أقُل لكِ من قبل أني سأحقق لكِ كل ما تُريدين
نظرت لهُ آن مُطولاً ثم فجأة دمعت عيناها فقال چيك بقلق بعد أن تلاشت إبتسامتهُ
-آن, ماذا هُناك حبيبتي ؟
-أنا خائفة چيك, خائفة بعد أن نتزوج نصبح مثل أي إثنان كانا يُحبان بعضهما ثم يختفي الحب بعد فترة من الزواج, وخائفة أن تمل مني أو أن تندم على إختيارك لي يوماً
إقترب منها چيك ثم قال وهو يمسح دموعها
-آن, ماذا تقولين, أولاً أنا لن أندم أبداً عليكِ , ولن أمل منكِ مهما مرت السنوات, وأيضاً دعيني أكون صريح معكِ, بالطبع ستحدث مشاكل كثيرة فهذه سُنة الحياة, وأيضاً ستأتي أوقات ربما نمل من حياتنا ولكن هذا لا يمنع أننا سنظل نحب بعضنا البعض , وهذا لا يمنع أيضاً أننا سنتخطىَ كل هذه الأشياء معاً, مشاكل الزواج, ومشاكل الحياة , كل شِئ, هذا هو الفرق بيننا وبين أي أحباء أخرين, أننا سنتغلب على الحياة وسنتمسك ببعضنا البعض مهما حدث , لذا لا تُفكري في هذه الأشياء
إبتسمت آن ثم قالت
-يا إلهي أنت أحمق وأنا أحبك
ثم إحتضنتهُ ليضحك چيك ثم يقول
-وأنا أحبكِ أكثر
إبتعدت آن ثم قالت مقوسة شفتاها
-وماذا إن تغيرت معي ؟
تظاهر چيك بالتفكير ثم قال بإبتسامة
-سأسمح لكِ حينها بمُعاقبتي
إتسعت إبتسامة آن ثم قالت
-فكرة رائعة
أمسك چيك يدها ثم قال
-هيا لأُريكِ بقية المنزل
كان المنزل يتكون من ثمانية غرف كل غرفة بها دورة مياة خاصة بها, وخمسة دورات مياة بخارج الغرف للضيوف بالأعلى والأسفل , وكان يتكون من غرفة معيشة كبيرة, وأربعة غرف للجلوس بالأعلى والأسفل أيضاً , هذا غير المكتب الكبير والذي به نافذة مُلتصقة بها أريكة أيضاً والذي أيضاً يكون مكتبة كبيرة .
جلسا بجانب حمام السباحة ثم قالت آن بإبتسامة واسعة
-چيك , المكان أكثر من رائع, متى فعلت كل ذلك ؟
-بدأنا في بناية المنزل منذ أربعة أشهر تقريباً , وروز ساعدتني بالديكورات وطبعاً هى من جلبت الخربشات التي تحبيها
ضحكت آن ثم قالت
-وأيضاً قُمت ببناية المنزل ؟
أومأ چيك ثم قال
-نعم فالفتاة التي أحبها أرادت بناء المنزل لا شراءهُ لذا أنا لن أستطلع فعل إلا ما تُريدهُ هى
ضحكت آن ثم قالت
-هذه الفتاة محظوظة حقاً
أمسك چيك يدها ثم قال
-إذاً, متىَ الزفاف ؟
كانت آن ستقول بعد أن ينهيا الجامعة أي بعد ثلاث سنوات, ولكنها رأت في عينا چيك سعادة كبيرة ولمعة أمل , لذا قالت
-ما رأيك في إجازة أخر العام ؟
قوس چيك شفتاه ثم قال
-ماذا ؟! أي بعد ثلاثة أشهر! لا , هذا كثير , ما رأيك في غداً ؟
ضحكت آن بشدة ولكن چيك كان جدي جداً , فقالت
-بالطبع لا, أنا حتى لن أستطيع إنتقاء فستان زفاف, إن لم توافق على أجازة نهاية العام, إذاً إنتظر لثلاثة سنوات
قال چيك سريعاً
-لا, لا, أنا موافق
صمتا قليلاً كانت آن تتأمل المكان حولها, وفي الحقيقة هى شعرت بالحماس الشديد للعيش هُنا, فچيك إختار كل شِئ بدقة حقاً, وفعل كل الأشياء التي كانت تتمناها في منزل زواجها, ووفر لها وسائل الراحة بكل طرقها, وهذا من الأشياء الرائعة في چيك, أنهُ يعرف ما تُريد بدون حتى أن تقول, قاطع تأملها بالمنزل چيك وقال
-ما رأيكِ أن نقضي بقية اليوم هُنا ؟
هزت آن رأسها نافية بعد أن نظرت لهُ ثم قالت
-لا, ليس من اللائق أن نستعمل منزل زواجنا قبل الزواج
رفع چيك حاجباً ثم قال
-ولماذا ؟
-لا أعلم, ولكني أعتقد أن هذا سيجلب الحظ السيئ
ضحك چيك بشدة ظناً منهُ أنها تمزح , ولكن عندما لم يجد أي علامات على المُزاح عليها قال
-حقاً؟ آن, هل تؤمنين بهذه الأشياء ؟
رفعت آن كتفيها وأنزلتهُما ثم قالت
-نعم, وأيضاً أنت لن ترىَ فستان الزفاف إلا يوم الزفاف
تمتم چيك بغيظ
-حمقاء وتُؤمن بالأشياء الحمقاء مثلها
مالت عليه آن بعد أن سمعت ما قال ثم قالت
-حماقتي عدوة منك
نظر لها چيك وهو يُضيق عيناه ثم قال مُحذراً
-إسحبِ ما قُلتِ
هزت آن رأسها نافية ثم قالت في تحدي
-لن أفعل
ثم فجأة إنقض عليها وأخذ يُدغدغها بشدة وهى تضحك ويقول لها
-قُلت لكِ إسحبِ ما قُلته الأن
قالت آن بتقطيع
-حسناً, حسناً, لقد سحبتُ كلامي
إبتعد عنها چيك ثم إبتسم في إنتصار وقال
-هذا أفضل
عدلت شعرها ثم أخذت تلتقط أنفاسها ثم وضعت رأسها على كتفه وقالت بعد أن أمسكت يدهُ
-چيك, لقد رأيت فتيات جميلات في الفترة الأخيرة, ألم تندم على إختيارك لي ؟
نظر لها چيك بجدية ثم قال
-ماذا تقولين آن ؟
-أنا لستُ جميلة, ولا لدي مكانة إجتماعية ولا ذكية أيضاً, أعني هُناك فتيات كثيرات أفضل مني....
وقبل أن تُكمل وضع چيك سبابتهُ على شفتيها مُقاطعاً وقال
-لم ولن توجد فتاة أفضل منكِ في هذا الكون, أما بالنسبة للجمال, فقد صُنِع خصيصاً من أجلكِ, أما المكانة الإجتماعية نحن بالفعل بدأنا في صنعها معاً, ولا تقولي أنكِ لستِ ذكية, لا تُقللي من مقدار نفسكِ مُجددا آن
إبتسمت آن ثم أمسكت يدهُ التي كانت على شفتاها وقالت
-هل تقول ذلك لتُريحني, أم أن هذا ما تراه حقاً ؟
وضع چيك يدها على قلبه ثم قال
-أنتِ أدرىَ بقلبي مني, وأيضاً تعلمين أنهُ لا يستطيع الكذب في شِئ يخُصكِ, أنا من عليه أن يقلق لأني بالفعل لا أعرف لما مازالتِ مع أحمق مثلي ,فأنتِ تستحقي الأفضل
إبتسمت آن إبتسامة صغيرة وهىَ تتأمل ملامح وجه من تعشق ثم أجابت
-هذا لأني لا أرىَ غيرك في عالم الرجال حبيبي, فجميعهُم أمامك لا شِئ, وأنت كل شِئ بالنسبة لي
-يا إلهي آن, لو تعلمين ماذا يفعل كلامكِ بي, أنهُ يجعلني أشعر بالحياة, وأني لي قيمة في هذا الكون , كما يجعلني أشعر بالقوة والثقة
مررت يدها على ذقنه التي بدأت بالنمو وقالت
-إذاً أنا قوتك ؟
قال وهو ينحني برأسه ليُقبل أطراف أصابعها
-أنتِ قوتي وضعفي
قبلت وجنتهُ ثم قالت
-وأنت قوتي فقط, لأني لا أعرف للضعف مكان بجانبك
إتسعت إبتسامة چيك إن كان هذا أصلاً مُمكناً ثم أخذ يدها مجدداً ليضعها على قلبه وقال
-هل ترين كيف ينبض بقوة, وسعيد بكلامكِ
-دعني أسمعهُ
وضعت آن أذنها على صدره لتسمع دقات قلبه التي تتسابق بتسارع وراء بعضها البعض, لتشعر بالأمان فجأة, وتمنت أن لا تتوقف هذه النبضات لأي سبب من الأسباب , لأنها لو توقفت ستتوقف معها نبضات قلبها كذلك .
بعد وقت قليل شعر چيك أن آن قد غفت, إنتظرها قليلاً وعندما لم تستيقظ, حملها ثم خرج من المنزل بعد أن أغلقه وفعل جهاز الحماية, ثم وضعها بالسيارة وقاد تجاه القصر .
______________________________________________________________________________