الاخير

30.1K 516 9
                                    

الفصل الأخير
وقف ادهم في منتصف المكان بينما كان يقف على احد جانبيه قصي ويارا وعلى الجانب المقابل سيف وأخواته ودارين وابنها ولميس وكريستين بينما تقف رغد على الدرج تتابع الوضع بذهول تام ...
سعل ادهم بخفه ثم قال بصوت جدي :
" اسمعاني أنتما الاثنان ... لا اريد لأحد ان يقاطعني في اثناء حديثي ... انتهي من حديثي اولا وقولوا ما لديكما ..."
صمت لوهله وهو يتطلع الى وجوههم التي ما زالت مدهوشه من هذا التجمع الغير منطقي ...
استطرد في حديثه قائلا :
" رشاد الصاوي ... اصبح العدو المشترك لكليكما ... هو الان يريد ان ينتقم منكما باي وسيله ... لقد أرسل مجموعة من الملفات الى الشرطه والتي تثبت تورط قصي في عدة جرائم وبالتالي فان قصي اصبح مثل سيف تماما ملاحق من قبل الشرطه ... لهذا أنتما الاثنان أصبحتما تعانيان من نفس المشكله ... ملاحقة الشرطه لكما من جهه وملاحقه رشاد لكما ومحاولة انتقامه منكما من جهه اخرى ... وكما يقولون عدو عدوي صديقي ... فانتما مضطران ان تتحدا سويا لتتخلصا من رشاد اولا ولتغادروا هذه البلاد سالمين ... وباعتباري انا الوحيد القادر على مساعدتكما فانا اريد منكما ان تنفذا كلامي بالحرف الواحد ... تناسيا مشاكلكما قليلا ... اتحدا سويا حتى تنقذوا انفسكم وعائلاتكم من هذه المشكله الكبيره ..."
لم يتحدث اي منهما بكلمة واحده ... الصمت كان ردهما الوحيد ... الوجوم مسيطر على ملامحهما ...
" الن تقولا شيئا ...؟ "
بدأ سيف الحديث وهو يقوله :
"ما تطلبه صعب للغايه ..."
" لا يوجد حل اخر أمامكما ... فكر جيدا ... سوف تجد ان اتحادكما ضروري للغايه ..."
أردف بعدها قائلا :
" لا يوجد شيء صعب امام حريتكما .... تحملا بعض لفتره قصيره .... كلها ثلاثة شهور تسكنان بها سويا وتخططان لهروبكما ..."
صاح قصي باندهاش واضح :
" ما معنى كلامك هذا ...؟ هل تريد ان اسكن معه في منزل واحد ...؟"
اجابه ادهم بتهكم :
" ماذا تظن اذا ،.. هل تظن اننا سنجهز لكلا منكما منزلا خاص به ..."
أردف بعدها بحزم :
" شهور قليله ... تحملوها ...حتى تخرجوا من هنا سالمين ..."
تحدثت لميس بتوسل :
" نعم يا بني ... تحمل ارجوك ... لا يوجد لديك حل اخر ..."
رماها قصي بنظرة مزدرءه بينما تحدث سيف بضجر :
" ومن قال اني سأوافق ..."
هنا تأففت رغد وهي تقول بضجر :
" اللعنه ...أنتما لستما بطفلين صغيرين ... هذا ليس الوقت المناسب لمشاكلكم...هناك اشياء اهم يجب ان تفكروا بها ... يجب ان تجدوا حلا لمشاكلكم ... على الأقل من اجل اولادكم ..."
" غريب ، منذ متى وانت عاقله هكذا وتتحدثين بحكمة ...؟"
قالها بسخريه جعلتها تكز على اسنانها بغيظ بينما التزمت يارا وضع الصمت فهي فضلت ان تتفرج عليهم بسكوت تام ...
زفر ادهم انفاسه حنقا ثم قال بنبرة صارمه :
"سوف تبقيان هنا سويا ... لا يوجد حل اخر ... هناك غرف كثيره في المكان سوف تكفي الجميع .... "
اكمل كلماته تلك ثم أشار لسيف وقصي قائلا :
" أنتما الاثنين اتبعاني الى الداخل ... يجب ان نتحدث سويه في الأمور القادمه ...."
ثم سار مبتعدا عنهم يتبعه كلا من سيف وقصي إجبارا عنهما...
**************************************
جلس ادهم على احدى الكنبات الموجوده في صالة الجلوس وجلس على لكرسي المقابل له سيف بينما على الكرسي المقابل له من الجهه الاخرى قصي ...
تنحنح ادهم من منظر هذين النافرين وبشده ثم تحدث قائلا بجديه :
" ماذا ينوي كلاكما ان يفعل الان ...؟"
تحدث سيف بسرعه :
" بالنسبه لي سأسافر بكل تأكيد الى خارج البلاد بعد ان اتمم الصفقه الحاليه ..."
" وماذا عنك يا قصي ...؟"
سأله ادهم ليجيبه قصي :
" وانا ايضا مضطر الى السفر خارج البلاد ... لم يعد باستطاعتي البقاء هنا وانا مطارد من قبل الشرطه ... لكن قبلها يجب ان أبيع جميع ممتلكاتي التي لم تحجز عليها الشرطه  .."
" وانا ايضا ... بعد ان افك الرهان عنهم ..."
هز ادهم رأسه بتفهم ثم قال بجديه :
" الا تنويان ان تنتهي تلك الخلافات التي بينكما ... انظرا الى ماذا وصلتما بسبب خلافاتكما تلك ..."
" لا داعي لهذه المواضيع ...."
قالها قصي بحزم فرمقه سيف بنظره مزدرءه وهو يرفع احد حاجبيه ...
هز ادهم رأسه بأسف وهو يقول :
" أنتما لا فائدة منكما ... على العموم سوف تبقيان هنا حتى تنتهي تلك الصفقه يا سيف وتفك الرهان حول أموالك ... من هنا الى وقتها سوف أكون وجدت مشتري لأملاك كليكما... تبيعان املاككما وتسافران الى الخارج ..."
"انت متأكد بان هذا لمكان امان ...؟"
سأله قصي بجديه ليجيبه سيف بسخريه :
" تخاف ان تمسك بك الشرطه اليس كذلك ....؟"
" على أساس انك جئت الى هنا من اجل السياحه ..."
قالها قصي بنبرة متهكمه بينما نهض ادهم وهو يقول بجديه :
" المكان هنا أمن ولا يستطيع احد الوصول إليكما وإذا اردننا البقاء فيه مدى الحياة يمكنكما ذلك ايضا ...."
"وماذا عن حازم ...؟"
سأله سيف بقلق واضح ليجيبه ادهم :
" سوف نجلبه هنا بالتأكيد هو ورامي ...."
" رامي سيأتي هنا اذا ..."
قالها سيف بخبث وهو يتطلع الى قصي بتوعد والذي قابل نظراته بلا مبالاة ...
****************************************************************************************
كانت واقفه تتابعهما من بعيد بنظرات غاضبه والغيره تأكلها بشده ...
سار سيف بجانب دارين والتي كانت تشعر بالتوتر الشديد من وجوده بجانبها فهي ما زالت تخاف قربه منها ...
اخذ سيف نفسا عميقا ثم زفره ببطأ ... تحدث بصوت جدي قائلا :
" دارين ، انا قررت ان اسافر واستقر خارج البلاد .... وبما انني سأستقر هناك فبالطبع سوف أاخذ ابني معي ..."
" انت وعدتني انك لن تأخذه مني مره اخري ..."
قالتها دارين بنبرة اقرب للبكاء فأكمل سيف قائلا :
" وانا ما زلت على وعدي ... القرار لك ... اذا كنت تريدين السفر معي فانا لا مانع لدي ...."
" انا اذهب في اي مكان يوجد به ابني ..."
" رائع اذا نحن متفقين على كل شيء ..."
" انا لدي طلب واحد منك ..."
" ماهو ....؟"
سألها بهدوء لتجيبه بجديه :
" اريد الطلاق ..."
" لماذا ....؟ "
" ارجوك يا سيف ... انا اريد حريتي قليلا ... اليس من حقي ان احيا بحريه بعيدا عن قيدك ...."
اختلج قلبه لما قالته ... لاول مره يشعر بكم الاذى الذي قدمه لها ... كم عذبها وأذاها ... بينما تطلب هي منه شيء بسيط مقابل هذا ...
سألها بجديه :
" هل تسامحينني اذا فعلتها ...؟"
" اجعل الزمن هو من يسامحك يا سيف ولست انا ... "
" انت طالق ..."
ابتسمت براحه وهي تشعر اخيرا بانها تحررت من قيده ... بينما قال سيف بجديه :
" انت سوف تبقين ابنة عمي وأم ابني ... حقوقك بالنسبة لي محفوظة ... كما انني سأعيش عمري القادم على امل ان تسامحيني.."
" لقد تغيرت كثيرا يا سيف ..."
" لا يوجد احد لا يتغير يا دارين ... ما مررت به كان صعب للغايه ... وعلمني أمور كثيره ..."
هزت دارين رأسها بتفهم ثم استأذنته وابتعدت عنه عائدة الى غرفتها تاركه سيف يسير في حديقة الفيلا لوحده ويفكر بعمق ...
**************************************
خرجت رغد من المنزل ما ان رأته لوحده ... ركضت ناحيته وهي تنادي باسمه ... تصلب في مكانه ما ان شعر بوقع خطواتها تتقدم منه ... زفر بضيق وهو يعقد حاجبيه مستديرا ناحيتها ...
اقتربت منه بخطوات مرتبكه ثم وقفت امامه بصمت ليسألها بضجر واضح :
" لماذا اتيتِ  ورائي ... وماذا تريدين ...؟"
" اشتقت لك ..."
قالتها بعفويه وعينيها الخضرواتين تبرقان بلمعان جعله يبلع ريقه بتوتر ... أشاح بوجهه عنها وهو يقول :
" هل جئتِ لتخبرينني بهذه الكلمتين ..."
اقترب منه أكثر ولمست  ذراعه بكف يدها وهي تقول باعتذار :
" سيف حبيبي انا أسفه ،،،ارجوك اغفر لي ما فعلته ..."
قبض على ذراعيها الاثنتين بقسوه ثم قال :
" ماذا اغفر ...؟ خيانتك لي بأبشع الطرق ... اتحادك مع ألذ اعدائي ... خسارتي لكل شيء بسببك ... هروبي خارج البلاد ... ماذا اغفر اخبريني ...؟"
هطلت دموعها لا إراديا من قسوة كلماته ...
" سيف ..."
قالتها بدموع لاذعه بينما حرر هو ذراعيها من قبضته وابتعد عنها تاركا اياها تبكي بقوه ...
ركضت والدتها نحوها وضمتها اليها بقوه وهي تقول :
" لا تبكي حبيبتي ... ارجوك لا تبكي ..."
تحدثت رغد مِن بين بكائها :
" سيف لن يسامحني يا امي ... لن يسامحني ابدا ..."
" اهدئي حبيبتي ...كل شيء سيكون بخير ..."
" انا حامل ..."
فغرت لميس فاهها بصدمه وهي تحاول استيعاب ما قالته ابنتها ثم ما لبثت ان ضمتها بقوه وهي تربت على كتفها ....
*************************************
دلف الى داخل غرفة النوم المخصصة له ويارا تتبعه ... جلس على السرير واضعا رأسه بين كفيه ... اقتربت منه وجلست بجانبه واضعه يديها على كتفه ... رفع بصره ناحيتها ثم قال بصوت متعب :
" الن تقولي شيئا ...؟"
" ماذا أقول ...؟ لا يوجد شيء أقوله يا قصي ... فقط تأكد انني معك مسانده لك ولن أتركك ابدا لوحدك ..."
مسك كف يدها وقبله برقه ثم سآلها :
" تقولين هذا الكلام من اجلي ام من اجل ابننا ..."
" وهل يفرق معك بشيء ... أليس ابننا هو من سيجمعنا سويا والى الأبد ... الم يكن هذا كلامك ...؟"
هز رأسه مؤكدا كلامها وهو يقول :
" معك حق ..."
اكملت حديثها قائله بجديه :
" انت متعب للغايه ... ارتح قليلا ..."
" حسنا سأنام الان ... اوقظيني بعد ساعتين ..."
" حاضر ..."
خرجت يارا من الغرفه لتتفاجئ بلميس في وجهها ... ابتسمت لها وهي تقول :
" كيف حالك سيدة لميس ...؟"
اجابتها لميس بنفس الابتسامه :
" انا بخير ... قولي لي خالتي بدلا من سيدة لميس ..."
" كما تريدين ..."
" اريد الحديث معك قليلا ..."
قالتها لميس بجديه فأجابتها يارا :
" تفضلي ... بماذا تريدين الحديث ...؟ "
" اولا اخبريني ماذا يفعل قصي الان ...؟"
" لقد أراد النوم قليلا ..."
" جيد ... انه بحاجة الى الراحه ..."
أردفت لميس بعدها :" تعالي لنذهب الى غرفتي ونتحدث سويا ..."
تبعتها يارا بصمت ثم دخلا سويا الى غرفة لميس ...
جلست لميس على احد الكراسي الموجوده بالغرفه وجلست يارا على الكرسي المقابل لها ... بدأت لميس حديثها قائله :
" انا تعبت من هذا الجفاء المستمر بيني وبين قصي يا يارا ... اريد ان اجد حلا له ..."
" معك حق ... ولكن ماذا بوسعي ان افعل ...؟ "
" تحدثي معه يارا ... اقنعيه ان يسامحني ..."
ارتبكت يارا كثيرا مما قالته وقد فكرت الاعتذار الا ان نظرات لميس المتوسله جعلتها تهز رأسها موافقه
" حسنا سأتحدث معه وأحاول ان أقنعه ..."
********************************************************************************
في صباح اليوم التالي
استيقظت تمارا من نومتها لتجد حازم ما زال نائما ولم يستيقظ بعد ... نهضت بخفه من مكانها وارتدت ملابسها ثم خرجت من المنزل متجهه الى الصيدلية ... ابتاعت من هناك جهاز فحص الحمل وعادت مسرعه الى المنزل ... دلفت الى الحمام لتجري الفحص ... كانت مستنيه بظهرها على الحائط تنتظر النتيجه بلهفه ... ما ان ظهرت النتيجه حتى قفزت من مكانها فرحا ... خرجت بسرعه من الحمام واتجهت الى حازم النائم بسلام غير مدرك لأي شيء ... هزته من كتفه محاوله إيقاظه ... استيقظ بعد لحظات وهو يتطلع اليها بعدم استيعاب ...
سألها بدهشه :
" ماذا حدث تمارا ...؟ لماذا ايقظتيني بهذه الطريقه ...؟ "
ابتسمت تمارا بخفه وهي تقول :
"هناك خبر مهم للغايه يا حازم يجب ان تعرفه..."
" خبر ماذا ...؟"
سألها حازم بعدم فهم لتوضح له قائله بسعاده حقيقيه :
" انا حامل ...."
" حامل ...!"
قالها حازم بدهشه شديده بينما هزت هي رأسها مؤكده كلامها ... ما ان استوعب حازم الموضوع حتى ابتسم بسعاده وهو يضمها اليه بقوه ... قبلها من رأسها وهو يقول بحب :
" مبارك لك حبيبتي ..."
"مبارك لنا حبيبي ..."
بعد فتره قصيره كان الاثنان جالسين يتناولان فطورهما حينما تنحنح حازم بارتباك وقال :
" اريد ان اخبرك بموضوع هام يا تمارا ...."
" موضوع ماذا ...؟"
اخذ حازم نفسا عميقا ثم بدأ يسرد على مسامعها ما اخبره سيف به ...
ما ان عرفت تمارا بكل شيء حتى التزمت وضع الصمت ولم تتحدث بكلمه ... كانت صامته بملامح جامده ... اقترب منها حازم وقد بدف يشعر بالقلق ناحيتها ... هزها من كتفها برفق وهو يقول بحنان :
" حبييتي ... لا تفعلي بنفسك هكذا ارجوك ..."
" لماذا فعلوا بي هذا ...؟ لماذا خدعوني واستغلوني بهذا الشكل ..."
ضمها من كتفيها وهو يقول :
" اهدئي حبيبتي ... اهدئي ارجوك ... من اجل ابننا على الأقل ..."
" لا تقلق ... انا هادئة أساسا هما لا يستحقان ان احزن بسببهما ... "
قربت وجهها من وجهه وهي تقول بنبرة صادقه :
" حازم انا احبك ... سعيده لأني معك ... وسعيده اكثر لأني سأنجب طفل منك ... "
ابتسم حازم لها ثم طبع قبله خفيفه على فمها وهو يقول بحب :
" وانا سعيد أكثر بهذا ... لقد حان الوقت لننسَ الماضي ونفتح صفحة جديده يا تمارا ..."
" معك حق ..."
قالتها تمارا بجديه وهي بالفعل باتت تشعر انها بحاجة لبداية جديده ...
رن هاتف حازم فحمله ليجد المتصل سيف ... اغلق الهاتف في وجهه لتأتيه بعد لحظات رساله منه يخبرها فيه بما يفعله رشاد الصاوي وانه بات يشكل خطرا على حياته ...
أرسل رساله له محتواها :
" انا سأسافر اليوم الى أمريكا ...لا داعي للقلق ..."
ثم اغلق هاتفه وعاد الى تمارا يحتضنها بقوه وقد قرر اخيرا ان يبدأ حياة جديده خاليه من الخداع والكذب ...
**************************************
هبط معتز من سيارته متوجها الى العماره التي تقطن بها نورا ...عدل من هندامه وارتقى درجات السلم متجها الى شقتها ... رن جرس الشقه لتفتح بعد لحظات نورا الباب له ... ابتسمت له بخجل وهي تقول :
" تفضل ..."
بادلها ابتسامتها ودلف الى الداخل ... جلس على احدى الكنبات الموجوده في صالة الجلوس بينما ذهبت نورا مسرعه تنادي على والدتها ... سبق لنورا وان تحدثت مع والدتها واقنعتها بمعتز ... وبالرغم من عدم اقتناع والدتها في هذه الخطبه في بادئ الامر الا انها فرحت كثيرا حينما علمت بحب ابنتها الظاهر له وارتاحت اخيرا انها وجدت سعادتها معه ...
خرجت والدة نورا وحيت معتز ثم جلست امامه وبدأ معتز الحديث بالطريقه التقليديه مخبرا اياها عن عمله وعائلته ووالديه اللذين توفيا منذ عدة سنوات ... أعجبت والدة نورا به بشده ثم اخبرته انها موافقه على طلب زواجه من ابنتها ...
تحدث معتز قائلا بعد ان سمع بموافقة والدة نورا عليه :
" لكن هناك شيء مهم يجب ان تعرفيه ..."
قاطعته بسرعه :
" اعلم ، انت تريد السفر والاستقرار خارج البلاد ..."
" نورا من اخبرتك بهذا ...؟"
"نعم وانا موافقه طالما هي راضيه بهذا ..."
ابتسم معتز بارتياح بينما أتت نورا وهي تحمل صينية تحوي على أكواب العصير ... تناول منها معتز القدح ووضعه على الطاوله ... وجلست نورا على مقربه منه ... نهضت والدتها من مكانها وقررت ان تتركهما لوحدهما سويه ...
تحدث معتز بجديه قائلا :
" نورا ... انا سأختفي الفتره القادمه ... سوف أبقى بجانب سيف لحين سفره ... يعني سوف ابتعد لمدة ثلاث شهور ... لا استطيع مقابلتك نهائيا من خلالها ... اخاف ان يعرف احد اعدائنا بوجودك في حياتي فيستخدمه كطعم يهددني بك ... لهذا لن اقترب منك حتى يسافر سيف الى الخارج ... بعدها سنتزوج في الحال ونسافر الى فرنسا ..."
هزت نورا رأسها بتفهم ثم قالت بقلق :
" هل يوجد خطر عليك ...؟"
" اطمئني ... لا يوجد خطر علي ... الخطر الوحيد على سيف ..."
**************************************
استيقظ قصي من نومته ليجد الفراش خالي بجانبه ... خرجت يارا بعد لحظات من الحمام لتجده مستيقظا ...
قالت بهدوء :
" صباح الخير ..."
اجابها بنفس الهدوء :
"صباح النور ..."
تقدمت منه بخطوات مرتبكه ثم جلست بجانبه وهي تتنهد بصمت ...
" هل تريدين قول شيء ما ...؟"
قالها قصي وقد شعر برغبتها للحديث بأمر ما فهزت رأسه قائلة :
" نعم ... "
اخذت نفسا عميقا وأكملت :
" هل سيظل الوضع بينك وبين والدتك على هذا النحو ..."
" هي من طلبت منك ان تتحدثي بهذا الموضوع ..."
نفت يارا بسرعه :
" إطلاقا ... هي تخاف ان تتحدث معي باي شيء لانها تعرف انك لن تقبل بهذا ..."
زفر انفاسه حنقا فاقتربت منه ومسكته من ذراعه قائله :
" اسمعني يا قصي والدتك قد تكون خطأنا حينما تركتك ... لكنك يجب ان تعطيها فرصه ... لا شيء في هذه الحياة يستحق ان تقسو عليها بهذا الشكل ... انهاوالدتك ولا تستحق منك هذا ..."
" وما المطلوب انا ...! "
قالها بنبرة شبه عصبية وهو ينهض من مكانه فقالت له بجديه :
" أعطها فرصه وسامحها ..."
" بهذه السهوله ...! "
"الامر لا يحتاج كل هذا الرفض ... والدتك تعذبت كثيرا ... يكفي انها ابتعدت عنك وحرمت منك طوال تلك السنين ... لا تقسو انت عليها ايضا ..."
لم يقتنع قصي بما قالته بالرغم من انه حاول ذلك ... زمت يارا شفتيها وهي تشعر بان حديثها قد لاقَ استجابه خفيفه منه ... فهو على الأقل لم ينهرها كما فعل من قبل ... اقترب قصي من النافذه ثم قال بسرعه وهو يتطلع الى الخارج :
" لقد جاء رامي ... يجب ان استقبله حالا ... "
ثم خرج بسرعه من الغرفه متجها اليه ويارا تتبعه ...
كان الجميع جالسين يتناولون فطورهم حينما رن جرس الباب ... نهض سيف من مكانه بسرعه بتوعد وقد عرف ان رامي هو من جاء ... فتح الباب ليظهر ادهم وبجانبه رامي والذي أنصدم بشده عندما وجد سيف امامه فهو لم يعرف بعد بما حدث ... ما ان رأه سيف حتى اقترب منه ولكمه بقوه .. وفِي تلك الأثناء هبط قصي وهو يقول صارخا :
" اتركه وإياك ان تقترب منه ..."
نهض الجميع على اثر صرخة معتز وانصدمت بشده وتحديدا ليان التي تراجعت الى الخلف لا إراديا ...
مسح رامي الدماء التي خرجت من انفه بأنامله وهو يقول :
" ماذا يحدث هنا ،..؟ ومالذي جلب هذا الى هنا ...؟"
" هل جننت يا سيف ... ماهذه التصرفات الهمجيه ..."
قالها ادهم بضجر ليهتف سيف به :
" انه يستحق هذا ... هل نسيت ما فعله ياختي ..."
ثم استدار الى قصي قائلا :
" مهما فعلنا الا اننا لن تصل حقارتنا لاستغلال النساء في لعبتنا ..."
" انظروا من يتحدث ... الست انت من دبرت حادثة هايدي الصاوي ... من السبب الرئيسي في المصيبه التي نحن بها الان ... اليس انت ...؟"
قالها قصي بعصبيه فابتسم سيف بسخريه وهو يقول :
"ومن الذي قتل نرمين خطيبة الضابط إيهاب الجمال ...الست انت ...؟"
شهقت يارا بقوه مما سمعته بينما تطلع اليه قصي بتوعد ... تحدثت يارا بعدم تصديق :
" انت ... انت من قتل نرمين يا قصي ..."
" يارا اسمعيني ..."
" اللعنه عليك ... اللعنه ..."
قالتها وذهبت راكضه الى غرفتها تتبعها لميس محاولة تهدئتها ...
"هل ارتحتم الان ... هل بردا قلبيكما بما فعلتهما ...؟"
لم يتلقَ جواب سوى الصمت من كليهما فطلب منهما الذهاب معه الى المكتب ...
دلف الثلاثه الى المكتب ليقول ادهم بجديه :
" لقد رتبنا كل شيء ... سوف يشتري احد تجار السلاح الكبار في الخارج  املاككما مقابل شحنة من السلاح..."
تطلع قصي وسيف الى بعضيهما بعدم تصديق ثم تحدث سيف قائلا :
" ماذا يعني مقابل شحنة من السلاح ... وماذا سنفعل بها... ؟"
" دعمي اكمل ما بدأته ... هناك تاجر كبير هنا .. سوف يشتر هذا السلاح باكمله مقابل مبلغ من الاموال ...يعني أنتم سوف تستلمون السلاح وتذهبون به الى التاجر هذا فيعطيكم بدلا منه اموالا ..."
" لكن هذه العمليه خطيره ..."
قالها قصي بدوره ليقول ادهم بجديه :
" لا يوجد لدينا حل اخر يا قصي ... اما ان تسافر الان دون ان تبيعا املاككما او تقومان بهذه العمليه ..."
***************************************
كان يركض خلفها وهو يقول بصياح :
" ليان انتظري قليلا من فضلك ..."
ظل يركض بسرعه حتى وصل اليها قابضا على ذراعها ...
" ماذا تريد مني ...؟"
قالتها وعي تحاول ابعاد يده عن ذراعها ...
" اريد الحديث معكِ ..."
" لا يوجد حديث بيننا يا رامي ... طلقني ... هذا كل ما اريده منك ..."
" لن اطلقك يا ليان ... لن افعلها طالما حييت ..."
كان اصراره مفاجئا لها فسألته بحيرة ...
" لماذا ... لماذا لا تريد ان تطلقني ...؟"
صمت لوهله ثم قال :
" لأني احبك ... احبك يا ليان ..."
انصدمت بشده من اعترافه ... اخر ما توقعته ان يقول شيء كهذا ...
هزت رأسها بعدم تصديق وهي تقول دموع :
" كاذب ..."
" كلا انا لا اكذب ... اقسم لك انني احبك ... لو كنت تحبّني ما كنت لتفعل بي هذا ... ما كنت لتؤذيني بهذا الشكل ..."
" اعترف باني آذيتك كثيرا... وأخطأت بحقك كثيرا ... لكنني بالفعل احبك ... كنت احبك منذ اول لحظه رأيتك بها ... لكن الانتقام اعماني وجعلني لا افكر سوى باذيتك ... انا أسف ...سامحيني ..."
" لا استطيع يا رامي ... قد يكون كلامك صحيحا ... لكنني لا استطيع ان أسامحك ... ما فعلته بي من الصعب ان أنساه بسهوله ... من الصعب جدا ..."
قالت كلماتها الاخيره وابتعدت عنه تاركه اياها يتابعها بندم وحسره ...
**************************************
بعد مرور شهرين
دلفت الى داخل الغرفة دون ان تطرق الباب ... وجدته واقفا امام المرأة يعدل من هندامه ويرش عطره ... اقتربت منه بخطوات مرتبكه ... توقفت في منتصف الغرفه حينما شعرت به يستدار ناحيتها ...
تأملها مليا بنظرات هادئة فلاحظ على الفور دموعها التي تحاول ان تخفيها ... اقترب منها بهدوء ثم لمس وجنتها بكف يده فانسابت دموعها على الفور من مقلتيها ...
"رغد ...."
قالها بهدوء جعلها تدخل في نوبة بكاء عنيفه ... ربت على كتفها بحنان ثم ضمها الى صدره وهو يقول :
" اهدئي ارجوك ...."
ابتعدت عنه بعد لحظات وهي تقول من بين دموعها :
" انا خائفة للغايه ... لا اريد ان اخسرك .... ارجوك ... "
ابتسم بضعف تراه لاول مره ... عليه الا يشهرها بالقلق ناحيته ... عليه ان يطمئنها ... لكن كيف يفعل هذا ... كيف وهو يشعر بالقلق ناحية نفسه وماهو قادم ... اليوم هو يوم النهاية ... نهاية طريقه سلكه بارادته ... طريق لا يعرف ماذا ستكون نهايته ... وهل يكتب له بداية جديده ... ليكون يوم بداية ونهاية له ...
تنهد بصمت وهو يقول بجديه :
" اريدك ان تكوني قويه يا رغد ... لا اريد ان ارى بكائك ..."
" اذا حدث شيء لك لن أسامح نفسي ابدا ... انا السبب في كل هذا ... لولاي ما كان ليحدث كل هذا ....سامحني ارجوك ..."
" سامحتك رغد ... سامحتك منذ وقت طويل ..."
أردف بعدها بجديه :
" اريدك ان تكوني قويه ... وتأخذي بالك من طفلنا ... هل سمعتِ..."
" لا تتصرف هكذا وكأنك لن تعود ابدا ... لا تفعل بي هذا ارجوك ..."
كانت تتحدث بدموع وهي تهز رأسها بيأس فمسح دموعها بأنامله ثم ما لبث ان قبل شفتيها برقه بالغه معبرا عن شوقه وحاجته اليها ... استجابت له على الفور بلهفه شديده فهي كانت مشتاقه له وكثيرا ...
ابتعدا بعد لحظات عن بعضهما ليقول :
" هيا يجب ان نخرج ... لقد تأخرنا ..."
**************************************
كانت جالسه على السرير تتابعه وهو يردني ملابسه برتابه شديده ... نهضت من مكانها ما ان اكمل ارتداء ملابسه ... تقدمت اتجاهه فتأملها بعينيه وكأنه يراها لاخر مره ... كان يتأمل بطنها المنتفخة للغايه وعينيها الذابلتين بشوق شديد ... اقترب منها هو الاخر ... لمس وجنتها بكف يده وقال بجديه :
" لا اعرف اذا كنت سأعود سالما ام لا ... ما اريده منك هو ان تسامحينني وتغفرين لي ما فعلته بك ... وان تربي ابننا بشكل جيد. ... اوعديني يا يارا ...."
اخفضت بصرها نحو الارض وهي بالكاد تحاول اخفاء دموعها ... أعتصرت قبضتي يدها بقوه وهي تقول :
" انا تربيت طوال حياتي بدون اب ... لا اريد لابني ان يعيش هكذا هو الاخر ... انتبه لنفسك ارجوك ... ابنك يستحق ان تعود من اجله سالما ..."
اخذ نفسا عميقا وزفره ببطأ ... خرج من الغرفة دون ان ينبس بكلمة واحده متجها الى خارج الفيلا ...
**************************************
في الخارج كان الجميع واقفا لتوديعهم يشعرون بالقلق والخوف الشديد ...
تقدم قصي ناحية لميس التي كانت تبكي طوال الوقت ...
تنفس بعمق ثم قال بجديه :
" سامحيني لأني قسوت عليك طوال الفتره السابقه ... انت امي بكل الاحوال ... وانا لم اكرهك ابدا ... قسوتي نابعه بسبب حرماني منك طوال السنين السابقه ... عاقبتك بذنب ليس ذنبك ... حملتك اخطاء والدي ... انا أسف ..."
ضمته لميس الى أحضانها بقوه وهي تنتحب ببكاء شديد ... بادلها احتضانها وكانت هذه المره الاولى التي يحتضنها بها منذ وقت طويل ...
ابتعد عنها بعد لحظات واتجه ناحية رغد ... تحدث قائلا
" لم تأت لنا الفرصه لنتحدث سويا من قبل ... كنت اتمنى لو التقينا بظروف افضل من هذه ..."
تحدثت رغد من بين دموعها :
" لطالما تمنيت اخا يحبني ويحميني ... انت اخي يا قصي ... مهما حدث بينك وبين امي فانا لا علاقة لي بهذا ... انت اخي وسوف تظل هكذا وانت ايضا يجب ان تتقبلني كأخت لك ..."
اقترب منها وقبلها من جبينها ثم ضمها بقوه اليه ...
اتجه بعدها الى رامي الواجم وضربه على كتفه قائلا بمزاح :
" لما انت واجم هكذا ..اضحك قليلا يا رجل ..."
" اريد الذهاب معك قصي ارجوك ...."
" مستحيل ... انا وسيف سنذهب لوحدنا وهذا الامر منتهي بالنسبه لنا ..."
أشاح رامي وجهه بانزعاج ليربت  قصي على كتفه وهو يقول :
" انتبه على ابني يا رامي ... يارا وابني امانه لديك ...."
ابتسم رامي بحزن وهو يقول :
" لا تقل هذا يا قصي ... ستعود باذن الله وتأخذ بالك منه
..."
" ان شاءالله ..."
اما سيف فقد ودع كلا من ليان ولبنى ثم اقترب من معتز وقال :
" اراك بخير يا صاح ...."
" كنت اتمنى لو أكون معك يا سيف ... "
قاطعه سيف بسرعه :
" وجودك هنا افضل يا معتز ... لا داعي لان اوصيك بان تأخذ بالك من رغد واخواتي ودارين وابني ..."
قاطعه معتز بعصبيه :
" لا تتحدث وكأنك لن تعد إلينا ...."
" لا احد يعرف ماذا يخبئ له القدر .... لا احد يعرف يا معتز ..."
اقترب بعدها من دارين وقال لها :
" سامحيني دارين ... قد أذهب ولا اعود ...."
ابتسمت دارين بضعف وقالت :
" سامحتك يا سيف ...سامحتك ..."
ابتسم براحه ثم اقترب من رغد وقبلها من جبينها وودعها دون ان ينطق بكلمه واحده ...
اما قصي فقد اقترب من يارا وضمها بقوه ...هم بالابتعاد عنها الا انها قبضت على كف يدها واقتربت منه هامسه ...
" احبك ... حاولت ان امنع نفسي من هذا ... الا انني احببتك في نهاية المطاف ...."
ابتسم بسعاده بالغه وقد نال اعترافها اخيرا .... ذهب بعدها الاثنين متجهين الى خارج القريه لإكمال مهمتهما ..
**************************************
ساعات مرت قد أنهوا من خلالها اغلب المهمه ... تم استلام شحنة السلاح من رجال التاجر الذي اشترى املاكهم ... ثم اتجهوا بها الى رجال التاجر الاخر الذي اشتراها منهم ... اخذ رجال التاجر شحنات الاسلحه منهم ثم اخبريهم بان اموالهم جاهزه وموجوده على مركب موجود في البحر واعطوهم العنوان ... ذهب كلا من سيف وقصي الى هناك وهما مستعدان لان يأخذا اموالهم ويعودان الى القريه ....
في هذه الأثناء كان كلا من رائد وإيهاب ينتظرانهما في ذلك المكان  بعد ان جائتهم اخباريه من مصدر مجهول بموعد عمليتهما ومكانهما ... كان ينتظرانهما بترقب ... مستعدين للقبض عليهما ...
كان ادهم هو الاخر جالسا على مكتبه يشعر بتوتر بالغ .. رن هاتفه فجأة ليحمله ويأتيه صوت ويليام والذي قال بسرعه :
" هناك مشكله كبيره ... لقد علمنا ان التاجر الذي اشترى شحنات السلاح هو رشاد الصاوي ...."
"ماذا !!! ماذا تقول انت ...؟"
صرخ ادهم بعدم تصديق ثم أردف بعصبيه :
" كيف يحدث شيء كهذا وأين كُنتُم أنتم. ...؟"
" لقد استطاع التخطيط لكل شيء بسريه تامه ونحن لم ننتبه له ..."
اغلق ادهم هاتفه بوجهه ثم خرج بسرعه متجها اليهم محاولا اللحاق بهم ...
هبط قصي وسيف من سيارتهما ثم اتجها الى المركب ... دلفا الى الداخل تحت انظار إيهاب ورائد اللذان قررا ان ينتظراهما حتى يخرجان والاموال معهما ليقبضا عليهما متلبسين...
دلف قصي وسيف الى داخل المركب وبدئا يبحثان عن الاموال ... لم يجدا اي شيء فاستغربا بشده ... فجأة انغلق باب المركب عليهما .... تطلعا الى بعضهما البعض بعدم تصديق ... اقتربا من الباب وحاولا فتحها لكن دون فائده ... تطلعوا من النافذه الخارجيه ليجدوا رجلا ملثما يرمي بقنبلة موقوته داخل المركب ويرمي بنفسه في الماء ...
تطلعا الى بعضهما البعض وكلاهما يحمل بعينيه نظره ساخره ... فهاهي النهاية قد أتت لا محاله ... ويالها من نهاية بشعه لكليهما ... وقفا الاثنان بجمود في مكانهما ينتظران ان تنفجر القنبلة بهما ...
اما في الخارج هبط كلا من إيهاب ورائد وظلا يتطلعان الى المركب بتعجب شديد ... ظلا واقفان حوالي ربع ساعه ثم قررا اقتحام المكان ... ما ان تحركوا خطوه حتى انفجر المركب بالكامل تحت أنظارهم الغير مصدقه لما تراه ...
نهاية الفصل
الخاتمه اليوم مساءا

الشيطان حينما يعشق ( الجزء الاول من سلسلة شياطين العشق ) Where stories live. Discover now