جيون جونغكوك: سجن الغراب

By kim_luna1

698K 37.4K 64.7K

《يلقبونه بالغراب، يقال أنه صاحب إبليس في قعر جهنم ثم لفظته النيران على شكل أرض جافة قاحلة...المشاعر؟!..لا مكا... More

00
01:الغرابي الغامض
02:سجينة الغراب
03: ومضات من الماضي
04: ليست سوى البداية
05: فرصة
06: لعبة المشاعر
07: مكر الغراب
08:من أنت؟
09: صراع الإخوة
10: أعطني حريتي
11: تجربة
12: بلا أجنحة
13: خدعة
14: لوسيفر
15: دموع الملائكة
16: غضب الغراب
18:نبضات القلب
19: عواصف و عواطف
20: الجريمة و العقاب
21: دم، عرق ودموع
22 : عازف المزمار
23: البجعة السوداء
24: الحسناء و الوحش
25: أزرق و رمادي
26: همسة ولمسة
27: شبح الماضي
28: دفء الغراب
29: رياح عاتية
30:أشرق الحب
31: سهم كيوبيد
32: بداية اللعبة
33: الحقيقة المخفية

17: زهرة الحب

18.2K 982 1.8K
By kim_luna1

'كل المرايا خداعة إلا عيناك'

هل رأيتني؟ خلف أسوار الذعر والسواد أختبئ

هل أمسكتني؟ بين غبار العواصف أحلق

هل سمعتني؟ باسمك أستنجد بينما أطرافي هنا وهناك ترتطم

هل تذكرني؟ كيف كانت ملامحي بالبراءة تسطع؟

هل أحببتني؟ بقلبي الهش و أناملي المرتجفة؟ بصرختي المكتومة و زرقة شفاهي؟ بروحي الواهنة وثيابي الرثة؟ بلآلئي المتحجرة وأنفاسي المختنقة؟

كان يوما داكنا غلفته السماء الباكية، تحمل بين ثناياها غزلا من الغيوم الرمادية، متلبدة بحزنها تخيم فوق عائلة أعلنت حدادها، وأبكت فقدان عمودها الفقري وركيزتها الصلبة

أطفال جيون لا يزالون يرثون فراق والدهم بعد شهر من جنازته

ثلاثون يوما و طفلاه يترددان إلى قبره يتشبثان ببقايا ترابه و كلما عادا بثيابهم المحملة بالوحل، تستقبلهم ساكنة القرية الصغيرة بالنظرات الحزينة و قلوبهم تتمزق أشلاء لليتم المتجلي بالولدين الصغيرين

كان الرب وجيرانهم ذوي الفضل الأول والأخير في استمرار حياة هذه العائلة البائسة

فبعد فقدانهم لوالدهم المريض و استنزاف مدخراتهم في دفع مستحقات المشفى

لم يبقى لهم قرش واحد يقتاتون منه

والأم كانت منهكة كفاية لتولي باقي المسؤوليات خاصة وطفلتها مازالت رضيعة تتطلب الكثير من الرعاية

الحادث الذي تعرض إليه جيون كان مأساويا كفاية لتحل الكآبة على سكان القرية

فالرجل كان يعاني من عضال مميت فتك بأطرافه

لكن أن يموت في حادث سير عرضي كان آخر متوقعاتهم

لم يسعهم سوى التضامن مع هي سو و أبنائها و لو بالقليل

فالمذنب قد حمل نفسه وهرب ولم يكلف نفسه حتى الاعتراف بجريمته وتحمل عواقب إهماله

استمر الحال هكذا لأيام قليلة، حتى أصبحت الليالي شهرا و اليوم كان مختلفا عن أقرانه

وجد الصغيران بيتهم المتواضع في حالة غريبة عكس المعتاد

والدتهم كانت تترحك هنا وهناك وتنظف الأرجاء بعجالة كأنها ستستقبل الرئيس بداخله

ولأول مرة منذ دهر طويل لمح الصغيران ابتسامة صغيرة تتخلل ملمحها الناعم

"لقد عدتما، تعالا إلى هنا بسرعة!"

تردف المرأة الثلاثينية مشيرة لطفليها بالاقتراب وهما قد نفذا

يركضان نحوها بمحياهم البريء المغطى بالكثير من الطين نظرا لكونهما قضيا وقتا طويلا نائمين فوق قبر والدهم

رمقتهما هي سو بانزعاج فحالتهما الرثة غير مناسبة تماما للقادم لكنها زفرت بحنق تكتم غيظها وتنفض الأتربة عن ثيابهم بيديها ثم أمرتهم بتنظيف وجههم والعودة إليها

كان الولد البكر أول من أتاها لتبتسم له بحنان مكوبة وجهه

"تعال إلي يا حبيب ماما"

جرته إليها برقة ثم انحنت لمستواه تتابع بذات اللطف

"هوسوك حبيبي تعلم كم أن ماما تحبك وتحب إخوتك؟"

أومأ ذو الاثني عشر عاما مستغربا بدء والدته بحديث غريب كهذا

"ولأن ماما تحبكم كثيرا وتخشى فراقكم قررت فعل شيء ما"

ابتلعت المرأة ريقها بصعوبة تشد احتضانها لكفي طفلها

"ماما ستتزوج قريبا صغيري"

امتلأت عينا الطفل بالعبرات الحزينة

وانقبض قلبه الصغير عندما علم أنهم سيودعون حياتهم القديمة و سيحتل رجل آخر مكان والدهم الغالي

"لكن ماما زوجة بابا"

التفت متفاجئة من نبرة طفلها الآخر المخنوقة

لتجد جونغكوك بجسده الضئيل يقف بعيدا بعدما شهد على محادثتها الكاملة رفقة شقيقه

كان يتمسك بأطراف قميصه بقبضتيه الصغيرتين شفتاه المتوردة ترتجف بخفة و وجهه تصبغه الاحمرار لكتمانه حنقه وأنفاسه خلف براقتيه اللامعتين بالمياه المالحة

"اقترب"

أمرته بصرامة تشير إلى المكان قرب شقيقه الأكبر والصغير نفذ متقدما بارتعاش ساقيه فهذه أول مرة تجرأ فيها و رفع صوته متمردا على والدته الحبيبة

صدح بكاء سو مين في أرجاء القطعة الصغيرة وحينها استغلت هي سو الفرصة لترسل هوسوك إليها حتى يهدئها و يأتي بها

"اسمعني جيدا"

جذبت الصغير من ذراعه ببعض القسوة ولم يرف لها جفن لأعين الغزال التي تشع ذعرا من غضب والدته الدائم ولا من قسوتها ناحيته منذ ولادته

"كن رجلا وكف عن ذرف الدموع كالفتيات"

قالت بحدة تجعل الصغير يكتم أنفاسه ويمرر أكمامه حول عينيه يزيح البلل عن محياه المحطم

"هل تود من عائلتنا أن تتفكك؟"

نفى الصغير يكبت أمطار عينيه فرغم سنه الذي لم يتجاوز الثامنة بعد كان عالما جيدا بمعنى أن تتزوج والدته من رجل آخر

" هل تود الاستمرار في العيش مع هوسوك وسو مين ومعي في بيت واحد؟"

أومأ بشدة وحينها هي ابتسمت ممررة كفها على خصلاته لأول مرة

الصغير سحر بنعومة كفها ومدى دفئها فوق رأسه حتى اخترقت سهام أحرفها روحه الصغيرة بعنف

"إذن كن رجل البيت كما أوصاك والدك وقم بحمايتنا "

"سأفعل أمي، أقسم سأفعل لكن لا تتزوجي شخصا آخر غير بابا، أنا سأعمل و أوفر لكم ما تحتاجونه"

كلام كهذا كان كبيرا جدا على طفل ضئيل الجسد مثله

لكن المرأة ذات الوجه الحسن، لم يرف لها جفن ولم تتزعزع أوصالها مثقال ذرة على تلك النبرة الطفولية البريئة والعدسة المرتعشة بخوف

كان حضن واحد كاف لجونغكوك الصغير

كان قليل من الدفئ كفيل بطرد الجليد الذي اكتسح جلده الرقيق و حاصر خافقه النقي

"أنت لا فائدة منك حتى، أخبرني من الذي سيوظف طفلا ضعيفا مثلك، وفوق ذلك يبكي كالفتيات"

طأطأ ذو أعين الغزال رأسه أرضا وتجرع سم والدته باستسلام

يفكر بعقله الطفولي كيف يحمي أشقاءه ويوفر حاجياتهم جميعا حتى يستمروا في العيش معا كالسابق

"هل تود أن يأخذوكم مني للمياتم وتتفرق عن إخوتك؟ هل ترغب بأن تعيش سومين دون أم أو أب؟"

"لا أريد"

"إذن كن ولدا جيدا ومطيعا ودعنا نعيش بسلام رفقة والدكم الجديد"

"لكن..."

"بدون لكن جونغكوك، هو رجل كبير و قوي أيضا، سيؤوينا و يتكلف بمصاريف إخوتك و يمنحنا حياة أفضل"

عض الطفل شفتيه بقسوة حتى لا يبكي مجددا و تسخر منه والدته

"أنت عليك فقط أن تطيعه و تنال إعجابه و حينها أنا سأكون راضية عنك دائما حسنا؟"

"هذا هو طفلي"

قالت مبتسمة عندما هز رأسه بالموافقة

متجاهلة نظرات الذعر بعيناه والحزن الكثيف الذي خيم فوق رأسه

متجاهلة براءته التي تستنجد بحنانها حتى تحتويه بدفئ صدرها

توجهت نحو هوسوك الذي أتى محتضنا الرضيعة الهادئة بين ذراعيه وقد استلمتها منه بوجه يصرخ فرحا

"تعالي إلي يا نور عيني"

قبلت أنحاء وجهها كما طبعت واحدة على خذ هوسوك كمكافأة له للاعتناء بها جيدا طوال الوقت

أما البكر فقد ناظر شقيقه الأصغر الذي يبد ضائعا داخل عبوس شفتيه وأثار الدموع التي شوهت وجهه

"صغيري هوسوك سنذهب إلى المدينة، وستعيش الحياة التي حلمت بها دائما، ستدرس و تحقق كافة أحلامك وستجعل والدة فخورة أليس كذلك؟"

"وماذا عن جونغكوك؟"

يقول محدقا بأخيه الذي يتجرع كلام والدتهما كصخر خشن استقر فوق صدره وأنفاسه

"سيحدث هذا بفضل جونغكوك"

وخلال دقائق قليلة شاهد الطفلان رجلا غريبا يحتل منزلهم ببدلته الفخمة وملامحه الحادة

كان رجلا عظيم المظهر قوي البنية رغم علامات تقدم السن التي استوطنت وجهه

اصطف الولدان يراقبان ردات فعل والدتهم الخجلة ولم تغب عنهم القبلة الرقيقة التي طبعها الرجل الغريب فوق نعومة يدها

كانت تبتسم للرجل و عيناها تغدقه حبا و لطفا متناسية أن قبر زوجها لا زال دافئا

وذكراه ما زالت تحوم حولهم

طيفه وكفه الحنونة ما فتئت تزور أحلامهم و تعطر أركان بيتهم

"لأعرفك بأطفالي"

قالت تحمل سو مين من مهدها وقد رآه جونغكوك يقبل رأسها ثم يبتسم متمتما بأشياء غير مسموعة

وحينها انقبضت أطرافه و اشتبكت أوصاله عندما وجدهم يتجهون نحوهما

وقفت المرأة أمامهما بابتسامة واسعة

"هذا ابني الأكبر هوسوك"

الصغير كان خائفا ومذعورا لذلك تشبث بثوبها و أخفى نفسه خلف جسدها يحتمي بها من الغريب الضخم الذي تفوح منه رائحة التبغ

وهي ابتسمت معتذرة من خجله ثم نظرت لطفلها الثاني توسع مقلتيها نحوه بحدة، تنهاه عن تقليد فعلة شقيقه

"وهذا الثاني، جونغكوك"

كاد الأصغر أن ينفذ ما بعقله إلا أن أنامل والدته التي ضغطت على أطرافه أعادته لأرض الواقع فتقدم للأمام بخطى مترددة

أصابعه متعرقة تقاوم ارتجافها الهستيري وأعين الغزال المستديرة ارتفعت تلاقي حدة محيا الرجل الذي يراقبه بإعجاب

حينها نفخ الصغير صدره وكتم أنفاسه قائلا دفعة واحدة

"أنا جيون جونغكوك"

"و أنا هوانغ جون سو، نادني بأبي أو عمي إن أردت"

مد الرجل كفه الكبير نحو الصغير الذي في كل لحظة يحدق بوالدته يستنجد بها حتى تلتملم وتحتضن خوفه

أما شقيقه الأكبر فقد تهرب منه واختبأ كليا يرمي بكافة المسؤولية على عاتقه وحده

أمسك بتلك اليد الباردة الخشنة، لا تمت لخاصة والده الحنون بصلة وارتعش بدنه عندما

شد الأكبر عليها و تخللت ضحكاته أذنيه كسم شلل أطرافه وأقفل صفحات حياته كلها

في ذلك اليوم مات جونغكوك

و ولد الغراب

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

| السابع عشر من ديسمبر- السادسة والنصف مساء ǀ

تتراقص النوتات الهادئة بعذوبة نغماتها حول ذات أعين الربيع

تطرب الموسيقى الكلاسيكية الرقيقة آذانها بينما تداعب رائحة الشوكولا الساخنة جيوب أنفها، تذيب برودة دواخلها و تحلق بها لأعالي الراحة والسكينة

إيما كانت غارقة داخل الجو الرومانسي الذي صنعته أناملها الرقيقة، مستقرة بدفئ جسدها على المكتب الخشبي القابع بركن من أركان غرفة الغراب

خضراوتيها مركزة بشدة في فهم مابين يديها من صفحات تعود للدروس التي فاتتها

أحيانا تمرر أناملها على خصلاتها العسلية الناعمة، تزيح غرتها عن مجال رؤيتها، وأحيانا تقضم القلم بين شفاهها مصدرة بعض التذمرات كون المعلومات الكثيرة صعب فهمها ومجاراتها في آن واحد

استمرت الهالة المسالمة بالطوفان حولها تمنحها منظرا ساحرا يسوده طابع الرقة والنعومة خاصة عندما تسلبها النوتات العذبة تركيزها وتجعلها تدندن رفقتها بابتسامة مسحورة

تحرك أهدابها متخيلة رقصة أحادية وسط نعيم خلقت أجزاؤه من الجنة ، تتطاير حولها البتلات الفواحة مذهبة عقلها بعطر اشتق من أعالي الفردوس

عالمها السرمدي الصغير تم اختراقه فجأة من ذي الهيأة الضخمة الذي اقتحم خلوتها بهالته السوداء المظلمة و حلكة نظراته القاتمة

هاجمها صافعا الباب خلفه متقدما إليها بخطوات متسارعة والشرار يتطاير من أحجاره السوداء التي أضحت تحترق

وهي تابعت هيكله بنظرات مستصغرة، تستنكر أسلوبه الهمجي الذي استيقظ من سباته القصير جدا

خضراوتيها استقرت داخل سواد عينيه حينما حط بكفيه على سطح المكتب و قد عكف جذعه مائلا نحوها لينطق ببرودة صوته الخشن ونبرته العميقة

عكس محياه الذي انكمش مبرزا حدة معالمه و العروق المتوردة التي تجمعت حول مقلتيه تصرخ بكم أن الرجل أمامها يغلي كالجحيم

كبركان موشك على قذف حممه إلى المجهول

"هل تخالين نفسك ذكية ها؟"

"ماذا تريد مني مجددا"

أردفت بتملل مشيحة بعينيها عنه بعدما أدارت حدقتيها نتيجة الضجر الذي أصابها من صوته و هالته المسيطرة والتي يحاول فرضها عليها كأسد مالك وهي مجرد كائن ضمن مساحته الخاصة

حركاتها الصغيرة المستفزة والطريقة التي واجهت بها ثورانه كأنه مجرد حشرة تزن فوق رأسها جعتله يدنو إليها أكثر بينما يضغط على فكه بقسوة

الأخرى كانت تقلب الصفحات بين أناملها غير مبالية بأنفاسه الحارقة التي أضحت تحوم بالقرب منها ثم رسمت ابتسامة ساخرة حينما بلغها سؤاله

أو بالأحرى تهديده

"ما الذي كنت تفعلينه رفقة المحقق؟"

إيما آنذاك وضعت القلم جانبا بهدوء ثم تنهدت بعلو تضع إحدى كفيها على وجنتيها تسند ثقل وجهها عليها ثم نظرت للغرابي مجددا

"كان يروي لي قصصا عن طفولتك أتصدق؟"

"لا تتحاذقي"

ضرب الطاولة بعنف مبتلعا رغبته في الانفجار وقد لمح انفجار ابتسامة ساخرة أخرى عن شفتيها لأنها تفهمه جيدا

لكنها تفضل اللعب

والغراب أقسى ما يمقته تعرجات الطرق والتواؤها

"هل أفعل؟"

رفعت حاجبها نحوه وقد اختفت ابتسامتها مستبدلة إياها بأعين حازمة

تتوسط مقلتيها لمعة من شيء غريب

مزيج بين التحدي و الحزن

خليط مبهم من وصفة غريبة تمنحها لمحة من البراءة و الحزم

كأنها تحمل النار في كفة والمياه الصقيعية بالأخرى

كأنها وحدها كافية حتى تحرقه و تحييه و هو عاجز عن شد أطرافها هذه المرة

"اسمعيني جيدا يا هذه! إن حدث وتكرر هذا مجددا لن أرحمك"

لف الغراب حول الطاولة المستطيلة ليقف بالمحاذاة لها

تخترق رائحته القوية جيوب أنفها مستبدلة نعومة عطرها الأخاذ و تحيطها ضخامة بنيانه كصخرة عملاقة تحجب عنها الرؤية

"أوه كلا، كلا لم تحزر هذه المرة، من تجرأ وحاول لمسي، من تجرأ ووضع يده القذرة علي سينال عقابه، سيقف أمام العدالة ويحاكم طبقا للقانون، و احزر ماذا؟ شقيقك المحقق سينفذ رغبتي شخصيا "

وقفت تقابل شموخ رأسه بعدستها الحارقة

تريه مدى شجاعة قلبها و خلوه من أي خوف تجاهه

تتحداه علنا بوضوح وشفافية

تحرك القطعة الأولى من رقعة الشطرنج والغرابي أظلمت معالمه أكثر وبات غير متحكم بغضبه المكبوت

"المحقق لن تقابليه مجددا"

"سأفعل و سأقابله و سأحرق روحك وأشعل جنون خوفك، تظن نفسك غامضا؟ الذعر يصرخ من عيناك و شقيقك سببه، أنت خائف لأنني أدخلته بهذا المستنقع، لأن المجرم الذي أراد أذيتك عن طريق اختطافي سيستغل ذات الفرصة ويؤذي المحقق لأنه من دمائك، لن يتردد في قتله "

صرخت في وجهه تلقي غضبها بنبرة حقودة والغرابي اشتعلت أوصاله بقدر الانقباضات التي داهمت خافقه

فلسانها كان يردد مخاوفه المدفونة بلهجة صريحة و كم بدا محياها الملائكي آثما بينما تعترف برقة ثغرها المتورد أنها حقا أرادت إيذاءه بتلك الطريقة

بل لن تتراجع حتى

ربما لو لجأت لآخر غير شقيقه ما كان ليثور هكذا

لكنها بحجم ألمها أرادت دفنهم جميعا و هوسوك أضحى حلقة أخرى من هذه اللعبة لدرجة تجاهلها أنها بتلك الطريقة تهدد حياة الرجل

فإن قبض على المحقق ووقع في كمين ذلك المجهول لن يرحموه

ليس لأنه رجل قانون

بل لأنه شقيق الغراب

وسيلة من وسائل تدميره

والتي تحاول إيما استغلالها حاليا

ذو الخصلات الفحمية أغمض عينيه لثواني يستجمع شتات غضبه ويحرره داخل قبضته المشدودة حتى لا يؤذيها

"المحقق لن تريه ثانية، وذلك القذر أنا من سيجده وأنا من سيعاقبه وأنا من سيخنق رقبته و يسرق أنفاسه"

نظرت لسبابته التي تتحرك أمام وجهها ملقيا بأوامره الفرعونية المعتادة

"من أنت لتأخذ حقي يا هذا؟ ذلك القذر أذاني وأنا من سينتقم، أنا من سينتشل ثمن دموعي وألمي من روحه، وأنا اخترت القانون، أي فعل غبي منك ستجد شقيقك لك بالمرصاد وصدقني بدا متلهفا حتى يقيد حريتك بأصفاده"

محاولات جيون في تهدئة أعصابه باتت شبه مستحيلة وهو ينظر لفمها يتلفظ بما يوقد نيرانه أكثر ويدمر أوصاله

كم أجادت لعب دور الشيطان ورد الضربة إليه بما يوجع كيانه المتحجر

تضعه وجها لوجه أمام ما يؤذيه و يحطم ثباته

تضعه في حرب مع شقيقه

تريده حائرا بين حماية الأكبر و بين تلقي القذائف من ذات الشخص الذي يرغب بحمايته

"إذن ليجده أولا إن استطاع"

قال معلنا استحالة انهزامه فالوغد الذي تجرأ و لعب بذيله بحقارة معه لن يبصر النور إلا وهو بين يدي الغراب ولو تطلب منه الأمر مواجهة شقيقه والسباق معه

شعرت إبما أن الذي أمامها صلب لا يتزعزع ثباته ولا يهزم

أرادت أذيته

أرادت رؤية ملامحه تنكمش بألم هي سببه

أرادت أي شيء يطفئ نار ألمها المتقدة منذ البارحة أرادت ما يشفي غليلها و إن كان الغراب أول من تحرقه بجروحها

لم تقابلها سوى صلابة عزمه و حدقتيه اللتان تحطمان جميع أمالها وتتلاعب بصدق مشاعرها

وقد طفح كيلها لتصرخ ضاربة صدره في نية زعزعته

إلا أنه جبل صامد كالحديد

"من أنت يا هذا؟ من تكون و بأي صفة تتولى أمر الانتقام لي؟ من تعتقد نفسك"

"أنا زوجك"

أجاب بحدة غير راض عن الحركات المتمردة التي تستصغر رجولته و تستفز هدوءه

فهو الآخر يريد الصراخ وربما خنقها بقوة لأنها تجرأت وحاولت أذية أخيه بكل وقاحة

كلماته جعلتها تنفجر في ضحكة هستيرية مستنكرة أوهامه الغبية كما وصفتها

"زوجتك؟ هل صدقت هذا الهراء أم ماذا؟ أنا لست ولم ولن أكون زوجة لوحش مثلك أبدا، ذلك العقد اللعين لا يعني لي شيئا ليس سوى ورقة هالكة وقعتها لضمان حياتي وأنت أجبرتني"

اقتربت من وجهه محافظة على خضراوتيها بعمق عدسته القاتمة

"أنا كيم و سأظل كيم مهما حاولت طمس هويتي، وأنت لست سوى فزاعة في حقل حياتي، و سأطيح بك في أول فرصة ينحني بها ظهرك"

انفجرت أوصال الغراب لينقض على فكها بقسوة كفه الخشنة مسببا رعشة من الذعر في ملمح ذات الخصلات العسلية

وقد كان هجومه عنيفا لدرجة اصطدام ظهرها بالجدار خلفها حتى تشبعت عظامها ببرودته القارصة

"أنت زوجتي، تحملين اسمي وسمعتي، هل فهمت؟"

يزمجر بخشونة و لم تفصل بينهما سوى إنشات قليلة جعلت الصغرى تستشعر حصار جسده العملاق حولها وقربه المبالغ لتتجمع الدموع بمقلتيها فقد خفق صدرها بذعر شديد للعنف الذي تشهده مجددا

"ابتعد عني"

تقول بين عظام فكها المحبوسة بأنامله الصلبة وقد حاولت دفع صدره بضعف كفيها لأن قربه بهذه الطريقة يخنق أنفاسها وروحها ويزرع داخلها ذات الإحساس بالخطر

عقلها غادر تلقائيا نحو ذكريات البارحة والغرابي كان غبيا كفاية حتى لا يلحظ انكماش مقلتيها و الصرخات النابعة من جراح صدرها ليس إلا

فإيما لم تكن لتؤذي أولا

كانت فقط تحاول مواجهة الشعور المقزز الذي يرافق روحها و التخلص من القذارة التي غرقت بها ولم تجد طريقا للتحرر منها

"لن أبتعد، لن أبتعد حتى يفهم هذا العقل الصغير أنني لست من تلعبين معه، لست من ترمين بسهامك الضعيفة نحوه"

عكس مقلتيها التي تستنجد بتحريرها كان الغرابي يضغط على فكها و يقرب جسده منها غير متحكم بانفجاره و الخوف الذي تملكها جراء نظراته القاتلة وصوته الذي غدا مرعبا لنبضاتها المتسارعة

شعرت الصغيرة بالهلع الشديد، و بعينيه تنتشل الروح من كيانها و هي تنظر داخل خضراوتيها بكل ذلك الظلام و الخطر ينبعث منها كالشعاع

وجدت يدها تتسلل تلقائيا لما يخفيه بين ثنايا بنطاله والذي اعتادت استراق النظر إليه في أوقات سابقة

وجدته هناك

سلاحه المخفي أسفل سترته

انتشتله بارتجاف أناملها ثم مركزة فوهته على جانب صدره وقد صرخت ببكاء

"إن لم تبتعد عني سأقتلك"

في ذات اللحظة التي استشعر فيها الغراب المجسم الصلب يستقر أسفل كتفه هدأت أنفاسه فجأة وقد انطفأ اشتعال سوداويتيه

كأنه يستنشق أنفاسه لأول مرة في الحياة

حدقتيه ملأها الفراغ من جديد وهي تراقب الوجه الملائكي الذي تكاد تغلفه كفه الضخمة كليا

رأى الذعر يتجلى في أبهى حلة بين الخضراء الدامعة التي تحدق نحوه بقهر و عتاب وعقدة حاجبيها المتألمة تروي خطيئته العظمى

تروي استيقاظ وحشه مرة ثانية بسبب غضب كان أقوى من أن يتحكم به وفي النهاية فقد السيطرة على ذاته المظلمة وفعلها

أذاها للمرة المائة

حينها ارتخت قبضته عن فكها و سقطت أنظاره مرارا وتكرارا بين لآلئها الباكية و قبضتها المرتعشة

بالكاد تمسك المسدس بثبات

"افعلي"

ردد بهدوء غريب يثقب حدقتيها بملمحه الثابت و صرامة الحروف بين شفاهه

إيما ابتلعت ريقها تجاري الهلع الذي تلبس كافة جسدها وأنفاسها المختنقة برائحته، بغضبه، بقسوته

"لا أمزح"

"وأنا لا أمزح، اقتليني، افعليها هيا"

رفع صوته بحدة، استشعر بعدها تفاصيل جسدها وهي ترتجف حتى أغمضت عينيها و انكمشت تعابيرها بألم

كادت تفلت المسدس عن صدره لكنه قبض على فوهته بيده النابضة بالعروق

اعتصره جيدا وأزاح فوهته ليستقر بها فوق منتصف صدره، حيث قلبه النابض بالحياة

يرشدها للمكان الصحيح حيث تصوب رصاصتها و تحوله لجثة هامدة

يمنحها الفرصة المثالية لتحقيق أمنيتها و التخلص منه إلى الأبد

وبفعلته تلك

كأنه أعاد الوعي لعقل ذات أعين الربيع التي جحظت عيناها بذعر أكبر للجنون الذي تشهده

كانت تحاول الدفاع عن نفسها

قطعا لم تود إطلاق النار عليه

لكنه يريها كم روحه رخيصة عنده وكم أن الموت مجرد دعابة فظة لا تهيبه ولا تحرك شعرا من صلابة روحه وقلبه

"كلا، ابتعد"

قالت برجاء، تحاول سحب السلاح بعدما استيقظ عقلها واكتشفت بشاعة ما حاولت فعله

إلا أن الغرابي كان يملك رأيا مختلفا

زادت ملامحه حدة وقد تمسك بيدها بكفه الثانية يعتصر أناملها ويثبها على الزناد

"أطلقي، هيا، افعلي"

يصرخ في وجهها لتشهق باكية تتوسله بعيناها أن لا يجعلها تعيش كابوسا آخر

"أرجوك توقف، لا أريد، أفلت يدي توقف"

تشابكت الأيدي في صراح محتدم

الأول يصرخ في وجهها بتنفيذ مرادها دون أن يرف له جفن

أما الثانية فكادت تفقد الوعي عندما سمعت فرقعة الزناد أي أنه بات جاهزا لإطلاق الرصاص بمنتصف قلب الرجل أمامها

"أتوسل إليك"

رفرفت أهدابها المبللة تمطر محياها وقد كسا الضعف معالمها لتنغرز شهقاتها بعمق أذنيه

يرى الحالة البائسة التي بلغتها

انتفاضة جسدها وخضراءها اللامعة تعيش كابوسا فتاكا

حينها فقط أفلت قبضتيه عنها وحرر أناملها المحمرة دون تحريك جسده إنشا واحدا

إيما حينها صرخت بذعر تلقي بالسلاح القاتل عشوائيا ليسقط بعيدا في أحد زوايا الغرفة الضخمة كأنه ثعبان سام أو قطعة من بركان حام

هي فقط تخلصت من الشيء الذي كاد يقضي على ما تبقى من روحها و لم يهدأ هلعها بعد

احتضنت جسدها أسفل ناظريه وقد علت شهقاتها متسربة بحرية بين ثنايا ثغرها العابس

لا تصدق أنها كادت تقتل روحا حية تتنفس

"أرأيت؟ خلال ثواني قليلة كنت ستتحولين لشخص مثلي، كانت يداك ستصبح قذرة ملوثة بالدماء أيضا"

سمعت نبرته الهادئة تلقي على مسامعها ما جعلها تنفي برأسها بخوف لتنظر لمجرته السوداء العميقة

"كلا،كلا كلا أنا لست مثلك....أنا فقط...فقط أعميت بصيرتي للحظة لم أكن أنوي قتلك"

ابتسامة جانبية صغيرة اعتلت ثغر وهو يتابع تعابيرها المتألمة من مرارة الحقيقة ليدنو مقتربا من وجهها أكثر

"تماما، هكذا يعبر الناس للطرف الآخر أيتها الفرنسية، تعمى بصيرتهم للحظة ثم يصبحون مثلي"

"مهما زعمت أن روحك ملائكية و دواخلك صافية، حتى لو تفاخرت بطيبة قلبك و استحقرت أمثالي، أنت كذلك تملكين ذات الوحش داخلك، فقط جميعكم منافقون"

أكمل كلماته التي كانت بمثابة نار حامية تسكب على خافقها وقد هدأت شهقاتها، وأمطرت عيناها بصمت للعمق المتجلي بين حروفه و الرسالة التي يحفرها داخل رأسها بنبرته الهادئة و تحديقاته الثابتة

جعلها ترى ما بصدره

لكن الطريقة كانت عنيفة و مؤلمة لزهرة رقيقة كإيما

طريقة الغراب في كشف جزء صغير من نفسه الغامضة

طريقته المظلمة كهيأته

"أنت قاس جدا"

قالت بهدوء بين دموعها

"تحاول ترويضي بعنفك وقسوتك دائما، تقابل الجرح بالجرح وتجعلني أتذوق مرارة ندوبك عن طريق فتح أخرى بداخلي، تجعلني أرى ما بعقلك عن طريق كوابيس تحبس أنفاسي و تقيد أطرافي بسوادك لأن البياض بداخلي مشع كثيرا يؤذي عيناك"

عقد حاجبيه يتأمل كيف هدأت انتفاضتها وعادت لهدوء محياها تلقي عليه توبيخا بلسانها اللاذع

لاذع لدرجة تسميمه لخفايا لطالما دفنها لأعماقه وخبأها بحرفية

لكن خضراءها كانت كالسحر تبصر كل شيء حتى المتخفي

"لكنني لست هكذا، أنا خلقت من الحب لا أرى غيره ولا أخضع لغيره وقسوتك هذه لن تحرك بداخلي سوى القسوة، مهما حاولت أنت لن تلطخني بسوادك ولن تسحبني لكوابيسك، أنا لست ما تحاول صنعه ولن أصبح أبدا"

"هل علي أن أحبك إذن؟"

رفع حاجبه قائلا بسخرية لتدفعه بعيدا عنها فقد اكتفت من حصاره وسجنه

"أوه لا تفعل، رجاء إياك أن تفعل لأن من مثلك إن أحب قتل"

اختفت علامات السخرية و الاستمتاع من وجه الأكبر مستنتجا أن السهام آتية من بين تلك الشفاه الرقيقة و الملامح العذبة

"أنت عبارة عن مستنقع مظلم تسحب إليه كل مقترب، أنت كالطوفان تدمر من حولك و تنسف أرواحهم بالأذى، فما بالك بمن تحب، أنظر كيف عائلتك تشكو سوادك، وكيف شقيقك وقع ضحية لقبح داخلك، أنت لا تصلح للحب و لا يليق بك غير السواد فاغرق فيه وحرر رقاب أقربائك بابتعادك عنهم، ذلك أفضل لهم من أن يحبهم رجل مثلك"

أمطرته بسيل كلماتها

حتى تشبعت بانكسار وجهه و ذبول أحجاره السوداء

حتى حمل عرض منكبيه وغادر بقعته صامتا

لتزفر بشدة عندما انفردت بذاتها ثم مررت كفيها على ملامحها تشكو قبح الأحاسيس التي تشعبت بأوتار خافقها منذ أن جعلتها مرآة عيناه تنظر لوجهها الآخر

"أنت لست مثله إيما، أنا شخص جيد، أنا حقا لم أنوي قتله هو من افتعل ذلك الجنون وحده"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊


ǀالثامن عشر من ديسمبر- الحادية عشر صباحاǀ

"سيدة هي سو رجاء، أنا حقا لا أستطيع"

"أرجوك سونا، فقط هذه المرة وأعدك أن لا أكررها مجددا "

زفرت الشابة محدقة بوالدة زوجها التي تقف على باب منزلها

تأتي لزيارتها للمرة التي تعلم كم

وقد سمعت سونا ذات الوعد يتردد في كل مرة و هي تعض أصابعها ندما منذ أول مرة انقادت خلف عواطفها وسمحت للمرأة بدخول منزلها سرا دون علم زوجها المحقق

استقرت المرأتان على الأريكة و الكبرى لا تنفك بإلقاء كافة عبارات الشكر التي تحفظها على زوجة طفلها

المحقق القاسي جدا لدرجة قطع علاقته بوالدته وعائلته جميعا

لم يسمح لها حتى بزيارة بيته ولقاء زوجته

بل الأهم حفيدها

قطعة كبدها الصغيرة التي ما إن انقشع محياه لعينيها حتى انفجرت باكية لرائحته الحلوة و دفئ عناقه الصغير

حينها شعرت بالامتنان الكبير للشابة التي خاطرت و عصت رغبات زوجها حتى أنها أدخلت جدة طفلها لمنزلها وسمحت لها بإشباع رئتيها بعبقه الأخاذ

لكن الأمر بات يتكرر كثيرا

في كل مرة تأتي لهما محملة بوابل من الهدايا لجوهان الصغير

ومهما حاولت سون ردعها بلطف تتمادى أكثر ولا تستسلم و تبدي كافة تعابير الحزن والألم كي تنال شفقتها لمدة أطول

"أين جوهاني؟"

تتساءل الجدة بلهفة متفحصة الأرجاء ببريق عينيها علها تلمح الصغير في ركن ما

"سيدة هي سو قبل ذلك علينا أن تحدث"

"بالطبع عزيزتي قولي ما بجعبتك وأنا كلي آذان صاغية، أساسا أنت غالية كثيرا ما فعلته لأجلي كاف حتى أرد الدين لبقية عمري"

زفرت سونا بتعب فجزء منها مشفق على المرأة الكبيرة كيف قاطعها كلا ولداها و حرماها لذة الأمومة بينما جزء آخر مدرك تماما للمصيبة التي ستحل على رأسها إن علم هوسوك بما تفعله خلف ظهره

وهي حتما لا تريد جرحه بأفعالها وعدم احترامها لرغباته

نظرت ليد المرأة التي تحتضن خاصتها لتشد عليها، حزينة لما ستقوله

"أنا حقا آسفة لكن على هذا أن يتوقف"

"لماذا؟"

اغرورقت مقلتا الكبرى بالعبرات الأليمة

"هوسوك بات يشك في الأمر، في كل مرة يتساءل عن صديقتي المجهولة التي تزورني دائما وتحضر كما هائلا من الهدايا لجوهان، وجوهان كذلك يكاد يفضحني فثغره لا يكف عن وصفك لوالده وإخباره بكم عيناك تشبهانه وأنا بت غير قادرة على الكذب "

"سونا أنا أرجوك"

"أعفيني سيدة هي سو أنا حقا لا أستطيع، هوسوك يثق بي أكثر من ظله حتى لكنني أطعنه في ظهره يكفيني شعوري بالذنب"

"لكنك تحرمينني من حفيدي، لقد تعلقت به و صدقيني قلبي لا يقوى فراقه يكفيني والده الذي حرم على نفسه مناداتي بأمي"

صمتت الصغرى تقضم شفاهها لحال الأم المؤلم

وربما لو لم تكن أما هي الأخرى لما تفهمت عمق الألم الذي يفتك بالمرأة

"حسنا، لكن دعينا نلتقي بأماكن أخرى غير المنزل، ولمدة أقصر، هذا أقصى ما يمكنني"

كأنها ألقت بمفتاح الفرج عليها فقد أنار محايا وانقضت على الشابة بعناق يكافئ طيبة قلبها وقد شكرت الرب كثيرا لاختيار ابنها زوجة نقية مثلها

"ماما"

جاء الصغير مبعثرا بخطواته متحمسا بإخبار أمه إحدى المعلومات البريئة التي توصل إليها عقله اللطيف لكنه شهق بسعادة حالما لمح الخالة الطيبة التي تلاعبه دائما و تهديه الكثير من الألعاب

"سو!"

هتف باللقب اللطيف الذي اختاره للمرأة التي تكاد تلتهمه عيناها بحب

فتحت ذراعيها حتى تستقبل عناقا حارا من صدره الصغير وهو ركض إليها مقهقها بسعادة

"تعال إلي يا حبيب سو"

راقبتهما سونا بابتسامة صغيرة

حزينة لحال الاثنين

فطفلها لا يعرف حتى أن التي تغمره بحضنها الدافئ هي جدته و أم والده لكنه محروم بالاستمتاع بهذه العلاقة

لأن والده مجروح وغاضب من عائلته للحد الذي حرم فيه ذكر أسمائهم أمامه

غير مستوعب أن أفعاله ستؤثر سلبا على طفله

وسيكبر بعيدا عن أحضان أكثر البشر حبا

لن يحظى بدفء عائلته و لا يوجد ما سيعوض له ذلك

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ǀ الخامسة عصراǀ

"جئت أخيرا"

هوانغ الغاضب انفجر بوجه جونغكوك فورما قابله يدخل البيت كأنه كان متعطشا للقائه

والمعني نظر حائرا لمعالمه الثائرة كيف تصرخ بشتائم مكتومة

"ماذا هناك؟"

"اسمعني جونغكوك، أقسم أنك إن لم توقف زوجتك تلك عن تصرفاتها اللعينة سأضطر للتدخل ولن يهمني رأيك آنذاك"

الغرابي ضرب لسانه بباطن وجنته غير محب للأسلوب الذي يخاطبه به الأكبر، لكنه كتم حقده أساسا أعصابه تالفة منذ الأمس

فذلك الحقير الذي اختطف إيما تبخر كالمياه ولم يترك خلفه أثرا

لا يطيق صبرا لقبض رقبته بين أنامله وتلقينه درسا مثاليا عن ماهية اللعب مع الغراب

ليته فقط يمسكه

ولو ظله حتى

"وماذا فعلت زوجتي؟"

تخطى الرجل قائلا ببرود غير مبال بالخزعبلات التي سيمطره بها إلا أن أطرافه تجمدت بذات البقعة عندما وجده يقول

"لقد استدعت المحقق لقلب منزلي وها هما يحتسيان فناجين القهوة بكل وقاحة داخل حديقتي أيضا"

الغراب كور قبضته بقوة

ألم يحذرها ؟

ألم يمنعها عن اللعب معه؟

ألم تستفد شيئا من درس البارحة حتى؟

بينما في الحديقة كان المحقق يجلس رفقة أحد رجاله الذين أحضرهم خصيصا لإيما

حتى يتكلف برسم معالم المجرم الهارب طبقا للمواصفات التي ستدلي بها

وكم كان من السهل رسمه

فملامحه و قذارة نظراته قد حفرت عميقا بذكرياتها

"ما رأيك؟"

يقول الرجل لذات الخصلات العسلية التي تجلس بكامل أناقتها تبادل المحقق إيماءة صغيرا

"يشبهه كثيرا"

ابتسم هوسوك مطريا على الرسام

"أعدك سأجده في أسرع وقت، وسينال عقابه"

"آمل ذلك"

"اسبقني مارك"

أمر الرجل الآخر الذي نفذ فورا واستأذن راحلا ثم نظف حلقه قائلا بتردد

"لما استدعيتني إلى هنا؟ هل منعك عن رؤيتي؟"

"أوه لا تقلق حضرة المحقق فقط استهويت اللعب قليلا"

نظرت له بابتسامة ساخرة ثم أكملت

"أظنك عشت هنا وتعلم كم هذا المكان ممل بالفعل"

قهقه الآخر فقد اعتاد على شخصية إيما وردودها اللاذعة لكنه يدري أن خلف هذه المعالم المستهزئة قلبا نقيا بالفعل

"أعلم الكثير، حتى أني أجزم أن البخار يحلق من رأس هوانغ بعدما قابلني داخل بيته"

كان حديثه كفيلا برسم بسمة رقيقة على ثغر ذات أعين الربيع التي احتست من عصيرها بهدوء ثم عقدت حاجبيها مستعيدة جدية ملامحها

"اسمع هوسوك"

وجدها تسقط التكاليف بينهما فجأة ليسعد داخليا بالثقة التي كسبها منها

"صحيح أنني اتخذتك معينا لي في هذه القضية لكنني أرجوك ألا تضع نفسك في دائرة الخطر بأي شكل من الأشكال، بإمكانك التراجع في كل مرة تهدد فيها حياتك، وأنا حتما لن ألومك بل سأظل شاكرة دائما"

"لن يحدث لي مكروه اطمئني، هذا عملي الاعتيادي"

"والدي كان محققا بارعا لكنه فقد حياته "

استشعر الحزن في نبرتها ليحن قلبه على الشابة اليافعة التي جربت اليتم في سن صغير

"عليك دائما أن تفكر بزوجتك و طفلك قبل كل خطوة تخطوها العمل ليس كل شيء، والانتقام ليس أهم من العائلة "

"لا تقلقي عائلتي أهم عندي و أغلى من أي شيء بهذا العالم"

ردت ابتسامته ولم يهدأ قلقها بالفعل فالخوف الذي قرأته بعيني شقيقه مسبقا جعل ضميرها يصرخ بسوء ما جعلت المحقق يواجهه

ستصلي له حتى يظل آمنا دائما

لأجله حمايته و لأجل بقائه بجانب طفله الصغير و زوجته

"أستأذنك الآن إيما"

"أنا ممتنة لك"

وقف الاثنان استعدان لرحيل المحقق لكن الأكبر زفر بعمق عندما حل ما كان يتمنى تجنبه طول الوقت

"ما بالك أيها المحقق لا ألقاك سوى مغادرا؟"

"أنهيت عملي وأنا مغادر"

"بالطبع، تفضل"

فتح الغرابي ذراعه يدعي النبل بتصرفاته المستفزة

هوسوك يكاد يلكمه بمنتصف وجهه الثابت ذاك لكنه نظر لإيما يحرك رأسه والأخرى رفعت يديها مودعة له

أما الغراب فكان ينقل بصره بينهما بابتسامة مختلة احتلت ثغره

"حظا موفقا في إيجاد المجرم"

أردف مميلا رقبته والمحقق ألقى عليه نظرات حارقة

"قبلي"

أكمل مربتا على كتفه ثم عاد للخلف يشاهد أخاه يغادر كاتما غيظه

"كم أحب هذا"

تقول ذات أعين الربيع مسلطة ابتسامة مستمتعة بعدما ضمت ذراعيها لصدرها والآخر ينظر نحوها بوجهه المتجهم

"أقصد هذه المسرحية، خاصة عندما ينادي مجرم شخصا آخر بذات الاسم، يجعلني هذا متعطشة لاصطياد كلاهما"

رفع حاجبيه هو الآخر يجاري لعبتها السخيفة في نظره

"هذا واضح"

"أقصد حبك للمجرمين، حتى أنك تقمصت دور واحد ببراعة "

"بل كدت تصبحين كذلك منذ زمن قصير"

"أقفل فمك"

نهرته بحدة تكره تشبيهها بشخص مثله أو مثل ذلك القذر الهارب

"كيم تايهيونغ"

قرع ناقوس الخطر عندها مباشرة بعد سماع اسم شقيقها ينساب من ثغره لتوسع عينيها

"ماذا فعلت لشقيقي؟"

"هاتفك تحطم، والمصحة تواصلت معي بدلا عنك"

ظنت إيما أن مكروها سيئا حل بشقيقها حتى ارتعشت سيقانها وكاد يغمى عليها للأفكار التي عبثت برأسها

لكن الغرابي كان سريعا لإنهاء عذابها و طمر مخاوفها

"تم تسريحه اليوم، هو في طريقه إلى هنا"

"أنت لا تمزح صحيح؟"

يدها كانت موضوعة على خافقها تبحث بين سوداويتيه بلهفة حتى تتحرى أي علامات عن التلاعب أو المكر لكنه فقط ظل ثابتا

وهناك أزهر محاياها بابتسامة ولمعت خضراءها ببريق يحمل قنبلة من السعادة

يدها غطت ثغرها تهضم الفكرة داخل رأسها مرارا وتكرارا ولم تشعر بالضحكات النقية التي تراقصت خارج حنجرتها لتركض للداخل بطاقة عجيبة استولت عليها

تايهيونغ قادم

روحها و بلسم جراحها قادم

آت بالفرح و السكينة و الأمن و المحبة

آت بالحنان و المشاعر

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ترجل الشاب طويل القامة من السيارة الفخمة التي أقلته مباشرة من المصحة

كان السائق قد فسر له مسبقا أن زوج شقيقته أرسله لاستقباله وقد كاد يرفض الدعوة لولا وجه شقيقته الذي اخترق عقله و جعله يخضع

تايهيونغ لم يرد أبدا أن يكون عبقا على عاتقها لكنه سيؤجل الأمر

بنيتيه تفحصتا المبنى الفخم أمامه وكم كان مزينا ومصمما بإتقان

الحديقة وحدها كافية لتشييد منزلين آخرين

وقد استغرب الكم الهائل من الحرس والرجال ذوي البذلات السوداء والجثمان الضخم

"تفضل سيدي"

أرشده الرجل للمدخل الرئيس بعدما رن الجرس و تركه ينتظر من يستقبله

"أنت السيد كيم أليس كذلك"

أومأ للفتاة البشوشة لتسمح له بالدخول وقد لمحها تهرول للداخل ثم عادت و برفقتها زوج شقيقته

سمعه يأمرها باستدعاء إيما ليخفق صدره منتظرا ردة فعلها الدرامية حينما تراه حرا أخيرا

"مرحبا بك"

يقول ذو الخصلات الفحمية باقتضاب بعدما مد يده لمصافحة الأصغر

كعادته بارد الملمح، ثقيل الكلام، عديم الابتسام

يقف بهالته السوداء، ثيابه الأكثر سوادا ومقلتيه الحادة تخترق الشاب الذي و بطريقة غريبة كان يحمل ذات البرود بين عينيه

تايهيونغ بدوره كان حاد النظرات تجاه زوج شقيقته

"شكرا لاستضافتي، هذا كرم بالغ منك"

وضع يده الباردة مصافحا الأكبر و هالة مشحونة تحلق حولهما

كانا كجبلين من السواد اصطدما ببعضهما

يقفان شامخان بذات الفراغ يحوي عدستهما

ولم يتفكك الشد بين كفيهما حتى كسر البرود هالة من الدفئ التي انبعثت في الأرجاء

فقد حل صراخ إيما باسم شقيقها و رآها تركض مبعثرة نحوه بخضرائها الباكية و أنفها المحمر ليبتسم على لطافتها وعلى حبها و اشتياقها

ذات أعين الربيع انقضت عليه

غير واعية بأنها العنصر الذي اخترق حرب الأعين بينهما ووقفت في المنتصف تفصل جسد شقيقها عن جسد الغراب الذي لا زال في بقعته يشاهد هيكلها الصغير الذي اندس في المساحة الضئيلة بينهما

دفنت رأسها داخل صدر أخيها الواسع تتمسح بثيابه و تستنشق رائحته معتصرة إياه بين أحضانها والأصغر ابتسم قائلا

"لا تبكي"

نفت تغمره وجهها أكثر لتجيب بصوت مكتوم

"اشتقت إليك، دعني أفرغ اشتياقي"

أخذ يربت على رأسها بحنان وقد وقعت عيناه على خاصة الغراب مججدا

لكنه استبدل برود محياه بابتسامة عذبة عندما رفعت رأسها إليه تكوب وجهه بحنان

"صغيري أنت"

قالت مقبلة جبينه ليغمض عيناه لسيل الحب الذي تسقيه به

"روحي أنت"

طبعا قبلة على وجنتيه كذلك ليرفع يديه هو الآخر يمسح العبرات عن وجهها

"انتهى ، مضى كل شيء"

أردفت ممسكة بكفيه تعانقهما وتقبلهما ثم عاودت عناقه بلهفة

تداعب نعومة خصلاته الطويلة وتشكر الرب مئات المرات على لطفه واستجابته لصلواتها كاملة

ثم أمسكت كفه تجره رفقتها حتى يحظوا ببعض الخصوصية و تشبع عينيها برؤيته سالما معافى بين أحضانها

تجاهلت الغرابي بل لم تنظر لوجهه حتى واستمرت بسحب شقيقها الذي ينظر للأرجاء وقد لمح بعض الأفراد بغرفة المعيشة

"إيما"

استوقفها لترمقه بحيرة فأشار للأعين التي تلاحقهما

"ألا يجدر بي إلقاء التحية على الأقل"

قلبت عينيها بضجر لكنها استسلمت فقط حتى يبدو كل شيء طبيعيا

عرف الفتى بنفسه وألقى التحية

"مرحبا بك بني"

كانت هي سو الوحيدة من استقبلته بابتسامة

"كيم تايهيونغ سمكث عندنا من الآن فصاعدا"

قطع الغراب إحراج الشاب يرمق مي يونغ و زوج والدته بحدة

"جيد جيدا، ما رأيك أن تحضر كل كيم بالبلاد و تسكنه لدينا"

أردفت العجوز بحقد لسانها لكن سرعان ما نهاها الجميع بنظراتهم لتزفر بحنق

حينها إيما لم تنتظر بل جرت شقيقها مجددا وأدخلته غرفتها

"ما بالها؟"

"عجوز خرفة لا تهتم"

جلست قربه محتضنة ذراعه ثم أسندت رأسها على كتفه مبتسمة براحة

وقد اتسعت ابتسامتها حينما شعرت باهتزاز كتفه

صغيرها يضحك

ثمينها يضحك

"أين إيما الحنونة؟ "

ضربت كتفه

"كأنك لا تعرفني"

"أوه أختي العزيزة أعرفك وأعرف هذا اللسان الطويل جيدا، أساسا كان الجزء الوحيد الذي ينمو بجسدك"

"اصمت أيها اللعنة"

قضي الشقيقان ساعات طوال في الحديث و سرد بعض الذكريات

وكم كان اختلاف شقيقها واضحا

كان يبادلها المشاعر والضحك كأنه تايهيونغ الصغير

حاليا كلاهما جالسان على الأرضية الباردة يستندان بالسرير خلفهما كما اعتادا فعله أيام الطفولة

"تاي تاي، ابق قربي دائما"

"سأكون هنا لأجلك طول الحياة"

"انظروا للرجل الناضج كيف يتحدث"

عادت لنبرتها اللعوبة تتلذذ بالسعادة التي تتغلغل بأعماق أوصالها

"الرجل الناضج في الخدمة سمو الأميرة"

نهض من مكانه لينحي بالطريقة الملكية

تلك كانت عادة جميلة لدى عائلتهم فوالدتهم كانت مغرمة بالحياة الملكية والأسلوب الراقي مما جعلهم يلقبونها بسمو الملكة و هما كانا يلقبان بضعهما بالأمير والأميرة ويجدان الكل مندمج في التمثيلية الصغيرة

"ذكرتني بالكعكة التي حضرت، سأجلبها لك"

عادت بالقالب الشهي بين يديها تحرك حاجبيها للذي برقت عيناه و سال لعابه لحلواه المفضلة

"تبدو شهية"

"بالطبع هي كذلك، أنا من أعدها"

"انظروا للغرور، ليتك استثمرت لسانك كهذا في قامتك ما كنت لتكوني سنفورة"

أظلم وجهها بشر تضع القالب بعيدا ثم عادت إليه

"أقلت سنفورة؟"

أخرج لسانه ناحيتها لتشهق صارخة

"تايهيونغ، أيها اللعين لن تتذوق كعكتي"

"كنت أمزح ما بالك"

"لا يهمني"

"أنت شريرة"

"شكرا، أعلم ذلك"

"أتساءل كيف وقع ذلك المسكين في حبك"

لم يغب عن بنيتيه كيف هدأت أطرافها و ارتخت عيناها لوهلة ليتضخم الشك بدواخله أكثر

لكنها كانت ممثلة بارعة

"أتقصد أنني لا أستحق الحب؟"

"تستحقين من يهديك العالم بأكمله"

قال منحنيا يقبل ظهر يدها لكنه تأوه بألم عندما ركلت ساقه دون رحمة

"منافق، تتملق لأجل الكعكة"

حملت القالب لتخرج به والآخر سقط فكه بدهشة

"إيما، لما تأخذينها"

انتحب خلفها يتبعها على السلالم

"لن تتناولها"

"فقط قطعة صغيرة أرجوك"

استمر بالاتصاق بها وهي تبتسم بمكر مدعية الغضب

"على جثتي"

بات الاثنان بالأسفل يسرقان انتباه العائلة المجتمعة

وكلاهما انغمسا في براءة التصرفات الصبيانية غير عالمين للأعين المستغربة من الصخب المفاجئ الذي حل بمنزلهم

"إيما لا تكوني قاسية"

"تؤ تؤ"

"ماذا تريدين سأفعل أي شيء"

"أي شيء؟"

أومأ الأصغر بلهفة

"قبل قدماي"

أصدر المعني أصواتا متقززة

"قطعا لا"

"حسنا"

رفعت كتفيها مغادرة بالحلوى التي تكاد تنفجر من نظرات تايهيونغ الجائعة نحوها

"أساسا الكعك الذي تعدينه سيء"

"سيء؟"

"أجل بعيد جدا عن المستوى"

وضع يده عاليا يصف لها المستوى وقد وسعت حدقتيها تشير بأصبعها لصدرها بصدمة

لم تشعر سوى بيدها تقذف بالقالب نحوه حتى تلطخ وجهه وثيابه كافة

هي سو شهقت بصدمة و سو مين انفجرت ضاحكة أما مي يونغ وهوانغ فكانا يراقبان بحنق

الغرابي كان قد وسع عينيه لثانية

يشهد ضربا من الجنون أمامه

يشهد ابتسامتها المختلة تعتلي معياها وخضراءها تلمع بانتصار طفولي

أليست من كان يقبله و يبكي بأحضانه قبل ساعات؟

"صحة وعافية تاي تاي"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ǀالواحدة بعض منتصف الليلǀ

قمر الليلة كان مضيئا ينير عتمة التائه

أنفاس النيام غمرت بانتظامها سكون الرياح الهادئة

نسيم من رائحة التراب العذبة حلت مكان المحروقات التي خلفها ضجيج السيارات

كان الغراب جالسا على الكراسي الباردة

بين يديه كأس نبيذ قاتم يرتشف منه بين الحين والآخر غير آبه بقسوة البرد حوله ولا النسيم القارض الذي يعانق عظامه

كان فقط هادئا، شاردا داخل عقله

مكتفيا بالصمت حوله والسماء التي احتضنت لونه و سكونه

استشعر الجسد الذي حل بجانبه ليرمقه بطرف عينيه

كان تايهيونغ

بعدسته الباردة يبادله الاتهامات و الشكوك

مد له كأسه لكن الأصغر نفى والآخر تجاهله يعيد القطعة الزجاجية لثغره

"إيما لا تحبك أليس كذلك"

"وما مناسبة هذا السؤال؟"

قال بسخرية

"أنا أعرف أختي جيدا، عينيها ذابلة كأنها بلا روح، لكنها تجاهد لتخفي الأمر"

لوى الأكبر شفتيه كأنه يثني على قدرات الشاب الخارقة بطريقة ساخرة استفزت ذو البنيتين

"أنا لم أعجب بك منذ أول يوم رأيتك، صدقني لن تكون مسرورا ان اكتشفت أنك أذيتها، سأجعلك تندم"

"جيد"

وجد الأصغر الغرابي مستفزا لأبعد حد حتى أنه قد تساءل كيف لأخته الرقيقة أن تتزوج بشخص مثله

إيما التي تعيش وتتنفس حبا

إيما التي تتيبس روحها دون حنان من مقربيها

لذلك هو حمل نفسه يترك الرجل مختليا بذاته

"فقط اعلم أن أختي جوهرة ثمينة، هي زهرة رقيقة تتغدى بالحب و تموت بدونه، إيما قد تتيبس روحها دون عناق دافئ و قبلات حنونة، إيما إن أحبت تمنح الحب أضعافا تلتصق و تغرق محبوبها به لكني لا أراها تفعل ذلك حولك، وهذا سبب كاف حتى تجدني بطريقك دائما من الآن فصاعدا"

الغرابي بقي محدقا بكأسه يرى انعكاس وجهه هناك

يخفي تركيزه بحديث ذو العشرين ربيعا

" تصبح على خير سيد جيون"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

مرحبا ألماساتي كيف أحوالكم

أتمنى البارت الطويل يكون نال إعجابكم وعوضكم على الغياب

البارت فيه حوارات عميقة يمكن مو كل واحد رح يفهم المعنى المخفي وراء الكلام لهيك أتمنى منكم تعليقات كثيرة

لحتى شوف لأي عمق بتفهمو شخصية جونغكوك

أتمنى تكونو اسمتعتو

ما بعرف إذا السرد كان جيد

وفي الأخير ممنونة لدعمكم وكلامكم الحلو

بفضلكم انا رجعت

بخصوص رواياتي رجاء رجاء رجاء

انا ما بسمح أي سرقة أو نشر لكتاباتي دون إذني في أي موقع كان

بتمنى كون وضحت بشكل أوضح من الوضوح حتى ما نحزن من بعض

أحبكم(لونا)

Continue Reading

You'll Also Like

128K 14K 29
مَن قالَ اننا كبشرٍ الكائنات الوحيده علي الأرض؟ بارك جيمين هانا مواعيد التنزيل: كل خميس و جمعه Started:11/11/2021 Ended:11/2/2022 ○الرواية مليئه بكل...
87.6K 8.4K 15
•"مرحبا!اسفة على هذه المكالمة،أعرف أنك الأن قد تراني فتاة ليل او مختلة،و لكن لا يهم،أنا فقط أريد منك الإستماع إلي لبعض الوقت." "أنا معك" •بَارك اُولِ...
5.4K 829 23
- عِندَما تَجِدُ القِيثَارة لَحنَهَا المَنْشُود . - قِيثَارَة 1960 . ~نشرت تامة يناير 2020 ~فصول قصيرة
15.6K 1.7K 9
أحبها فأرادها له حباً، لكنها رفضته ليقرر أن يأخذها تملكاً، فهو الماتدور الذي لايهاب شيئ، كيف لفتاة أن ترفضه بسبب كونه "ماتدور" -اسمعي عزيزتي، أنتِ تق...