الفصل الحادي عشر ( الجزء الاول )

21.1K 561 10
                                    

الفصل الحادي عشر
الجزء الاول
بعد مرور اسبوعين
وقفت سيارة فخمة سوداء امام الباب الداخلي لقصر النصار لتهبط منها سيدة في العقد السادس من عمرها ترتدي فستان حريري اسود طويل يصل الى كاحلها ذو أكمام طويله من الدانتيل ويغطي شعرها شال اسود من الدانتيل ايضا ... كانت طلتها انيقه للغايه توحي بمدى ثرائها ورقيها ... بينما خرجت من الجهة الاخرى للسيارة خادمتها التي رافقتها طوال الثلاث أسابيع الفائتة التي قضتها في المزرعه الخاصة بالعائلة وهي تحمل بيدها بضعة اكياس ...
ُفتحت الباب لتخرج منه جميله مسرعه لاستقبالها ويتبعها كل من سعيد و بتول ... جميلة وهي تتقدم ناحيتها بابتسامه واسعه و نبرة مسرورة " سيدة ثريا ... حمد لله على سلامتك ... " ثم انحنت وقبلت يدها وفعل كل من بتول وسعيد مثلها بعد ان رحبوا بها ....
تحدثت ثريا بنبرة ودوده " اشكرك يا جميله ... " ثم أردفت قائله " كيف حالك يا سعيد ... لم ارك منذ فتره طويله ... "
اجابها سعيد بمزاح " كيف سوف تريني يا سيدتي وابنك لا يتركني لحظه واحده دون ان يوكل لي المهمات ..."
" فعلا والدليل انك قضيت الثلاثه أسابيع السابقه في المطبخ لا تفعل شيئا سوى العبث والتشويش علينا ... يا ليتك ساعدتنا في اعمال التنظيف والطبخ حتى ..." قالتها بتول بتهكم بينما استدار سعيد نحوها قائلا بنبرة مستاءه " وما دخلك انت يا وجه الضفدع ... لا ترتاحين حتى تقاطعيني وتحشري انفك فيما أقوله ..."
ابتسمت ثريا قائله " الا تملان أنتما الاثنان من مناقرة بعضكما ...."
تقدمت جميله وأخذت حقيبتها منها وهي تقول " لا تتعبي نفسك سيدتي ... هذان الاثنان لن يتغيرا ابدا مهما حدث ... تفضلي انت للداخل ... بالتأكيد متعبه وترغبين في قسط من الراحه بعد هذه الرحله الطويله ..."
ثم التفت نحو سناء الواقفه خلف ثريا وتعلو ملامح وجهها الاستياء وعدم الرضا مما تراه امامها فحدثتها بفتور قائله " كيف حالك يا سناء ... الحمد لله على سلامتك انت ايضا ..."
فاجابتها سناء من بين أسنانها بكلمة مختصره " بخير ..."
تقدم السائق ووضع الحقائب امامهم بعد ان اخرجها من صندوق السيارة فحملها سعيد الداخل وساعدته بتول هي الاخرى بينما دلفن كل من ثريا وجميله الى الداخل وتتبعهما سناء ...

جلست ثريا على الكنبه في صالة الجلوس ثم حدثت جميله بنبرة مشتاقة " هاتي لي حفيدي يا جميله ... أفتقدته كثيرا الفترة الماضيه ..."
" حاضر سيدتي ..."
ثم ذهبت مسرعه لتخبر نورا ان تأتي ومعها الصغير لتراه جدته ...

تقدمت نورا ناحية ثريا وهي تحمل الصغير معها فأخذته ثريا على الفور وضمته اليها بحنان بعد ان قبلته على وجنتيه ...
تأملت نورا تلك السيده الماثله امامها مليا والتي لم تستطع سنين عمرها المتقدمة من اخفاء جمالها الواضح ... كانت ذات بشره بيضاء وعيون زرقاء واسعه وشعر أشقر طويل بينما أضاف ذلك الشال الذي تلفه حول شعرها مغطيا الجزء الأمامي منه فقط بينما تنساب خصلات شعرها الخلفيه من تحته ظاهره للعيان المزيد من الوقار والجاذبية التي تلائم امرأة في سنها ... كانت ثريا تشبه ابنتها ليان بشكل غير معقول وكأنها نسخه منها وهذا ما لاحظته نورا على الفور ...
تحدثت جميله وهي تشير الى نورا بيدها قائله " سيدتي ، أعرفك هذه نورا ، مربية السيد سيف الجديده ..."
تبسمت نورا بارتباك بينما تحدثت ثريا بابتسامه هادئه " اهلًا بك نورا ... " ثم ربتت على شعر الصغير الذي ما زال في أحضانها قائله " طمنيني على حفيدي ... هل تأخذين بالك منه جيدا ..."
" بالتأكيد سيدتي ... انا اعتني به جيدا ولا اتركه لوحده لحظه واحده .. حتى اسألي السيده جميله ..."
" نورا رائعه سيدتي ... حتى الصغير احبها كثيرا وتعلق بها ..."
" الحمد لله ..." قالتها ثريا بارتياح ثم سألت جميله قائله " وماذا عن والده ... متى سوف يعود ..."
" معتز قال انه سوا يصل مساءا ان شاء الله ... "
ما ان اكملت جميله جملتها هذه حتى دخل معتز اليهم ثم انحنى نحو ثريا وقبل يدها وهو يقول بترحيب حار " حمد لله على سلامتك خالتي ... ماشاء الله اراك ازددتي جمالا وروعة بعد هذه الرحله ... يبدو ان جو المزرعه يلائمك كثيرا ..."
" كف عن كلامك هذا أيها المخادع ... تعال بجانبي وأخبرني عن صديقك وأحواله ..."
" ما به سيف يا خالتي ... اطمئني ابنك في احسن احواله ..."
"  شهر كامل غابئه عنه و لم يتصل بي سوى مرتين ...  "
" انه مشغول سيدتي ..." قالتها جميله بتبرير بينما اجابتها ثريا بتهكم " نعم ، مشغول للغايه ... متى سوف يصل بالضبط يا معتز ..."
"سوف يصل حوالي الساعة الواحدة مساءا ..."
" هذا يعني انني لن أراه اليوم ... لم يستطع ان يقدم معاد وصوله قليلا ... هل هي سفرة عمل ام ماذا ..."
اجابها كاذبا " نعم خالتي ... رحلة عمل ومهمه للغايه ..."
" جيد ..." قالتها باختصار ثم نهضت من مكانها واعطت الصغير لنورا و ذهبت نحو غرفتها تتبعها جميله بعد ان طلبت هي منها ذلك ...
سارت نورا هي الاخرى متوجهه خارج الغرفه الا ان معتز اوقفها وهو يسألها قائلا " متى سوف تذهبين لزيارة اهلك مره اخرى ..."
تعجبت من سؤاله كثيرا ... فلماذا يهتم معتز بشيء كهذا ... ويسألها عن موعد ذهابها لعائلتها ...
اجابته بهدوء رغم اندهاشها الواضح عليها " المفروض بعد يومين ... لكن لماذا تسأل ... "
" ابدا ... مجرد فضول لا اكثر ... " ثم أردف قائلا بخبث " حرام يا نورا ... لا تتأخري عليه كثيرا ... بالتأكيد هو مشتاق للغايه لك ..."
عقدت حاجبيها بتعجب ثم سألته بعدم فهم " لا افهم سيد معتز ... من تقصد ..."
" حقا لا تفهمين يا نورا ام تدعين عدم الفهم ..."
اجابته نورا بصرامه " انا بالفعل لا افهم مقصدك من هذا الكلام ... اما ان توضح لي ما معنى كلامك هذا او اسمح لي بالذهاب من هنا .... "
التزم معتز الصمت ولم يجبها فقالت نورا بجديه " يبدو انه لا يوجد لديك شيء لتوضحه لي ... اعذرني سيد معتز ، يجب ان اذهب الان فهناك اشياء مهمه تنتظرني .... وانا لن أضيع وقتي في الوقوف معك والاستماع الى أحاديثك المبهمه ..."
ثم ابتعدت من امامه فورا خارجه من الغرفه باكملها وهي تحمل الصغير معها بينما ظل معتز يتبعها بنظراته الساخره ثم خرج بعدها هو الاخر متجها الى الشركة
           ******************************
في الإمارات ألعربيه المتحدة  وتحديدا في دبي ...
قفزت رغد على السرير بجانب سيف الذي ما زال نائما ... اقتربت منه وهي تتأمل ملامحه الخشنه الوسيمه بحالميه ... " اسبوعين من الاحلام ..." هذا الوصف الصحيح للايام الفائتة التي قضتها معه ... تتذكر جيدا ذهولها الشديد حينما اخبرها بأنهما سوف يسافران سويا الى الإمارات ... لم تتخيل منه شيء كهذا نهائيا ... ان يترك شركته و أعماله من اجل السفر والتنزه معها شيء لم تتوقعه منه بتاتا... منذ ان وطأت أقدامهما  ارض هذه البلاد و لم يتركا لحظه واحده تفلت منهم دون استغلالها ... كانا يقضيان النهار كله في زيارة مختلف الأماكن السياحيه وأرقاها و قد انبهرت كثيرا بجمال هذه البلاد وتطورها الرهيب ... وما ان يعودا مساءا الى الجناح الخاص بهما حتى يغرقها بعاطفته المحمومة ساحبا اياها الى بحر عميق من المشاعر الساحره التي لم تختبرها من قبل ...
كان كل شيء متكامل الى حد المثاليه وسيف كان يعاملها بطريقة رائعه ويغدقها بمشاعر رهيبه جعلتها تشعر انها أهم امرأه على وجه الارض ....
قبلته على خده ثم هزته من كتفه وهي تنادي عليه بصوت عالي بعض الشيء حتى يستيقظ ...
فتح عينيه بعد لحظات ثم ابتسم لها وهو يراها تنظر اليه بعيونها الخضراء البراقه بنظرات مترقبه محببه اليه لم يرها سوى منها ...
فهي دائما تتخذ وضع الترقب لما سوف يصدر منه تجاهها وكأنها تنتظر منه دائما شيء مميز يقدمه لها في كل حركة تصدر منه ... وفِي هذه اللحظه لم يجد شيء يقدمه لها سوى ان يضمها اليه ويقبلها كما اعتاد ان يفعل كل صباح ... وبالفعل هب من مكانه فجأة وجذبها اليه ثم قبلها بقبلات عنيفه راغبه أطاحت بكل ذره من كيانها ...
ابتعد عنها بعد فتره وهو يلهث بقوه وهي الاخرى نفس الشيء ... تحدثت رغد من بين انفاسها المضطربه بفعل المشاعر الهوجاء التي اعترتها " يجب ان نجهز أنفسنا فورا ... لم يتبقَ على موعد الطائرة سوى ساعتين ..."
" هل جهزتي الحقائب ووضعتي فيها جميع أغراضنا ..."
" نعم جهزت كل شيء ..." اجابته بجديه
فنهض من مكانه و هو يقول " سوف اخذ دوش سريع و و أرتدي ملابس حتى نذهب بعدها الى المطار ..."
هزت رأسها بتفهم ثم نهضت هي الاخرى من مكانها واتجهت نحو الخزانة فأخرجت فستان ازرق طويل ارتدته ثم ذهبت نحو طاولة التجميل لتجهز نفسها هي الاخرى

الشيطان حينما يعشق ( الجزء الاول من سلسلة شياطين العشق ) Where stories live. Discover now