٣٤-|طَلاقٌ!|

2.6K 211 143
                                    

«لكُل قاعدة هُناك شواذ، حتى قواعد العشق».

في قواعد اللُغة العربية «الألم» مُضاف إليه، تلك قاعدة كاذبة، فلم يكُن الألم يومًا مضافًا لروح الإنسان بل هو كابوس بشع خُلق مع أول صرخة لنا بهذا العالم، إستقر بقلوبنا فور أن فتحنا أعيُننا، وبقى ينمو وينمو كُل يومٍ أكثر، الألم شعور بشع، شعور أقل ما يُقال عنه أنه آتٍ من الجحيم، كما تشعُر وتُكابد هي الآن! تشعر بأنعدام الهواء من حولها، قواها تنهار، معبد هواها هدمه زلزال تلك الكلمة التي يُبغضها قلبها، شعرت بأنها أمام القاضي ويخبرها بأنها حُكم عليها بالشنق ولكنهُ ليس أي قاضي ولا أي حُكم، فهو قاضي الحُب وحُكم البُعد عن المحبوب، يلتف الفُراق على جيدها كما يلتف حبل المشنقة حتى يسحب روحها، تسير بلا هوادة لا تعلم أين ومتى خرجت حتى، كل ما يجول بعقلها هي تلك الكلمة التي نطقها بعد توسُلاتِها وبُكائها، بعد معركة دامية بين القلبِ والعقل والتي أنتصر بها العقل وصوت كبريائها المجروح وكرامتها التي هُدرت ليخرج الفؤاد منها مهزومًا هزيمةٍ نكراء.

أغمضت عيناها بألم وأُذنيها تجزم إنها سمعت صوت تحطيم قلبها، ظنت إنها سوف تُريح وتوقف نزيف روحها فور أن ينطُقها ويجهُر بها، لكنها لم تكُن تتوقع بأنها ستزيد آلامها وتزيد نزيف روحها هكذا، يالله! أيُ عذابٍ ذلك الذي تُعايشُه؟.

بأناملٍ مُرتجفة مدت يدها لحقيبتها المليئة بذكرياتها، وبأقدام ذائبة كالهُلام خطت خارج أبواب مسكنها الدافئ، ذلك المسكن الذي لم تشعر بالسعادة بحياتها قط سوى بين جُدرانه، تلك المساحة التي أهدتها الأمان والدفء بعد أعوامٍ من صقيع الشتاء، لكنها توقفت مكانها، تعود إليه بأرض هزيمتهِ، تُحرك أصبعها الأيسر بيدها اليُمنى خالعة خاتمها وكانت كإنها تخلع روحها من جسدها، تمسك يده بأرتجاف واضح فيشعُر الإثنان بكهرباء الهوى تسري بأجسادهم لترتجف أنصالهم بغير أرادتهم فهذهِ أول لمسة لهُم وهُم غُرباء وآخر لمسة لهُم، خرج صوتها مهزوزًا، مجروحًا، ومصدومًا فتلك الكلمة ما زالت تدوي بعقلها كدوي الإنفجارات فتغطي على كُل الأصوات:
-معدش يلزمني، وده مبقاش من حقي، ده يلزم مراتك ومن حقها هي.

تركت خاتمها بين أصابعه ثم ألتفتت وتوجهت للخارج بعيدًا عنهُ وعن عشقه، عيناها يصُبان الدموع أنهارًا، وقلبها توقف عن النبض حتى، قبل إغلاقها للباب أستدارت بحزن واضح، تُنعم على قلبها بنظرةِ وداع حزينة وأخيرة:
-الوداع يا آدم، خُد بالك مقُلتش إلى اللقاء علشان مش هنلتقي تاني قولت الوداع، خُد بالك من نفسك.

أغلقت الباب خلفها وتوقفت مكانها تنظر لكل الأرجاء بوداع، فبكل شبرٍ هُنا ذكرى جمعتها به ما ظنها ستُمحى من البال والخاطر، وبالمدخل قابلت غريمتها العائدة من الخارج، والتي بادرت القول بحرج:
-أحم أهلًا.

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.Where stories live. Discover now