جيون جونغكوك: سجن الغراب

Von kim_luna1

696K 37.3K 64.6K

《يلقبونه بالغراب، يقال أنه صاحب إبليس في قعر جهنم ثم لفظته النيران على شكل أرض جافة قاحلة...المشاعر؟!..لا مكا... Mehr

00
01:الغرابي الغامض
02:سجينة الغراب
03: ومضات من الماضي
04: ليست سوى البداية
05: فرصة
06: لعبة المشاعر
07: مكر الغراب
08:من أنت؟
09: صراع الإخوة
10: أعطني حريتي
11: تجربة
12: بلا أجنحة
14: لوسيفر
15: دموع الملائكة
16: غضب الغراب
17: زهرة الحب
18:نبضات القلب
19: عواصف و عواطف
20: الجريمة و العقاب
21: دم، عرق ودموع
22 : عازف المزمار
23: البجعة السوداء
24: الحسناء و الوحش
25: أزرق و رمادي
26: همسة ولمسة
27: شبح الماضي
28: دفء الغراب
29: رياح عاتية
30:أشرق الحب
31: سهم كيوبيد
32: بداية اللعبة
33: الحقيقة المخفية

13: خدعة

18K 1K 1.5K
Von kim_luna1

'رأيتك قريبا جدا دون أن أعرفك وبعد فوات الأوان عرفتك'

لأن الحب أعمى، أنسب شيء له هو الظلام ' '

- ويليام شكسبير-

روميو وجولييت

ملحمة العشق الأثرية التي اخترقت قلوب القارئين و انتهكت خلوات العاشقين تعبث بالأفئدة المتعلقة بنجوم الليل و لمعان القمر

قصة حب عظيم وحد بين شخصين جمعتهما عتمة الليل و سارت بهما عكس الأقدار

مأساة غدرت بعاشقين أقسما على أن لا يبصرا بعد حبهما نورا وأن لا يتنفسا بعد عناقهما هواء

شيء قدسته العيون وتبنته القلوب العذراء كمعزوفة ترقص عليها النبضات و تحتضنها العقول

شيء كانت قد شهدته ذات أعين الربيع و تفتحت عيناها على بتلاته المزهرة

حب سرمدي طاهر ولدت بين أكنافه و كبرت بين أوراقه فكانت ثمرة مسكرة المذاق تلوح للناظر بمدى مثالية هذا العشق الذي اخترق جميع اللغات وتجاوز الحدود بين البلدان والأعراق

العشق الذي أنبتت شتلاته بأقصى فرنسا وحلق بعيدا ناثرا رذاذه الذهبي ليبلغ تربة آسيا و يجعل منها ملجأ لثماره البديعة

كان عشق كيم وو جانغ لجولييت دو بونت ملحمتها الخاصة

نظراته الدافئة للمرأة الجميلة ولمسته الرقيقة لجلدها الناعم كانت شعلتها التي لا تنطفئ

ابتسامة والدتها و خضراوتيها التي لم تنطفئ يوما كانت إيمانها الأبدي

تشابك الأنامل بلهفة لم تفقد ألوانها و عناق أعين لم ترى سبيلا غير الآخر

شيء نمى بأعماق كيانها وشيد قصرا شامخا لأجل اليوم الذي سيسكنه روميو خاصتها

اليوم الذي ستلتقي بكيم وو جانغ آخر و يقرع ما بين ضلوعها طبول الاحتفال بحبيب وجد موطنه بين عينيها

هاهي تشاهد شعلتها تنطفئ و إيمانها يتحطم متهاويا فوق فتات أحلامها الصغيرة المهشمة

حشد الناس المجتمعين حولها لم يكن كافيا ليمنع لسعات البرد القارس من التسلل خلال أجزائها المكشوفة ونخر عظامها دون رحمة

يتوالون عليهما واحدا تلو الآخر يوزعون تهانيهم وأمانيهم الحارة للزوجين الحديثين بحياة مديدة ومفعمة بالأفراح

مقلتيها الذابلتين شردتا في اللاشيء

تهز رأسها كلما تهافت عليها صوت غريب وأحيانا تهمس بكلمة شكر تكاد تبلغ مسامعهم

الشعور بالوحشة ضاق عليها وهي كالعصفور العليل بين أجسادهم الشامخة

وحيدة بلا سند، كائن غريب انضم لهذه العائلة الكبيرة بعدما أصبحت زوجة لمن سلب قلبها السلام وسجنها داخل قفصه إلى الأبد

احتضنت كتفيها الضئيلتين بكلتا ذراعيها تخشى فقدان أشلائها التي أخذت تحلق عاليا

بعيدا، حيث سواد الليل غلف السماء وبريق النجوم ينبض بأرجائها

"مبارك لك إيما"

هبت سو مين محتضنة الكبرى بدفئ بعدما لمحتها شاردة في الفراغ

"شكرا"

"يمكننا أن نبدأ من جديد، مبارك لك زوجة أخي"

لم تدري متى غادرت سومين جانبها حتى أتاها صوت جيمين الخافت الذي انحنى هامسا بالقرب منها

زوجة أخي؟

قهقهة مريرة انفلتت عن ثغرها لتحدق بسخرية من يد الآخر الممدودة إليها

سحب الشاب كفه بعدما قرأ ملامحها الرافضة لدعوته اللطيفة في السلم لكنه حافظ على ابتسامته الواسعة مبديا التعاطف مع الصغيرة ذات الوجه الملائكي الذابل

"أعلم أن ما تمرين به صعب، لكن صدقيني، ستدركين الآن أم لاحقا أنه كان الاختيار الأنسب للحفاظ على حياتك"

"اختيار؟ ما خطبكم مع هذه الكلمة؟ ألم تتلقوا تعليما مناسبا بالمدرسة؟"

"أنت غاضبة لا بأس أتفهمك، فقط تذكري أن لا أحد قادر على حمايتك هنا أفضل من جونغكوك، هو ينفذ وعوده دائما"

تعابير جيمين اكتسبت طابعا كبيرا من الجدية وهو يحدق بظهر الغرابي العريض بينما ينطق كلماته بثقة بالغة

هل هو يتحدث عن نفس الشخص الذي تعرفه؟

المجرم الذي حول حياتها لسم لاذع و أفسد مخططاتها الثمينة للمستقبل ؟

هل ينتظر منها تصديقه حتى؟

سار الحالك نحوهما بعد برهة بوجهه الفارغ

وفي طريقه أشار لروني برأسه عن بعد

"هيا"

قال بصوته العميق مقتحما نغمات الموسيقى السلسة التي لم تتوقف عن العزف بعذوبة

"إلى أين؟"

"تحركي دون ثرثرة"

"لن أتحرك، لست دميتك"

زم الأكبر شفتيه وضغط فكه بعصبية ليمسك يدها يسحق أناملها النحيلة بقبضته الخشنة معدما محاولاتها في الإفلات منه

سحبها برفقته دون كلمة تذكر حتى قاطعهما نداء هوانغ المستغرب

"جونغكوك بني إلى أين؟"

"إلى شقتي "

"لكنني ظننتك ستقطن معنا، جميعا كعائلة واحدة"

"أعتقد أن كلامي كان واضحا منذ البداية"

"على الأقل انتظر حتى ينتهي الحفل"

"لا يهمني"

أنهى النقاش العقيم بلكنته الصارمة ليمضي في سبيله ممسكا كف إيما الضئيل متجاهلا تذمراتها المستمرة

"لما لا نبقى هنا؟"

"هل أنت خائفة من البقاء وحيدة معي؟"

قرب وجهه منها مميلا رقبته وكم تلاءمت نبرة صوته الخبيثة مع تلك الابتسامة الجانبية المختلة التي تغيض كل خلية في جسدها

خضراوتيها تعلقتا بثغره المبتسم لتزم شفتيها بحنق

"ليس لأنني خائفة منك، بل لأنني أكرهك، أكره وجودك، صوتك، أنفاسك، أمقت كل ما يتعلق بك، أي مكان تتواجد به أنت هو سجن لي، لذلك لا تغتر بنفسك كثيرا لست سوى صخرة سأعمل بجد حتى أزيحها عن طريقي"

طيلة حديثها ظل مركزا على ملامحها التي تتفاعل بشدة مع كلماتها، مقلتاها اللتان تشعان حقدا نحوه، وجهها القريب جدا وأنفاسها الدافئة التي داعبت وجهه

لم يسبق لها أن تراجعت خطوة واحدة للخلف، حتى عندما قابلها بقساوة وجهه وسوء تهديداته، تلك الأعين الخضراء لم تتزعزع قط عن ثباتها، هي تقابله بكل ما تحمله من مشاعر، كانت كالمرآة تعكس ما يقبع بفؤادها بثقة

الخوف

الغضب

الكراهية

الحب

الحزن

كل هذا مر أمام سودائه الثاقبة في يوم واحد، بينما خاصته بالكاد تحمل الفراغ الذي بداخلها، فلا حاجة له بمرآة إن كانت مرايا الناس كلها تظهره كوحش كاسر ومسخ مرعب

قطع التواصل مع مقلتيها الغاضبتين ليضغط على أناملها بين يده ثم أكمل سحبها بخطواته العملاقة قائلا ببرود:

"جيد،حتى ذلك الحين أطبقي فمك واركبي تلك السيارة"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

وجدت نفسها أمام مبنى ضخم للغاية، علوه الشاهق أصابها بالدوار و بريق واجهته الزجاجية أذت عينيها لتتابع تحديقها في الأرض كما السابق

لا تملك طاقة أكبر لتحمل نظرات الناس المصوبة عليهم وابتساماتهم الواسعة كلما لمحوها رفقة الغرابي بزي الزفاف

شقوا طريقهم للداخل رفقة روني الذي يتبعهما مع حقائبها التي لم تدري متى قاموا بتجهيزها ثم استقلا المصعد بمفردهما بعدما غادر السائق طبقا لأوامر جيون

جسدها حوصر بين ضخامة الرجل الواقف بجانبها و المساحة الكبيرة التي تتخذها الحقائب لتستنشق نفسا متقطعا بالكاد بلغ رئتيها

كانت الجدران ضيقة للغاية على قلبها الذي يقرع بجنون

والتنفس أضحى صعبا للغاية كأنها سافرت عبر الزمن عائدة للوراء، خلف قضبان نفس الزنزانة المظلمة وقد بدت الدقائق المعدودة داخل المصعد كدهر طويل

فورما تراءت لها البوابة التي فتحت عقب توقف المصعد، اندفعت للخارج بسرعة وهي تمسد جهة قلبها الفوضوي

كان الغرابي جامدا كما العادة، يبصر أفعالها بطرف عينيه ثم جر الحقائب متجاوزا إياها حيث الباب الخشبي الخاص بشقته الحديثة

أدخل الرمز السري مشيرا برأسه كي تدخل وهي فعلت دون جدال

ما تعيشه الآن هو كابوس من نوع آخر، شيء لم يمر على ذهنها للحظة

كانت الشقة صغيرة، مطابقة تماما لخاصتها التي اعتادت المكوث بها، أي أنها بحجم يكفي شخصا واحدا لا غير

الاثنان يتواجدان حاليا بالجزء السفلي الذي كان عبارة عن صالون واسع مفتوح تماما ويطل على المطبخ الصغير الذي يقبع بذات المكان

الجدار المطل على الخارج مصنوع بالكامل من الزجاج الشفاف وبإمكانها رؤية سواد الليل من خلاله و إلقاء نظرة على الشارع الواسع المكتظ بالمباني و ووسائل النقل المختلفة، أجواء صاخبة كما تكره تماما

وفي الركن المقابل لمحت السلالم وبإمكانها التخمين مسبقا إلى أين تؤدي

للغرفة الوحيدة الموجودة بهذا المنزل الكئيب كصاحبه، بسواد أثاثه و جدرانه الغامقة

كيف ستتحمل مشاركته نفس المساحة الصغيرة، النظر لوجهه كل يوم وتقاسم ذرات الأوكسجين معه

راقبت ظهره العريض وهو يصعد الدرج محملا بحقيبتيها الثقيلتين لتنظر حول المكان ثم استقرت خلف الجدار الشفاف متأملة دينامية الشارع والمصابيح المضيئة في هذا الوقت من الليل

"لن تخرجي من هذا المنزل دون إذن مني، حتى لو لم أكن موجودا أعيني دائما عليك"

تنهدت عندما بلغها صوته الثخين لتستدير مقابلة وجهه

"لا يمكنك سجني هنا إلى الأبد"

"حقا؟"

"اسمع يا هذا، لقد نفذت وعدي وتزوجتك، ماذا تريد أكثر من ذلك؟ أريد حياتي التي سرقتها مني"

"لا يهمني"

رمقته بنظرة حارقة

كان صدرها يعلو ويهبط بسرعة جراء انفعالها في الكلام وطاقتها التي استنزفت من نبرها العالية بينما الآخر لم يكلف نفسه سوى بضعة أحرف قالها بهدوء شديد ووجه خال من المشاعر

اقتربت من هيأته الضخمة حتى قابلت سوداءه عن قرب

"وأنا لا تهمني لا أنت ولا أوامرك الفرعونية، لقد أفسدت حياتي ودمرتني ظلما، تحمل ذنب ما ارتكبت، أعدني إلى جامعتي، و أعد إلي المخبزة التي سرقتها دون حق، لن أتسول النقود من عندك"

"ما حاجتك للنقود وزوجك يملك الكثير منها؟"

أمال رقبته قائلا بنبرة مستفزة

اعتلى محياها الامتعاض الشديد لوقع الكلمة المقزز على مسامعها فجعدت أنفها مبتعدة بضع خطوات عن وجهه القريب لتشير بسبابتها ناحيته والاشمئزاز غلف صوتها

"زوجي؟ ثم ماذا قلت؟ نقودك؟ أتقصد الأموال التي تجنيها من سفك دماء الناس؟"

الغرابي أظلمت ملامحه من نظرتها الدونية إليه وحديثها المحفوف بمعاني تقلل من رجولته لذلك كور قبضته بقسوة أبانت عن عروق يديه المنتفخة

"اصعدي إلى غرفتك"

"ماذا؟ هل تزعجك فكرة أنك غير قادر حتى على جني قرش واحد من عرق جبينك كباقي الرجال؟"

إيما تابعت استفزاز القنبلة الموقوتة أمامها حتى انفجر في وجهها منقضا على فكها يعتصره بقبضته بعدما فقد صوابه

هجومه كان عنيفا لدرجة ارتداد جسدها الضعيف للخلف واصطدام ظهرها ضد الجدار الزجاجي حتى أضحت محتجزة بينه وبين بنية الغرابي الضخم التي تسحقها و تخنق الهواء عنها

"اخرسي"

زمجر على بعد انشات قليلة من وجهها الذي لفحته أنفاسه الحارقة و صوته الخشن نثر الرعب بدواخلها حتى انكمش جفناها من الألم والخوف

"ابتعد عني"

انتحبت تدفع جسده بكفها الصغير بينما الآخر تمسك بمعصم يده بضعف محاولا إزاحة قبضته العنيفة

مجهوداتها الصغيرة لم تفلح في زعزعة الرجل الضخم من مكانه و بنيتها الهشة لم تتحمل القوة الكبيرة التي يشكلها ثقل جسده عليها و أصابعه الفتاكة التي افترست فكها

لذلك فتحت عينيها متوسلة تلك السوداء المحمرة الغارقة بقسوته

"أرجوك"

سمعها تقول بانكسار والدموع تجمعت بمقلتيها التي تلمع بخضرتها نحوه وتتوسله بألم من تعنيفه الهمجي

شعر بجسدها الذي يعتصره دون رحمة متأملا الوجه الملائكي الغارق بالأسى لثواني ثم أرخى قبضته عنها مبتعدا بمسافة كبيرة

مرر كفيه على وجهه ثم خصلاته الفحمية مهدئا أعصابه ثم شاهدها بطرف عينه تمسد آثار أصابعه بعبوس كبير وأعين ذابلة

مظهر الصغيرة الآسر وجمال محياها الملائكي كفيل بإثبات أن قاتل تلك الخضراء الفاتنة و سبب ذبول ملامحها الأثرية البريئة ما هو إلا وحش أسود القلب وعديم المشاعر

إيما، الأميرة المدللة التي كانت كلما تقوست شفاهها استعدادا للبكاء، اجتمعت الدنيا أسفل قدميها فداء لدمعة واحدة من محجريها

إيما التي كان الجميع يتهافت إليها بالأحضان والقبل خشية ذبول لؤلؤتيها واختفاء لمعانها

إيما التي تركوها واحدا لتلو الآخر بين براثن وحش قاسي القلب ولم يعلموها كيف تسقي الزهرة نفسها إن أضحت وحيدة

"لما تفعل هذا بي؟"

عاتبته برموشها المبتلة وقد سقط قناع القوة الذي ارتدته قبل قليل

ظل الحالك يحدق نحوها بصمت متابعا تنفسه بوتيرة هادئة

نبرتها المنكسرة واحتضانها لجسدها ببؤس شديد تصرخان بكم هو حقير نحوها

"أجبني لماذا؟ حتى بعد أن عرفت أنني لم أقتل شقيقك؟ كيف تكون باردا من الداخل هكذا؟"

صمته هو الإجابة الوحيدة التي بلغتها

لم يرف له جفن ولم يبد ردة فعل على سؤالها سوى أنه أخرج هاتفا من جيبه و وضعه على الطاولة قائلا ببرود

"هذا لك، به رقمي و رقم روني اتصلي به عند الحاجة، هو سيكون قريبا من هنا"

شردت بالجهاز الموضوع بإهمال لتسمع صوت إغلاق الباب دليلا على بقائها وحيدة بالشقة

تنهدت بعمق لتحمله ثم صعدت إلى الغرفة اليتيمة الموجودة بالمنزل الصغير

كانت الساعة لا تتجاوز التاسعة والنصف مساء وهناك متسع من الوقت حتى تحصل على حمام طويل دافئ و ترتب ثيابها في الخزانة

ألقت نظرة في الأسفل تتحرى وجوده بالمنزل لكن السكون كان أنيسها الوحيد

كان جسدها متعبا للغاية و عضلاتها مهشمة بسبب الجهد الذي بذلته طيلة اليوم

وقد أقسمت أنها ستصاب بالزكام قريبا لا محالة فثوب الزفاف الضئيل لم يقي عظامها من البرد القارس وهي ضعيفة جدا أمام شتاء ديسمبر القاسي

استلقت على السرير الضخم متأملة لمعان النجوم خلف الجدار الشفاف لتحتضن الوسادة الأخرى بقوة

ذكريات كابوس اليوم أبت مغادرة ذهنها لذلك أخذت تردد تهويدة النوم الخاصة بوالدتها حتى أتى قارب النعاس وسحبها عميقا للغاية مخدرا حواسها طاردا الألم بعيدا جدا

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ǀالثالث عشر من ديسمبر-7:00 صباحاǀ

تسللت ذات أعين الربيع على أطراف الأصابع تتخطى السلالم كلص متخفي

أطلت برأسها ناحية الصالون تتحرى وجوده هناك في زاوية ما لكنها تأكدت من خلو الشقة لتتنهد براحة

بعد ما واجهته البارحة من قسوته ليست مستعدة لبدء الصباح بوجهه الفارغ و نظراته الباردة خاصة وأنها قد أمضت وقتا طويلا في التفكير العميق ومراجعة ذاتها

لقد تطلب منها الأمر طاقة عظيمة لتقنع نفسها بتقبل الواقع والبحث عن نقطة الصفر حتى تنطلق من جديد نحو الأمام

لقد قررت مجاراة وضعها الحالي والحفاظ على سلامها الداخلي لأكبر وقت ممكن حتى تجد سبيلا للخلاص من سجنها

استنتجت في النهاية أنها الوحيدة التي تدفع ثمن أخطاء الجميع و باتت مهملة كثيرا فيما يتعلق بصحتها النفسية والجسدية

ربما فاصل صغير تحظى خلاله بالراحة سيفي بالغرض و يمنحها بعض الطاقة والجهد لمواجهة المستقبل المجهول في سجن الوحش كما تلقبه

نظرت من خلال الزجاج تشاهد الحركة النشيطة للسكان في هذا الوقت المبكر من الصباح

قبل أيام فقط، هي كانت جزءا منهم، تستيقظ باكرا لأجل إعداد الحلويات و مباشرة العمل في المخبزة

ابتسمت بحزن للذكريات التي داعبت ذهنها لوهلة

هي لم تكن تعمل فقط لأجل النقود، والديها تركوا لها من الثروة ما يكفيها للعيش كأميرة

لكنها فعلت ذلك لأنه جزء من حلمها الكبير

الحلم الذي اضطرت للتخلي عنه مجددا بعد الجهد الكبير الذي بذلته

حركت رأسها طاردة الأفكار السلبية التي هاجمتها فجأة لتلتفت ممددة أطرافها في كل الجوانب تتخلص من الألم الذي أنهك عضلاتها

لأنها وكما توقعت تماما، أصيبت بالزكام حيث تفتحت عيناها هذا الصباح على سيلان أنفها وسعالها المتكرر

لفتت انتباهها الملاءة الخفيفة الموضوعة بإهمال على إحدى الأرائك و والوسائد المبعثرة

أدارت حدقتيها بحنق، لوهلة ظنت أنه قد قضى الليل خارجا لكن الظاهر أنه نام بالأسفل

يبدو أنها لن تسلم من رؤية وجهه مهما تأملت و تمنت

"كيف يأتيه النوم حتى؟"

سخرت متجهة نحو المطبخ وهي تفكر كيف لشيطان وجهه يلوح بالهلاك أن يضع خده على الوسادة وينام براحة بعد سفكه دماء الأبرياء

"ليعاقبك الرب"

همست تزامنا مع فتحها الرفوف العديدة، كانت تتفقد الطعام والمكونات بحثا عما يمكنها إعداده وسد جوعها قبل انغلاق شهيتها عند عودته المجهولة

ولحسن الحظ وجدت كل شيء متوفر بالفعل لتضع المئزر حول خصرها و تجمع خصلاتها العسلية للأعلى ثم شمرت عن ذراعيها استعدادا لطبخ وجبتها المفضلة

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

دلف المنزل بهالته السوداء الداكنة، وجهه يلمع بقطرات العرق الذي يتصبب من جبينه إلى لباسه الرياضي و خصلاته الفحمية المبللة التصقت ببشرته الشاحبة

تصنم في مكانه حالما قابله مشهد غير متوقع

صوت الموسيقى الكلاسيكية الهادئة كان يصدح في الأرجاء و رائحة الكعك الشهي تملأ زوايا الشقة الصغيرة

لم يسبق له بدأ صباح كهذا

لقد اعتاد على السكون المطلق و انعدام كائن آخر يشاركه أنفاسه بذات بقعة مسكنه

تقدم بخطواته للأمام قليلا متناولا المنشفة الملتفة حول رقبته يزيح بها قطرات العرق عن وجهه بتزامن مع ارتفاع صدره ونزوله بلهاث متعب

وأول ما التقطته حواسه كان صوتها الرقيق الذي يدندن رفقة نوتات المعزوفة

وجدها خلف الموقد تقلب أقراص البانكيك و ظهرها الصغير يتحرك بسلاسة من زاوية لأخرى في رقصة هادئة رفقة أنغام الموسيقى

لا زالت غير مدركة لجسده الواقف خلفها تماما على بعد مسافة قريبة

لقد كانت غارقة تماما فيما تصنعه يداها بتركيز

حتى أنها كانت تتوقف للحظة تغمض فيها عينيها وترفع رأسها للسماء محركة أصابعها في الهواء كأنها تقرع مفاتيح آلة بيانو وهمية

"هههم هههم ههههم"

ظلت تدندن بابتسامة رقيقة اعتلت شفتيها كونها انتقلت بذهنها لعالم آخر تماما

الغرابي بقي متسمرا على حاله في ذات البقعة

فقط سوداويتاه تلتقط تحركاتها السلسلة و تتابع رقصتها السرية بصمت

لأن الوجه الذي يراه الآن شيء غريب عليه

الابتسامة المسالمة التي تظهر بين فينة و أخرى كلما انقشع جانب من محياها ليست ما اعتاد استقباله

الزهرة الخضراء الذابلة أشرقت في يوم خريفي مفاجئ على حين غفلة

سار نحو الثلاجة يفتحها دون اهتمام حتى بلغته شهقتها المفزوعة

"يا إلهي"

كانت مقلتيها متسعتين بخوف نحوه و كفها تشد على قلادتها بقوة

"أصدر صوتا على الأقل"

نهرته بغضب ليقابلها ببروده المعتاد

أمسك قنينة الماء يسكبها داخل حلقه بسرعة كبيرة تروي عطش ساعتين من الركض وممارسة الرياضة وهي تراقبه بوجه ممتعض وحواجب معقودة

أعاد القنينة مكانها ليرحل صاعدا السلالم نحو الغرفة

وأول ما فعله كان دخول الحمام والتخلص من آثار المجهود العضلي الذي بذله ككل صباح

لفحته رائحة جوز الهند المألوفة والتي باتت ملتصقة بكل ركن من الشقة، حتى الحمام كان غارقا تماما بها

كل بقعة تصرخ بوجود كائن ثاني يستعمر المكان

فرشاة الأسنان الجديدة، علب الشامبو، حتى الهواء بات محتلا

ويبقى السؤال

هل هذا أزعج الغراب؟

كانت إيما تتناول ما أعدته بسلام على المنضدة، وقد سمعت خطواته التي تتقدم ناحية المطبخ وهالته المظلمة تسابقت إليها بتناغم مع عطره الرجولي القوي لتجعد أنفها مشيحة بوجهها للجدار الزجاجي تتأمل السماء من خلاله

وهو الآخر لم يعرها اهتمامه

فقط تقدم من آلة صنع القهوة وأعد لنفسه كوبا من الاسبريسو اللاذع ثم اتجه ليحتسيه واقفا خلف ذات الجدار الذي تتأمله ذات أعين الربيع

أنهت إفطارها و نظفت ما خلفته من فوضى لتحمل نفسها هاربة نحو الغرفة التي تستعمرها لكنه استوقفها بصوته العميق

"انتظري"

"ماذا؟"

تواقحت بملل من أوامره المستمرة

"ارتديه"

وضع خاتما ذهبيا فوق المنضدة تحت حدقتيها الساخرتين لتنظر له بضع ثواني ثم رفعت مقلتيها لوجهه باستنكار

"لا أريد"

تنهد الأكبر بضجر ليسحب يدها عنوة مدخلا الخاتم ببنصرها بهمجية

"أنت تثرثرين كثيرا أيتها الفرنسية"

"حتى لو ألبستني ألف خاتم وقيدت أصابعي العشرة أنا لن أكون زوجة لوحش مثلك"

هسهست ببرود محدقة ببنصرها

كانت القطعة الذهبية ملائمة تماما لمحيط أصبعها كأنها صيغت خصيصا لمقاسها الشخصي وهذا جزء بسيط للغاية من دقة ثقب الغراب الأسود و مثالية تقديره لأصغر التفاصيل

"من هو المحامي الذي تكلف بقضيتك؟"

"ابحث عنه بنفسك"

أفلتت يدها عنه مجيبة بانفعال وخضراءها تقابل مجرته السوداء بنظرات مفعمة بالعناد والتحدي

"أتظنين أنني لن أفعل؟ سأجده ولو كان أسفل الأرض السابعة"

"مضحك"

قهقهت بسخرية تحت مقلتيه اللتان تتابعان ردات فعلها بسكون ثم أكملت بثقة

"أتعلم من يكون ذلك المحامي؟ ذلك الرجل كان الصديق الوحيد الذي حصل على ثقة والدي، لن يبيعني ولو أغريته بمال الدنيا أو حتى وضعت السيف على رقبته"

رفع الحالك حاجبه باستنكار لحديث من قابلته بظهرها مغادرة إياه

لكنها توقف تلتفت إليه ثانية بنفس الملامح الساخرة

"أيضا لا تقلق، هو لا يملك زوجة أو أولادا تستغل حياتهم لنيل مرادك، لن يفشي أسراري لغيري أبدا"

"هذا يعني أنك بنفسك ستأخذينني إليه و تحصلين على ما أريده منه"

رد الغرابي بتعالي للتي رمقته بعينيها تدعي الشفقة

"مسكين، كنت أعلم أنك تملك خللا في دماغك، وا أسفاه عليك لا زلت شابا"

"هل أفهم من كلامك أنك لا تتحرقين شوقا لمعرفة الحقيقة؟ ألا تشعرين بالفضول حول الشخص الذي توفي ذلك اليوم ونسبت إليك تهمة قتل شخص آخر حي يرزق همم؟"

إيما شعرت بالتوتر يتغلغل بأطرافها و ارتجفت حدقتيها بالأرجاء

لقد أصاب الوتر الصحيح تماما

لعل الغموض خلف قضيتها و كيف انتهى بها الأمر بين يدي الوحش هو أقسى ما يعصف بذهنها منذ قابلت وجه المحقق جانغ هوسوك

كيف اختلطت دماء لوسيفر باسم رجل قانون ضخم كشقيق الغراب؟

لمح الحالك أناملها الضائعة تلاعب طرف ردائها و شفاهها تعنف بين أسنانها ليبتسم بجانبية

"لك حرية الاختيار، على كل سأحصل على ما أريد بطريقتي الخاصة"

"هه، عدنا للاختيار اللعين مجددا؟"

"حسنا إذن جوابك النهائي هو الرفض"

بصق كلماته ببرود مديرا ظهره ثم سحب هالته السوداء المظلمة بخطوات شامخة و رقبة مستقيمة بثقة مبالغة

سرعان ما عادت نفس الابتسامة الجانبية لتستوطن طرف شفاهه عندما استوقفه صوتها الرقيق بنبرة صارمة

"توقف"

رفع حاجبه مقابلا خضراءها التي تحدق وسط ثقبه الأسود بجرأة كالعادة

"سآخذك للمحامي بنفسي و أحصل على كافة المعلومات التي تريدها"

قالت بهدوء مقتربة ببطء نحوه

في المقابل كان الغرابي ينصت لكلماتها بتركيز وجل اهتمامه قد صبه ضائعا بين إيماءات مقلتيها الصافيتين و حركة شفاهها الرزينة

"لكن بشرط! ولن أتنازل"

"تحدثي"

"أريد استعادة ما أخذته مني والعودة لحياتي الطبيعية"

"أملاكك لا زالت خاصتك لم أتمم إجراءات نقلها إلي"

تفاجأت إيما من إجابته ولم تعي على الابتسامة الصغيرة التي أزهرت على ثغرها فورما استوعبت أنها لم تخسر مخبزة والدتها بعد

إلا أن سعادتها الصغيرة لم تكتمل عندما شاهدت وجه الضخم يقترب منها كثيرا بحدة نظراته مهسهسا بخشونة

"لكن لا تحلمي بالعودة للعمل أو حتى التفكير بذلك"

عبست بغير رضا لتفتح ثغرها موشكة على الاحتجاج لكنه استبقها بأسلوب مهيمن

"نقطة"

"حسنا لن أعمل، في المقابل أنت ستعيدني إلى جامعتي ولا يهمني كيف، هذا قراري النهائي"

احتضنت ذراعيها لصدرها مستفزة مقلتيه الداكنتين غير غافلة عن امتعاض ملامحه و لسانه الذي يضرب باطن وجنته دليلا على انزعاجه

ولأن عزيزتنا صاحبة لسان طويل ولاذع

فإن التفنن في استخدامه تعد موهبتها الفطرية التي لا تتحكم بها وكم تهوى إضافة التوابل الحارة على كل رد سام تلقي به

لذلك هي زادت خطوة للأمام مرتفعة قليلا حتى تجاري مستوى طوله

حينها هي زيفت ابتسامة باهتة مستفزة ثم قرعت وسط صدره بسبابتها قائلة:

"أو احصل على معلوماتك بنفسك، نقطة"

الأكبر فرقع رقبته كعادته المختلة محدقا بعينيها الواسعتين وابتسامتها الصغيرة المصنعة واعيا تماما بقربها المبالغ الذي جعل من رائحة جوز الهند الحلوة تتسرب إلى جيوب أنفه دون استئذان متغلغلة بتشعبات رئتيه بعمق

البارحة فقط

كانت نفس العيون منكسرة مقهورة و ذابلة

قبل بضع ساعات شهد على شلالات من دموع الحزن والحسرة

فكيف لإنسان أن يحمل بين عدستين صغيرتين أسرار الدنيا و عجائبها في تقلبات لا تدوم بضع دقائق ؟

"اتصلي به وحددي موعدا معه اليوم، سأتكلف بالباقي"

عضت شفتيها كاتمة صرخة سعيدة بعد رحيله

على ما يبدو أنه وافق بالفعل

ستعود لجامعتها حقا، لجزء من حياتها الطبيعية

ربما الأمور تجري بشكل أفضل

ومن يدري قد تتخلص منه شخصيا في المستقبل ، فقط القليل من الصبر بعد

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ǀالثانية عشر زوالاǀ

كانت مي يونغ جالسة بسلام تحتسي قهوتها اليومية بحديقة الفيلا بينما تتصفح إحدى المجلات العشوائية دون اهتمام ملقية ببصرها نحو البوابة الخارجية الكبيرة بين الفينة و الأخرى

تهللت أساريرها بعد وقت وجيز لما لمحت السيارة الكبيرة التي دلفت من الخارج فوضعت الفنجان على الطاولة بعجالة لتنتفض من مكانها إلى الداخل والابتسامة الواسعة لا تفارق ثغرها

"أهلا بكما صغيرتاي الجميلتان"

هتفت بثقل صوتها فاردة ذراعيها لتقفز إليها ذات الخصلات السوداء الطويلة صارخة بحماس

"خالتي الجميلة"

انقضت عليها الشابة بعناق ضيق مقبلة وجنتاها بحب ثم ابتعدت ممسكة بكلتا يديها

"اشتقت إليك خالتي"

"وأنا اشتقت لك صغيرتي المدللة، لن تتصوري كمية الفرح التي غمرتني عندما جاءني خبر زيارتك"

"وأنا كذلك، بمجرد حصولي على إجازتي من العمل قررت الزيارة رفقة بورا"

قالت نايومي مشيرة لبورا التي تقف على بعد منها ووجهها لا يشارك المرأتان ذات المشاعر

نايومي تكون ابنة أخت مي يونغ وهوانغ

أي أنها ابنة خالة كل من الشقيقان جيمين وبورا

لقد انتقلت نايومي للعيش في اليابان مع عائلتها قبل بضع سنوات لكنها تأتي للزيارة كل فترة

في السابق كان يتشارك الجميع العيش في نفس الفيلا، لكن بعد زواج هوانغ من هيسو وانضمامها رفقة ابنائها، بدأت العائلة تتفكك تدريجيا بسبب رفضهما الأولي لذلك الزواج

خاصة كون هي سو كانت أرملة و أما لثلاثة أطفال

أما فيما يخص ما يحدث حاليا

فإن بورا ابنة مي يونغ كانت قد ذهبت في رحلة لليابان لزيارة خالتها واليوم عادت لكوريا رفقة نايومي التي قررت بدورها قضاء إجازتها السنوية الطويلة بمنزل الطفولة

"ألن تلقي السلام على والدتك؟"

سخرت مي يونغ ملقية نظراتها الحارقة على بورا التي تنهدت مقلبة حدقتيها بضجر ثم تقدمت بتملل ملوحة بيديها:

"مرحبا أمي"

"لا زلت عديمة التربية، لما لا تكونين كابنة خالتك ها؟ فتاة جميلة، ناضجة و مفعمة بالأنوثة بدل القمامة التي ترتدينها الآن وأسلوبك الهمجي في الكلام"

"يكفي أمي أرجوك، ليس الآن رأسي سينفجر من التعب"

تجهمت ملامح والدتها لتقترب منها محدقة بهيأتها بقرف ثم انحنت تشتم ثيابها عن قرب لتجعد أنفها

"ألا زلت تدخنين تلك اللعنة؟ ألم أحذرك؟ ألم أقل أنه آخر انذار لك"

"أجل، أجل، والآن وداعا"

لوحت الصغرى مجددا لترحل دون اهتمام لصراخ المرأة خلفها

دست يدها بجيب بنطالها مخرجة سيجارة تهدئ بها أعصابها المتلفة و الصداع الفظيع الذي داهم رأسها بسبب السفر

"تلك اللعينة، اتركيني نايومي سأعيد تربيتها من جديد"

"خالتي اهدئي من فضلك سيرتفع ضغطك هكذا"

سحبتها نايومي لتجلسا معا في الصالون ثم أردفت بلطف شديد مداعبة أيدي المرأة المجعدة

"لا زالت في الثامنة عشر من عمرها، سيتبخر طيشها عاجلا أم آجلا و ستأتي لك بنفسها وتعتذر"

أشاحت مي يونغ وجهها بعبوس وهذا جعل من الصغرى تقرص وجنتيها بخفة قائلة بدلال:

"بالله عليك خالتي لا تحزني هذا الوجه الجميل"

ظلت تراضيها و تلاطفها كطفلة صغيرة حتى ابتسمت لها أخيرة مقررة تجاوز تصرفات ابنتها الطائشة كالعادة

"هكذا ابتسمي ليزدهر المنزل"

"آه نايومي لو تعلمين كم أشتاق لك ولأختي، وحدكما من كنتما تخففان عني كربي أما الآن فأنا عالقة بين كومة من الحمقى والقمامة وأخي معصوب العينين كقرد أعمى"

فهمت الشابة تماما مقصد خالتها، فهي على علم تام بكرهها لهي سو وأبنائها حتى النخاع

حينها مسحت بحدقتيها المكان بضياع لتعقد مي يونغ حاجبيها باستغراب متسائلة

"هل تبحثين عن شخص ما؟ إن كان خالك فهو غير موجود"

ابتلعت صاحبة الشعر الأسود ريقها بتوتر لتتلعثم محاولة صياغة سؤالها بطريقة مناسبة توصلها لمرادها بسهولة

"في الحقيقة أتساءل إن كانت الخالة هي سو موجودة، تعلمين يجدر بي إلقاء التحية"

"أجل موجودة هي ومشاكلها و لعنتها التي ستتبعنا مدى الحياة"

وكأن مغناطيسا ما جذب المعنية بالكلام

ها هي سو تنضم للاثنتين مرحبة بنايومي حيث شرعتا في تبادل الأحاديث تحت عدستي الكبرى الحارقة وملامحها الممتعضة بوضوح دون أدنى محاولة لإخفائها

"سمعت أن جونغكوك عاد من لندن أخيرا"

أردفت الضيفة الجديدة بنبرة غطتها اللهفة منتظرة الجواب الشافي الذي سيشفي غليلها

"أجل واحزري ماذا؟ هو سيستقر هنا أخيرا"

أجابت هي سو بسعادة جعلت من قلب الفتاة يقرع بجنون غير مخفية صفوف أسنانها الذي ظهر كاملا من فرط الشعور الذي داهمها

"حقا؟ سعيدة لأجلك خالة هي سو"

"الشكر لمن أعاده إلي وزرع بعقله فكرة الاستقرار"

"ماذا تقصدين"

"أوه عزيزتي، نسيت تماما إخباك لقد جرت الأمور بسرعة فائقة، جونغكوك قد عاد لهنا واختار لنفسه فتاة جميلة جدا، كان عقد قرانهما البارحة، ابني تزوج أتصدقين؟"

هي سو استمرت بالثرثرة عن الظروف الغريبة التي سار بها الزواج والفرح يغلف كل حرف يغادر ثغرها

غافلة عن التي شحب وجهها متصنمة بمكانها من هول الصدمة

لقد أخبروها أن جونغكوك عاد وليس عاد و تزوج

"ماذا؟"

همست بصدمة فاغرة عينيها بالفراغ وصدرها قد انقبض بقسوة مرسلا ألما طاغيا فتك بدواخلها حتى الدموع أبت زيارة عينيها من هول ما وقع على مسامعها

"عليك رؤيتها نايومي، وجهها كملاك رقيق، أحيانا أشعر أنها جاءت من الجنة أو ما شابه، يستحيل تجاهل محياها الرقيق و لؤلؤتيها الخضراء وسط أعين الغزال تلك، أحيانا أشعر أنها غير حقيقية لمدى نعومتها ورقة مظهرها"

مي يونغ شخرت بسخرية

"لكنها عديمة التربية كابنك المغفل"

"مي يونغ، لا أسمح لك"

نهرتها هي سو بحدة لتبدأ حرب الأعين بين المرأتان ومن منهما ستتولى السلطة و تهيمن على الأخرى

كل هذا أمام العدستين السوداويتين اللتان ذرفتا الدموع بصمت

"سأذهب لأرتاح بغرفتي"

نهضت بعدما قالت باختناق محاولة إخفاء أمطار عينيها

"بالطبع بنيتي، غرفتك جاهزة بالفعل، فقد غادرتها إيما البارحة، نادي على الخادمة لتغير الملاءات فقط"

عندما فهمت نايومي مقصد هي سو شعرت بالنيران تتغلغل أكثر و داخلها يثور كالبركان

فرت بسرعة متجاهلة الغرفة المعنية لتتجه نحو غرفة بورا ثم اقتحمتها دون سابق إنذار

كانت الصغرى متسطحة على السرير تراقب السقف بشرود بينما تستنشق من سيجارتها ثم ترتشف من كأس النبيذ جانبها كل حين

لم تكلف نفسها سوى القاء نظرة صغيرة على الثور الهائج الذي هجم عليها ثم عادت تستمتع بما تفعله دون اهتمام

"من تلك اللعينة ها؟ من تكون؟"

صرخت ذات الست والعشرين ربيعا بهستيرية متحركة ذهابا و إيابا بنفس البقعة

"كيف تأخذه مني اللعينة؟ كيف تتزوجه تلك العاهرة الساقطة؟ جونغكوك لي وحدي أنا الأحق بامتلاكه"

أضحت تشد خصلاتها بأنامل مرتعشة و مقلتيها تنفثان الحمم الحارقة

بدت كالمجنونة

وربما هي كذلك بالفعل

بالنسبة لشخص مهووس بالغرابي منذ الصغر

منذ اليوم الذي وطئت قدماه باب الفيلا حيث كان طفلا لا يتجاوز العشرة أعوام وهي كذلك تشاركه ذات العمر

وإلى يومنا هذا كانت لا تزال تخطط في عقلها لحفل زفافها المنشود الضخم في حين أن الآخر لم يبادلها حتى جملة كاملة طول حياتها

انقضت على زجاجة الخمر تتجرع السم الحارق دون توقف نافية برأسها

"لا لا لا مستحيل، هو لم يفعلها، لم ينظر لفتاة أخرى، هو ملكي أنا، لا يحبها مستحيل أن يحبها، جونغكوك الذي أعرفه لا قلب له، هو قاسي كهذا الجدار لا يمكن أن ينجذب لإحداهن، لا يحب، جونغكوك لا يحب حتى والدته كيف سيحب فتاة ما"

ظلت تردد و تضحك كالمختلة ثم فجأة، ضربت الزجاجة بالحائط محطمة إياها لأشلاء و صرخت

"سأقتها، سرقته مني، لم أصدق حتى عودته والآن سرقته، لن أتركه لها وإن كانت زوجته، سأستعيده، أقسم سأستعيده"

انتشلت السيجارة من أصابع بورا الهادئة مستنشقة إياها كأنها أكسيجين، كأنها حياتها

"جونغكوك لي، أنا أحببته أولا، أنا رأيته أولا، هو لي أنا لقد انتظرته لأعوام"

أصبحت مزيجا من الضحك الهستيري والبكاء و الصراخ الغاضب وقد ظلت على حالها لوقت طويل عكس بورا التي عدلت وضعيتها ثم غطت في نوم عميق متجاهلة وجودها

يكفيها أن عقلها مخدر تماما بفضل النبيذ اللاذع و رائحة الدخان المريحة تحيط بها من كافة الجوانب

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ǀ01:03 بعد الزوال ǀ

كان هذا الوقت الذي حددته ذات أعين الربيع مع المحامي في الصباح كما اتفقت مع الغرابي

لذلك جهزت نفسها قبل مدة حتى تقابل صديق والدها بحلة أنيقة وتبدو في أفضل حالاتها كما اعتادت منذ الصغر

قد تكون جولييت غادرت الحياة بالفعل لكنها خلفت لنفسها وريثة مناسبة لذوقها المخملي وأسلوبها الراقي الذي جعلها أيقونة بين معارفها

فمهما كانت المرأة تعاني من مرض أو حزن لم تنعم أعين الآخرين يوما برؤية ذلك الجانب منها

لقد حافظت على جمالها و رقة مظهرها إلى آخر يوم من عمرها

ثم بعدها أضحت إيما نسختها الثانية قلبا وقالبا

أحيانا يشعر الناس بالرعب من تطابق الجينات بينهما ثم يزداد هلعهم من طريقة الكلام و التعامل الذي يذكرهم بالراحلة

تموضعت صاحبة الخصلات العسلية خلف المرآة الطويلة تتأكد من مثالية هندامها بينما أناملها تداعب غرتها لتمنحها مظهرا أفضل

آخر شيء فعلته هو ارتداء قفازيها الجلديين بالللون الأسود الملائم تماما للأحمر الداكن الذي يكتسي فستانها الشتوي ذو القصة الكلاسيكية الفخمة

أمسكت حقيبتها بين يديها الرقيقتين محدقة بوجهها بالمرأة

كانت متوترة للغاية لدرجة جعلتها تشعر بالغثيان ومغص شديد بالمعدة

السنوات التي قضتها داخل الزنزانة كانت عبارة عن صفحات سوداء اعتقدت أنها مزقتها بالفعل ولن تضطر لمعايشة ذات الألم من جديد

لكن الظاهر أنها أخفقت هذه المرة

عليها اللجوء لذات الذكريات اللعينة لإشباع رغبات الوحش الحقير

إلا أن جزء منها كذلك يحترق لمعرفة تفاصيل الأحجية الغامضة

كما أنها لم تعد تشعر بذات الرعب، شيء بداخلها خمدت نيرانه بعدما ظهر جانب من الحقيقة

عندما تبين أن وضعها ليس بذلك السوء مع الغراب

كأن ملاكا نزل إليها من السماء و قلب الموازين

لا تتصور ما كان ليحل بها لو كان لوسيفر هو ذاته شقيق الغراب

هو لم يرحمها حتى وهي بريئة، ماذا كان سيفعل بها لو لم تظهر الحقيقة؟

كيف ستنسى ما جعلها تعايشه داخل ذلك المكان المهجور؟ كيف رأته ورجال عائلته يقتلون بدم بارد، وكيف كانت عينيه تزرعان الرعب بفؤادها في كل مرة يصرخ بانتقامه و يتوعد برأس شقيقها بثقة تامة

جعدت حاجبيها تنتشل عقلها من مستنقع الأفكار الذي يدور دائما حول الغرابي و قسوته وكرهها له

لتسمع جرس الشقة يرن

توجهت لفتحه بوجه فارغ فقابلها روني ببنيته الضخمة قائلا باحترام

"السيد جونغكوك ينتظرك في الخارج"

أومأت ببرود ساحبة نفسها خارج الشقة بخطوات رزينة ليتبعها السائق حيث جونغكوك يقبع داخل سيارته السوداء

كان الغرابي مستقرا بمقعد السائق بعبث بالمقود بأعين شاردة في الفراغ عكس ملايين الأفكار التي تعبث بذهنه كالسم

لمح جسدها يتجاوز بوابة الإقامة الضخمة رفقة روني ليتأمل مشيتها الواثقة وخضرائها المسلطة على طريقها بهدوء بينما تتقدم نحو مكانه برقي وثبات

استقرت بالمقعد جانبه بعدما فتح روني لها البوابة وحينها أشار الغرابي له بشيء ما ليفهم المعني و يومئ مغادرا

وجدها تضع حزام الأمان ثم ركزت بوجهها للأمام دون حتى إعارته نظرة واحدة من خضراويتها

وهو بدوره أشاح بوجهه عنها ليدير المحرك منطلقا بسرعة

حاولت إيما تمالك نفسها قدر الإمكان طول الطريق لكن الطريقة المستعجلة التي يقود بها الغرابي أتلفت أعصابها وانتهكت ما يكفي من صبرها

خاصة وأنها تشعر بنفسها على حافة التقيؤ بسبب توترها مسبقا فزادها الأمر سوءا

"ألا تجيد القيادة حتى؟"

انفعلت قائلة بغضب للذي مرر لسانه على باطن وجنته متجاهلا حديثها وأكمل القيادة على نفس المنوال

"على مهلك يا هذا سأستفرع بسببك"

"لا تصرخي علي"

قال بحدة لترمقه بحقد

"إذن قد كالبشر أو دعني أفعل بدلا عنك"

خفف الآخر من سرعته ملتفتا إليها بابتسامة جانبية مختلة ثم أردف بسخرية

"أرى أن خوفك تبخر، هل نسيت شيئا ما يا ترى؟"

قابلته بأعينها التي تحمل ذات الاستفزاز ثم ضغطت على نبرتها لتجعلها أكثر سخرية

"أرى أنك فقدت عقلك بالفعل، أنا لم أكن يوما خائفة منك، هل نسيت يا ترى؟"

"كلا لم أنسى، أتذكر جيدا كل تلك التوسلات و الدموع"

تجهم وجه الصغرى لتزم شفتيها بغيظ فاحتضنت ذراعيها لصدرها ملتفتة للنافذة بعدما هسهست

"إذن تذكر أنني أكرهك"

الغرابي تابع القيادة حتى بلغ العنوان المنشود ليصف جانبا ثم نزل من السيارة لتتبعه إيما وهي تزفر بحقد محدقة بظهره العريض ومشيته الرجولية المغرورة

كانت تشتمه بين أنفاسها كثيرا وهو يسير بخطواته الواسعة التي تشكل عشرة أضاف خاصتها

ثم تذكرت أن مكتب المحامي يقع في طابق مرتفع وعليهما أخذ المصعد

عبست بشدة

ضيق المصعد يشعرها بالاختناق بينما صعود السلالم الكثيرة يصيبها بذات الشيء

إلا أنها تفضل السلالم على الشعور المقزز والذكريات السيئة التي تداهمها هناك

نظرت أمامها بتفاجؤ

كانت تظنه سيتوجه تلقائيا للمصعد الكهربائي لكن مقلتيها لمعتا بسعادة مكتومة عندما وجدته صعد الدرج مباشرة دون الالفات خلفه

ربما هو تعمد تعذيبها أو الانتقام منها بسبب وقاحتها قبل قليل لكنه على العكس كافأها بفعلته هاته

ابتسمت بانتصار تتبعه ببطء كي لا تتعب رئتيها و تختنق

إيما الصغيرة غافلة عن جزء صغير ربما

الغرابي لم يجيرها على أخذ السلالم حتى

كان بإمكانها اختيار المصعد و الوصول قبله

بعد وقت قليل انتظرا فيه تفرغ الرجل كما قالت السكرتيرة ها هو المحامي كانغ يستقبلهما بابتسامة واسعة وعينيه مسلطة على إيما بسعادة عارمة

"بنيتي أهلا بك"

هتف ببشاشة يفرد ذراعيه لإيما التي لبت دعوته في عناق خفيف مرحبة به هي الأخرى والغرابي الذي يشاهدهما بأعين فارغة حتى لمحه الرجل متسائلا بحيرة

"بنيتي لم تقولي أنك ستحضرين ضيوفا؟"

إيما ابتلعت ثم أومأت بتفهم لتتراجع واقفة بالمحاذاة مع جونغكوك

"سيد كانغ أنا حقا آسفة لذلك، أعرفك بزوجي"

المحامي استمع لها بدهشة غير قادر على استيعاب حديثها

هو يطمئن على أولاد صديقه كل فترة و آخر مرة قابل فيها الفتاة كانت قبل أقل من شهر

كيف أضحت متزوجة فجأة ومن من ؟

جيون جونغكوك

هو يعرفه بالفعل يكفي الصحف المليئة بأخبار زوج والدته وعائلته

و يكفي أنه في يوم ما كان على رأس قضية مقتل شقيقه

"جيون جونغكوك"

عرف الغرابي بنفسه ليومئ السيد كانغ مبادلا إياه النظرات الحادة

"أعرفك بالفعل، إيما بنيتي، ما الذي يجري هنا؟ أتعلمين من يكون؟"

أيما توترت بشدة، هل الكل يعرفه غيرها

لامت غباءها كثيرا، بالتأكيد سيعرفه، أليس ذاته المحامي الذي دافع عن قضيتها

عندما بات الجو مشحونا

تنهد الرجل الكهل ليدعو الاثنان للحديث في المكتب

وقد كان جيون يرسل له نظرات خطيرة طوال الوقت مربكا إياه

"في الحقيقة عمي، نحن هنا لذات السؤال، هل يمكنك إطلاعي على تفاصيل قضيتي رجاء؟"

"لكنك لم ترغبي يوما بمعرفتها، لقد قلت انك تريدين النسيان"

" أعلم، لكن تغير الكثير الآن"

كانغ رمق جونغكوك بشك، يتحسس الخطر المحذق حوله وجونغكوك حينها وضع يده على المكتب قائلا بصوته العميق،

"لما تحدق بي هكذا حضرة المحامي؟"

الرجل ابتلع رييقه مستنجدا بإيما حتى تعطيه الإشارة الخضراء ففي النهاية ما سيقوله متعلق بخصوصيتها

وبالفعل إيما أومأت له بثقة مخفية أناملها المرتعشة وتوترها الكبير من هدوء الغرابي و تصرفاته المنذرة بقدوم العاصفة

"أنت شقيق الضحية"

"أي ضحية؟"

"جيون هوسوك"

جونغكوك أمال رقبته عائدا للوراء ثم أراح ظهره على الكرسي كأن الأشياء تتوضع وتتفسخ أمام عينيه

"هل الضحية كان يحمل هذا الاسم؟"

المحامي لا يفهم شيئا مما يدور حوله

هو فقط أومأ تارة ينظر لإيما المتصنمة بهدوء وتارة يقابل الثقب الأسود الذي بات مظلما أكثر

"ماذا تريد أن تعرف؟"

"كل شيء متعلق بمقتل جيون هوسوك"

نهض الرجل من مكانه متوجها للبحث بين الرفوف عن ملف القضية الذي يخبئه بسرية بين باقي الملفات

وفي تلك الفترة نظر الغرابي لزوجته بتفحص يقرأ تحركاتها الصغيرة

كان وجه إيما شاحبا رغم ثبات ملامحها

وتنفسها مهزوز نوعا ما بينما أناملها تضغط ثيابها بارتباك فعلم أنها خائفة مما ستسمع أو ربما فتح القضية من جديد يصيب ذكرياتها السيئة

عاد المحامي مستقرا خلف مكتبه ليشرع بحديثه المنتظر

"حسنا لا أملك الكثير فعلا "

"لا بأس عمي فقط أخبرنا بما تعلمه"

قالت بلطف مبتسمة نحو الرجل حتى تزيح الأجواء المشحونة

"حسنا بنيتي، في يوم محاكمتك أنت لم تكوني موجودة وأنت تعلمين، ذلك اليوم بدى كل شيء غريبا، لم يحضر الكثير من أسرة الضحية عدا زوج والدته هوانغ جون سو، ما لا تعلمينه أنت بنيتي أن بعد الحادثة، قامت الشرطة الجنائية بنقل الضحية على متن سيارة الإسعاف لأن نبضه كان لا زال موجودا، لكن مع الأسف السيارة تعرضت لحادث سيء أدى بحياة الموجودين جميعا، انفجار المحرك أدى لاحتراق شوه جميع الجثث ومن بينها جثة المدعو بهوسوك، لذلك تقدمت المحكمة بطلب تحليل للحمض النووي حتى يتعرفوا على هويته، كانت الجثة تحمل في جيوبها بطاقه هوية جيون هوسوك و التحليل أيضا صرح بذات الشيء كما أنه قد تم الإبلاغ عن اختفائه من طرف أسرته مسبقا لهذا تم الجزم في القضية و لقلة الدلائل والمعلومات، تم قبول مرافعتي على كونها دفاعا عن النفس وأنت حكمت بخمس سنوات نظرا لسجلك النظيف و كون الضحية كان لا زال ينبض بالحياة قبل الحادثة"

أنهى الرجل كلامه محدقا بالزوجين وقد شعر بالأسى من مقلتي أيما اللتان تقاومان الدموع بصعوبة

"ذلك التحليل، أي الحمض النووي كيف أحصل عليه؟"

سمع الغرابي يقول وسوداويتاه احتقنتا بالأحمر الدموي فجأة

كان تنفسه ثقيلا و يده مكورة في قبضة غاضبة أبانت عن عروقه الخضراء

"لا أعلم، معلومات كتلك قد تكون مخزنة بين سجلات المحكمة العليا"

أومأ الغرابي ناهضا من مكانه كالبركان و وجهه ينفث نيران الغضب الحارق

رمق المحامي مجيبا باقتضاب

"سلمت"

ثم التفت لإيما التي تناطره بوجهها الشاحب ومقلتيها الضائعتين

"لنرحل"

"بنيتي إنه شقيقه، هل أنت بخير؟ هل أتصل بالشرطة؟"

همس الرجل بعد اختفاء الغراب

"لا تقلق عمي، كما أنه ليس شقيقه"

"متأكدة؟ أنا غير مطمئن"

إيما رسمت ابتسامة مزيفة صغيرة لتومئ بثقة

"متأكدة"

◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊◊

ألماساتي كيف حالكم؟

اشتقت كثير

طبعا تعرفو أسباب تأخري و شكرا لانتظاركم

شورأيكم بالبارت؟

كذلك شكرا على تفاعلكم بالمقابلة كثير فرحتوني

بخلي مساحة هون لتحليلاتكم و توقعاتكم

أعتقد كل شي صار واضح تقريبا

نلتقي بالبارت القادم

أحبكم (لونا)

Weiterlesen

Das wird dir gefallen

157K 4.9K 26
"سببان جعلاني مضطرباً طوال الستة أشهر الفائتة لكن كل شيء انتهى الان انا سأنهي الامر بطريقة صحيحة اليوم هو يوم الحسم يوم اعلان قراري النهائي" جيكوك...
5.4K 829 23
- عِندَما تَجِدُ القِيثَارة لَحنَهَا المَنْشُود . - قِيثَارَة 1960 . ~نشرت تامة يناير 2020 ~فصول قصيرة
15.6K 1.7K 9
أحبها فأرادها له حباً، لكنها رفضته ليقرر أن يأخذها تملكاً، فهو الماتدور الذي لايهاب شيئ، كيف لفتاة أن ترفضه بسبب كونه "ماتدور" -اسمعي عزيزتي، أنتِ تق...
128K 14K 29
مَن قالَ اننا كبشرٍ الكائنات الوحيده علي الأرض؟ بارك جيمين هانا مواعيد التنزيل: كل خميس و جمعه Started:11/11/2021 Ended:11/2/2022 ○الرواية مليئه بكل...