٦-|أول عِناق وأول ضِحكة|

5.8K 356 218
                                    

أتعلم ما شعور أن تكون زهرة خُلقت وسطِ كومة من الأشواك!، زهرة حاولتَ جاهدًا النمو دون أن تمُسها شوكة لكنها لم تفلح حتى!، كانت مُجاهدتها للعيش بهذهِ الحياة القاسية كمُجاهدة تلك الزهرة التي ألقت حتفها ذابلة وسطِ تِلكَ الأشواك، مزق الفُراق روحها بلا رحمة كما مزقت الأشواك وريقات الزهرة وتناثرت بالأرض بمنظرٍ مأساوي، كسنينِ عُمرها التي بعثرتها الظروف دون شفقة، تركتها التي تُدعى والدتها بصدمتِها وذهبت، وأما هي بقت واقِفة مكانها ساكنة، صامِتة، يُغلفها الجمود الظاهري ويحتَلها الدمارُ الداخلي، تنظُر أمامها بصدمة كبيرة، وتوهان أكبر شعرت بأن العالم مُظلم لا نافذة بهِ تُمرر الضوء، ولا بابٌ تهرُب منهُ.

أيُعقل أنها ماتت قبل أن تقول لها سامحيني؟ أرحلت قبل أن تُخبِرها إنها لم تكرهها يومًا بل لم تُحب غيرها على الإطلاق! لماذا دربُها ودربُ السعادة ليسَ واحِدًا؟ لماذا سعادتها مبتورة دومًا؟ لماذا كُل ما نهضت من ضربة يُصيبها القدر بضربة أقوى من سابِقتها؟ لم تفِق لليوم من فاجِعة رحيل فاتن لتُفجع برحيل شقيقتها الصُغرى؟.

لِماذا من نُحِبهُم يرحلون بغيرِ وداع؟ لِماذا يرحلون بسُرعة من هذهِ الدُنيا دونَ حتى أن نشبَع مِنهُم؟ لِماذا المَوت يَحوم حول الأحباب فقطّ؟.

رفعت يديها تُبعد تِلك الخُصلات المُتمرِدة عن جبينها تشُدهم للخلف وهي تُحدِق بالسماء بعيون طفلة تائِهة:
-يا رب مُستحيل مستحيل أنا قلبي بيدق معناها لدلوقتي عايشة أنا قلبي حاسس إن هي لدلوقتي عايشة مماتتش آه أُختي عايشة مُتأكدة.

-زهر مالك؟.
حين أطالت الجمود بمكانها توجه لها قلقًا ينظُر لها بريبة وهي تنظُر لهُ بوجَّعِ لا يُحكى لا تتكلم وكأنها فقدت النُطق، ليتفاقم خوفهُ أكثر وأكثر ليُكرِر بقلق أكبر وهو يضع رأسها بين راحتيه بحنان:
-زهر متقلقينيش رُدي عليا بالله عليكِ.

أباحت له بوجَّعها ودموع آتية من الجحيم تحرق وجنتيها:
-ماتت يا آدم.

سألها بقلق كبير عندما أتت سيرة الموت على لِسانها:
-زهر فهميني في إيه؟.

أجابتهُ بدموع غزيرة:
-آدم شوق أُختي ماتت ...ماتت!.

سألها بصدمةٍ كبيرة:
-أُختك!.

علقت بدموع وأنفاسها مُضطربة:
-ميعاد قالت إنُ هي ماتت من زمان وأحنا منعرفش، دي بقالها سنين مختفية وأحنا ندور عليها ودلوقتي ميعاد بتقول ماتت، هي كدابة صح! قول إنُ هي كدابة!.

توسلها وهو يُحاول تهدئتها بشتى الطُرق:
-طب إهدي وانا هتأكدلك من الموضوع ده.

عاد الأمل يشُع من عينيها وهي تصرُخ بلهفة ودموع:
-بجد يا آدم؟ بجد هتجيبلي أُختي!.

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.Donde viven las historias. Descúbrelo ahora