الفصل السادس

23.6K 562 22
                                    


في صباح اليوم التالي
في مكتب سيف
" خير يا رغد ... لماذا طلبتي مقابلتي ..." قالها سيف بتساؤل بينما كانت رغد واقفه أمامه تضغط على باطن كف يدها بقوة وهي تشعر بالارتباك الشديد والذي اصبح ملازما لها في كل مره تقف بها أمامه  ... تحدثت اخيراً بصوت متحشرج " طلبت مقابلتك لأعطيك هذا ..." ثم اعطته ورقة بيضاء اخذها منها ... والمفاجأة انه مزقها فورا ورماها على مكتبه  دون حتى ان يطلع على محتواها ...
رفعت حاجبيها بدهشة من تصرفه هذا وقالت بصوت متعجب " لماذا فعلت هذا ... انت لم تقرأها حتى ..."
" لا يحتاج بان اقرأ محتواها ... كنت اعرف جيدا انك ستتصرفين هكذا ... "
" لماذا مزقتها اذا ... على العموم افعل بها ما تشاء ...  منذ الان انا لم اعد اعمل معك ... وسوف اعود الى فرنسا فورا ..."
نهض من مكانه متجها اليه مما جعلها تتراجع بضعة خطوات الى الخلف ... وقف أمامها مباشرة فشعرت بالضئالة أمامه وهو يواجهها بطوله الفارع الذي يفوق طولها المتوسط كثيرا  مما زاد من ارتباكها اكثر ...
" توقفي عن تصرفات الأطفال يا رغد ..." قالها بضجر مما جعلها تكز على أسنانها بغيظ ولكنها فضلت ان لا تبين له هذا فتحدثت ببرود مصطنع " ماذا تعني بكلامك ... لماذا تعتبر قراراتي تصرفات أطفال ..."
" الأطفال فقط من يتصرفون هكذا ... لقد وافقت ان تأتي معي وبكامل إرادتك ... وبمجرد حصول موقف بسيط بيننا قررتي ان تتركي كل شيء وترحلي ..."
" هل تسمي محاولة اعتدائك علي بالموقف البسيط ..."
"انا لا أراها محاولة اعتداء نهائيا ..."
"اللعنه اذا لم يكن اعتداء ... ماذا تسميه اذا ..." قالتها بعصبيه بينما اجابها هو ببرود تام " عندما يكون الطرف الاخر سبق وان اعطى جميع المؤشرات التي تدل على تجاوبه ... حينها لا يسمى اعتداءا ... "
الجمتها كلماته فورا ولم تستطع الرد نهائيا فهو محق فيما قاله ... هي تجاوبت معه في الليله التي سبقتها بكل أريحية ... لما لا يتصرف معها هكذا اذا !
اقترب منها اكثر وهو يحدثها بنبرة قوية " كلانا يعرف يا رغد انني لو استمريت بما افعله ولم أتراجع عنه ، لكنت تجاوبتي معي في الأخير وبادلتني عاطفتي باخرى مماثله لها ... "
" ولماذا توقفت اذا ..." قالتها بنبرة هازئه لم تؤثر به بتاتا وهو يجيبها بثقه " لأنني رغبت في ان اراك وان تبادرين لشيء كهذا ... بل وتطلبينه مني حتى ... سيكون اكثر متعة بالتأكيد ..."
" انت مجنون ... وما تقوله لن يحدث سوى في أحلامك ..."
ضحك بصوت عالي ثم قال " هناك أشياء كثيره قلتِ انني لن أراها منك ورأيتها في الاخر ... حقا بات التلاعب معك ممتع للغايه ..."
استفزها حديثه بشده كالعاده ... اكثر ما يفاجئها به صراحته المطلقه ... فهاهو يخبرها بحقيقة انه يتلاعب معه بل ومستمتع بهذا أيضا ... لم يهتم لكون كلامه هذا سوف يخيفها ويرهبها منه ... في الوقت الذي يجب ان يتودد لها حتى ينالها ... يلقي هو عليها كلماته الحاده هذه  ...
اخرجها من افكارها بصوته قائلا " لن نقضي يومنا نتحدث عن ما حدث ليلة البارحه ... يجب ان تأتي معي الان ... سوف آخذك الى مكان يعجبك للغايه ... ولكي لا يذهب تفكيرك الى منطقه بعيده ... انه مكان للعمل ..." قال كلماته تلك وهو يتناول سترته الجلدية مرتديا إياها ثم اتجه اليها وقبض على يدها ساحبها معه وهي كالعاده انساقت وراءه ...
                      ****************************************************
" واااو ... انه حقا رائع ..." قالتها رغد بإعجاب وهي تنظر الى ذلك الصرح العالي أمامها ... بالرغم انه ما زال في مرحلة البناء ... الا ان ما تراه الان من اساسيات له تم بنائها كانت كافيه لتدرك مدى عظمته وروعته ...
" انه مشروع فندق ضخم ... سوف يكون أضخم وارقى فندق في العاصمة ..." قالها بفخر بينما تحدثت هي بصدق " هذا واضح جدا ... أتشوق لرؤيته عندما يكتمل ..."
ثم اكملت بتساؤل " هل مشروعنا سوف يكون على هذا النحو من الضخامه ..." قالتها دون ان تنتبه لحقيقة انها تتحدث عن المشروع التي كانت تنوي تركه منذ اقل من ساعة ...
" " بالتآكيد يا رغد ... انا وكريستيان نجهز له منذ ثلاث سنوات ..."
" لماذا تأخرتم في تنفيذه اذا ..."
" حدثت لدينا بضعة مشاغل فاضطررنا الى تأجيله ..."
قطع كلامه وهو ينظر الى معتز الذي يتجه نحوهما ... سأله بتعجب " معتز ... مالذي تفعله هنا ..."
اجابه دون ان يلقي التحية عليها أو ينظر لها حتى  " ذهبت الى الشركة ولم أجدك ... السكرتيرة أخبرتني انك هنا ... سعيد سوف يصل ظهر اليوم ... لقد اتصل بي منذ ساعة ... بالتأكيد انت تريد رؤيته فورا ..."
"وأخيرا عاد السيد سعيد من رحلته اللامنتهية ..." قالها بسخريه بينما تحدث معتز بجديه " سوف اذهب الى العمال هناك ... لأرى الى اين وصلوا في عملهم ... "
اتجه معتز الى هناك وفِي نفس الوقت رِن هاتف سيف ليبتعد قليلا وهو يجيب على المتصل تاركا رغد وحدها في موقع البناء ...
سارت داخل الموقع الكبير ودهشتها تزداد كلما تعمقت اكثر في التعرف على تفاصيل البناء ... كانت تسير بلا وعي وملامح الأعجاب مسيطره على ملامح وجهها ... جذبتها التفاصيل الهندسية التي شُيد البناء عليها كثيرا ... لم تنتبه الى تلك القطعة الموجوده على مقربه منها وهي تحظر دخول احد الى هذه المنطقة تحديدا ... حيث في هذه المنطقة كان العمال يتخلصون من الانقاض كالحجارة و الطابوق باستخدام سيارة متخصصة لهذه الوظيفه ترميها من الأعلى نحو هذه المنطقة ... وقفت امام بناء يتمثل ببرج عالي شبه مكتمل وهي تنظر له بانبهار ... كان ذو تصميم هندسي  رائع ... شعرت بأشعة الشمس تسقط على مقدمة وجهها حاجبه عنها الرؤيه ... وضعت يدها على وجهها وهي ترتد الى الخلف مبتعده عنها حتى يتنسى لها الرؤيه بشكل واضح دون ان تنتبه انها على بعد مسافة صغيره للغايه من حفرة عميقه خلفها ...
أغلق سيف هاتفه وهو يبحث عنها بعينيه ... أظلمت عيناه بشده وهو يراها واقفه على حافة تلك الحفره وإذا تحركت خطوة اخرى للخلف سوف يختل توازنها وتقع فيها ... تقدم اتجاهها بهدوء حتى لا يجعلها تجفل منه وتفقد توازنها حينها ... الا انه مما زاد الطين بله هو تلك السيارة التي تتجه اتجاهها وهي تحمل بداخلها أنقاض كثيره بينما يستعد السائق للتخلص منها ورغد واقفه كالبلهاء لا تنتبه لأي شيء يدور حولها بينما تركيزها منصب على ذلك البناء الضخم الماثل أمامها ... لم يمنع صرخت قويه صدرت منه باسمها وهو يركض اتجاهها بينما استدارت هي على اثر صراخه لتجده يركض نحوها بهذا الشكل .... وفِي نفس الوقت وجدت تلك السيارة العاليه تقترب منها متحضره للتخلص من تلك الانقاض ... تراجعت الى الخلف بفزع وهي تشعر انها ستموت فورا بعد ان تسقط تلك الانقاض عليها ... لم تشعر سوى بيد سيف تنقض عليها مبعدا إياها عن المكان ليختل توازنهما هما الاثنان ويتدحرجان سويا داخل الحفرة العميقة ...
نهض من مكانه وهو ينفض الأتربة من على ملابسه ... صرخ بها غاضبا " هل انت غبيه ... مالذي فعلتيه بنا ..."
نهضت هي الاخرى بدورها واضعه يدها على صدرها ما زالت غير مستوعبه لما جرى منذ قليل ... لولا تدخل سيف في اخر لحظه لكانت الان في عداد الأموات ... تحدثت لتشكره الا انه تفاجئت بصراخه عليها وهو يقول " كنّا سوف نموت بسببك  ... اقسم انك اغبى مخلوقه رأيتها في حياتي ..."
" انا لا اسمح لك بالتحدث معي هكذا ..." قالتها بغضب شديد وهي تشعر بحمم ناريه تتولد داخل جسدها من شدة الغضب العاصف الذي سببه كلامه لها  ....
" بلى سأتحدث ... انت مهندسه انت ... الا تفهمين اي شيء ... الم تدخلي في حياتك الى موقع بناء ... قطعة سوداء اكبر من رأسك مكتوب عليها ممنوع الدخول ... كيف لم تنتبهي عليها ..."
" يكفي ..." صاحت به بقوة الا انه لم يأبه بها  وهو مستمر بحديثه " بالطبع لن تنتبهي ... طالما تسيرين كطفلة بلهاء ... عينيك مندهشتان طوال الوقت وفمك مفتوح بشكل اهبل للغايه ...  "
قاطعته بغضب " انا لا اسمح لك بالحديث معي هكذا ... أتفهم ..."
" كلا لا افهم ..." قطع حديثه وهو ينظر الى الأعلى ليجد جميع العمال واقفين يتابعون ما يحدث من صراع بينهم بفضول شديد ... بينما معتز يتوسطهم وهو يرمقه بنظرات ساخره حتى حدثه قائلا " هل ستظلان تتعاركان هكذا ... لا تنسيا إنكما ما زلتما داخل هذه الحفره ... " ثم امر العمال بالتصرف حالا وإخراجهم من تلك الحفره ...
بينما قبض سيف على ذراع رغد وهو يقول بغضب مكتوم " ماذا افعل بك الان ... وانت جعلتيني أبدو بهذا المنظر السخيف امام عمالي ... "

الشيطان حينما يعشق ( الجزء الاول من سلسلة شياطين العشق ) Where stories live. Discover now