(48)

1.9K 128 9
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

لم تتركها سمر حتى أحضرت لها اختبارًا منزليًا للحمل وأعطته لها خلسة وهما تقفان تنتظران زوجيهما يأتيان بسيارتيهما أمام بناية بيت والدي كارما.

ركبت كل واحدة مع زوجها وانطلقوا كلٍ لوجهته، كانت كارما جالسة جوار مروان وبالخلف يجلس كريم يتابع بعينه أعمدة النور المتحركة أمامه على وتيرة واحدة مع تحرّك السيارة في هزة متتالية من رأسه.

توقف مروان في إحدى محطات الوقود من أجل ملء سيارته، وبمجرد أن بدأ العامل في ملء السيارة حتى انتشرت رائحة البنزين في المكان فبدأت كارما تنزعج بشكل واضح وتقلص ملامحها بقرفة وضيق، فالتفت إليها مروان وربّت على ظهرها وهو يغلق زجاج نوافذ السيارة، لكنها فاجأته باندفاعها بين ذراعيه دافنة وجهها بداخل صدره تتنفس رائحة عطره مجددًا!

لكنه تلك المرة أخذ يتلفت حوله بعينيه ثم دفعها برفق وهو يفتح نافذة السيارة ليعطي للعامل ثمن الوقود، فتساءلت بانزعاج: إيه في إيه؟!

فرفع حاجبيه بدهشة وهو يعاود قيادته للسيارة ليكمل الطريق نحو البيت وتابع: إنتِ اللي في إيه؟! مالك إنهاردة!

- مش جوزي حبيبي!

- يا ستي ما اختلفناش! بس مش كده! ده إنتِ حبة وتبوسيني في الشارع!

فلكزته برفق وتصنعت الغضب بطفولية وضمت ساعديها أمام صدرها ناظرة أمامها، فتابعها ثم نظر أمامه وضحك، وبعد قليل اقتربت منه مجددًا تسند برأسها على كتفه، فتنهد بقلة حيلة مردفًا: والله لينا بيت وأوضة واحدة كمان!

- أصل ريحتك حلوة أوي!

- دي نفس ريحتي كل يوم والله العظيم!

فاستنشقت بقوة وهي تلصق أنفها في كتفه ثم قالت: بس إنهاردة أحلى!

فابتسم بقلة حيلة وتابع قيادته، مر بعض الوقت وبدأت سرعة المرور تتباطأ بفعل الازدحام، خاصةً وأنه مساء الخميس.

كانت كارما تفتح حقيبتها من حينٍ لآخر وتنظر إلى ذلك الاختبار وتمسد عليه بأصابعها فتشعر بتسارع نبضات قلبها، فتغمض عينيها بحالمية وتضع يدها على بطنها تتساءل بداخلها إن كان حدس أمها وسمر صحيحًا  أم غير ذلك! وترى ما سر كل هذه السعادة! فلم تكن يومًا تفكر في ذلك الأمر أو تتلهف عليه مثل لمياء صديقتها عندما تأخر حملها؛ ربما لانشغال وقتها أكثر من اللازم، لكنها لا تشعر  بشيء سوى بعض التقلصات في بطنها التي تشبه آلام عادتها الشهرية لحدٍ كبير، فهي حتى غير منتبهة إلى موعدها فلا تدري إن كانت قد تأخرت أم لا!

وفجأة هاجمتها رائحة سدق محمّر من أحد المحلات الموجودة في خط سيرهم وكانت السيارة على مقربةٍ منه، فأخذت نفسًا عميقًا ثم جذبت ذراع زوجها مثل الأطفال وهي تناديه: مروان مروان!

(هات و خد)       By : Noonazad Where stories live. Discover now