الحلقة العشرون

Start from the beginning
                                    

***

صعد الدرج بعدما فتحت له "رنّة" الباب ومن ثم اتجه إلى باب الشقة ووضع به المفتاح ثم أداره ، وطأ بقدميه داخل الشقة وسار بخطوات متمهلة للداخل وبحث بعينيه عنها ليجدها أخيرًا فى غرفتها تجلس على سريرها وتضم قدميها وتبكى ، اقترب برفق منها وجلس بجوارها والتقط أنفاسه وردد بخفوت :
- أنا سيبتك كذا يوم تفكرى فيهم وتاخدى قرارك ، تنّة أنا واثق إنى مش ههون عليكِ
ابتلعت غصة مريرة فى حلقها واعتدلت فى جلستها ورمقته بعينيها الدامعتين وهتفت بضعف :
- مش هتهون عليا !! بس أنا هُنت عليك
اقترب منها أكثر وحاول لف ذراعه حول رقبتها تعبيرًا منه على حبها فأبعدت يده بغضب فأخفض بصره وأردف :
- والله أبدًا .. عمرك ما هُنتِ عندى ، ليه مش عايزة تصدقى إنى بحبك يا تنّة ؟
حركت رأسها بعشوائية لتقول بضعف :
- علشان أنتَ اثبتت عكس كدا .. كنت فاكرنى هاخدك بالأحضان وأقولك خير ما عملت ؟ أنتَ ليه مش عايز تقتنع إن أكتر حاجة بتوجع الست إن جوزها يتجوز عليها ؟ حط نفسك مكانى وجرب الشعور ده
اعتدل فى جلسته لتصبح مواجهة له مباشرة ورفع ذراعيه وضم وجهها براحتيه وهتف بحب :
- والله اللى عملته ده علشان يكون ليا طفل بس .. أنتِ اللى فى حياتى بس والله ، بحلفلك أهو
كانت على وشك التحدث بعد أن لان قلبها قليلًا لكن فى تلك اللحظة دلفت والدتها إلى داخل الغرفة وهتفت بغضب شديد :
- أنتَ ايه اللى جابك هنا بعد اللى عملته يا باسل؟ سيبها بقى فى حالها وشوف مراتك وبنتك ... بنتى هتتطلق منك
وقف على الفور ووزع نظراته بين "أسماء" و "تنّة" وهتف بصدمة :
- ايه ! تتطلق ؟ ايه اللى بتقوليه ده يا حماتى ؟
اقتربت منه أكثر ورددت بنفس النبرة الهجومية :
- زى ما سمعت كدا وياريت تسيبها بقى هى خلاص مابقتش عايزاك ، ومتنساش تشد الباب وراك
لم يعرف بماذا يقول لكنه وجه نظره تجاه "تنّة" وهتف متسائلًا :
- الكلام ده صحيح يا تنّة ؟ أنتِ بجد مش عايزانى تانى فى حياتك
انتظر إجابتها لكنها أثّرت الصمت وبصرها موجه للأسفل فعاود نطق تلك الكلمات مرة أخرى :
- ردى عليا يا تنّة ، أنتِ مش عايزانى فى حياتك ؟
رفعت بصرها ببطء وجاهدت لإخراج الحديث الذى كان ثقيلًا عليها ، ابتلعت غصة مريرة فى حلقها وأردفت بخفوت :
- أيوة مش عايزاك
ظل نظره مثبت عليها لثوانٍ من شدة الصدمة فهتفت "أسماء" بصوت مرتفع :
- اديك سمعتها منها أهو .. هوينا بقى
أغلق عينيه وأخرج أنفاسه التى كانت صعبة للغاية وجاهد لإخراج تلك الجملة التى أُلجم لسانه حين جاهد لإخراجها لكنه استجمع قواه وهتف بخفوت :
- طيب يا تنّة .. اللى يريحك ، أنتِ طالق
لم يكن ينوى إطلاقًا أن يتخذ هذا القرار الصعب لكن ماحدث منها ورفضها للبقاء معه هو ما دفعه لذلك ، انطلق للخارج تاركًا المنزل أما عن "تنّة" فجملة "باسل" الأخيرة كانت كافية لإشعال النيران بداخلها من جديد وغرقت فى نوبة بكاء جديدة ولكن تلك المرة كانت أشد وأشرس وأكثر ألمًا لقلبها ...

***

اقترب طيف من مكتب والده ودلف إلى الداخل بعد أن طرق الباب ثم أدى التحية العسكرية ومال بظهره كى يضع مستند أمام اللواء أيمن وأردف :
- دى كل حاجة طلبتها يا فندم عن غيث أمجد سويلم و ليان محمد إسماعيل .. غيث أبوه مات وهو فى ابتدائى وأمه ماتت أول ما دخل كلية ... اشتغل كذا شغلانة علشان يصرف على نفسه ومكانش له حد خالص ، اتخرج واشتغل فى سوبر ماركت قريب من بيتهم لغاية ما فى يوم اكتشفوا أنه اختفى ومرجعش البيت وفعلًا كان فص ملح وداب ومكانش له أى أثر زى ما تكون الأرض اتشقت وبلعته أما عن ليان فأمها وأبوها ماتوا وهى صغيرة جدًا ومكانش ليها غير أخوها مصطفى هو اللى فضل يصرف عليها واشتغل كذا شغلانة لغاية ما فى يوم سافر هو وهى أمريكا بس بعدها بسنة مصطفى رجع مصر بس بعدها بسنتين لقوه مقتول فى الشقة اللى هو فيها وليان مرجعتش من ساعتها
هز رأسه وهو يرمق المستند الموضوع أمامه ثم هتف بجدية :
- طيب روح أنتَ على مكتبك
أدى التحية قائلًا :
- تمام يا فندم

بنت القلب "سلسلة عالم المافيا"Where stories live. Discover now