(37)

1.8K 129 13
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

كان مروان واقفًا في طوارئ إحدى المستشفيات في خليط من الخوف، الفزع، القلق والغضب، لا يعرف ماذا يجري بالداخل منذ أن أحضرها إلى هنا؟!

كم يكره ذلك المشهد!
لقد صار متكررًا لكنه في كل مرة كأنه أول مرة، متوقفة كل حواسه وكل قدراته على التصرف والتفكير، لا يتوقع الخير أبدًا، لا زال مشهد أمنية في لحظاتها الأخيرة هو المسيطر على الموقف كلما صرفه، حضر من جديد!

لكنها ليست المرة الأولى، هي دائمًا تناوره بسقوطها الفجائي! فلماذا لم يحصن نفسه من تلك الفزعة؟!

لا زال يتذكر نفسه منذ قليل، بينما هو مفترش الأرض لا يقوى على التفكير ولا يجيد حسن التصرف، فقط واجمًا إليها!

حتى صاحت فيه أمه لينهض ويذهب بها إلى إحدى المستشفيات ويسعفها وأعطته مبلغًا من المال ومحفظته وداخلها هويته الشخصية مع عدة بطاقات ائتمانية وهاتفه ومفاتيح سيارته، فوقتها فقط نهض وحملها وانطلق بها.

لكنه لم يعد قادرًا على الانتظار، كلما طرق الباب لا يجيبوه، كم يود لو يدفع ذلك الباب ويدلف إليها!

مؤكد لا زالوا يسعفوها، ولو كان هناك خبرًا سيئًا لخرجوا به إليه؛ فهم دائمًا متبلدون يسردون خبر وفاة أحدهم مثلما يحكون أي شيء!

كم تمنى لو دلف إليها وأعطاها أنفاسه تتنفسها بدلًا منه! كم تمنى لو كان بمقدوره أن يشاطرها قلبه لتعيش به! بل لو يعطيها قلبه كله ولا حاجة له بالحياة بعد ذلك! كم تمنى لو بمقدوره أن يعطيها من أيام عمره ليزيد أيام بقاءها!

كلها أحلام وأمنيات واهية!

وبينما هو على حالته إذ جاءه عمرو مسرعًا نحوه، لكنه توقف قليلًا يتفقد هيئته؛ إنه بملابس المنزل (تي شيرت)  وبنطال كاروه وفي قدميه نعال بيتي (كروكس).

فانتبه مروان لوجوده فاندفع إليه بكل الغضب والخوف الذي داخله وأمسك بتلابيبه وهو يصيح: إنتو عملتوا فيها إيه! إزاي وصلت للمرحلة دي وإنتو مش واخدين بالكو؟!

حاول عمرو فك يديّ مروان وهو يتلفت حوله لتلك العيون التي تتابعهما ويقول بهدوء: بس يا مروان ما يصحش كده، الناس بتتفرج علينا.

- ما يهمنيش حد، قول لي إيه اللي وصلها للحالة دي؟! دي كانت زي الوردة مفتحة ومشرقة إيه اللي طفاها كده؟!

أخفض عمرو نظره ولم يعقب سوى بتنهيدة، فتابع مروان بصوتٍ مختنق: رفضتوني!

قالها وهو يزفر بشدة ونزع يديه عن عمرو بيأسٍ شديد، وكأنما خارت قواه فجأة فألقى بنفسه على أقرب مقعد، فاقترب عمرو بأسي وجلس جواره وربت عليه، فتابع مروان بنفس صوته المتحشرج: ليه؟!

- مش أنا والله!

- أهلك!

- أنا وبابا موافقين ومرحبين جدًا، خصوصًا بعد ما سألنا عليك، لكن ماما هي اللي...

(هات و خد)       By : Noonazad Where stories live. Discover now