جيون جونغكوك: سجن الغراب

Von kim_luna1

696K 37.3K 64.6K

《يلقبونه بالغراب، يقال أنه صاحب إبليس في قعر جهنم ثم لفظته النيران على شكل أرض جافة قاحلة...المشاعر؟!..لا مكا... Mehr

00
01:الغرابي الغامض
02:سجينة الغراب
03: ومضات من الماضي
04: ليست سوى البداية
05: فرصة
06: لعبة المشاعر
07: مكر الغراب
08:من أنت؟
09: صراع الإخوة
10: أعطني حريتي
11: تجربة
12: بلا أجنحة
13: خدعة
15: دموع الملائكة
16: غضب الغراب
17: زهرة الحب
18:نبضات القلب
19: عواصف و عواطف
20: الجريمة و العقاب
21: دم، عرق ودموع
22 : عازف المزمار
23: البجعة السوداء
24: الحسناء و الوحش
25: أزرق و رمادي
26: همسة ولمسة
27: شبح الماضي
28: دفء الغراب
29: رياح عاتية
30:أشرق الحب
31: سهم كيوبيد
32: بداية اللعبة
33: الحقيقة المخفية

14: لوسيفر

17.8K 1K 1.7K
Von kim_luna1


"في عيونك رأيت وطنا وأنا الذي طالما حييت تائها بلا انتماء"


|السادسة مساء|

ذات أعين الربيع ما فتئت تراقب غروب الشمس خلف الجدار الزجاجي، خضراوتيها تلمعان إثر المشهد الساحر الذي لا زال محافظا على بريقه الاستثنائي رغم تكراره يوميا

نادرا ما نرى الجمال بالتفاصيل الصغيرة التي ربما تعودنا عليها وباتت أمرا بسيطا

لكن الشروق والغروب، زرقة السماء الصافية وثوبها الأسود الليلي لطالما أبهر مقلتيها ولطالما قادتها قدماها لتأمل بديع صنع الخالق

مضت بضع ساعات على عودتها للشقة وحيدة بعدما تركها الغرابي أمام بوابة الإقامة مغادرا دون كلمة

وهي الأخرى اختارت الصمت عقب رؤية الاحمرار الذي داهم عينيه و أنفاسه المتسارعة طوال الطريق

حتى أنها تكورت بمقعدها دون الاحتجاج على سياقته المتهورة

لسبب ما وجدت أن إغضابه آنذاك لن يكون بصالحها، أو ربما لسانها انعقد من كم المفاجآت التي تلقتها بمكتب المحامي

فإن كانت جثة الضحية تحمل اسم جيون هوسوك بينما هذا الأخير على قيد الحياة

فمن الذي قتله شقيقها؟ من يكون لوسيفر؟ وكيف تم التلاعب بكل شيء؟

والأهم من هذا كله

من الفاعل؟

رنين الجرس أيقظ إيما من شرودها لتخمن أنه ربما روني

لذلك تحركت بتملل تفتح الباب بوجه ممتعض إلا أنها تفاجأت بالزائر غير المتوقع

"آسف لإزعاجك في هذا الوقت المتأخر"

أردف بنبل شديد ملقيا نظرات الاعتذار نحو من تنظر نحو بتعجب

ما الذي يفعله شقيقه هنا؟

ما كادت تنعم ببعض الراحة من وجوده المستفز حتى جاءها أخوه لأسباب مجهولة

بقيت تطالعه بحيرة حتى نظف هوسوك حلقه قائلا ببعض الإحراج

"أ أستطيع الدخول؟"

هي عقدت حاجبيها دون رد مجددا ليبتسم الآخر مطمئنا

"أعلم أنه غير موجود لا تقلقي"

كلامه هذا زاد من حيرتها لتتبعه بأعينها وهو يحمل نفسه للداخل بثقة بينما هي كانت تفكر بطرده فعلا

في الحقيقة ليست قلقة ولا خائفة من الوحش وعائلته

جميعهم يعبثون بأوتار أعصابها ولا تتحمل تفاهة أخرى من مختل آخر ينتمي إليهم

"إن لم تكن هنا لأجل شقيقك، ما الذي جلبك إذن؟"

ضمت ذراعيها قائلة بهدوء جاعلة من المحقق يبتسم بلطف مشيرا لها بمشاركته المقعد حتى يقول ما بجعبته براحة

إيما لبت دعوته لتجلس بالمقعد المقابل له برزانة مخفية قلقها من الآتي ومن ظهور شقيق الغرابي الغريب

"أنا آسف لأنني لم أجدك قبل اليوم"

نظرت له باستفهام ليكمل بنبرة خافتة

"صدقيني كنت أبحث عنك منذ قدومي لسيؤول ولم أجد لك أثرا، لم أعلم أنك في قبضته، أنا أعتذر لك من كل قلبي وأعدك أنني سأحررك منه ثقي بي ولا تخافي"

"عفوا؟ لا أفهمك"

هوسوك عاد للخلف قليلا متنهدا، لم يدري أن الفتاة ستكون بهذا الهدوء وهي داخل سجن شقيقه

في الحقيقة توقع أن يجدها في حالة مزرية و أن تتمسك به خائفة فور رؤيته وتتوسله لإنقاذها

لكن على ما يبدو فإن جونغكوك قد روضها جيدا وربما إقناعها بما يريده لن يكون بالسهل أبدا

"أعلم أن جونغكوك يبقيك قسرا عنده؟ لكن ثقي بي أنا نائب عام بإمكاني تحريرك فورا، فقط كلمة واحدة منك و أنقذك من هذا السجن"

إيما رفعت حاجبها باستنكار لكلام الرجل

كيف لشقيقان أن تجمعهما حرب دامية كهاته ؟

المحقق يتكلم عن شقيقه كأنه وحش كيف تثق بشخصين تجمعهما رابطة الدماء والعائلة؟

كيف تصدق أن أخا سيتخلى عن شقيقه و يدافع عنها هي، الغريبة بينهم؟

"آسفة لكنني لا زلت غير مستوعبة لمقصدك"

"بماذا يهددك؟ لا تخافي قولي؟ هل يهددك بقتلك؟ بقتل عزيز عليك؟ لذلك أجبرك على الزواج منه؟ إن كنت على حق فلا تقلقي فقط شهادة واحدة منك وأرمي به خلف القضبان "

إيما راقبت انفعاله في الحديث بأعين ساخرة لتقول بنبرة تترجم نظراتها

"لما تعتقد أن شقيقك يبقيني قسرا لديه حضرة النائب؟"

المعني ابتلع ريقه لسؤالها الملغوم، كانت ذكية كفاية للإيقاع به بسهولة و إمساكه من نقطة ضعفه مباشرة

لكنه نظر لعينيها بثقة

"لأنك الشخص الذي من المفترض أن يكون قاتلي"

"ولما سيفعل شقيقك هذا بي إذن؟"

"لكي ينتقم"

"ولما سينتقم مني؟ "

"إيما رجاء"

قال هوسوك بنبرة مهزوزة لتبتسم إيما في وجهه بسخرية

حينها هي ضمت ذراعيها لصدرها ثم عكفت جذعها منحنية إليه

"هل ستفعل ذلك لأجلي حقا؟ ستزج بأخيك من لحمك ودمك بالسجن دون الالتفات خلفك؟ هل ستفضلني على شقيقك الذي انتقم لأجك رغم مرور وقت طويل؟ هل تكرهه لتلك الدرجة؟ ألن تعطف عليه ولو قليلا؟"

"لن أفعل"

ضرب قبضته الطاولة بغضب وإيما تحاصر أعينه الهاربة

"لا أصدقك"

"ثقي بي رجاء"

"أنا هنا بإرداتي و تزوجت شقيقك بإرادتي الكاملة"

هوسوك زفر بإرهاق ليرمقها متوسلا

"لا تكذبي أرجوك، شهادتك تهمني، أعلم أنك مسجونة لا أدري بما يهددك لكنه حقير كفاية ليفعل بك كل ما هو سيء أعلم أنه وحش آدمي لكن ثقي بي أنا قادر على حمايتك"

إيما بقيت تستمع له بصمت

وعقلها متعجب لكيف ينطق بالسوء عن شقيقه بسهولة

حتى لو كان تايهيونغ وحشا هي كانت ستحميه حتى النهاية

ليست فخورة بذلك

لكنها أخت كبرى وغريزة الأخ أن يحمي إخوته دائما مهما كان كأنه والدهم

هكذا تشعر هي نحو صغيرها تايهيونغ

لو قتل مئات من لوسيفر كانت ستحمي ظهره دائما وليست آسفة لمدى سوء تفكيرها

لكن هذا الذي أمامها يحاول إقناعها بما هو منافي تماما لعقلها

لم تصدقه ولم تصدق عيناه اللتان لمعتا بالألم و الحسرة فور التفوه بكل ذلك عن شقيقه

"هذا ما لدي حضرة المحقق"

هوسوك مسح على وجهه ثم أومأ باستسلام

"لا بأس لن أضغط عليك أكثر من هذا، لكن فكري قليلا واتصلي بي في أي وقت"

منحها بطاقته الخاصة لتمسكها بعدما أومأت هي الأخرى

"هذا ليس السبب الوحيد الذي جئت لأجله"

"أعتقد بأنك على علم مسبق بهويتي أنا جيون هوسوك، لكن اضطررت للتخلي عن هويتي بسبب تلك الحادثة كما تعلمين، كل ما أريده هو استعادة شخصي و اسمي و تبرئة نفسي من التهم الموجهة نحوي، أريد إثبات أن جيون هوسوك وتلك الجثة التي دفنت ذلك اليوم ليسا نفس الشخص وأنت الوحيدة القادرة على مساعدتي، أنت رأيت الجثة، هلا ساعدتني لكشف الحقيقة رجاء؟"

"ولما الآن؟ همم؟ لما لم تفعل هذا قبل ست سنوات؟ لما لم تقف بالمحكمة و تصرخ بأنك لست لوسيفر؟ أتدري أنني حكمت بخمس سنوات لأن الضحية كان ذو سلوك جيد و لا توجد أدلة لمحاولته الاعتداء علي؟"

الأكبر طأطأ رأسه عقب عتابها المؤلم و نبرتها المجروحة

"ليتني كنت قادرا حينها، لكنني عشت أمورا سيئة للغاية ربما أطلعك عنها في وقت ما، هل ستساعدينني أم لا؟"

ذات أعين الربيع بقيت تنظر نحوه تفكر فيما ستفعله

هل يستحق المساعدة؟ هل تمد له يد العون ولو كان السبب الذي جعل من الغراب يذيقها العذاب المرير ؟

"رجاء أحتاج استعادة هويتي وتنظيف سمعتي، لا أتحمل حياتي وأنا حامل لاسم مزيف كمجرم متخف"

"لا بأس"

هزت رأسها قائلة

ما الذي سيتغير إن ساعدت شخصا بريئا في أمر صغير كهذا

ما حصل قد حصل، لقد دفعت سنينا من شبابها خلف القضبان، ربما كانت ستكون أخف وأقل ثقلا لو تم كشف لوسيفر الحقيقي

إلا أن القدر قادها إلا ما هي عليه الآن

مد يد العون للمحقق لن يشكل فارقا لا بماضيها ولا بحاضرها

"شكرا جزيلا ، أنا ممتن لك، سأبقى مدينا لك طول حياتي"

أمسك المحقق يدها معانقا إياها بامتنان

كل ما يجوب خاطرها يدور حول الاختلاف الشاهق بين الرجل أمامها وأخيه، تتساءل كيف آلت بهما الأمور وافترقت دروبها حتى يختار الأول طريق الخير والقانون بينما الثاني وقع بمستنقع مظلم وغرقت قدماه بوحل متسخ

كيف هذا الرجل يوزع ابتساماته النقية و يتصرف بنبل شديد كأقرانه من الرجال بينما شقيقه الذي يشاركه رابطة الدم والحياة لم تنقعش عنه نصف ابتسامة و لم ترى ثقبه الأسود يتخلله شعاع واحد من السعادة، كيف هو عنيف و همجي و قاسي القلب دون رحمة؟

هوسوك ابتلع ريقه مجددا ليردف بنبرة أكثر رقة و لطف

"رجاء هلا أعدت التفكير في طلبي الأول ؟"

صمت

"صدقيني هدفي الأكبر في الحياة هو إلقاء القبض على ذلك العجوز، لقد دمر حياتنا وعائلتنا وحول جونغكوك لوحش يشبهه بل أشد سوءا منه، سأحميك بكل ما أملك كما أحمي زوجتي و طفلي، سأعتبرك جزءا من عائلتي، لا تخافي منه، كلمة واحدة منك و سأقيد معصميه بالأغلال وأجعله يدفع ثمن ما فعله بك"

"لم يفعل شيئا"

"إيما!"

"حضرة المحقق"

اعتدلت واقفة بعدما قالت بنبرة صارمة، ثم تقدمت ناحية الباب ليفهم الآخر أنها دعوة سلمية للمغادرة

هو بقي فاغرا ثغره من ردة فعلها العدوانية بعض الشيء

فبحق السماء! لما تدافع عن خاطفها ؟

هو ليس بالغبي

يعلم أن جونغكوك لا يبقيها عنده حبا بها و هي ليست هنا عن طيب خاطر

فلماذا ترفض تحرير نفسها؟

لا يعلم أنها قرأت عينيه جيدا و تبينت مدى الحب المخفي الذي يكنه لشقيقه الأصغر

أنصتت لما خلف حروفه ولم تجد سوى الكذب بكلامه

هو لن يضحي بشقيقه لأجلها

لن يتركه فريسة للموت المحتوم ويحميها تحت جناحه

رأت الكذب يلوح لها و اختارت الطرف الهادئ من البحيرة

"حسنا، أنا آسف"

سار المحقق حاملا خيبته ناويا المغادرة

ذلك قبل أن يبلغهما صوت قفل الباب الذي ظهر من خلاله ذو الهيأة المظلمة

جونغكوك هب عليهم بهدوئه المريب ملتفا بثيابه السوداء كهالته الغامضة

رائحته القوية امتزجت بذرات الهواء جاعلا من الارتباك يتخلل أعماق صاحبة الخصلات العسلية، ليست خائفة منه لكنها متوترة من ردة فعله على وجود شقيقه هنا

لا أحد يتوقعه

الغراب وقف شامخا بابتسامته الجانبية التي قابلت شقيقه

هوسوك أظلم وجهه و تجهمت ملامحه فور اتصاله بعيني شقيقه ليكور قبضته الغاضبة

الأصغر على علم بالفعل بوجود المحقق بمنزله

كيف لا و رجاله لا يبارحون كل بقعة تحتوي إيما

يراقبها كظلها الخفي

"حضرة النائب العام، ما هذه الزيارة المفاجئة؟"

قال بسخرية معيدا خصلاته الفحمية للخلف

"كنت راحلا"

راوغ الأكبر مستئنفا مشيته نحو الباب وهنا جونغكوك أمسك ذراعه ليستدير شقيقه نحوه حارقا إياه بأعينه المشتعلة

"لا حديث لي معك، جئت لأجل إيما وأنا مغادر الآن"

"خذ"

تجاهل الأصغر بركان المحقق ليمد له ملفا ما بهدوء

أمسكه هوسوك يفتحه بعقدة حاجب حتى توسعت عيناه

"من أين حصلت عليه؟"

لقد كان الملف يتضمن وثائق عديدة متعلقة بقضية مقتل لوسيفر، إلا أن انبهار الـأكبر لم يكن سوى نتيجة لوجود تلك الورقة الثمينة والتي كان مستعدا للتضحية بحياته لأجل الظفر بها

لا يصدق أن بين يديه يقبع فعلا الدليل القاطع

الإثبات بأن نتائج تحاليل الحمض النووي لتلك الجثة تم التلاعب بها و تزويرها والآن ما عليه سوى تقديم طلب للمحكمة العليا بإعادة فتح القضية والتنقيب داخل قبر الضحية

آنذلك ستكشف الهوية الحقيقية للوسيفر و سيستعيد النائب العام اسم عائلته

الاسم الذي يتغلغل عميقا بأعماقه ويفتخر دائما بالانتماء لرجل طيب عاش ببساطة لكنه أعطى لأسرته كل ما يملكه لم يظلم و لم يسئ لأي كائن على سطح هذا الكوكب

"ألم أحذرك من قبل؟ ألم أقل لا تتدخل بشؤوني الخاصة؟"

انطلق الشرار من مقلتي هوسوك نحو شقيقه الهادئ، وما يزيد فتيله اشتعالا كانت سوداويتي الأصغر الثابتة نحوه والابتسامة الجانبية الصغيرة المنبثقة عن ثغره بينما يتلقى كف شقيقه الخشنة وهي تضرب صدره بقسوة حتى تزعزع ثبات جسده للخلف مع كل ضربة

ربما المحقق منزعج من فكرة أن جونغكوك بنفسه يمد له يد المساعدة أكثر من كون تلك الوثيقة هو بنفسه وبعظامة منصبه كرجل قانون لم يتمكن من العثور عليها

"لما تحشر أنفك بأموري؟ همم لما تساعدني يا هذا لما ؟"

جسد جونغكوك صار يرتد للخلف بعنف نظرا لقوة الأكبر التي لا يستهان بها بينما هو مستسلم تماما لشقيقه الغاضب

"أنا لا أساعدك أنت، أنا أساعد زوجتي"

قال محافظا على تعابيره الساخرة ببراعة لتتسع ابتسامته المختلة عندما استشعر تحطم ظهره العريض ضد الجدار عقب انقضاض الأكبر عليه كمفترس جائع

شد هوسوك على ياقته خانقا أنفاسه بينما زمجر بعمق حتى تضخمت عروق رقبته

"زوجتك؟ ماذا فعلت للفتاة؟ بما تهددها أيها الحقير؟ هي حتى لا تتفوه بكلمة ضدك بما أذيتها؟ هل أصبحت وحشا لهذه الدرجة؟ هل جعلك ذلك اللعين تغوص لهذا الحد من القذارة حتى تعنف فتاة ضعيفة لا حول لها ولا قوة"

في تلك اللحظة ألقى الحالك بعدستيه نحو صاحبة الخصلات العسلية التي تراقبهما بأعين واسعة وأهدابها التي ترفرف من حين لآخر ثم تبتلع ريقها قلقا مما آلت إليه الأمور

قضمت شفاهها فور التقاطها لثقبه الأسود المسلط عليها بنظراته الفارغة كالعادة

هل تلك إشارة لتحذيرها من الآتي؟

هل يتوعد لها بدفع الثمن؟

هل يحاول إخبارها بأنه سيفرمها عقابا على كلام شقيقه؟

على الرغم من كونها بريئة تماما ولم تتفوه بكلمة سيئة عنه للمحقق؟

جونغكوك كان مستسلما تماما داخل قبضة شقيقه ، حتى أن ذراعيه مرتخيتين للأسفل دون أدنى محاولة للإفلات والدفاع عن نفسه وهذا يزيد من استفزازه للآخر

ضغط الأكبر على ياقته بعنف أكثر أعاد تركيز الحالك نحوه

لتنطفئ ملامحه الحادة و تختفي ابتسامته الجانبية فورما ألقى هوسوك بكلماته الجارحة نحوه

"عار عليك اسم والدي أيها اللعين، وا أسفاه على الجهد الذي بذله ذلك الرجل المسكين في تربيتك، أرادك رجلا قويا يرث طيبته، أرادك كالبطل المغوار في القصص التي كان يرويها لنا قبل النوم، لكنك لم تختر سوى أن تصبح حثالة، أنت تبعت طريق ذلك العجوز القذر، أنت هو الوحش الذي كان يحذرنا أبي منه قبل حلول الليل"

ارتخت مقلتي الأصغر وبهتت أطرافها ليستمر باستقبال حمم الآخر المنفجرة نحوه

كان كل حرف يبدو كما لو انزلق مباشرة من داخل قلب المحقق إلى لسانه، وكل إنش من جسده وإيماءات وجهه ينفعل بدقة مع حروفة وزمجرته الغاضبة

"أحيانا أشكر الرب أنه توفي قبل أن يشهد ما أصبحت عليه"

استمر هوسوك في الصراخ حتى بتر كلماته تلقائيا بعد الذي التقطته عيناه

ابتلع ريقه بصعوبة وتبخر كل غضبه وثورانه فورما شاهد الاحمرار بسوداوتي الحالك والطبقة الزجاجية الشفافة التي غلفت محجريه

حينها وجد قبضته تسقط عن ياقته وساقاه تراجعتا للخلف بارتباك من الأعين الحادة المصوبة نحوه

"ابق بعيدا عني"

مشى نحو الباب مبعثرا و بعد ثواني قليلة لم يبق سوى السكون المطلق مختلطا بأنفاس الاثنان الهادئة

إيما تنظر للغرابي دون تعبير محدد

وهذا الأخير لا زالت سوداويتاه معلقتان على نفس البقعة حيث كان يقف شقيقه قبل برهة

حمل بنيته الضخمة نحو الأريكة ملقيا بجسده عليها مفرقا ساقيه بوسع قم أسند جذعه إلى الخلف بأعين مغمضة

إيما ظلت تحدق بصدره الذي يعلو و يهبط بانتظام حتى قررت أخيرا إلقاء ما بجعبتها

"أنا لم أخبره بأي شيء"

صدح صوتها الرقيق منتشلا الغراب من خلوته العقلية

كشف عن حادتيه مسلطا بصره الثاقب عليها

"حقا؟"

كانت نبرة ساخرة أكثر من كونها غاضبة كما خمنت إيما

ربما الأمر ليس بذلك السوء

ربما هي بأمان حاليا عكس تخوفاتها الداخلية فالآخر لو كان غاضبا لكان حاليا منقضا عليها بهمجية كعادته

"هو أراد المساعدة بقضية لوسيفر"

"لما تخبرينني؟ أنا لم أسأل؟"

هنا إيما ابتلعت ريقها بينما خضراوتيها كانتا تدوران حوله كطفل صغير، كانتا تحملان لمعة من البراءة والارتباك نظرا لعدم تمالكها للخوف الذي داهمها رغم محاولاتها العديدة في طرده والإيمان بأن ذلك الوحش لن يزعزع شعرة واحدة منها

"هل لأنك خائفة مني مثلا؟"

"لست خائفة منك"

هسهست بحدة

"لا يهمني"

أسند رأسه إلى الخلف مجددا ثم أغمض عيناه متجاهلا ملامحها الممتعضة بسبب تصرفاته المستفزة

كانت تشتم نفسها داخليا لزلة لسانها

لماذا تسرعت و حاولت تجنب ثورانه ؟ ليغضب أو ليذهب للجحيم السابعة ما همها؟

"غدا في الثامنة صباحا ستبدأ محاضرتك"

سمعته يردد بهدوء متصنما على ذات وضعيته السابقة ولم تدري متى صدرت عنها شهقة خافتة لتفتح ثغرها مندهشة

"هل تقصد أنني سأعود للجامعة غدا؟"

انفلت سؤالها بنبرة غبية و رموشها تتحرك ببلاهة غير مصدقة لما زار أذنيها خصيصا من فم الغرابي

جزء منها يحثها على عدم تصديقه ربما هي واحدة من ألاعيبه للعبث بمشاعرها ثم جعلها تتذوق العذاب السام كعقاب لما جرى اليوم رفقة المحقق

"هل أصابك الصمم؟"

قال الحالك ببرود معيدا نظراته الهادئة نحو من لا تزال تحلل جملته داخل عقلها وتهضم محتواها بتأني

أن تحصل على خبر مفرح و شيء يجعل من روحها تنبض بالحياة أصبح غريبا لدرجة تصديقها أنها فعلا ولدت لتعاني و تحرم من طعم السعادة والراحة

"بهذه السرعة؟؟"

تساءلت مجددا ترمقه بريبة

كيف حل الأمر في غضون ساعات قليلة بينما هي كافحت لأشهر حتى تقبل بها إحدى الجامعات البسيطة؟

هل اسمه ذو وزن ثقيل لتلك الدرجة؟

"كفي عن الثرثرة أيتها الفرنسية، أنا أعطيت وعدا و وفيت به، إن تراجعت عن..."

"لا لا لا، لم أتراجع"

قاطعته تنفي بيديها بانفعال ليقابلها برفع حاجبه

عبست ذات أعين الربيع بعد وهلة محتضنة ذراعيها لصدرها

"هذا أقل ما يفعله مجرم مثلك بعدما دمرت حياتي، سأستعيد منك كل ما سلبته مني و آخذ حريتي بعيدا عنك، حينها أنت ستقف مكتوف الأيدي و تشاهدني أحمل نفسي وأرحل بعيدا عن الهواء الذي تستنشقه بينما أنت عاجز حتى عن الإمساك بظلي"

"جيد"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

على بعد ساعتين من مدينة سيؤول

في بقعة مهجورة تماما حيث يقبع منزل صغير أعلى الجبل

بعيدا تماما عن أعين الساكنة و نشاطاتهم الحيوية

منطقة تقع خلف وابل من الطرقات الوعرة و التعرجات الموحشة يصعب بلوغها

خاصة إن كان الزائر شخصا غبر متمرس ولا يحفظ الطريق جيدا

سار الرجل ذو البذلة السوداء الأنيقة و مظهره يصرخ بمكانته المترفة من أعلى رأسه لأخمص قدميه

"افتح الباب اللعين"

هسهس مجعدا ملامحه ليطأطئ الرجل الضخم رأسه باحترام سامحا لهوانغ بالمرور عبر الباب بعدما أشار لزملائه المسلحين بخفض أسلحتهم كونهم غير معتادين على وجه الرجل

فهوانغ نادرا ما يضطر لزيارة مثل هذه الأماكن شخصيا لذلك وجهه غير مألوف لمعظم أفراد تلك الجماعة

سار بخطى واثقة حاملا وجهه المتجهم للداخل تماما حتى بلغ هدفه تماما

اقتحم الغرفة أمامه بهمجية مسببا انتفاضة صغيرة للرجل القابع خلف مكتبه منهمكا في عد حصيلة اليوم من بيع آخر حمولة من الكوكايين

"أوه هوانغ لم أتوقع زيارتك في هذا الوقت المتأخر"

صرح الرجل بتفاجؤ إلا أنه وسع عينيه بهلع حين هجم عليه الآخر وانقض على رقبته يغرز أظافره بها بينما يجز على فكه صارخا في وجهه

"من تظنني أيها العاهر؟ هل أبدو لك غبيا؟ هل تستحمرني؟"

فتح المعني ثغره باختناق يحاول سحب ما يكفيه من الأوكسجين قبل أن يلفظ أنفاسه بين يدي العجوز

احمر وجهه بشدة و سيقانه أضحت تركل الفراغ بانفعال

"اه-دأ رج-اء"

جاهد ليتمتم بينما كفه تضرب ذراع من يخنقه دون رحمة، فقط عيناه تحرقانه بنظرة مظلمة تجسد المعنى الحرفي للمفترس الذي لا يرحم

"كيف تجرأت على الكذب علي، أنا، أنا هوانغ جون سو"

"سأجعلك تتمنى الموت ولن تجده أيها القمامة"

لكم وجهه بقسوة حتى أدمت شفاه الرجل الذي بدأت حدقتاه تنقلب للوراء والطنين يغزو أذناه استعداد لفقدانه الوعي

حينها فقط أفلته الآخر ليلهث بجنون بينما يراقبه من الأعلى يسعل و يجاهد لاستعادة أنفاسه

"دعنا نتحدث أولا، لكل شيء حل هوانغ صدقني"

"بالطبع سنتحدث، بالطبع سنفعل"

قال هوانغ ساحبا الكرسي أمامه ليجلس عليه مستمرا في إرساله التهديد للآخر عن طريق عدستيه

"والآن أيها اللعين، أخبرني كيف تجرأت على خداعي، كيف استطعت فعلها، ألم أقل لك أقتل جيون هوسوك، اخفي أثره من الوجود، كيف يأتيني سالما غانما بعد ست سنوات ناويا الانتقام؟ تحدث أيها الحثالة"

ضرب سطح المكتب بعصبية مشاهدا كيف تملك الرعب أوصال الطرف الثاني و كيف ارتعشت أجزاؤه و نشف ريقه جراء الصدمة والخوف

"ماذا؟ ألم يمت؟"

"لم يمت أيها القذر؟ لا زال يتنفس ذات الهواء ولا زال يحوم بذيله حولي كالكلب المسعور، وهذا بسبب من يا ترى؟"

"لكنني رأيته بأم عيني؟ لقد أصبت قلبه بهذا المسدس تحديدا؟ يستحيل أن يبقى على قيد الحياة بعد تلك الرصاصة"

هوانغ ضغط على جفنيه زافرا بإرهاق لتتحول نبرته للهادئة

"جثة من تلك التي تم دفنها هناك؟"

"تحدث قبل أن أقتلك"

زمجر على حين غفلة لينتفض المدعو بسامويل بعدما وجد نفسه محاصرا بين طرق مغلقة

آنذاك استسلم للأمر الواقع

"أنا آسف هوانغ، عندما كان هوسوك بحوزتنا تمكن من الفرار، صدقني فعلنا ما بوسعنا للحاق به حتى أنني لمحت هيأته وسط الغابة المظلمة وأطلقت رصاصتي مباشرة نحوه، لكننا أضعنا الطريق عنه و الظلام لم يساعدنا، بحثنا عنه بكل بقعة ممكنة ولم نجد أثرا له حينها أنا أمرت رجالي بالانسحاب بعد أيام، ثق بي لا يمكن أن يفلت رجل بإصابة بليغة كتلك، كنت متيقنا أنه لفظ أنفاسه وسط تلك الغابة وربما التهمته الذئاب"

"لماذا كذبت علي إذن أيها العاهر؟ أنظر أين قاد بي طمعك، أنظر أين أوقعت بي"

أنفاس هوانغ العالية ضربت أرجاء الغرفة الصغيرة قبل أن يكمل بصرامة

"أخبرني الحقيقة، إياك أن تكذب هذه المرة لأنني سأنحرك هنا على ذلك الكرسي و فورا"

"حسنا اهدأ يا رجل لا داعي لكل هذا"

رفع يداه بحذر فورما لمح السلاح بحوزة هوانغ موجها فوهته نحوه

"الأمر أنني بعد عدم عثوري على جثة هوسوك، تلقيت اتصالا يقضي أن أحد رجالي 'لوسيفر'تعرض للطعن بالسكين أثناء إنجازه أحد المهام، حينها أنا زورت المعطيات وتم تقديم جثته على أنها جثة جيون "

"ماذا أفعل بك هاا؟"

انقض عليه هوانغ مجددا خانقا إياه

"لقد كلفتك بعمل واحد، لكنك غبي كفاية لتفشل به"

"أرجوك، امنحني فرصة ثانية، دعني أصلح خطئي"

"تريد فرصة ثانية؟"

أومأ سامويل بلهفة

عدل هوانغ جلسته من جديد ثم دس يده في جيب سترته ليضع ما أخرجه على الطاولة تحت أعين الآخر المترقبة

دفع بالصورة إليه ليستلمها محدقا باستغراب

"أريد منك أن تتخلص من شخص ما"

"أليست هذه ابنة ذلك المحقق؟"

قال سامويل متفحصا الصورة بين يديه والتي تعود لإيما

"من أين تعرفها؟"

"إنها ذاتها ابنة ذلك الرجل كيم وو جانغ، لقد كان يحشر أنفه في شؤوني دائما حتى أدى به فضوله لنهياته على يديه"

"لا تهمني شؤونك الخاصة، فقط تخلص منها"

"بكل سرور أساسا كنت أتوق للقضاء على عائلة ذلك اللعين كاملة، حتى أنني ضحيت بأقوى رجالي فقط للإيقاع بطفله المدلل إلا أن هذه اللطيفة وقعت بدلا عنه"

ابتسم سامويل بخبث محدقا بوجه إيما بالصورة

كان الرجل يكن حقدا جما لأسرة كيم وو جانغ كافة، فالمحقق المتوفى كان ينقب دائما عن أبسط دليل ضد عصابة سامويل، حتى أنه حرمه من صفقات عديدة كانت ستدر عليه بأرباح هائلة

وعندما انقضى صبره، قرر التخلص منه واغتياله بأبشع الطرق بعدما حاول تهديده بطرق مختلفة

أحدها كانت إرسال لوسيفر لأصغر أبنائه وتوريطه بفخ المخدرات

سامويل يجهل تماما أن إيما وتايهيونغ أخفيا الأمر عن والديهما و لم يكن للمحقق علم بما يعاني منه طفله

"متى وكيف تريد مني التخلص منها؟"

"افعل ما تشاء بها، لكن إياك أن يعلم جونغكوك بالأمر"

عكف المعني حاجبيه باستفهام حينما ذكر اسم الغراب على الطاولة، خاصة وأن علاقته بهذا الأخير غير لطيفة البتة

يعلم أن جونغكوك يمقته و هو كذلك لا يكن له المودة

العلاقة بين سامويل و هوانغ لطالما كانت سرية تماما بعيدة عن أعين الغراب ، فقط يقضيان بعض المصالح المتبادلة في الخفاء بعييدا عن الأضواء

"لماذا؟"

تساءل متفحصا ملامح هوانغ التي مالت للبرود

"لأنها زوجته"

توسعت عينا الآخر وانقبض صدره ليدفع بالصورة نحو صاحبها مجددا

"هل جننت؟ لن أفعل، ابحث عن غيري"

يعلم أنه سيتحول للحم مفروم إن نفذ المهمة وأمسكه الغراب

خاصة أن جونغكوك معروف بدهائه الحاد و دقته العجيبة في تحليل الأمور

لن يفلت بجلده حتما

"بل ستفعل، أو أتخلص منك بيدي الآن وهنا"

"هل تدري ما تطلبه مني؟ أنت واللعنة تريدني أن أقترب من زوجة الغراب"

"وإن يكن؟ أنا من صنع الغراب، أنا من جعل له اسما وأنا من أتحكم بتصرفاته وأنا من آمر لما أنت خائف منه وليس مني"

"لكن.."

"ستفعل أم لا؟"

فرك المسدس بجانب رأسه مرسلا نظرات التهديد لسامويل الذي تنهد

ما الذي سيفعله؟

البحر أمامه والعدو خلفه

إلا أن كلام هوانغ و نبرته الواثقة أشعرته ببعض الأمان

ربما اتخاذ جانب هوانغ أفضل

ففي النهاية هو من صنع الغراب كما قال

"حسنا، سأفعل"

"جيد، نفذ المهمة في أقرب وقت ممكن وإياك ثم إياك أن تفضح نفسك، ولا حاجة لي بتذكيرك ما الذي سيحدث لمملكتك الصغيرة إن تم ذكر اسمي"

أومأ سامويل مطمئنا الآخر

"لا تقلق، سأرسل أفضل رجالي، هل تملك خطة محددة بذهنك؟"

"سبق وأخبرتك ، لا يهمني، افعل بها ما تشاء، أرها ما هو أسوأ من الموت، أذقها طعم البشاعة قبل أن تعتق روحها وترسلها للسماء كي تعلم عواقب تحدي هوانغ جون سو"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊


ǀالواحدة بعد منتصف الليلǀ

ذات أعين الربيع غادرها النوم ولا تكف عن التقلب يمينا وشمالا بسريرها

العديد من الأفكار تعبث بذهنها وعلى رأسها يوم الغد الذي تنتظره بفارغ الصبر

لقد جهزت كل ما ستحتاجه حتى أنها أخرجت ثيابها من الخزانة مسبقا و وضعتها جانبا نتيجة حماسها المفرط

لأول مرة منذ مدة طويلة كان خافقها يقرع بسبب السعادة لا الألم

التوتر الذي يتغلغل بشرايينها كان لذيذا جدا عكس ما عايشته من ذعر كل ليلة تنام على ظلام روحها و انطفاء شعلتها الداخلية

اعتدلت جالسة مجددا ثم شغلت الإنارة

مدت يدها نحو الورقة على المنضدة تقرؤها للمرة المائة لهذه الليلة

منذ أن أتى روني باستمارة التسجيل وهي غير مصدقة لما تعايشه

لقد تم قبولها بجامعة سيؤول الوطنية

المكان الذي لطالما حلمت بإتمام دراستها به

عجيب كيف أن المدعو بجونغكوك سجلها هناك بسهولة تامة بغض النظر عن كونها في سنتها الثانية و أن السنة الدراسية انطلقت منذ أشهر، كيف تمكن من ضمان انتقالها هناك دون حتى اجتياز اختبار تقييم القدرات حتى

بينما ذات الجامعة كانت قد رفضتها مسبقا فقط لكونها ذات سوابق رغم تفوقها الدراسي الملحوظ

"إلهي إن كان حلما اجعله يتوقف الآن، لا أريد الشعور بالخيبة مجددا، لن أتحمل"

ضمت يديها لصدرها قائلة بنبرة حالمة

محزن جدا

أن تتعود على الآلام والانكسار حتى تشل يدك وتصبح غير قادر على لمس ما هو لك لأنك غير واثق من أنك تستحقه حتى

"هو لن يخدعني أليس كذلك؟"

تساءلت بصوت جهور

تفكر بوجه الغراب حينما ألقى عليها الخبر

لم يبدو عليه الخبث حينها

لكن لما تأمن له وتصدقه؟

هو من افتعل بها الويلات دون رحمة

ما الذي سيمنعه من التلاعب بمشاعرها مرة أخرى ؟

"أشعر بالظمأ"

قامت من مجلسها بعدما وجدت القنينة الزجاجية فارغة

لذلك هي حملتها و اتجهت للأسفل حتى تحصل على ما يروي عطشها

كانت غرفة الجلوس المتصلة بالمطبخ مظلمة نوعا ما

لا يسودها سوى ضوء القمر الخافت المتسلل من خلال الجدار الزجاجي الخاص بالشقة

إيما اتجهت مباشرة نحو المطبخ تملأ القنينة بالماء

إلا أنها تسمرت بمكانها عقب الأنين المتألم الذي بلغ مسامعها لتحاول الإنصات بتركيز

كان فعلا أنينا خافتا يصدح بالأرجاء بين الفينة والأخرى وبإمكانها تخمين صاحبه بالفعل

وضعت ما بين يديها على المنضدة ثم اتجهت تبحث عن مفاتيح الإنارة لتشغلها

حتى انقشعت هيأته المنسدحة على الأريكة

لم يكن سوى الحالك الذي يلقي بجسده بإرهاق تام وعلى ما يبدو فهو نائم بينما تصدر عنه تأوهات خافتة أقرب للبكاء أو النواح

إيما شاهدته عن بعد لبضع دقائق غير عالمة بما تفعله

الظاهر أنه ليس على ما يرام

خاصة وأنه لا زال بذات ملابسه السوداء ولم يغيرها أبدا بل نام بها مباشرة

أخيرا استنشقت بعمق متخذة خطاها نحوه بتردد كبير

جزء كبير من عقلها الباطني استمر بلعنها و شتمها فلما بحق السماء تهتم لأمره فليمت أو ليمرض ماشأنها؟ يستحق كل ما يحصل له

لكنها أيضا لم تكن مستعدة لترك شخص مريض يصارع وحده ماذا لو كان يلفظ أنفاسه الأخيرة

هي حتى لا تعلم ما خطبه

صارت على بعد إنشات قليلة من مقبعه وقد اتضح أنينه و بلغتها أنفاسه المتسارعة واصطكاك أسنانه ببعضها

كان جسده الضخم يرتعش بقوة وقطرات العرق تتصبب من جبينه مبللة وجهه حتى بلغت فكه الحاد الذي بات يقطر

جثت على ركبتيها لتصبح بمستواه ثم قضمت سفليتها بحذر مما تفعله

هي فقط فردت كفها إليه رغبة في استشعار حرارته

وفي اللحظة التي حطت بها على جلد جبينه الحارق انتفضت إلى الخلف بفزع وسقطت أرضا بسبب تلك السوداء التي رمقتها بوحشية على حين غفلة

استفاق الغرابي فجأة ليمسك كفها معتصرا إيها بقسوة متخذا وضعية الهجوم بينما يده الثانية سحبت سلاحه من الجيب الخلفي لبنطاله بسرعة البرق

"آآه يدي"

تذمرت بألم وملامحها انكمشت ببكاء ترمقه بخضرائها العابسة

وهو كمن عاد لوعيه للتو أفلت كفها فورا وقد شاهدت إيما ارتخاء عينيه و اكتسابها نظرة مسالمة تماما ثم ألقى برأسه على الأريكة بتعب شديد وثغره منفرج يسحب الهواء بلهفة

بقيت تنظر له خلف أهدابها الكثيفة لتقرب يدها من المسدس القابع داخل قبضته

أرادت انتشاله قبل أن يقتلها به لأنه كما استنتجت يعاني من حمى شديدة وربما يهاجمها مرة ثانية

إيما لا زالت راغبة في العيش

أمسكت أصابعه الطويلة واحدة تلو الأخرى تفك قبضته حتى أخذت السلاح الصغير واضعة إياه أرضا بعيدا عن متناوله

ثم رمقته خلسة تتأكد من ردة فعله فوجدته يشاهدها بأعين ذابلة نصف مفتوحة

"سأتفقد حرارتك فقط"

كفها الدافئ الصغير وضع أعلى جبهته مرة ثانية تتحسس الحرارة العالية كأن خلايا بشرته تحترق

وهو كان مستسلما للمساتها الرقيقة بإرهاق تام

"انهض يجب أن تستحم"

أردفت بهدوء ولم تجد منه ردا فقد كان يغمض عينيه لثواني ثم يفتحها كأنه يغيب عن الوعي ثم يستعيده بعشوائية

زمت شفتيها تنظر لحالته المزرية

هو حتى غير قادر على الذهاب للحمام ماذا ستفعل معه؟

بعد دقائق عادت إليه محملة بملاءة سميكة وبعض المناشف الصغيرة

وضعت الملاءة على جسده بحذر جاعلة من الدفئ يغمر عظامه المرتجفة فأخذت رعشاته تهدأ تدريجيا وانكماش وجهه يتلاشى

ثم أخذت إحدى الوسائد بعشوائية تدسها أسفل رأسه

"ارفع رأسك"

زفرت بإرهاق عندما لم يتفاعل معها ثانية لذلك هي حاولت رفع ثقل رأسه بقوة يدها الضئيلة حتى نجحت في مهمتها بعد مشقة كبيرة

هذا الرجل الضخم ثقيل بشكل لا يصدق

بقيت تذهب وتأتي محملة بشيء ما في كل مرة

والآن هي جاثية قرب رأسه تزيح عن وجهه قطرات العرق بواسطة المنشفة الصغيرة

"ماء"

سمعته يئن بخفوت

"اصبر قليلا، سيحضر روني الدواء بعد قليل و ستتناوله مع الماء"

صوتها الحاني كان يصل لمسامعه إلا أنه يشعر بلسانه ثقيلا للغاية ورأسه عالق بدوامة تدور باستمرار

لا يلتقط سوى خضراوتيها خلف رموشها الواسعة و شفاهها التي تتحرك بخفة

شعر بالقماش البارد يوضع على جبينه ويدها تضغط فوقه ثم تبعده لتبلله من جديد وتعيد الكرة

هل هذا شعور أن يعتني أحد بك؟

هل افتقده لتلك الدرجة التي نسي ماهيته

لم تلمسه يد بشري برقة منذ وفاة والده

من المعروف أن الأمهات هن من يسهرن حين يمرض أحد أبنائهن

لكنه لم تلمسه سوى كف والده الخشنة عند مرضه

بينما أمه كانت تنعم بنوم هنيء بالغرفة المجاورة

هي حتى لم تلمس جبينه لمرة واحدة عند ارتفاع حرارته

هل كانت كفها لتكون بهذا الدفء والنعومة كخاصة إيما

هل كانت ستمسح عرقه و تعالجه بذات اللمسات الرقيقة

رغم هدوء نبرة صاحبة الخصلات العسلية و مقلتيها المركزتين في عملها بجدية

رغم أنه مدرك تماما أنها تفعل ذلك لأنها تشفق عليه لا غير، لأن قلبها دافئ ونقي بما يكفي كي لا تترك شخصا مريضا وبائسا يصارع الألم وحيدا

رغم أنه ذاته من سبب لها الدمار والمرض

أفعالها الصغيرة خلفت أثرا عميقا وبصمة عالقة بداخله وهو بهذا الضعف

روني جاء بالدواء أخيرا وقد تناولته منه مباشرة تقرأ التعليمات بالوصفة

"متأكدة أنه لا يحتاج الذهاب للمشفى؟"

أردف بنظرات قلقة نحو سيده الذي يبدو في حالة أكثر سوءا مما يعتقد

"سأتصل بك إن لم يتحسن"

أومأ مغادرا يقضي ليلته بالسيارة تحسبا إن حدث أمر سيء لرئيسه

وإيما استعادت وضعيتها السابقة تنكز ذراع الغرابي بأصبعها حتى يستفيق

"عليك أخذ خافض الحرارة، ساعدني"

رمقها بثمول مبتلعا ريقه الناشف ليحاول الاعتدال جالسا لكنه فشل تماما ورأسه أخذ يقرع كالطبول

تنهدت الأخرى بقلة حيلة

"حسنا حاول الاستناد علي"

قالت وهي تستقر على طرف الأريكة بالقرب منه ثم أحاطت عرض كتفيه بذراعيها الضئيلتين حتى نجحت في سحب بنيته الضخمة والغرابي فقط تمسك بإحدى ذراعيها ملقيا برأسه للأمام

"خذ"

قربت القرص الصغير من فمه ليلتقطه ثم ارتشف من الكأس الزجاجي بفضل مساعدتها ليلهث بتعب بعدما روى جوفه واكتفى

"لما تفعلين هذا؟"

ثقبه الأسود حط عليها بصوت ثقيل مبحوح وأنفاسه المبعثرة تضرب وجهها على بعد إنشات قليلة فقط

"أفعل ماذا؟"

ردت بهدوء تضع خضراءها وسط عينيه بثباب

"لا تعالجي شخصا تتمنين له الموت أيتها الفرنسية"

ارتبكت من نظراته المرتخية نحوها و نبرته التي خرجت منكسرة كالحطام الذي يملأ عدستيه

"أنا أفعل هذا لأنني لست وحشا مثلك، لن أترك شخصا ضعيفا يموت أمام عيني مهما كان سيئا، إن رغبت بالموت فلتمت وحيدا"

حاولت إعادته لوضعية الاستلقاء بعدما بصقت كلماتها القاسية بهدوء تام لكنه ضغط على ذراعها موقفا حركتها

"ما الذي..."

بترت أحرفها لتحدق بالفراغ بدهشة عندما ألقى برأسه فوق كتفها بضعف شديد

وهي تمسكت به بذراعيها كي لا تسقط للخلف بفعل ثقل وزنه ثم حاولت دفعه حتى يستلقي إلا أنه لم يتزعزع من مكانه

لم تكن سوى ثواني معدودة لتشهد انتفاض جسده و تستشعر القطرات الدافئة تحرق رقبتها ثم شهقات خافتة صدرت عن ثغره بضعف شديد

عقل إيما أصبح فارغا و جسدها تسمر على وضعه لتبتلع بارتباك

في تلك الليلة بكى الغراب حتى سقط نائما بعدما انخفضت حرارته بفضل الدواء

بينما ذات أعين الربيع غادرها النوم نهائيا لتقضي ليلتها محدقة بثوب الليل الأسود و النجوم اللامعة التي تخترق الجدار مؤنسة خلوتها مبشرة بغد مشرق

ربما

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊




في الصباح الباكر كانت إيما مستعدة لأول يوم لها بالجامعة بعد غياب طويل نسبيا

حتى أنها جهزت نفسها قبل ساعتين من التوقيت المحدد

وها هي تلهي ذهنها بقراءة إحدى الكتب ريثما تبلغ الساعة السابعة والنصف

إلا أن معدتها لم تهدأ طوال تلك المدة بسبب توترها المفرط و حماسها المبالغ

حتى أنها خشيت تناول الإفطار والاستفراغ بعد ذلك

وعندما أتت الساعة المنتظرة، حملت نفسها للأسفل بسرعة

وجدت الغرابي جالسا يحتسي قهوته الصباحية بهدوء وكان يبدو على ما يرام

ليس كمن قضى الليل يئن من المرض

نظر لها بطرف عينيه ببروده المعتاد

"روني ينتظرك بالأسفل"

"هل ستحشر أنفك في هذا أيضا؟ أريد الذهاب مشيا على الأقدام بمفردي"

"لا"

أجاب يهدوء

"لما لا؟ ليس وكأنني سأهرب، لا تقلق لن أشي بك للشرطة"

أردفت بسخرية مكتفة ذراعيها والآخر لم يرف له جفن

"اذهبي مع روني أو ابقي هنا"

"اللعنة عليك، كان علي تركك تموت البارحة"

وجدت روني ينتظرها قرب السيارة ليفتح لها الباب وهي صعدت بعبوس بارز

لقد حرمها من لذة الاستمتاع بهواء الصباح النقي والتنزه في طريقها للجامعة كإحدى عاداتها اللطيفة في بدأ اليوم بطاقة إيجابية

"صباح الخير"

قال روني صانعا ابتسامة صغيرة لأول مرة تراها إيما على وجهه الكئيب

لا تعلم أنه يفعل هذا كجزء من تعبيره على امتنانه كونها ساعدت سيده عند مرضه ولم تتخلى عنه كما يفعل الجميع دائما

حينها فقط تأكد أنها لا تشكل خطرا على جونغكوك بل ما هي سوى ملاك ذات قلب صافي

"وجهك لا يجلب أي خير"

ردت مستقرة بملامح متجهمة على مقعدها ثم سحبت الباب من يد روني بهمجية وبانفعال صفعتها

والآخر توسعت ابتسامته الصغيرة ليستقر بدوره على مقعد السائق منطلقا نحو الوجهة المعلومة

هكذا ابتدأت إيما أول يوم بجامعتها

ورغم صباحها المزعج كما وصفته إلا أن الابتسامة لم تفارق محياها حينما وطئت قدماها بوابة المؤسسة الضخمة وصارت جزءا من الطلبة الكثر الذي ينتشرون بالأرجاء بحيوية

غافلة عن الأعين التي تراقبها من بعيد جدا

فقط تنتظر الفرصة المناسبة لتنقض على فريستها الصغيرة حين تغفل أعين الغراب عنها

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊


يا أهلا وسهلا

كيف أحوالكم ألماساتي اشتقت كثييييييييير

يا ريت يكون بارت اليوم في المستوى المطلوب

وأتمنى انو ما عاد في التباس بقضية لوسيفر

بس توضيح صغير جونغكوك ما بتربطه ولا علاقة بعصابة سامويل

بالعكس علاقتهم مو حلوة

وهوانغ بس يلي بتجمعه علاقة فيه لانو سامويل بيشتغل فتهريب مخدرات وكذا وكمان بينفذ مهمات لكبار الشخصيات مثلا القتل أو السرقة أو التزوير هيك يعني

فنظركم ليش هوانغ كان بدو يقتل هوسوك؟

طبعا لا تشتمو إيما لانها رفضت انو هوسوك يساعدها لانها مرة ذكية وفهمت بسهولة انو الاخ ما بيكره اخوه وما راح يضحي فيه عكس ما هو يقول

الشي اللي صاير بين كوك و أخوه مو كره بس فينا نقول غضب كبير لانو كوك اختار هوانغ وهالشي رح يتوضح في البارتات القادمة

شو توقعاتكم للقادم؟

هوانغ بدو يخلص على إيما

فنظركم بيصير يلي هو يريده؟

أحبكم (لونا)

Weiterlesen

Das wird dir gefallen

128K 14K 29
مَن قالَ اننا كبشرٍ الكائنات الوحيده علي الأرض؟ بارك جيمين هانا مواعيد التنزيل: كل خميس و جمعه Started:11/11/2021 Ended:11/2/2022 ○الرواية مليئه بكل...
156K 4.8K 26
"سببان جعلاني مضطرباً طوال الستة أشهر الفائتة لكن كل شيء انتهى الان انا سأنهي الامر بطريقة صحيحة اليوم هو يوم الحسم يوم اعلان قراري النهائي" جيكوك...
5.4K 829 23
- عِندَما تَجِدُ القِيثَارة لَحنَهَا المَنْشُود . - قِيثَارَة 1960 . ~نشرت تامة يناير 2020 ~فصول قصيرة
15.6K 1.7K 9
أحبها فأرادها له حباً، لكنها رفضته ليقرر أن يأخذها تملكاً، فهو الماتدور الذي لايهاب شيئ، كيف لفتاة أن ترفضه بسبب كونه "ماتدور" -اسمعي عزيزتي، أنتِ تق...