(23)

2K 142 9
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

وصلت كارما إلى باب شقتهم، أدارت المفتاح ودلفت للداخل، عادت بظهرها بتباطؤ تغلق الباب شاعرة بإنهاكٍ شديد يتملكها، تشبه طاقتها لحدٍ كبير نسبة شحن هاتف محمول في نهاية اليوم فلو قيست طاقتها الآن فلن تصل حتى الواحد بالمئة!

تغمض عينيها بغصة شديدة وتبتلع ريقها بمرارة وفجأة!

صوت أمها يناديها قاطعًا كل شيء، حتى رغبتها المنهكة في الانهيار: كارما حبيبتي، حمد الله على سلامتك!

وعانقتها وهي تكمل: عمرو مشي من برة برة ولا إيه!

فأومأت برأسها فزمت أمها شفتيها بعدم رضا وهي تتابع: طب كان طلع سلّم من عل باب حتى!

تابعت كارما وهي تتسنّد على الحائط لألا تفترش الأرض: معلش يا ماما ماهو عنده شغل الصبح واليوم كان طويل.

فأكملت أمها:كلتوا إيه؟

-عادي يا ماما أي حاجة!

- أي حاجة! ده إنتِ وشك أصفر شبه الأموات! يعني اتجوز وفتح بيت وقرّب يبقى أب ولسه خايب مش عارف يأكلك حاجة عِدلة!

- لا يا حبيبتي كان عايزنا نروح عل حُسين وناكل حمام ومشاوي، بس أنا اللي ما ضيتش.

- يخيّبك فقرية!

- يا ماما مش عايزة.

- طب خشي خدي حمام دافي عبال ما أجهزلك تاكلي.

- لا لا مش قادرة.

قالتها وهي تمضي لتدخل حجرتها، فأمسكت أمها بذراعها فأوقفتها: بت إنتِ مالك! فيكِ إيه؟!

- تعبانة مقهورة! أحمد اتبدّل يا ماما، أحمد ما بآش أحمد!

فتحت هاتفها لتريها صورة له قديمة وصورته اليوم، فرأتها أمها وضربت على صدرها بقهرة وهي تصيح : يا كبد أمك يا ابني!

فتابعت كارما وهي تبكي بحرقة: مش هو وبس يا ماما، الولاد كلها توجع القلب، أد إيه متحمّلين وجع يهد الجبال وبيتصرفوا ببراءة وعفوية، بيقول لي مش عايز أموت، لسه في حاجات كتير ما عملتهاش!

ثم بكت بحرقة فضمتها أمها وربتت عليها تهدئ من روعها وهي تقول: ربنا يشفيهم الشفاء التام يا قادر يا كريم ويصبر أهليهم ويهونها عليهم ويوقفلهم ولاد الحلال!

ثم تساءلت: هو الواد خلصان للدرجة دي؟!

فأجابتها وهي تكفكف دمعها: لسه دي يا دوب أول جرعة كيمو، لسه الباقي وبعد كده المفروض يجهزوه لعملية زرع نخاع، مش عارفة إزاي هيتحمل حبيبي كل ده، ربنا يشفيه يارب!

فربتت أمها على كتفها: طب خشي وهعملك سندوتش صغير...

- ولا حاجة يا ماما مش هقدر.

- بطلي طب تاخدي كل حاجة على أعصابك كده، هسيبك تنامي براحتك مش هصحيكِ.

- لا! الله يكرمك أنا رايحة الشغل الصبح وهطلع عل كلية أشوف الدكتور جابلي تصريح ولا لأ عشان أطبّق الاختبارات والبرنامج اللي معايا، آخر جزء من الرسالة خليني أناقشها وأخلص.

(هات و خد)       By : Noonazad Where stories live. Discover now