١٦-|في أحضانِ غَريمَتُها|

1.8K 177 223
                                    

«أبواب الماضي قطعًا يجب أن تبقى مُغلقة ولا تُفتح وألا ستهلُك».

هي إمرأة جحيمها في دُنياها هو ماضيَها...
هي إمرأة هدفُها في حياتُها الثأرُ لماضيها...
هي إمرأة لا تتعايش مع حاضرها بل مع ماضيها...
للماضي مع الروح معارك ساحقة وغزوات طاحنة، لا ينتهوا، يبقى النزال مُستمرًا إلى ما لا نهاية، وأما الحاضر فما هو ألا خُدعة تُسمى أستمرارية حتمية لكنهُ بالواقع هُدنة بسيطة بين ما مضى وما سيأتي؛ ذكريات سوداء تقتحم رأسها دون رحمة، تجلدها بسياط الذكرى، وصراخ يكاد يصمُ أُذنيها يرجُ رأسها رجًا، وذكرى لدموع قديمة تحرق وجنتيها كإنها تبكيها الآن تسيل دون توقف؛ تحرك لسانها يُتمتم بتيه بينما عقلها غارق باللا وعي دون رحمة:

-"ميرڤت"!.

بحدة مجنونة كانت "ميرڤت" تلتفت نحو الصوت، تدنو من الدربزون بصراخ مُهتاج يُزلزل الأرض:
-آه ميرڤت يا زهر.

تلبسها خوف كبير على أبنائها ففتحت ذراعيها لا أراديًا بحماية كبيرة تسد الدرج، فقد صور لها عقلها أنها ستتعداها وتخطفهم منها:
-عايزة إيه يا بت أنتِ.

لوحت بيدها بغضب كبير ونطقت بصراخ عالي بما تراهُ حقَّها:
-عايزة ولاد أخويا.

توسعت عيناها برعبٍ كبير، بينما ريقها يمُر كصبارة شائكة في حلقها:
-عرفتي إزاي!.

ضحكت بسخرية صاخبة وأهدتها هزة كتف ماجنة:
-ومش عاوزاني أعرف كمان!.

تولت إيمان الثائرة دفة الحديث حين رأت ضعف زهر لأول مرة بحياتها، فتقدمت من ميرڤت تُناطحها الند بالند بحقد:
-أنتِ آخر وحدة تتكلم يا ميرڤت، جاية دلوقتي تتكلمي عن ولاد أخوكِ! هو أصلاً أنتِ تعرفي معنى الأخوة علشان تيجي تقولي ولاد أخويا!.

من الجانب لم تُلاحظ أي واحدة منهُم تصلب فريدة المصدوم والغير مُصدق ما يحدُث، لا تفهم وبالأحرى هي فهمت لكنها تُكذب عقلها:
-أنتوا بتتكلموا عن مين؟.

التفتت ميرڤت نحوها تُهديها ضحكة مُستخفة قبل أن تقول:
-إيه! هو أنتِ متعرفيش حاجة يا فريدة، هقو...

كانت ثواني بسيطة تحتاجها لتُلملم بها شتات نفسها وتعود الروح الثائرة والمُحاربة لها، قطعت الدرج بثلاث خطوات سريعة ثم بعنف همجي كانت تقبض على ياقة ميرڤت من الخلف تجرها بحركة باغتتها وأججت غضبها، وحين تلاقت المُقل بحديثٍ طويل سُطرت كلماتهِ بالدم، تأجج الغضب بعينا القاسية والحِقد بعينا الماكثة بقبضتها:
-لما تكلمي أُمي ستك وتاج راسك توطي راسك لتحت وتقولي فريدة هانم مش فريدة كده حاف ده أولاً...
هزتها بغضب أثناء صبغ نبرتها بأحتقار كبير:
-ثانيًا بقى كلمة تانية يا ميرڤت وحياة آسر وحور هتلاقي نفسك في السجن، أنا اللي واقف بيني وبينك هو أخوكِ آسر اللي ميستهلش وحدة زيك تكون أخته، وبالنسبة لمدام ناهد فهي تعرف عن وجودهم وهي اللي رافضة تشوفهم خوفًا عليهُم منك ومن شرك علشان عارفة القلب الأسود وكمية الحقارة اللي موجودة فيه.

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.Where stories live. Discover now