(25)

1.9K 139 10
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

وفي لحظة خطف مفتاح سيارته وانصرف مسرعًا وصفق الباب بقوة خلفه، بينما كارما ظلت واجمة تحدق مكان طيفه لفترة لم تأبه لكل اعتذارات أمه سلوى ولا حتى انتبهت لدموعها التي تذرف بلا وعي!

لكنها بعد فترة انتبهت لسلوى واستعادت نفسها، جذبت عدة محارم ورقية من أمامها وكفكفت دمعها ثم تناولت كوب الماء ورشفت بضع رشفات، ابتلعت ريقها ثم ابتسمت ابتسامة باهتة نحو هذه الأم المهمومة.

- والله ما عارفة أقول لك إيه يا بنتي!
هكذا قالت الأم على استحياء.

فتابعت كارما بهدوء: مفيش حاجة، عادي!

قالتها بنبرة قاتلة، فتابعت الأم: معلش مروان غلبان أوي؛ بياخد وقت عبال ما يتخطى صدماته، مش عارف ينسى المرحومة؛ أصله كان بيحبها أوي!

فأومأت كارما برأسها تتصنع التفهم وداخلها جحيم حارق يأكل في أحشاءها، فقالت بهدوء: واضح.

- بس أنا خايفة يرجع يهمل ابنه من تاني وأنا ما صدقت.

- إطمني حضرتك، أنا في الأساس جاية عشانه، عشان كريم يعني، إتفضلي حضرتك حاولي تجاوبي عن الأسئلة دي، هتحطي علامة على نعم أو لا أو أحيانًا أو غالبًا، ولو في سؤال مش عارفاه أنا مع حضرتك.

قالتها وهي تعطي لها عدد من الورق، فتساءلت الأم: وده إيه يا بنتي؟

- ده اختبار، بالصدفة كان معايا لأني بحضر الماجستير، وهراجع نتيجته مع أستاذي عشان أكون متأكدة من النتيجة، بس في البداية زي ما طلبت من حضرتك كريم محتاج دكتور أنف وأذن وحنجرة ودكتور مخ وأعصاب وفي إطار تشخيصهم هيتأكد تشخيص وضع كريم، إطمني حضرتك هكون متواصلة معاكِ، معاكِ إنتِ باستمرار.

فابتسمت الأم وقالت: ربنا يسعدك يا حبيبتي ويوفقك ويبارك فيك ويرزقك بالطيب كله.

فأومأت كارما بابتسامة دوبلوماسية: ميرسيه.

وبدأت سلوى تملأ إجابات هذا الاختبار وتسأل كارما عن بعض النقاط من حينٍ لآخر، بينما كارما شاردة في تلك اللحظات السابقة وكيف ثار من أجلها كل تلك الثورة!

كانت أنفاسها المكتومة تحرقها ومهما فتحت فمها لتتنفس تشعر أن أنفاسها لا تسعفها، يحرقها وجعها ويمزق فيها، تتمنى أن تصرخ بملء صوتها.

أما مروان فقد انطلق بسيارته يجوب الطرقات وهو في قمة غضبه وألمه، لا يحدد له وجهة ولا هدف، فقط الهروب لكنه يهرب منها إليها!

وبعد مدة من التجول في الطرقات غير آبه لهاتفه ولا لكثرة الاتصالات، وصل لمكانٍ ما أمام عقارٍ بعينه، أوقف سيارته ثم ترجل منها ودخل مسرعًا لذلك العقار الذي يبدو مألوفًا فيه؛ حيث دلف إليه مسرعًا دون أن يلتفت لحارسي العقار اللذَين وقفا لاستقباله مرتسمًا على وجهيهما بعض الدهشة؛  فلم يكن منتبهًا لكونه قد خرج بملابس المنزل!

(هات و خد)       By : Noonazad Unde poveștirile trăiesc. Descoperă acum