جيون جونغكوك: سجن الغراب

By kim_luna1

689K 37.1K 64.5K

《يلقبونه بالغراب، يقال أنه صاحب إبليس في قعر جهنم ثم لفظته النيران على شكل أرض جافة قاحلة...المشاعر؟!..لا مكا... More

00
01:الغرابي الغامض
02:سجينة الغراب
03: ومضات من الماضي
04: ليست سوى البداية
05: فرصة
06: لعبة المشاعر
07: مكر الغراب
08:من أنت؟
09: صراع الإخوة
10: أعطني حريتي
11: تجربة
12: بلا أجنحة
13: خدعة
14: لوسيفر
15: دموع الملائكة
16: غضب الغراب
17: زهرة الحب
18:نبضات القلب
19: عواصف و عواطف
20: الجريمة و العقاب
22 : عازف المزمار
23: البجعة السوداء
24: الحسناء و الوحش
25: أزرق و رمادي
26: همسة ولمسة
27: شبح الماضي
28: دفء الغراب
29: رياح عاتية
30:أشرق الحب
31: سهم كيوبيد
32: بداية اللعبة
33: الحقيقة المخفية

21: دم، عرق ودموع

18.5K 1K 2.5K
By kim_luna1

اتركي لي حبا أعيش به عندما ترحلين'

دعي لي شيئا أحاول حله في نفسي بعد مضيك بعيدا

لقد عشت قبل وجودك، سأعيش كذلك بعد رحيلك

لا تظني أنني سأواجه الدنيا وحدي

أنا في الواقع كنت أحارب دائما

وبعدك كذلك سأحارب'


"انهضي، بسرعة"

سحبها ثم نظر في عينيها بعمق كأنها آخر مرة

ذات أعين الربيع تسمرت في مكانها

يصعب عليها تجرع مجموعة من المشاعر المتضاربة في آن واحد

النظرة الجادة في سوداويتي الغراب تجعل صدرها يضيق و يفقد أنفاسه

تشعر بجسدها على حافة الانهيار كلما استرقت النظر لما خلف ظهر الحالك العريض حيث مجموعة الرجال تقترب أكثر فأكثر

كأن رائحة الموت تلاحقها وتدغدغ جيوب أنفها مسببة لأطرافها الارتعاش

"إياك أن تنظري للخلف"

"ها؟"

نظرت لوجهه ببلاهة حيث وقع كلماته أضحى ثقيلا على مسامعها وعقلها بالكاد يحلل ما يستقبله من أعاصير ذهنية

حينما قرأ الحالك علامات الهلع والصدمة على معالمها، تنهد بعمق ثم سحب ذراعها وهي فقط كالدمية تنساق خلف تحركاته السريعة

"ارتدي بسرعة"

كان قد تركها لوهلة ثم عاد حاملا معطفها بين يديه وحقيبتها أيضا ثم حثها على التقاطها

"ماذا سنفعل الآن؟"

عقل إيما لا زال مسجونا عند مشهد أولئك الرجال المسلحين

جل ما تفكر به هو هل سينجوان أو بالأحرى كيف سيفعلانها؟

لكن الغرابي كان خفيفا في تحركاته يفعل ما بوسعه لتجاوز هذا الفخ بسلاسة

الخوف بعينيها يشتته كثيرا وعدد الرجال يضغط على أوتار أعصابه فهو حرفيا لا يملك سوى مسدسا واحدا ورصاصات معدودة

سحبها مجددا تحت تساؤلاتها المتتالية التي انتهى بها الأمر دون أدنى إجابة من طرف الآخر

كان للمنزل باب خلفي يقبع في المطبخ قادها إليه ثم توقف لوهلة أمام جسدها الضئيل محدقا بملامحها المذعورة

"اسمعيني جيدا، فورما أفتح هذا الباب، اركضي بكل ما تملكينه من قوة، لا تستديري مهما حصل حسنا؟"

ظلت تحملق به بثغر منفرج وأعين جاحظة فورما مد ذراعه ناحية المقبض الحديدي حينها تشبثت بها بقوة

"مهلا، ماذا عنك؟"

"لا تهتمي لذلك، نفذي ما قلته فحسب"

ذات أعين الربيع لم تكن راضية أبدا بالإجابة التي تلقتها

هكذا بوجه هادئ وأعين ثابتة باردة كأن الحياة له لا تساوي شيئا فأعادت ذات السؤال

"ماذا عنك؟"

لمسة من الرقة غلفت سوداويتاه فورما وقعت عميقا داخل نظرة القلق بمقلتيها، ونبرتها الناعمة التي لانت فجأة

لم تحاول أبدا إخفاء اهتمامها بسلامته ولا رفضها لتركه وحيدا رفقة مجموعة من الرجال الذين لن يغادروه إلا وهو جثة هامدة

"سأشتتهم لبعض الوقت ثم ألحق بك"

"كلا لا يمكن، أنت ترمي بنفسك للموت، لنذهب معا"

وجد نفسه تائها حول كيفية التصرف مع عنادها في وقت صعب كهذا، قد يقتحمون المنزل في أي وقت حينها لن يتمكن أي واحد منهما من الفرار

سمعته يزفر بانفعال ثم أمسك ذراعيها سارقا كافة انتباهها نحو ثقبه الأسود

"سأكون خلفك"

كانت على وشك التفوه بما يعاند كلامه مجددا إلا أن المكان انفجر بضجيج عال جراء تحطيم باب المنزل الأمامي فارتجف جسدها بفزع ورمقت الحالك باستنجاد

الغرابي لم يهدرمزيدا من الوقت، سحب مسدسه مستعدا للدفاع وفي نفس الوقت يده امتدت لتفتح الباب وتدفع بالأخرى للخارج

"الآن، اركضي"

"كلا لن أتركك"

نفت والدموع تنهمر من مقلتيها وما زاد الطين بلة هو صوت إطلاق النار الذي صدح محطما طبلة أذنها، وقلبها أيضا، فغطت أذنيها صارخة بفزع

علم الغراب أن مكانهما بات مكشوفا لا محالة وقرع الأقدام صار قريبا جدا من المطبخ لكنها لا زالت هناك ترتجف أمام ناظريه كعصفور مبلل تعيق كل مخططاته لإرسالها آمنة هذا اليوم

اقترب منها مرة ثانية وقد أمسك ذراعيها يهزها ببعض القوة لعلها تستعيد صوابها وتتحرر من نوبة خوفها الشديد وبالفعل رفعت خضراءها المبللة نحوه بضعف

"قلت اركضي إيما، أركضي"

ضغط فكه بانفعال فاستسلمت أخيرا كونها أدركت أنها تعيقه فحسب

آخر ما رآه الغراب هو جسدها الذي يركض مبعثرا نحو المجهول ليستدير مقابلا باب المطبخ الذي تم اقتحامه بعنف

ذات أعين الربيع تهرول باكية دون سبيل معلوم

جل ما يكتسح رأسها هو انفجار الأسلحة من خلفها مسببا لأنفاسها الانهيار مع كل طلقة تصطدم بأذنها وفي كل واحدة تتساءل ما إن كانت روح الغرابي قد غادرت هذا العالم

وعلى حين غفلة بات الرصاص يتطاير في الخارج أيضا وقد كاد يغمى عليها حينما سمعت أحد الرجال يصرخ

"إنها هناك أطلق عليها "

علمت أنها باتت مكشوفة بدورها

ليس بوسعها سوى الصراخ ومقاومة ارتخاء ساقيها التي تحثها على السقوط أرضا و الاستسلام لخوفها

الرصاصات تسقط قريبا منها بعضها تمر محاذية لجسدها والبعض الآخر على بعد إنشات ضئيلة من قدمها

ظنت أنها النهاية فتباطأت سرعتها واختنقت أنفاسها وآمنت لأفكار الموت غير أن صوتا عميقا ونبرة خشنة اقتحمت مجالها مجددا لتستدير حيث ذو الهيأة المظلمة يركض نحوها مباشرة

جونغكوك وسع عينيه حينما توقفت تنظر إليه بين عبراتها المتساقطة فزمجر بحدة

"لا تستديري أسرعي"

لكنها ظلت متصنمة ترى الكابوس المرعب يمر أمامها بالمشهد البطيء، حيث الغرابي الذي ألقى بسلاحه أرضا حينما نفذت رصاصاته والرجال استمروا في استهدافهما دون رحمة كأنها وسط ساحة حرب حامية

جونغكوك بعدما أصبح خالي الوفاض ظل يركض في خط مستقيم لعل جسده يشكل حاجزا يمنع وصول الرصاص لصاحبة الخصلات العسلية

وما أشعل إحباطه أكثر هو وقوفها هناك غير قادرة على الركض والنفاذ بروحها رغم صراخه الكثير نحوها، كانت أول مرة تتجسد فيها معالم الفزع على محياه كانعكاس لدواخله

بين خضرائها المرعوبة وسودائه القلقة ظلت المسافات تتقلص تزامنا مع تشنج أطرافها والطنين الذي داهم رأسها كأنها محتجزة داخل هيكلها وهناك ما يقيد أعضاءها ويمنع الهواء عنها

لم تشعر سوى بذراعين قويتين تلتفان حول جذعها وتعتصرها بقوة ثم وجهها الذي اصطدم بمساحة صلبة تزامنا مع ثقل عظيم يدفع بها للوراء حتى اختل توازنها وسقطت أرضا

أنين متألم غادر ثغرها فور اصطدام ظهرها بالأرض القاسية بل والأسوء من ذلك هو الجسد الضخم الذي وقع فوقها تماما وسحق كافة عظامها

وجهها كان مدفونا بين طيات رائحة مألوفة تعلم صاحبها جيدا

يديها المتشبثة بصدره حاولت دفعه للأعلى قليلا حتى تحرر اختناق أنفاسها وتقاوم آلام ظهرها لكن الحالك كان مرتخيا تماما

تكاد تقسم أنه جثة لولا نبضات قلبه الصاخبة التي تضرب راحة كفها بحيوية

"شش لا تتحركي"

سمعته يهمس قريبا لكنها لم تقوى على الاستمرار دون هواء فرفعت رأسها قليلا تحرر رقبتها للأعلى مما جعل رأس الغرابي يسقط مباشرة داخل تجويف رقبتها فتسمرت متفاجئة من أنفاسه الدافئة التي لفحت بشرتها

"أنت تسحقني"

أفصحت عن ألم ظهرها كون يداه هناك تخترق جلدها بقسوة كأنها مسامير حديدية تنغرز بعمق

"ارخي جسدك وادعي الموت"

سمعته يهمس قريبا جدا من أذنها بهمس خامل متجاهلا ما قالته سابقا لكنها فهمت ما يرمي إليه عندما صدح وقع الأقدام قريبا من مكانهما فعملت أن الغرابي يستغل آخر بطاقاته لأجل إنقاذهما

"هل فارقا الحياة؟"

قال أحدهما فأجابه الثاني بكونه سيتأكد حالا

اقتربا من الثنائي بحذر حيث حاولت إيما جاهدا صنع ملامح مرتخية قدر الإمكان رغم تمسكها الشديد بثياب الغرابي خلف أنظارهم

الرجل صرخ بهما بضع مرات و قد منح الحالك ركلات قوية لعله يبرز ردة فعل إلا أنه لم يتحرك بمقدار ذرة

كأنه جثة حقيقية جاعلا من إيما تتفاجأ بدورها من براعته وقوة صبره العجيبة

"ماذا عنها؟"

كان من الصعب الوصول لإيما فهي مخبأة تماما أسفل جسد جونغكوك الضخم لذلك اكتفى الرجل ببضعة نقرات فوق وجهها وقد تحملت ذلك جيدا

"كلاهما ميتان"

"لنلتقط بعض الصور ونرسها للزعيم"

"ماذا سنفعل بهما؟"

"لنتركهما وحسب، هما ميتان بالفعل "

سمعت إيما محادثتهما بقلب منشرح وقد كادت تشهق بسعادة لولا تحكمها السريع بنفسها

أصبحت الخطوات تبتعد وظلت محافظة على هدوئها مقلدة الغرابي

ظنت أنه أدرى بمتى ينهضان ويكفان عن التظاهر ثم سايرته فحسب ريثما تستعيد انتظام أنفاسها وتتخلص من ذعرها السابق

لكن دقائق انتظارها طالت و بات الشك يراودها لتفتح عينها متسائلة بهمس

"أظن أنهم غادروا، هل سنظل هكذا؟"

لم تنل جوابا غير أنفاس الغرابي التي تضرب رقبتها كل حين فعقدت حاجبيها مضيفة

"لا أستطيع التنفس هكذا هلا رفعت نفسك قليلا؟"

مجددا لم تتلقى إجابة فارتابت من الوضع الغريب الذي يجمعهما

لا يعقل أن يترك لنفسه حرية سحقها أسفله دون رحمة، وبالنظر للأمر فعضلاته جميعها مرتخية كأنه في سبات عميق

"هل تسمعني؟"

تفوهت بما خطر على بالها دون تفكير فالإحساس الذي استوطنها يجعل نبضاتها تتبعثر و معدتها تتدهور بشدة

استمرت في التحدث إليه بينما نبرتها ارتجفت تدريجيا إلى أن حررت ذراعيها و باتت تهز كتفه بخفة

"إن كنت تتعمد ذلك فأنا لست في وضع يسمح لي بتحمل حقارتك"

"جونغكوك!"

"جونغكوك!"

صوتها غلفه الذعر وعقلها عجز عن الهدوء حيث ارتعشت أطرافها و ارتجفت أناملها

قربت يدها من وجنته تضرب فوقها برفق ثم انساقت أصابعها تتفقد نبض الحياة برقبته فتنهدت براحة حينما شعرت بضربات ضعيفة ضدها

"حمدا لله، أنت حي"

لم تفهم ما يحدث، أو بالأحرى عقلها حاول جاهدا رفض تلك الأفكار التي تصب جميعا في محتوى واحد وهو أن الغرابي قد أصابه مكروه حتما

ذهنها ينكر الأمر لكن يديها تتصرف عكس ذلك حيث أضحت تمررها ببطء فوق ظهره، مسحت على كافة الجهات بجفون منكمشة حتى انقطع نفسها لحظة لمسها لبقعة لزجة

إنها حتما إحدى اللحظات التي ستظل راسخة بين ذكرياتها وتسبب لها الكثير من الألم مستقبلا فبمجرد وقوع كفها هناك، صدر أنين ضعيف عن الآخر استشعرت ذبذباته تمر مباشرة إلى رقبتها

نظرت لراحة يدها وإذ بها مغطاة بسائل قاتم جعل دواخلها تنهار وخضراءها تدمع بحرقة

"يا إلهي، كلا"

"جونغكوك، افتح عينيك رجاء"

استمرت في صفع وجهه برفق مقاومة الغصة العالقة بحنجرتها

"أجبني أرجوك فلتصدر صوتا لو سمحت"

همست باكية بقلة حيلة، لا شيء يصلها سوى أنفاسه الدافئة

إلا أنها انتفضت فورما غادرت بضع أصوات غريبة حلقه أشبه بأنات مكتومة ثم وردها صوته المتقطع بنبرة ثقيلة كمن تم تخديره

"غ-ا-دري ب-سر-عة"

"حسنا سنغادر، سنفعل، تحمل قليلا فقط، أحتاج امم أحتاج لرفعك ستتألم كثيرا فلتصبر رجاء"

تبعثر حديثها وتشتتت أفعالها في محاولة صعبة لرفع الحالك و التحرر من أسفل جسده لكن قوتها المتواضعة فشلت عدة مرات عن دفعه وقد انتهى بها الأمر تزحف سطحيا حتى انسلت أخيرا غير أن جانب وجهه ارتطم بقساوة الأرض

"أوه آسفة أسفة حقا"

جثت على ركبتيها أمام جسده وحرفيا كانت شبه واعية بأقوالها وأفعالها كونها فقط مركزة بالذي يحتضر أسفل ناظريها

ألقت نظرة على جرحه عن قرب وقد كان ينزف بشكل سيء و المفاجأة أنه أصيب برصاصتين وليست واحدة فقط

غطت على فمها بصدمة، تتجرع حجم السوء أمامها وقد انهمرت عبراتها فورما وقعت على شحوب وجهه وعلامات الحياة التي تضاءلت حوله

"ساعدني يا إلهي، ماذا أفعل؟ جونغكوك استيقظ، حاول أن تفتح عيناك و تساعدني قليلا "

صارت تبكي فوق رأسه وأحيانا تهز جسده فازداد نحيبها عندما كان خاملا تماما

نظرت حولها ترى ما يمكنها فعله، فالتقطت هاتفها بارتجاف رغبة في طلب المساعدة إلا أنه لم يلتقط الإشارة

"لا يعمل، لا يلتقط اللعنة فحسب"

قضمت أناملها بضياع فما كان منها إلا أن حاولت قلب الغرابي بكل قوتها حتى نجحت في جعله مستلقيا على ظهره

أدركت أنها آلمته كثيرا بتلك الحركة فالحالك تأوه بعلو بعدما حدث احتكاك بين التربة الخشنة وجراحه الدامية

كان عليها فعلها، حتى تستطيع رفعه وسحبه للسيارة

"تحمل قليلا بعد، سأعود بعد قليل"

هرولت لسيارة الغرابي بعجالة حتى تقربها من مكانه ويسهل عليها سحبه للداخل غير أن الحظ لم يحالفها أبدا في تشغيلها

بعد كل الرصاصات التي تلقتها البارحة باتت معطلة كليا وإيما لم يسعها غير قضم شفاهها بقهر و إلقاء كافة الشتائم على حظهما التعيس

ها هي تهرول عائدة إلى موقعه بوجه خائب وتجثو أمام بنيته المستسلمة

كانت سوداويتاه متفتحة هذه المرة رغم ذبولها وشبه انغلاق جفنيه إلا أنه كان واعيا ينصت لتحركاتها و خطابها إليه حتى أنه جاهد للالتفات إليها والنظر لملامحها الباكية عن قرب

"السيارة لا تعمل، سأحاول التقاط إشارة الهاتف وأعود سريعا، اصبر أكثر حسنا؟"

"لا-تعودي"

عقدت حاجبيها حينما همس بثقل بالكاد تتبين مغزى كلماته

" قلت لن أتركك"

"اذهبي ولا تلتفتي للوراء هذه المرة،لقد انتهى كابوسك أيتها الفرنسية"

"كلا كلا لن أفعل لن أدعك تموت هكذا ببساطة"

نبرة إيما انحرفت لبكاء حزين كلما نطق بما أزعج خافقها بشدة ونفت باستمرار كلما رمش نحوها بخمول

"كنت تقولين أنني آذيتك ودمرتك و- وسلبت حريتك"

توقف يلهث متعبا ثم سعل بضعف عاجزا عن استكمال كلامه بعد نفاذ طاقته

"أنت حرة الآن و جراحك ستعالج نفسها "

تصاعدت شهقاتها الهستيرية بعدما أغمض عيناه فانحنت قرب وجهه واحتضنت يده بخاصتها مفزوعة من برودتها الشديدة

"انظر لنفسك لا زلت تستطيع التحمل ما دمت تتحدث هكذا، تحمل أكثر رجاء، حافظ على وعيك لو سمحت"

"اذهبي إيما، أنا لن أنجو"

"إنها فرصتك لتستعيدي حريتك"

نفس ضعيف زفره الحالك مستشعرا دفء كفها يغادره وطيفها يختفي عن مرأى عينيه حينما غادرته أخيرا

ابتسامة ضئيلة اعتلت ثغره ناظرا للسماء، ذات السماء التي احتضنت طفولته وذات التربة التي حملت سقطاته وهفواته الصبيانية ها هي ستحمل جثمانه قريبا

'وداعا أيتها الفرنسية'

"ساعدني يا إلهي، ساعدني"

تركض ذات أعين الربيع وسط الحقول دون وجهة

ساقتها قدماها نحو طريق مستقيم فاتبعته دون تفكير فقط صورة الغرابي الدامية تملأ ذهنها وتسيطر على حواسها كاملة

مهما ابتعدت هاتفها لم يلتقط الإشارة وبحق السماء لم تستوعب ما يجري فالبارحة فقط أجرت اتصالا طبيعيا واليوم لا يمكنها الاتصال بالشبكة

لأي مدى حظها سيء جديا؟

توقفت قليلا تستعيد أنفاسها و تتمالك بكاءها المستمر وقد اغتنمت الفرصة لاستنشاق بخاخها قليلا قبل الدخول في نوبة قد تزيد بشاعة الموقف

"إيما!"

قرعت طبول الفرح صدرها حينما رفعت رأسها لصاحب الهتاف العالي فوجدته الرجل العجوز من ليلة أمس

لقد كان قادما إليهما بطعام الإفطار حتى صادف ذات أعين الربيع تركض في حالة مزرية وأول ما سلب انتباهه هو إحدى كفيها الملطخة بالدماء

لوحت له بحفاوة مسرعة اتجاهه

"عم مين، ساعدني رجاء بسرعة أتوسل إليك"

"بنيتي ما هذا الحال؟"

تجاوزت أسئلة العم القلقة حول هيأتها المبعثرة ويدها المليئة بالدماء لتنتحب ببكاء متمسكة بيده

"جونغكوك مصاب وينزف بشدة، فلتساعده رجاء"

"مصاب؟ يا للهول كيف حدث ذلك"

"هاجمنا بعض الرجال، رجاء عمي لا وقت للحديث، حاول إحضار المساعدة، افعل شيئا هاتفي لا يعمل و السيارة معطلة"

رقت عيناه لارتجاف جسدها و شحوب ملمحها حينما ظلت تتوسل بهستيرية

"اهدئي بنيتي ورافقيني، سأساعدك حتما لكن التوتر لن يفيده علينا الاستعجال"

تبعته باستسلام مجففة دموعها بأكمام معطفها وكل ثانية تمر بمثابة دهر طويل

ركضت رفقة العم لمسافة لا بأس بها حتى بلغا منزلا صغيرا علمت أنه مسكنه الخاص ثم شاهدته يركب شاحنة كبيرة قديمة الطرازكتلك التي تستعمل لنقل الأشياء

أمرها بالانضمام له فورا ثم قاد مباشرة حيث يقبع الغرابي الجريح

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

"جونغكوك، لقد عدت افتح عينيك"

قفزت من الشاحنة مسرعة نحو الجسد المستلقي بوهن

وجدته أسوء حالا ببشرته التي فقدت لونها وشفاهه التي كستها زرقة مرعبة كأنه شبح ينتمي لعالم الأموات

حركت وجهه كثيرا لكنه أثار رعبها أكثر بانعدام ردود فعل ممكنة فظنت أنها فقدته وظلت تتفقد نبضه الضعيف بغير تصديق

"جونغكوك بني افتح عينيك يا ولدي"

الرجل العجوز بدوره اعترته مشاعر الخوف فلم يعتقد أن الغرابي في حال مزري لهذه الدرجة، اعتقدها إصابة بسيطة فجونغكوك لطالما كان بارعا في حماية نفسه

"لا يجيب، لا يرد ماذا أفعل؟"

انتحبت ببكاء بينما ترفع رأسه برفق ثم أراحته على حجرها

"هيا بنيتي لنحاول حمله معا للسيارة ولنسرع للمستشفى"

لحسن الحظ أن العم مين كان موجودا لمساعدة ذات أعين الربيع التي تملك تجارب سيئة مع الموت

فورما أردف بذلك استعادت صوابها ثم أومأت تتجهز بسرعة

"ل-ماذا عدت؟"

تفاجأت بهمسه الضعيف أثناء محاولتهما لرفع جسده الثقيل فتوسع بصيص الأمل عندها لتجيبه

"لن أدعك تموت، لا يمكنك الموت اليوم هل فهمت"

بالكاد التقط الحالك أنفاسه بين أنينه المستمر أثناء حملهما له

العم مين كان عجوزا هرما فقير الصحة وإيما ليست بتلك القوة حقا مما جعلهما يعانيان

بعد محاولات عديدة لتقرير كيفية فعلها انتهى بهما الأمر يعانقانه جانبيا، مجرد حمل ذراعه فوق كتفها جعل ذات أعين الربيع تكافح لتستقيم

"لا تلمس جروحه"

أردفت بلهاث للرجل بعدما أنصتت لأنين فحمي الشعر واستمرت في سحبه بصعوبة

جونغكوك كان شبه واع بما يدور حوله لكن أذنيه تلتقط جيدا كلماتها و تحركاتهم فحاول بما يستطيع من جهد أن يرفع نفسه قدر الإمكان ويخفف العبء

بعد خطوات أشبه بالجحيم بلغوا الشاحنة أخيرا فصعدت إيما في الخلف حيث المكان مخصص للبضائع و الأغراض بحكم أن العربة المتواضعة لا تمتلك سوى مقعدا يتيما بجانب مقعد السائق و هي غير مستعدة لترك الغرابي

ظل العجوز يسند جسده الضخم بصعوبة ريثما استقرت إيما ونزعت معطفها ثم خاطبته حتى يدفع بالحالك إليها

انتهى الأمر به مستندا بوهن على جدار العربة آنذاك تكلفت هي بالباقي واتجه العجوز للقيادة

"جونغكوك هل تسمعني؟ لا تنم حسنا، إياك أن تستسلم للنعاس"

قالت بينما تحاول صنع لفافة بمعطفها حتى تعيق النزيف لكن وصولها لموضع الرصاص صعب مما جعلها تسحب جسده لجانبها و تحتضنه بذراعها

الغراب أصدر همهمة ضعيفة حينما حط رأسه على صدرها وقد استشعر الدفئ المنبعث هناك يطرد الصقيع عن أطرافه المتجمدة

كانت رائحتها الناعمة تتدغدغ أنفه و ضربات خافقها الصاخبة تقرع بخفة أسفل أذنه مباشرة كأنها تحفز وعيه حتى يتشبث أكثر بالواقع

"آسفة علي منع النزيف"

أردفت باعتذار حينما ضغطت بيدها فوق ظهره و استشعرت تشنج جسده بين أحضانها

لكن الغرابي كان فقط مغمورا وسط حضنها الدافئ مستجمعا قواه ليتمتم كشخص نالت منه الثمالة والخدر

"ل-ماذا عدت أيتها الفرنسية، ل-قد حررتك؟"

خضراؤها الذابلة نزلت حيث جزء من سوداويتيه تحاول الارتفاع والالتقاء بها

"لطالما أردت حريتي، لكن ليس مقابل حياتك"

"لماذا؟"

رغم أن الآخر يستنزف طاقته بالكلام لكن إيما وجدت الغراب الثرثار فرصة جيدة حتى يحافظ على وعيه لذلك استمرت في مجاراة نبرته الخامدة

"ما الذي تقصده بلماذا؟"

"أنا لن أنجو لماذا تحاولين انقاذي؟"

لا تعلم لما شعرت بوخز مؤلم بداخلها آنذاك لكن مقلتيها تلطختا بالدموع مجددا لتنفي ماسحة على خصلاته الطويلة برقة ثم عدلت رقبته حتى يستريح في وضعيته أكثر

"ستنجو حتما، أنا متيقنة من ذلك"

لاحظت أن مداعبتها لرأسه جعلته يدفن وجهه عميقا بصدرها فاستمرت في فعلها بينما يدها الأخرى لا تزال تعيق النزيف باجتهاد بالغ

"أيتها الفرنسية"

"همم؟"

"لا تتعبي نفسك"

كان قد توقف لوهلة حتى يسعل بوهن ثم استعاد وتيرة حديثه المتقطع الخدر

"أنا عبارة عن مستنقع مظلم فحسب، أنا كالطوفان أدمر من حولي، لا يليق بي سوى السواد، دعيني أغرق به وحيدا ذليلا"

تصلبت أطرافها وتوفقت أناملها عن العبث بشعره

لقد كان يعيد ذات كلماتها إليه سابقا وكم كان مؤلما لها سماعها بتلك الطريقة مدركة أن بضعة حروف صدرت عن ثغرها قد أذته لدرجة نطقها بينما هو على وشك فقدان حياته

رغم أنها كانت نابعة عن ألمها و ما سببه لها من جراح وأذى عميق إلا أنها لم تسعد أبدا بسماعه يتلفظ بها أثناء مصارعته الحياة

"لا تثرثر كثيرا"

همست بغصة لعله يتوقف عن جعلها تمر بمثل هذه المشاعر المختلطة فقد شعرت بكونها شخصا حقيرا حقا ولو أنها قالت ما قالته لسبب وجيه ومقنع

تكره الاعتراف بالندم داخلها ولومها لنفسها كون كلماتها الجارحة هي ربما آخر ما سيتلفظ به الغرابي في حياته

"ها أنا ذا أغادر الحياة كما تمنيت دائما، لكن أيتها الفرنسية اعلمي أنني لطالما عشت هكذا"

عضت شفتيها بقهر فأغلقت محجريها مسقطة عبراتها لتنزلق فوق وجهه

"لا-تبكي"

"لطالما وقعت اللعنات فوق رأسي ولطالما عشت داخل مستنقعي القذر بلا عائلة ولا حب وسأموت هكذا وحيدا بلا دفئ، بين أحضان الصقيع"

لم تعلم ذات أعين الربيع أن دموعها انهمرت كالشلال ممطرة وجه الحالك

صارعت أنفاسها المختنقة وغصتها المؤلمة عندما مر شريط ذكرياتها باللحظة التي وقفت أمامه بشراسة تلقي عليه كلامها اللاذع و ترميه بأقسى أمنيات العقاب

حينها لم يكن داخلها سوى كره أعمى والآن لا تدري لما ذات الأحرف تحرق حلقها و تمزق قلبها

باشر فحمي الشعر بالتنفس بحدة فور انتهاء حديثه وقد أنصتت لاصطكاك أسنانه وارتجاف جسده البارد فعانقته لصدرها أكثر قائلة ببكاء

" شش هذا يكفي أنت تهدر طاقتك ارتح قليلا"

لمحت إحدى يديه الملقاة بإهمال فالتقطتها بسرعة محتضنة برودة جلده ثم شابكت أناملها بخاصته متمسكة بها بقوة

"أنت لست وحيدا، لن أدعك تموت"

في الدقائق التالية ظلت تصرخ متسائلة كم تبقى لبلوغ المستشفى والعم مين كان يطمئنها بكل ما يملكه من سبل رغم أنه يرتجف بدوره

الحالك على وشك فقدان الوعي تماما رغم محاولاتها الجبارة في إبقائه مستيقظا

فكرت مجددا في محاولة الاتصال مرة أخرى ولحسن الحظ تم التقاط الإشارة هذه المرة فضغطت على أول رقم خطر ببالها للاستنجاد

"مرحبا"

بلغها صوت أنثوي فعقدت حاجبيها بحيرة مستفهمة

"هوسوك؟"

"أوه تريدين هوسوك؟ أنا زوجته هو في الحمام، أوه لا عليك ها هو هذا"

سمعته بعض الهمسات قبل أن بلغتها نبرة هوسوك المشرقة

"إيما كيف حالك؟"

"هوسوك"

لم تتمالك صوتها من الانكسار مثيرة قلق المحقق

"ما بك إيما؟ هل تبكين؟ مهلا هل أصابك مكروه؟"

"لست أنا"

فترة من الصمت المريب مرت حيث لم يسمع فيها سوى أنفاس المحقق الهادئة و شهقات إيما التي انهارت حينما فقد الغرابي وعيه تماما

"من؟"

"جونغكوك، شقيقك مصاب هوسوك"

"ماذا تقولين؟ كيف حدث؟ أين أنتما؟"

والمزيد من الأسئلة الممطرة انهالت عليها من طرف هوسوك المفزوع

"مهلا، جونغكوك بخير أليس كذلك؟"

بكاء إيما من خلال الهاتف جعل المحقق يفقد صوابه وزوجته قد بان عليها القلق بدورها

"إيما قولي أن أخي بخير"

"لا أعلم هوسوك ليس بخير، هناك رصاصتان بظهره و قد نزف كثيرا، حاولت ابقاءه مستيقظا قدر المستطاع لكنه فقد وعيه تماما"

كاد يفلت الجهاز من يده لولا سونا التي تمسكت به بقوة مانعة سقوطه

أما المحقق فقد كان فاغر الفم شارد العينين كمن سكبت فوقه مياه مثلجة

"هوسوك هل تسمعني؟"

ضغطت سونا مكبر الصوت لتتحدث

"إيما، أنا سونا زوجة هوسوك، تحدثي معي، أين تتواجدان الآن"

سمعتها تسأل العم مين عن موقعهما ثم قالت من جديد

"نحن على وشك بلوغ مشفى صغير قرب قرية هانام، يقول العم أنه ربما لا يحتوي على تجهيزات ملائمة لانقاذ جونغكوك لذلك اتصلت لطلب المساعدة"

"حسنا عزيزتي تحملي قليلا سنأتي لك قريبا"

"أرجوكما أسرعا"

"سنفعل عزيزتي لا تقلقي"

"هوسوك إن كنت تسمعني افعل شيئا لانقاذ شقيقك، لا تتخلى عنه حسنا؟ لا يمكنك تركه وحيدا"

تعلم إيما أنه ينصت لما تقوله

إنه الوقت المثالي ليستغل منصبه ويأتي بمساعدة خاصة لجونغكوك

اليوم هو مجبر أن يكون جيون هوسوك الأخ الأكبر وليس مهرجا يسعى لانتقام مزيف من شقيقه الذي يفديه بروحه لو استطاع

أقفلت سونا الخط والتجأت لزوجها تخاطبه بانفعال

"تحرك هوسوك، ما الذي تفلعه؟"

"سونا"

انكسر صوته وذبلت عيناه فرقت نظرتها نحوه ثم سحبته لتجلسه على إحدى الأرائك

بدا محطما ومصدوما وخائفا كأنه يعيش كابوس يقظة

"استجمع شتاتك عزيزي، جونغكوك يحتاجك الآن، كن قويا"

مسحت على وجنته بحنان فامتلأت عيناه بالدموع الحارقة ثم سقطت بغزارة

"إنه جونغكوك، كيف يحدث هذا لأخي؟ لا يمكن أن أفقد أخي"

تألمت لحال زوجها وهي الأخرى بكت لألمه فجذبته لعناق دافئ حيث أحاط خصرها ودفن شهقاته بمعدتها لتربت على رأسه

"سيكون بخير"

"علي الذهاب، سأرسل أمهر الجراحين و أوفر كل المعدات لن أترك شقيقي للموت، لن أفقده"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊


الأوضاع لم تكن مثالية بمنزل عائلة هوانغ

مر الصباح بهدوء وسلام مع بضع أسئلة و مناقشات حول حماية أفراد العائلة

هوانغ كان قد شرح للجميع سبب تشديد الحماية الفردية لكل واحد بسبب التهديدات التي يتلقاها مؤخرا

حدثت بعض المشادات الكلامية بينه وبين شقيقته مي يونغ لكنها في النهاية خضعت لأوامره رغم كونها غير راضية بتشبث هوانغ العظيم بانتخابات قد تضع حياتهم في خطر

روني قد أبلغه مسبقا حول بقاء جونغكوك وزوجته بعيدا وقد أبقى مسألة الهجوم سرا كما طلب الحالك حتى أنه لم يفشي بمكانهما لأي كائن كان

قبل وقت قصير استلم هوانغ رسالة نصية من ذات الشخص المجهول تحتوي على جملة يتيمة:

'تعازي الحارة لك'

في البداية لم يستوعب المغزى وظل يتفقد النص ببلاهة

لم تمض سوى ثواني معدودة حيث توصل بمقطع مصور قصير تظهر من خلاله إيما وجونغكوك يفترشان الأرض حيث الحالك واضحة إصابته و لم تتبين أي ردة فعل عنه بعد الركلات القوية التي سددت له

فهم أنهما قد قتلا فأصابته الصدمة والهلع ليخرج صارخا بجنون مناديا على رجاله بينما يحاول الاتصال بهاتف الغرابي

هوانغ كان فزعا ومبعثرا كما لم يكن من قبل وبسلوكه الغريب جذب انتباه كل المتواجدين في المنزل من بينهم مي يونغ، هي سو وسومين

زوجته كانت أول مستجيب لحالتها حيث نزلت السلالم كالخرقاء

"ما خطبك؟ لما الصراخ؟"

"هي سو، لقد فقدنا جونغكوك"

ولأنه بدوره غير مستوعب للأمر، ظل يتمتم وبتلعثم بتفاهة بينما المرأة لم تتقبل ما سمعته واستمرت في الإنكار

"ما الذي تهذي به يا رجل؟ كيف سنفقد ابني؟ هو ليس طفلا حتى يظل طريقه"

"أقول فقدناه، لقد مات، جونغكوك مات يا هي سو"

وما يأتي بعدها لا يحتاج الوصف ولا يناسبه التعبير

المرأة المسكينة انهارت أرضا كورقة يابسة، نحيبها عم الأرجاء حتى خدشت حنجرتها، سومين تقابلت مع حالة والدتها المحطمة ولم تبدي ردة فعل أقل قساوة

انهارت هي الأخرى غير مصدقة للأقاويل التافهة حولها

لا يمكنها أن تخسر أبا و شقيقا أيضا

لا يمكن أن تسلبها الحياة أكثر من شخص

مي يونغ رغم جانبها الذي يكره الحالك حد الجحيم إلا أنها تعاطفت مع والدته كثيرا وكم فزعت من فكرة تلقي ولديها ذات المصير البشع

"ما الذي يحدث؟"

نايومي عادت للتو من نزهتها لتصادف الأجواء الثقيلة وقد انقبض خافقها بشدة من بكاء المرأتان بتلك الطريقة

عقلها مباشرة خمن بجونغكوك وبالفعل خالتها قد أعلمتها بالخبر السيء

"لا يمكن"

صرخت دون تفكير بخالتها مثيرة دهشتها

"لا لا لا هناك خطأ بالموضوع حتما"

هرولت نحو سومين تجذبها لتستقيم ثم هزت جسدها بعنف

"جونغكوك لا يمكن أن يموت، لا تصدقوا هذا الهراء"

ولأن الفتاة الصغيرة متعطشة لأدنى أمل ينعش قلبها المحروق وافقتها الرأي مباشرة و ظلت تعاند وتقاوم زوج والدتها

"مقطع الفيديو لا يعني شيئا، قد يكون مجردة خدعة رخيصة سأتصل بأخي"

كما توقع هوانغ تماما

هاتف جونغكوك يرن دون إجابة لكن سومين لم تستسلم وقررت الاتصال بإيما لعلها تبشرهم لكن إيما بدورها لا تجيب

"توقفي بنيتي لقد توفي كلاهما"

"أحضر لي ابني، حتى لو كان جثة بلا روح"

باختناق انتحبت هي سو قبل أن تتوسط أحضان زوجها ويربت على ظهرها بمواساة

بين الفقدان و الاستسلام خيط رفيع قد يتمزق بسرعة كلما ازداد هشاشة

في حين ظن الجميع أن المرأة تقبلت خسارة جزء من روحها، كانت هناك أطنان حمم حارقة تأكل جوفها و تدمر فؤادها كتعويذة شريرة تقتلها ببطء


◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊


"برفق، برفق رجاء"

تسير ذات أعين الربيع مرافقة السرير المتنقل الذي وضع عليه الحالك

وجدت طاقما طبيا كاملا باستقبالهم وقد خمنت أن هوسوك قد تكلف جيدا بالأمر

الحالك منفصل تماما عن الواقع يحركونه كما يشاؤون وإيما فقط تتبعهم دون وجهة حتى انتهى طريقها عند باب المركب الجراحي

اختفى الغرابي عن أنظارها تماما وظلت تائهة شاردة في ذات البقعة حتى أتى العم مين يواسيها ويسحبها للاستراحة على كراسي الانتظار

"سيكون بخير بنيتي، لنصلي لأجل سلامته"

"لقد رمى نفسه وسط الرصاص ليحميني"

لم تتحمل ذات المشهد الذي يعبث بذهنها كل ثانية ويتلاعب بأوصالها

"لا تفكري هكذا، أنت زوجته صغيرتي بالتأكيد سيحميك من سيحمي غيرك"

حركت رأسها بعنف لكلامه

لا يمكنها تحمل وفاة شخص بسببها

كيف ستعيش مع ذنب ثقيل يأكل روحها كلما استنشقت الهواء ؟

"إيما"

بعد وقت لا بأس به

بلغها صراخ مألوف صاحبه فانتفضت تسارع بخطاها نحو المحقق الذي داهم المكان كالمجنون

"أين شقيقي؟كيف حاله؟"

"لا زال في غرفة العمليات، لا أحد يبدي بأي معلومة عن حاله"

مسح على وجهه بانفعال وقد دار حول نفسه معنفا خصلاته السوداء

التحقت سونا به بعد وهلة حيث وجدته يتحدث للصغرى دون مراعاة لوضعها المزري

هوسوك نسي نفسه ظل يستجوب إيما ويلعن كل من أذى شقيقه مما جعل صاحبة الخصلات العسلية تضطرب أكثر فقالت ببكاء

"لقد كنا عائدين من الجامعة حينها لاحقنا بعض المسلحين، نجحنا في الفرار والاختباء بمنزلكم القديم بالقرية لكن رجالا آخرين هجموا علينا صباحا، حاولنا الهروب لكن عددهم كان كبيرا و أصيب جونغكوك حينها"

رق قلب سونا للشابة التي تختنق بين حروفها وبالكاد تستنشق الهواء وقد بدا من خلال عبوسها وشحوب ملامحها مدى سوء التجربة التي مرت بها

حينها تدخلت موبخة الأكبر بعينيها

"هوسوك، هذا ليس الوقت المناسب لذلك"

أشارت بحدقتيها لإيما التي تتمسك بصدرها بأيدي متشابكة فتنهد المحقق فورا بعدما غمرته الشفقة لحالها

"أنا آسف"

بهدوء جذب الصغرى لأحضانه مربتا على ظهرها فتصاعدت شهقاتها مجددا

"لا تجعله يموت رجاء"

"لن يموت، أخي قوي جدا لن يستسلم"

وبدورها سونا مسحت على خصلاتها محاولة طمأنتها بصوتها المهدئ

"لقد أرسل هوسوك أمهر الأطباء لأجله، سيكون بخيرعما قريب"

وبالفعل هوسوك وفر لأخيه طاقما بالغ الكفاءة حيث تم إرسالهم بطائرة مروحية منذ اتصال إيما

على أمل أن ينقذ شقيقه و يطفئ النيران المتقدة داخله خشية خسارته

طال بقاء الحالك في غرفة العمليات

هوسوك شكر العم مين كثيرا و أقنعه بالعودة لمنزله بينما سونا رافقت إيما طيلة انتظارها على الكراسي الباردة

"لا تبدين بخير أبدا لما لا نستشير طبيبا لأجلك"

"كلا أنا بخير"

تنهدت سونا بحزن لمنظرها فأنفاسها لا تبدو طبيعية أبدا

في الحقيقة إيما تركت البخاخ بمعطفها وهذا الأخير تم أخذه رفقة جونغكوك بعدما كانت تحاول جاهدا منع النزيف بواسطته لكنها غير مهتمة حاليا

"لما لا تذهبين للحمام إذن؟ اغسلي وجهك ويديك ثم عودي"

وافقت بعد تفكير عميق وتأمل طويل ليدها الملطخة بدماء جونغكوك

رفضت اقتراح الكبرى لمرافقتها وفضلت البقاء لمفردها بعض الوقت

نظفت يديها جيدا مراقبة تصبغ المياه بالأحمر بعد غسل أناملها فأصبحت تفركها بقسوة حتى اختفاء آخر قطرة

ثم توجهت لصفع وجهها ببرودة المياه التي جعلتها تتذكر أنامل الحالك المثلجة وعبارات وداعه التي أثرت بكيانها بشدة

تأملت انعكاس خضراوتيها الذابلتين فأخذت تمرر أناملها النحيلة فوق ملامحها الشاحبة وأهدابها المبللة تمسح قطرات المياه الممتزجة بعبراتها التعيسة

'لماذا تبكين لأجله إيما؟'

'لما فكرة وفاته ترعبك لهذه الدرجة؟'

شعرت بانقباضات ما خلف قفصها الصدري وتشوش بالغ يداهم رأسها

'ليس سوى شعور بالذنب، أجل، وجوده بحياتي ليس بتلك الأهمية'

'كل ما يحدث معي ما هو إلا رد فعل إنساني طبيعي'

'لكن أيعقل؟ أنا هنا أبكي لأجل الرجل الذي لطالما تمنيت له الموت قبل كل شيء'

بعد فترة قصيرة انضمت مجددا لسونا

وجدتها تمد لها حقيبتها قائلة أنها تركتها بشاحنة العم العجوز وهوسوك أحضرها بعدما أرسله لمنزله

تفقدت الصغرى هاتفها وإذ به منفجرا باتصالات كثيرة من سومين وواحد من تايهيونغ فعاودت الاتصال مباشرة بها

تفاجأت من صوتها الباكي و نحيبها المستمر فالصغيرة ظلت تسأل عنهما وعن شقيقها وهي لم تخفي الحقيقة

أخبرتها بحالته الحرجة ودلتها على مكان المشفى في انتظار التحاق بقية العائلة أيضا

"هل تحسنت قليلا الآن؟"

انتبهت للمرأة الجميلة التي تتفقد حالها كل وهلة بأعين ممتلئة قلقا فأومأت بخفة

"لم يكن الوقت مناسبا لأقدم نفسي، أدعى جانغ سونا زوجة هوسوك"

إبما قد خمنت هويتها من قبل لذلك أردفت مباشرة

"لقد حدثني هوسوك عنك مسبقا، شكرا لمجيئك رغم انشغالك بطفلكما"

"هذا واجبي عزيزتي، جوهان في الحضانة ثم إننا عائلة واحدة"

تأملت كلماتها بشرود

عائلة واحدة؟

مصطلح ذو وقع غريب على أذنيها كونها غير معتادة على كونها حقا زوجة الغرابي

رغم علاقتهما المزيفة و الخدعة الخبيثة خلف ذلك الزفاف

إلا أن ذلك الزواج لا زال حقيقيا وقانونيا مهما كانت الأسباب القابعة خلفه

المرأة بجانبها هي زوجة المحقق، أي أنهما متزوجتان من شقيقين

هما حقا عائلة أو على الأقل هذا ما يفترض أن يكون

لولا الإعاقة التي تتخلل ثنايا هذه العائلة المختلة

انضم بقية الأفراد بعد ساعة ولا زالت أخبار الغرابي منعدمة

اللقاء بين هوانغ وهوسوك لم يكن بتلك الروعة لكن سونا عملت كمهدئ بارع للمحقق تذكره كل ثانية بسبب تواجده هنا ووضع شقيقه السيئ فيتراجع عن فكرة الانقضاض واقتلاع رقبة هوانغ

كان مقتنعا أن كل المصائب قادمة من طرفه

تمنى خنقه حتى الموت إلا أنه اكتفى بإرسال شرار حارق عن بعد

سومين احتضنت إيما مباشرة تعبر عن مشاعرها الخائفة و كم اطمأنت لسماع صوتها بعدما اعتقدت أنها لن تراهما مجددا

وفي نفس الوقت تعرفت على سونا و جلست رفقتهما في انتظار أخبار عن شقيقها بفارغ الصبر

"كيف حال ابني؟"

هرع الجميع نحو الممرضة التي خرجت أخيرا من الكهف لكنها تجاهلت كافة الأسئلة

"لا يمكنني الإدلاء بأي تقرير حاليا، لكننا نحتاج للمزيد من الدماء و قد نفذت من عندنا، أمن متبرع؟"

تطوع هوسوك فورا كون فصيلته تطابق الجميع ثم لحق بالممرضة

أما هي سو فظلت تنتحب و تلوم الجميع لعدم تفوههم بكلمة وإشعالهم حرقتها أكثر

من الواضح أساسا مدى خطورة وضعه

الجراح خرج مرهقا بعد دهر من الانتظار لكنه وفر متسعا من الوقت لشرح حالة الغرابي قائلا للمتجمعين حوله

"حسنا، الوضع صعب قليلا فالمريض مصاب بطلقين ناريين، نجحنا في استخراج الرصاصات إحداها أسفل الكتف و الثانية قريبة من العمود الفقري لحسن الحظ لم تصب أيا من الكلية أو القناة الفقرية وإلا أصبح الوضع أكثر تعقيدا"

"ابني سيعيش أليس كذلك؟"

"لقد فقد الكثير من الدماء قبل وصوله لذلك سنبقيه تحت العناية المركزة لبضع ساعات وسنقرر حالته مباشرة بعد استيقاظه"

فهموا من الطبيب أن وضعه لا زال خطيرا وطيف الموت لا زال يحلق حوله فأصابتهم الكآبة ثانية و توسطوا الكراسي باستسلام مرة أخرى

سو مين لاحظت اضطراب إيما وصدرها الذي يعلو ويهبط بطريقة غير طبيعية فباغتها القلق لأجلها

"إيما هل أنت بخير؟"

جذب السؤال انتباه الآخرين لينظروا نحوها بحزن

لا بد أنها عانت الكثير

"ليس تماما"

استسلمت ذات أعين الربيع مستشعرة احتياجها الشديد لما يهدئ أنفاسها

سرعان ما هرع هوسوك لمناداة أحد الأطباء المتاحين وتم نقل إيما لغرفة خاصة تتلقى فيها العلاج و تنال قسطا من االراحة

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ǀالسادسة مساءǀ

ظل جونغكوك بالعناية المركزة بضع ساعات

أثناء ذلك هوسوك أعاد زوجته للمنزل لأجل طفلهما ثم عاد أدراجه للمشفى ينتظر خبر استيقاظ الأصغر

إيما غفت قليلا بفضل قناع الأوكسيجين والأدوية التي ساهمت في تحسين حالتها ولم تبارح سومين جانبها بعد أن أخبرهم الطبيب أن ذات أعين الربيع تعرضت لانتكاسة ربو تتطلب الكثير من الراحة

أما هي سو وزوجها استمرا في الانتظار بلهفة وقد انضمت لهما نايومي أيضا

لم تتمكن من البقاء بالمنزل مثل خالتها وسرعان ما استسلمت لرغباتها في زيارة الغرابي

الطبيب منح الإذن لشخص واحد بالدخول عند الغرابي بعد تنفيذ بضعة شروط متعلقة بالوقاية لكن هوانغ وجد طريقا ليرافق زوجته أيضا بعدما بدا هوسوك غير عازم على زيارة شقيقه

ارتدى الزوجين الألبسة الواقية ثم دلفا الحجرة حيث يقبع جونغكوك مستلقيا بينما تتصل به مجموعة من الأجهزة ذات الأسلاك المترابطة

وجهه فقط يبدو متحررا من أي آلة كون تنفسه ظل سليما بعد العملية

هي سو لم تتحمل رؤية فلذة كبدها في وضع صعب كذلك فانفجرت باكية بأحضان هوانغ الذي يحدق بحزن

"جونغكوك، طفلي، استيقظ حبيبي لا تحرق قلب والدتك عليك أكثر"

انتحبت قرب رأسه ثم داعبت خصلاته برقة

"أحبك صغيري، لطالما أحببتك لكنني كنت أما سيئة لك دائما، لا تعاقبني برحيلك، فلتكرهني و تجاهلني وانظر لي بعينك الحادة لكن لا تتركني أبدا حسنا؟"

"كن قويا لأجلنا بني"

أضاف هوانغ بدوره ثم استلم هي سو التي استندت على صدره تتجرع مشهد طفلها المريض بانكسار وأخد يربت عليها في محاولة لمواساة قلبها المرهق

بعد ضجتهما الصغيرة فوق رأسه

تحفزت حواس الغرابي وبات يشعر بما حوله تدريجيا لكنه لا زال مشوشا وشبه واع

مجرد حروف متقطعة غادرت حلقه بصعوبة

"إ-يما"

قفزت هي سو من مكانها بصدمة

"هل سمعته؟ لقد تحدث للتو"

"أعتقد ذلك"

تفحصاه بحيرة ما إن كان حقا تحدث لكنه أعاد بذات الصوت المكتوم"

"إي-ما"

توسعت ابتسامة والدته حينما تحققت شكوكها فاقتربت بلهفة

ظنت أنه ينادي بأمي لتشابه الأحرف وكم سعدت لأنه تعرف على صوتها واستجاب لبكائها

قربت رأسها منه قائلة بحنان

"نعم يا حبيب والدتك؟ أمك هنا صغيري ولن تتخلى عنك مطلقا"

ورغم حديثها جونغكوك في الحقيقة لم يكن يستوعب معظم حروفها كونه لا زال مشوشا، هو حتى لا يدري من بجانبه ولا زال في طور الاستيقاظ

"إيما"

همس مجددا فتقلصت ابتسامة المرأة لتندثر تماما بعدما ظل يكرر ذات الاسم

كم آلمتها خيبتها لكنها ارتاحت لكونه بخير أكثر من أي شيء

"لا تقلق، زوجتك بخير"

بشرت هي سو الطبيب بالخبر السعيد فذهب ليتأكد بنفسه ويجري بعض الفحوصات ثم عاد محملا بمزيد من الأخبار وهي أن الحالك قد تجاوز مرحلة الخطر نهائيا

روح جديدة بعثت داخل هوسوك و سومين حيث زينت الابتسامة أفواه الجميع

"سنبقيه تحت المراقبة لأيام أخرى ثم سنقرر موعد تسريحه"

تلقى الطبيب شكرا وامتنانا حارا من الجميع فتذكر أمرا آخر

"بالمناسبة، من تكون إيما؟"

تفعلت حواس صاحبة الخصلات العسلية التي كانت واقفة بصمت تترقب الجديد بعدما تحسنت أحوالها

فلقد تفاجأت من اسمها يغادر فم الرجل دون سابق إنذار لكنها أشارت لنفسها كونها صاحبة الاسم المعني

"أنت هنا إذن، لا بأس إن دخلت عنده قليلا، لا يكف عن ذكر اسمك"

ابتلعت ريقها بثقل مندهشة مما تسمعه والأكثر من ذلك نبضاتها التي استيقظت وثارت على حين غفلة مسببة لروحها الارتباك

إنه مجرد اسم

ما المميز في الموضوع حتى ؟

"حسنا"

لو رأت فقط زوج الأعين الحارقة التي اخترقت هيأتها كنصل مسموم

ليتها شعرت بقنبلة الحقد التي انفجرت خلفها متوعدة بمستقبل ومصير أسود لصاحبة الوجه الملائكي

لسارقة حبيبها الوهمي


◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊


ارتدت ذات أعين الربيع ذات الملابس المعقمة كالتي قدمت لهي سو وزوجها ثم دلتها إحدى الممرضات على غرفة الحالك وتركتها بعد توصيات كثيرة بقضاء أقصر وقت ممكن

أصبحت وسط القطعة ذات الجدران الناصعة

لا شيء يسود هناك سوى نغمات منتظمة صادرة عن الأجهزة الطبية

أول ما لفت انتباهها وسرق اهتمام مقلتيها هو ذلك الجسد المألوف أسفل الأغطية البيضاء

اقتربت ببطء تتأمل ملامحه المسالمة وهو نائم بعمق ، صدره العاري يعلو ويهبط بوتيرة هادئة كأنه شخص آخر تماما

من الصعب التصديق أن ذات الوجه الملائكي المرتخي كريشة خفيفة وناعمة قد يحمل أشواكا تلسع بحدة

استقرت فوق رأسه لبعض الوقت تنظر بشرود وعلى ما يبدو فالغرابي يغط في سبات عميق حاليا

لا بد أن تفوهه باسمها لم يكن سوى هلوسات بسيطة ناتجة عن مفعول التخدير بجسده

لكن لماذا هي بالذات ستحتل جزءا مهما من عقله لدرجة ذكرها أثناء هذيانه أيضا؟

انجرفت داخل أفكارها و تساؤلاتها التي لم تجدها منطقية البتة إلا أنها غير قادرة على دفعها أيضا

لا يسعها سوى الاستفهام مرارا وتكرارا

هل هي مهمة لدرجة رمي نفسه وسط الهجوم؟

هل روحها غالية أم أن خاصته رخيصة للحد الذي صنع من جسده الخاص درعا لحمايتها دون تردد؟

وقبل أيام غادر وسط عاصفة مميتة لجلب الدواء لأجلها

لما عساه يضحي لأجل فتاة نكرة كان قد أراد الانتقام منها ثم انتهى به الأمر عالقا معها بسبب خدعة قذرة من تدبير شخص حقير؟

اضطربت ملامحها فجأة وهي تتأمل تقاسيم محياه بتمعن

ثم انقبضت أطرافها وغزا المغص معدتها لأنها استوعبت للتو نبضات خافقها المختلة

فوضعت كفها أعلاه بريبة تستشعر القرع الصاخب هناك

"لماذا ينبض بهذه الطريقة؟"

همست بضياع فهذه أول مرة تعيش فيها إحساسا مماثلا، ضربا من الجنون عصف بكيانها على حين غفلة

رفعت يدها الثانية تمدها للأمام بحذر و بلطف شديد هي وضعتها فوق صدر الحالك، مباشرة فوق نبضاته المنتظمة كأن قلبه يخفق بين أناملها

جفونها أغلقت لوهلة تاركة كافة التركيز لحواسها

قارنت بين الضربات المتوازنة أسفل كفها الأولى و الطبول التي ازدادت قرعا خلف قفصها الصدري حينما لمست دفئ جلده

سحبت ذراعها بفزع كأنها تلقت صعقة كهربائية مؤلمة ثم فتحت ثغرها محركة رأسها بجنون

'لا يمكن'

لم تتقبل حقيقة كون قلبها كان الأصخب والأكثر صنعا للضجة

لماذا يحدث لها ذلك الآن؟

بل الأهم لماذا شعرت بذلك لأجله؟ لأجله الشخص الذي أذى روحها بشدة ؟

'استيقظي كيم إيما، عقلك مشوش وحسب، هذا كل ما في الأمر'

انتهى الأمر بذات أعين الربيع مسرعة نحو الخارج

أناملها المتوترة نزعت الرداء ثم ألقت به في مكانه المخصص

لا تعلم مما كانت تهرب فالأفكار التي أثارت ما بداخلها ملتصقة هناك ومهما حاولت تجاهلها ستظل موجودة

أثناء عبورها لبوابة الجناح ،اصطدمت فجأة بشخص ما مما أعاد إليها صوابها فاعتذرت فورا

"آسفة"

"بماذا سينفعني أسفك اللعين؟"

تعرفت للتو على صاحبة النبرة القاسية

كانت نفس الفتاة التي تقطن بمنزل هوانغ، لا تتذكر اسمها لكنها تتذكر الموقف الغريب الذي جمعهما في المطبخ

استغربت من نظراتها الحاقدة نحوها بل نبرتها الغاضبة و تصرفها العدواني فجأة فعقدت حاجبيها بحيرة

"عفوا؟"

"بسببك حدث هذا لجونغكوك"

"هل أنت مجنونة يا هذه؟"

رمقتها صاحبة الخصلات العسلية بسخط

من تكون لتخاطبها بوقاحة هكذا ومن منحها الإذن لاختراق مساحتها الشخصية؟

"صدقيني لم تري الجنون بعد، جونغكوك لم يتعرض للأذى بحياته حتى دخلتها أنت، أقسم أنني سأجعلك تندمين لكل قطرة دم غادرت جسده"

انكمشت ملامح الصغرى بألم حينما شدت نايومي على ذراعها بعنف بينما تلقي تهديداتها بأعين شيطانية

لم تتحمل إيما إهانتها بتلك الطريقة فأزاحت قبضتها عنها مستعينة بذات الأسلوب العنيف

"اسمعي ياهذه، مهما كان همك إياك والسماح لنفسك بلمسي مجددا حينها صدقيني لن أرحم أناملك الهشة و سأكسرها دون شفقة"

ثار جنون نايومي أكثر وفقدت أعصابها مزمجرة بوجه الأخرى

"لن أتركك تنعمين بالراحة ما حييت، لن أهدأ حتى أستعيد ما سرقته مني، جونغكوك ملكي وسيظل كذلك إلى الأبد"

أخيرا حصلت إيما على جواب مناسب لضرب الجنون الذي تفتعله هذه المرأة

رسمت ابتسامة جانبية صغيرة على ثغرها ثم رمقتها ببرود

"أوه فهمت الآن، تقولين أن جونغكوك ملكك؟"

"أجل ، لطالما كان خاصتي"

تصنعت تعابير متفهمة حيث أومأت برأسها كأنها تتضامن مع مشاعر نايومي وكلامها الوهمي

"استعيديه إذن"

"سأفعل"

"حظا موفقا"

تركتها خلفها واقفة كالقنبلة الموقوتة

نايومي ظلت تتوعد لإيما بالكثير بعدما كشفت أوراقها أخيرا

الآن لن تضطر لتصنع اللطف أمامها

نايومي نسيت شيئا مهما أو ربما لم تفكر به أساسا وهذا ما قصدته إيما بحديثها

لا يمكن للمرء أن يستعيد ما ليس ملكه من الأصل

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊


ǀالخامس والعشرون من ديسمبر- الرابعة مساءǀ

حافظ الأطباء على جيون تحت المراقبة المشددة ليومين متتالين

أثناء ذلك ظل الحالك نائما باستمرار بفضل المهدئات التي تم حقنه بها كل فترة حتى لا يستعيد وعيه مباشرة ويضطر لتحمل ألم فظيع فالعملية كانت صعبة جدا

واليوم هو استفاق أخيرا كما أفاد الأطباء

اجتمع الجراح المسؤول بهوانغ وزوجته ثم التحقت بهم إيما بعدما أقلها روني من الجامعة

أخبرهم أن على الغرابي أن يظل بالمشفى لبضعة أيام أخرى وقد لهم تقريرا مفصلا عن حالته كما سبق وأن شرح لجونغكوك شخصيا

ما جذب انتباههم كثيرا وما أحرق قلب هي سو بشدة أن صغيرها لن يستطيع ممارسة حياته بطبيعية لمدة معينة

فالرصاصة بظهره ستعيقه عن السير منفردا لوهلة و سيتطلب منه الأمر ترويضا كثيرا حتى يستعيد حركته العادية

في النهاية هم استلموا كافة المعلومات بدقة ثم اتجهوا لزيارته بغرفته

إيما لم تكن راضية تماما وظلت عابسة كون هوسوك ظل منتظرا بالخارج طوال الوقت كشخص غريب ورفض كل محاولاتها لجعله يزور شقيقه

فورما دلف الثلاثة للداخل قابلهم وجه روني الفارغ

ثم أخيرا رحبت بهم سوداويتا الغراب الحادة

كمن لم يكن على بعد إنش من الموت

الحالك يجلس مستندا على عدة وسائد ناعمة، ومن السهل التخمين أنه استعاد هالته المظلمة منذ فتح عينيه فأول من استدعاه لحجرته هو روني

الاثنان يملكان حديثا مطولا عن شخص مجهول حاول الغدر به ثلاثة مرات وفي كل مرة يفلت من قبضته كجرذ متخفي

روني تراجع للخلف مفسحا المجال لهي سو التي هجمت على طفلها معانقة رقبته بشوق وقد تركت لعبراتها عنان الانزلاق والهمس بمشاعرها الدفينة

بين أحضانها الدافئة ظل فحمي الشعر هادئا فقد ينظر عبر كتف والدته لوجه معين

كيف لحضن والدتك أن يمنحك الألم والبرودة ؟

جونغكوك لم يدرك معنى الحضن الحقيقي الدافئ حتى وقع بين ذراعي ذات أعين الربيع

كيف احتوته بجسدها الهزيل وحملته بقوتها الضئيلة

كيف بكت لأجل حياته كأن حياته حقا ذات قيمة فعلية

كيف مسحت على خصلاته و أزاحت عرق جبينه

كيف احتضنت برودة أنامله و همست له بالبقاء

لقد تذكر كل ذلك بمجرد أن استعاد وعيه وظل يسأل نفسه باستمرار

كيف لامرأة ألحق بها كل ذلك الأذى أن تمنحه كل ذلك الدفء وهي لم ترى يوما سوى جانبه الأسود ؟

كيف لقلب شخص غريب أن يرق لأجله بينما والدته لم تريه ذرة حنان حينما كان في أمس الحاجة له؟

كيف لامرأتان تجمعهما ذات الخصائص أن يحملا كل هذا الاختلاف؟

كيف لقلب أن يولد نقيا و يظل متمسكا ببريقه حتى لو سقط داخل مستنقع أسود؟

"حمدا لله على سلامتك بني"

ربت زوج والدته فوق كتفه بابتسامة لطيفة وبالطبع لم يكلف نفسه عناء ردها

أما إيما فظلت تشاهد بصمت والتقت عينيها بثقبه الأسود لمرات عديدة وفي كل مرة تتسمر حائرة من نبضاتها المتسارعة

هي سو ثرثرت كثيرا فوق رأسه وفي النهاية حملت نفسها وغادرت رفقة زوجها بحجة منح الأصغر بعض الراحة و الخصوصية رفقة زوجته

ظل الاثنان يتشاركان هواء الغرفة رفقة روني القائم بينهما كمزهرية حجرية

شعر وكأنه وسط لعبة أطفال

من سيكسر اللعنة ويتحدث أولا ؟

"فلتحضر ملابسي ثم تكلف بأمر خروجي"

أومأ روني بسرعة حينما توجه الخطاب إليه أولا

لكن صوت إيما صدح أخيرا حينما قالت بانفعال

"ما هذا الهراء؟"

"لماذا؟ لا يعجبك؟"

رفع الحالك حاجبه بسخرية يجعلها ترمقه بسخط

ها قد عدنا مجددا

"أوه سيد جيون، لا تتصرف هكذا وإلا ظن الناس أن الرصاصة أصابت رأسك وليس ظهرك"

"اذهب روني"

تجاهلها بحقارة فحدقت بوجهه بدهشة

هل سيخوض في تلك اللعبة حقا؟

حسنا إذن

"لا تذهب"

توقف روني في المنتصف ناظرا ببلاهة ليتلقى نظرة حارقة من جونغكوك كأنه يذكره بكونه الرئيس هنا وكلامه هو المسموع

"لا تتدخلي، ليس من شأنك"

"كلا لم تحزر، لم أحطم عظامي وأنا أحملك ولم ألمس دماءك بيدي العارية حتى تفتعل هذا الجنون قبل استكمال علاجك"

"هل طلبت منك حملي؟ هل أجبرتك على لمس جراحي و النحيب فوق رأسي؟"

"هل كان علي تركك للموت إذن؟"

نبرتها علت قليلا كدلالة على انفعالها والحالك حافظ على هدوئه يشهد امتعاض ملامحها

"لماذا؟ هل حياتي بتلك الأهمية؟"

ابتلعت الصغرى ريقها مشيحة بوجهها بعيدا ثم احتضنت ذراعيها لصدرها لتخاطب روني بغير اهتمام

"أتعلم؟ نفذ ما يقوله سيدك رجاء أخرجه من هنا وفي طريقكما امنحا زيارة للجحيم"

عدلت غرتها بأناملها بغرور ثم حملت نفسها مغادرة بخطى معتدلة قبل أن تتوقف متذكرة أمرا مهما

حينها انبثقت ابتسامة عريضة على وجه روني كونه على علم بما يجوب فكرها الآن

روني من سيقلها لذلك هي مجبرة على الانتظار و المغادرة رفقة الغرابي

"ما المضحك روني؟ ها؟ أتراني أقيم عرضا بهلوانيا؟"

نفى المعني برأسه بسرعة محاولة كتم ضحكته عن طريق زم شفتيه

لكن تعابيرها و كلامها اللطيف بنظره لا يساعدانه أبدا

كيف سيتغلب روني على جنون إيما المضحك إن كان الغراب بضخامة شأنه وهيبته قد فقد السيطرة وانفلت شبح ابتسامة عن ثغره

"أي جحيم تفضلين أيتها الفرنسية؟"

"très drôle n'est ce pas? "

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊


بينما هناك في مكان بعيد

بين أسوار حمامات الجامعة تقبع شابة حسناء بحجرة ضيقة

وحيدة

منهارة

محطمة الفؤاد

تنظر لما بين يديها بأعين محمرة وشهقات مكتومة تمزق حلقها

"ماذا أفعل؟ يا إلهي لماذا؟"

انتحبت ضد كفها التي تغطي ثغرها ومقلتها لا تفارق الخطين المتوازيين باختبار الحمل السريع

الشابة عانت مؤخرا من غثيان صباحي مهول ودوار فظيع كل فترة

أحيانا تشعر بتقلبات مزاجية حادة جعلتها تفكر بكونها تعاني من مرض نفسي ما حتى أنها استشارت اختصاصيا في المجال والذي أكد سلامة صحتها لكنه أشار لأمر كان قد غفلت عنه منذ البداية

لقد أصبح كابوسها حقيقة

اختبار الحمل إيجابي وبالنظر للأمر هذا هو التفسير المنطقي المناسب لحالتها

لم تدري ماذا تفعل

فتاة في الثامنة عشر بالكاد أضحت بالغة ولا زالت تتعثر في طريقة وغير مستعدة تماما للتخلي عن أحلامها

شعرت بالضياع الشديد و لامت نفسها لخطأ فادح سمحت لنفسها بارتكابه كشخص طائش منعدم المسؤولية

"سومين، المحاضرة الثانية على وشك البدء ألم تنتهي بعد"

جففت دموعها بسرعة ثم استنشقت بعمق متصنعة القوة

"حسنا قادمة"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

"أتدري بماذا تذكرني تصرفاتك؟"

أردفت ذات أعين الربيع بسخرية وهي تشاهد الغرابي الذي يحطم رأس روني بمتطلباته السحرية

الآخر ساعده لارتداء ملابسه والآن يحاول إقناعه بالجلوس على الكرسي المتحرك حتى يسهل عليه أمر تنقله للسيارة

لكن الحالك يعاند بقوة

رغم طراوة جروحه إلا أنه متمسك بالسير على قدمه

لقد ضرب كلام طبيبه عرض الحائط رغم محاولات هذا الأخير في جعله يخضع لنصائحه

لكن الطبيب من خضع في نهاية المطاف وتركه يغادر مع توصيات كثيرة تلقت إيما معظمها كونها "زوجته"

روني يتوسل لها بعينيه ووجهه يروي معاناته دون الحاجة للسانه

وفحمي الشعر تجاهل كلماتها ببرودة

"أنت تشبه الجمل العنيد"

روني وسع عينيه

لقد أراد إقناعه لا إثارة غضبه

"روني، اسبقنا للسيارة"

"لكن...."

"لا بأس افعل ما أقوله"

تنهدت بعد مغادرته ثم اقتربت من الحالك قائلة بنبرة هادئة

"كف عن منح الرجل المسكين وقتا عصيبا"

"أنا لست مقعدا لأجلس على هذه اللعنة"

"وما خطب المقعدين؟ ما العيب بالأمر"

ظل صامتا حينها

"هذا الكرسي لا يقلل من رجولتك ولا من كرامتك، ثم إنك ستستعمله لوقت قصير ريثما استعدت عافيتك"

حينما لم تجد ردا إيجابيا تنهدت بقلة حيلة

"ماذا عن استعماله مرة واحدة فقط، وبعدها لن تراه مجددا حسنا؟"

بأعجوبة استسلم متخليا عن عناده المبالغ فدفعته إيما إلى أن استقبلها روني المتفاجئ أمام السيارة

ولم تندهش أبدا حينما رفض يد المساعدة لأجل النهوض و الدخول للسيارة لكنها ضاقت ذرعا من تصرفاته الصبيانية

أمسكت ذراعه تلفها حول كتفيها ثم أسندته بقوتها المتواضعة حتى يتحرك بعدما أرسلت له نظرات حارقة ليقفل فمه وقد انضمت للمقعد بجانبه بعد ذلك

"منذ متى المرض كان عارا على صاحبه؟"

تمتمت أثناء الطريق بملامح ممتعضة

"ليس الجميع ولد بملعقة من فضة وليس الجميع يملك رفاهية المرض والدلال"

"حقا؟ من صاحب هذه الفلسفة الغبية؟ أهو جدك؟"

"راقبي لسانك كيم إيما، أراه يحلق بعيدا مجددا"

رغم نظراته الشرسة ونبرته الخشنة وجدت نفسها ممنعة تماما ولم تتحرك ذرة خوف داخلها

"إن لم يعجبك لساني تفضل وانتزعه، لا داعي لأدلك على مكانه"

سعلات مختنقة صدرت عن القابع بمقعد السائق

عقل روني حلق بعيدا بقذارة وقد احمر كامل وجهه عندما سمع ما تفوهت به بعفوية

إيما نظرت حولها ببلاهة غير مستوعبة لانقلاب الأجواء فجأة

ظنت أن الحالك سينهرها مجددا لكنه صمت هو الآخر فقط سوداءه معلقة على شفتيها بنظرة داكنة وعميقة قبل أن يصنع اتصالا خاطفا بخضرائها و يستدير متأملا الطريق

تلقى جونغكوك استقبالا حارا من عائلته عدا شقيقته التي بدت ذابلة ، هي اكتفت بكلمات معدودة ثم غادرت لغرفتها فورا

مي يونغ رغم تعاليها وتكبرها الراسخ أجبرت نفسها على استقباله مع الجميع

لكن هي سو كانت الأكثر سعادة والأكثر امتنانا لعودته سالما

"اذهب بني لترتاح بغرفتك وغدا ستأتي ممرضة خاصة للاعتناء بجراحك ومساعدتك على الحركة"

كانت تلعب دور الأم المثالية بإتقان لكن الحالك خرب فرحها كاملا حينما هسهس بحدة

"لا أريد"

"لماذا يا بني؟ من سيعتني بك؟"

آه يا هي سو

أي نوع من الأسئلة هذه ؟

أجل هو بحاجة لمن يعتني بجراحه لكن ما الضرر إن قلتها بشكل آخر

ما الضرر إن اقترحت أنت الاعتناء به كأي أم طبيعية

"لست بحاجة لمن يعتني بي سيدة هوانغ أقدر مجهوداتك الجبارة"

رغم وقاحة الرد وبرودته المؤذية ، احتلت لمعة من الحزن مقلتي إيما و ربما تعاطفت للغاية مع فحمي الشعر

"لا عليك سيدة هي سو يأعتني بالأمر بنفسي"

"لكن ...."

"أعلم لا تقلقي، سبق وتلقيت دورة تكوينية وأجيد أساسيات التمريض لذلك اطمئني"

كاد ينزلق لسانها وبفشي بكونها تعلمت ذلك كنشاط استفادت منه بالسجن لكنها تداركت نفسها بسرعة

"وفي ما يخص الترويض، منحنا الطبيب شريطا موضحا لكيفية القيام بالأمر سنتدبر أمرنا"

لم تترك مجالا للمرأة لأجل الاحتجاج

وأيضا فضلت التطوع شخصيا كون جيون بدا ممتعضا بشدة

في النهاية هي السبب في إصابته

ليس سوى ردا للجميل

"هل تجيدين الاعتناء بالجراح أيتها الفرنسية؟"


"سلمني إياها ثم قرر بنفسك"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ألماساتي كيف أحوالكم

كثير اشتقت

وعدتكم اني ما بتأخر لكن البارت كان قصير وفقير من ناحية الاحداث فظليت عدل وضيف 😂

على العموم كيف البارت؟

بصراحة مو راضية عنو أبدا و بحس انو مو مثل متخليته يكون لكن سلكو

في المشهد بين ايما وكوك كل الكلام يلي قالو كوك رح تلاقوه موجود بالبارتات السابقة وايما هي لي قالتو وظل مفتكر 🥺

لاحظتو التغيير بايما صح؟

حاليا رح تعيش مشاعر متضاربة وحرب نفسية بين الجزء يلي تأذى من جونغكوك والجزء يلي بدأ يشوفو إنسان مختلف

طولت عليكم ألماساتي اتمنى تكونو استمتعتوا

امنحوا ألبوم هوبي كل الحب رجاء 💜💜💜

أحبكم (لونا)

Continue Reading

You'll Also Like

140K 5.7K 23
||ᴊᴇᴏɴ ᴊᴜɴɢᴋᴏᴏᴋ|| " نادل، مساعد، معيد وماذا بعد....." "رَجُلكِ" . Jeon jungkook# . Huh yunjin#
167K 9.4K 69
ترجمة للكاتبة : _microcosmo_ كيم جونغكوك صغير عائلة كيم، والذي يكبره ستة إخوة يفرطون في حمايته ويكونون صارمين في بعض الأوقات. كيف ستكون في حياته معهم...
262 50 10
وحيد انا يا أمي وحيد!
87.4K 8.4K 15
•"مرحبا!اسفة على هذه المكالمة،أعرف أنك الأن قد تراني فتاة ليل او مختلة،و لكن لا يهم،أنا فقط أريد منك الإستماع إلي لبعض الوقت." "أنا معك" •بَارك اُولِ...