17: زهرة الحب

17.2K 941 1.8K
                                    

'كل المرايا خداعة إلا عيناك'

هل رأيتني؟ خلف أسوار الذعر والسواد أختبئ

هل أمسكتني؟ بين غبار العواصف أحلق

هل سمعتني؟ باسمك أستنجد بينما أطرافي هنا وهناك ترتطم

هل تذكرني؟ كيف كانت ملامحي بالبراءة تسطع؟

هل أحببتني؟ بقلبي الهش و أناملي المرتجفة؟ بصرختي المكتومة و زرقة شفاهي؟ بروحي الواهنة وثيابي الرثة؟ بلآلئي المتحجرة وأنفاسي المختنقة؟

كان يوما داكنا غلفته السماء الباكية، تحمل بين ثناياها غزلا من الغيوم الرمادية، متلبدة بحزنها تخيم فوق عائلة أعلنت حدادها، وأبكت فقدان عمودها الفقري وركيزتها الصلبة

أطفال جيون لا يزالون يرثون فراق والدهم بعد شهر من جنازته

ثلاثون يوما و طفلاه يترددان إلى قبره يتشبثان ببقايا ترابه و كلما عادا بثيابهم المحملة بالوحل، تستقبلهم ساكنة القرية الصغيرة بالنظرات الحزينة و قلوبهم تتمزق أشلاء لليتم المتجلي بالولدين الصغيرين

كان الرب وجيرانهم ذوي الفضل الأول والأخير في استمرار حياة هذه العائلة البائسة

فبعد فقدانهم لوالدهم المريض و استنزاف مدخراتهم في دفع مستحقات المشفى

لم يبقى لهم قرش واحد يقتاتون منه

والأم كانت منهكة كفاية لتولي باقي المسؤوليات خاصة وطفلتها مازالت رضيعة تتطلب الكثير من الرعاية

الحادث الذي تعرض إليه جيون كان مأساويا كفاية لتحل الكآبة على سكان القرية

فالرجل كان يعاني من عضال مميت فتك بأطرافه

لكن أن يموت في حادث سير عرضي كان آخر متوقعاتهم

لم يسعهم سوى التضامن مع هي سو و أبنائها و لو بالقليل

فالمذنب قد حمل نفسه وهرب ولم يكلف نفسه حتى الاعتراف بجريمته وتحمل عواقب إهماله

استمر الحال هكذا لأيام قليلة، حتى أصبحت الليالي شهرا و اليوم كان مختلفا عن أقرانه

وجد الصغيران بيتهم المتواضع في حالة غريبة عكس المعتاد

والدتهم كانت تترحك هنا وهناك وتنظف الأرجاء بعجالة كأنها ستستقبل الرئيس بداخله

ولأول مرة منذ دهر طويل لمح الصغيران ابتسامة صغيرة تتخلل ملمحها الناعم

"لقد عدتما، تعالا إلى هنا بسرعة!"

تردف المرأة الثلاثينية مشيرة لطفليها بالاقتراب وهما قد نفذا

يركضان نحوها بمحياهم البريء المغطى بالكثير من الطين نظرا لكونهما قضيا وقتا طويلا نائمين فوق قبر والدهم

جيون جونغكوك: سجن الغرابDonde viven las historias. Descúbrelo ahora