المقبرة

334 45 0
                                    


بعد أن دفنوا والدهم، توجهوا للبحث عن منزلهم، بعضهم سيعيشون مع الأم، وبعضهم سيعيشون لوحدهم، بسبب كثرة عددهم.
في طريقهم، قابلت لانا نورمان فتوجهت له، وقالت: هل وجدت منزلك؟
فقال: أجل، منزل صغير يكفي لعائلة صغيرة.
فقالت له لانا مازحة: عائلة صغيرة؟! لماذا من سيعيش معك؟
فأجاب لإغاظتها: سأربي كلب معي.
غضبت لانا لوهلة لكن ردت بهدوء: وهل ستنجب أطفال منه؟
رد عليها وهو يعبث بشعرها: هل ترغبين في أن نتشاجر؟
قالت لانا ضاحكة: أجل أريني ما لديك.
قاطعتهم لين قائلة: هل عصافير الحب تتشاجر؟
قالت لانا بخجل: عن أي عصافير تتكلمين؟
صفرت لين وقالت: يبدوا أن الأمر خطير نورمان ماذا ستفعل؟
قال نورمان: لا تقلقي هي لا تجيد الغضب.
قالت لانا: كلا أنا أحقد أيضا.
قال نورمان: حقا أبهريني.
قالت لين: يبدوا أنه ضجر منكِ، وقرر جعلكِ تنسحبين أولا.
قالت لانا بشك: أشعر أنكِ من تشعلين المشكلة هنا؟
رفعت لين يديها كالمستسلم وقالت: كشفتي أمري، إذا ماذا تخططون هل ستعيشان معا؟
قالت لانا بفخر: كلا أنا لا أعيش مع رجل غريب.
قال نورمان ساخرا: أنا أيضا قررت أن أربي كلب.
تابعت لانا السخرية: ويرغب أن يكون عائلة مع الكلب.
قالت لين ضاحكة: يمكنني أن أتخيل الصورة العائلية نورمان مع كلبته وأبنائهم.
قال نورمان ليغير الموضوع: ماذا عنكِ ماذا ستفعلين؟
أوقفتها لانا قائلة: كلا لا تقولي.
تعجبت لين وقالت: ماذا جرى فجأة؟
قالت لانا: أخبري الجميع الليلة، الليلة سنذهب للتخييم في الخارج، وهناك سنخبر بعضنا عن خططنا المستقبلية.
ابتسمت لين بحزن ثم قالت: فكرة جيدة، حسنا سأخبر كل من أقابل.
قال نورمان قبل أن تغادر لين: جدي لكِ منزل خاص، لا تعيقي مين وماريا.
ضربت لانا نورمان، أما لين ضحكت وقالت: معك حق.
غادرت لين، ثم نظرت لانا إلى نورمان بغضب، ثم غادرت وقالت بينما هي تسير: إذا أردتني أنا في منزل العائلة.

الظهر

وقت جنازة الأبطال

لبس كل سكان المدينة السواد، وعلىّ صوت الصياح على الموتى، شارك كل السكان الحزن، لم يفتقر على عوائلهم فقط، تم إحظار الجثث في توابيتهم، دون رؤوس، ووضعوها بجانب القبور، لتوديع أهلهم لهم أولاً، ثم دفنهم.
تقدم أهل كل شخص، أم جيرمي وأباه وفتاته، عندما وصلت أم جيرمي، ورأته بلا رأس، قالت وهي تصرخ بشكل هستيري: أين رأس أبني؟ أين ذهب؟ لماذا الورود هنا؟ أين رأس أبني؟ كيف يمكنني النظر إلى وجهه لأخر مرة؟ أين رأس أبني؟
حاول زوجها تهدئتها، لكن بلا فائدة، لم تره منذ سنة كاملة، وعندما أخيرا حان وقت اللقاء كان بلا رأس، اشتاقت الأم إلى وجه أبنها الوحيد، وأرادت أن تشبع عينيها من جماله، ولكن لم تستطع، حسرة في قلبنها لطول عمرها، رؤية وجه أبنها مجددا.
لم يكن حال البقية مختلف، كلهم كانوا نفس الحال، والدا شادو وجابريل كان من المفترض نفيهم، لكن تم إحضارهم للجنازة، لكي يودعوا أبنائهم لأخر مرة.
ساو كان له زوجة حامل قبل مغادرته، والان هي تحمل طفله على يديها، وتقول لطفلها: هذا هو أباك يا بني، أنظر إلى جماله، كجمال هذه الورود تماما.
كل شخص منهم محفوف بأحبائه، لكن تابوت جان لم يكن حوله أحد، كلا كان هناك شخص، ران كانت تودعه لأخر مرة، لوحدها لا أحد معها، كانت تقول له: كل شخص منهم معه عائلته، وأنت ذهبت إلى عائلتك، هل هم معك الان؟ أم أنك في مكان أخر؟ هل تشعر بالوحدة؟ أم معك أشخاص مثلك؟ يؤنسون وحدتك، هذا أخر وداع جان فأنا لن أعود مجددا.
غادرت ران وكان أول شخص يدفن هو جان، بقيت ران تراقب التراب، وهو يهبط على تابوته، إلى أن غمرت التراب التابوت ولم تعد تراه.
أما لانا، كانت تبكي على إيما، مع أهل إيما، كانت تبكي وهي تعتذر لأنها لم تستطع حمايتها، وكانت أم إيما تهدئ لانا بدل أن يكون العكس.
إيرين كان يحاول أن يبقى هادئا لأجل أم جيرمي، بعد أن نهضت فتات جيرمي، إيرين تكلم معها، وقال لها: جيرمي أحبكِ حقاً، وهو يتمنى كل الأفضل لكِ، هو كان دائما ما يتكلم عنكِ، كل ما فتحت حديثاً معه، بدأ بالتكلم عنكِ، هو حقا مغرماً بكِ.
صمت إيرين وهو يحاول مسك دموعه، لكن قالت له بصوت مبحوح: لا بأس أن تبكي، لا بأس.
بعد، أن أنهت كلامها، بدأت دموع إيرين بالنزول، دون شعور منه، بكت هي أيضا معه، واستمرا في البكاء.
واحدا تلو الأخر تم دفنه، شخصا تلو الأخر يغادر، وبقي من بقي، وغادر من غادر، وهذه الجروح لن تلتئم بسهولة، ستبقى تحرقهم إلى الأبد، قد يخف أحيانا، لكنه لن يُشفى أبداً....

ما بعد الكارثة كارثة اخرىWhere stories live. Discover now