جيون جونغكوك: سجن الغراب

26: همسة ولمسة

' أيا مهجة قلبي برمح عينيك قد أصبت

وأنا القتيل أحيا بالخمر والشهد العسلي بين شفتيك

فإن أهديتني الحياة بعمق أضلعي أسكنتك وإن بشري آخر بعبق عطرك غاص، لأبحت القتل فداء لنعيم ذراعيك ثم فوق صدرك تاه فؤادي استراح '

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ǀالثلاثون من يناير - التاسعة صباحا ǀ

تتوالى الأيام بسرعة فائقة، تنقضي الدقائق وتتحول لساعات كأن الزمن مجرد وهم كاذب نخدع به أعيننا و الحياة أفعوانية راقصة تلوح بنا فوق الجبال الشامخة و بين تلال المشاعر تلقي بالأفئدة ثم تضرم بها نيران التأجج والاشتعال

خمس ليال انقضت بينما ظل جسد الشاب العشريني حبيس جدران غرفته البيضاء بالمشفى

كانت شقيقته تزوره كل يوم وتمضي ساعات كثيرة بجانبه، تتكفل بحاجياته وتعتني بتغذيته خشية حدوث مضاعفات مرضية غير مرغوبة، كما أنها أخذت على عاتقها مهمة رسم الابتسامة على ثغره مهما كانت نكاتها فظيعة فالأجدر بها أن تموه دماغه و تبعده عن التفكير بألم رأسه المبرح فمنذ أن ذهب مفعول التخدير بالكامل عن جسده، أصبح تايهيونغ يعاني من ألم فظيع بموضع العملية كأن آلة حفر تنخر جمجمته باستمرار وتصيبه بالجنون

مرت الأيام كجحيم يقطر لهيبه بفؤاد ذات أعين الربيع وهي تشاهد شقيقها يصارع آلامه و يكبح أنينه كلما قابل خضراءها المذعورة حوله

إلا أن الوقت كان كفيلا بتخفيف معاناته تدريجيا حتى بات قادرا على التنفس بحرية دون ألم يفتك عظام رأسه فأخيرا تم منحه الإذن لمغادرة المشفى واستكمال علاجه بالمنزل مع عناية دقيقة وفائقة

"إيما رجاء لن أشعر بالراحة هكذا"

تذمر تاهيونغ بينما يحدق بعبوس فمه نحو شقيقته التي ترتب ملابسه وحاجياته في حقيبة صغيرة استعدادا لمغادرة المشفى

تجاهلت ما يتفوه به الأصغر فقد خاضت معه نقاشا حادا حول ذات الموضوع وانتهى باتفاق يرضيها فقط

أخذت تدندن بنغمات عشوائية مدعية عدم الاستماع لتوسله المستمر ، كانت مصرة على أخذه إلى منزل هوانغ حيث ستتمكن من الاعتناء به جيدا بينما الأصغر كره فكرة المكوث هناك بجانب أشخاص غريبين عنه مرة ثانية

"إيما" انتحب ضاربا الأرض بقدمه

" لا لا لا أنا لا أسمع شيئا، تاتا عزيزي أليس الجو رائعا اليوم؟"

ألقت نحوه ابتسامة واسعة تضمر خلفها تحذيرا جديا للأصغر حتى لا يعبث بأعصابها أكثر بسبب عناده المستمر و رأسه المتحجر