أيام العمل

402 58 0
                                    


دخلت ران على لانا المستلقية على سرير المشفى وقالت: من حسن حظكِ أنكِ بخير ولم تعاني من أي أعراض جانبية من الصدمة، يمكنكِ المغادرة لكن أنصحكِ كطبيبة و صديقة أن تتكلمي مع سارا قليلا.
قالت لانا ساخرة: وهل يمكن التكلم معها؟ أنا واثقة أني أفضل حالاً منها.
قالت ران بصوت غاضب: لانا.
قالت لانا بصوت متعب: حسنا سأتكلم معها.
نهضت لانا من السرير واتجهت للخارج، كان المكان هادئ، الصمت يعم المكان، وكأن لا أحد غير لانا في هذه المركبة، توجهت لانا إلى عيادة سارا، توقعت أن تراها هناك، لكنها لم تكن هناك، أخذت لانا نفساً عميقاً وكأنها تقول توقعت ذلك، توجهت إلى غرفة سارا، طرقت الباب ثم دخلت، لكنها لم تكن في غرفتها، قالت لانا: يا لها من مفاجأة.
ذهبت إلى غرفة الطعام لكن لم تجد أحد، ثم إلى غرفة الاجتماعات لكن لم تجد أحداً، بدأت تبحث في كل غرفة لكن لم تجد أحد، إلى أن وجدت شين بالصدفة، فقالت بصوت متفاجأ: شين أخيرا وجدت أنسأن.
قال شين متعجبا لرؤيتها: ماذا تعنين بكلامك؟
قالت لانا: أين الجميع؟
أجاب وهو ينظر بتمعن لها: لقد بدأ الجميع العمل.
قالت مصدومة: بهذه السرعة؟
أجاب ساخراً: كم يوم تظنين بقيتي نائمة؟
قالت بتساؤل: ساعتان؟
أجاب شين: ساعتان لا تمثل يوم، نمتي ثلاثة أيام، وبفضلك عملنا عملاً إضافي.
تعجبت لانا من كلامه وقالت: لماذا؟
قال شين: لأنه ينقصنا أثنان إضافة لنقص العمال.
قالت لانا بابتسامة متعجبة: أثنان؟
أجاب شين: أجل أنتِ وران.
اختفت ابتسامة لانا ثم قالت: هل ستجعلون ران تعمل؟
قال شين بقلق على ران: لا أعلم حقاً ماذا يخطط الكابتن.
قالت لانا: أعني هي طبيبتنا الوحيدة إذا أصابها شيء متنا جميعاً.
نظر لها بتعجب ثم قال: أنتِ الشخص الوحيد الذي سيموت، أذهبي إلى p17 هناك ستجدين ماريا اسأليها عن مهامك.
قالت لانا: أين هذه؟
قال وهو يؤشر على يدها: يوجد في ساعتك خريطة ستدلك على المكان.
قالت لانا وهي تسير مبتعدة عنه: حسنا إذا.
غادرت لانا متجهة إلى المكان الذي قال عنه شين، عندما وصلت كانت سارا وماريا تعملان معاً في فحص شاشة القسم وقراءة الأرقام والتأكد من مطابقتها للنظام، قالت لانا للفت الانتباه: مرحبا.
التفتا أثنتاهما ثم قالت سارا ساخرة: صباح الخير.
ضحكت لانا ثم قالت: أسفة لأني نمت وتركت العمل لكن...
قالت ماريا ساخرة: لا مشكلة لم تكوني لتفعلي فرق.
قالت لانا بانزعاج: إذا كان هذا كلامكِ تعرفين أين تجديني.
صرخت ماريا: كلااااا.
التفتت لانا وقالت بخبث: ماذا؟
قالت ماريا بانزعاج: كنت أمزح معكِ، أرسلت لكِ جدول أعمالكِ، عليكِ أنهائهم قبل أن تنامي كل يوم.
قالت لانا بصدمة: كل يوم؟
أجابت ماريا مشددة على كلامها: كل يوم.
قالت لانا بحزن وانكسار حيوان الكسلان الذي أكتشف أنه جائع وعليه الحركة للحصول على الطعام: حسنا.
غادرت لانا المكان وهي تعبث بساعتها لتعرف مهامها، قالت وهي تحدث نفسها: علي كل يوم فحص خمسون مكان، لماذا صنعوا مركبة كبيرة لعدة أشخاص؟!اللعنة.
سمعت صوت ضحك خلفها وعندما استدارت كأن جون واقفاً خلفها يلوح لها بيده.
قالت لانا مبتسمة: حسناً سعيدة كونك ترا معناتي مضحكة لك.
قال جون مبرراً: كلا لم اقصد ذلك لكن ما قلته لِتو قاله الجميع.
قالت لانا متعجبة: حقا؟! أظن أن الجميع لديه منطق.
قال جون: أجل.
قالت لانا بقلق: هل ستجعل ران تعمل معنا؟
أجاب: لا أعلم ربما ماذا تظنين؟
قالت لانا بكل جدية: نحن نقوم بفحص دوري، لكن قد يحصل انفجار، أو حريق، أو تفشي غاز، أو أي شيء سيء، حينها سنحتاج إلى الطبيب، لكن إذا الطبيب نفسه عانى من هذه الأشياء، من سيعالجه؟! إذا مات الطبيب من سيعالجنا حينها؟! أنها الطبيبة الوحيدة في المركبة.
قال جون بعد أن فكر لبعض الوقت: أجل لكن أخشى أن تشعر ران بالوحدة.
قالت لانا بعزم: لا تقلق لن أتركها وحيدة.
ضحك جون ثم قال بصوت هادئ: مهمة مثل هذه، كان من المفترض أن يرسلوا طاقماً أكبر.
قالت لانا بحزن ساخرة: لم يرغبوا بقتل الكثير هم أيضا لديهم مشاعر.
قال جون: أجل، حسناً إذن اذهبي إلى عملك.
قالت لانا وهي تراقب ظهر جون يبتعد: أجل، أراك في الجوار.
ذهبت لانا إلى أول مكان لها لتفقده، كان جدولاً طويلاً عليها أنهائه، الأمر صعب خاصة على الجميع، عليهم إلا يسمحوا لمشاعرهم بالتدخل، الان لا وقت لديهم للتوقف والبكاء.


مرت الايام وهم بالكاد يلتقون، عندما يلتقون أحياناً تجري بينهم بعض المحادثات، ومنها هذه المحادثة بين ماريا ولانا، بالصدفة في أحد المهمات التقيا معاً، وبينما كانتا تعملان بصمت قالت ماريا: لانا.
اجابتها لانا وهي تعمل: نعم.
قالت ماريا: أرغب بأن اسألكِ شيئا.
تعجبت لانا لأن ماريا لا تفضل الحديث معها فقالت: ماذا؟
قالت ماريا وهي تتابع فحص الأرقام في الشاشة: كيف عرفتي أن القاتل هو إيد أقصد إيدوارد؟
توقفت لانا عما كانت تفعله سرحت للحظة ثم قالت وهي تتابع عملها: شعرت من نظرات جابريل له، لقد كانت نظراته مريبة قبل الدخول إلى البيت تحديداً، لذا كان عليّ التحقق من الأمر وهذا ما حدث.
قالت ماريا: إذاً كنت تعرفين مسبقاً صحيح؟! أعني قبل أن يموت جيرمي.
قالت لانا وقد فهمت مغزى السؤال: كلا لم أكن أعلم أنه سيقتل جيرمي، لو كنت أعلم لقتلته قبل هذا.
قالت ماريا بصوت عالي وغاضب: إذاً ماذا ظننت أنه سيفعل؟
التفتت لانا لها بقوة وقالت صارخة: إنه أخي.
صمتت لانا ثم قالت بحزن: لم أرد تصديق هذا، تعلمين... لقد تكلمنا مع بعض قبل أن نصعد إلى المركبة.... لقد قال إنه يحبني.... أنه أخي الأكبر لم أرد تصديق أنه سيقتل أحد... لكنه قتل جيرمي وبقي معنا.... وودعه معنا.... بقي بعيداً عن جان.... ليبقى على قيد الحياة.... لا اعرف لماذا بقي؟ لماذا لم يقتل نفسه منذ البداية بدل جيرمي؟
قالت ماريا وقد بدأت بالبكاء: لماذا لم تسأليه حينها؟
أجابت لانا بصوت خافت وحزين: خفت أن لا أقتله حينها.
صرخت ماريا وهي تبكي قائلة: إذاً سمحت لمشاعرك بالتدخل؟
ابتسمت لانا بحزن وقالت: عندما كنت متدربة، ذهبت برفقة معلمي لحل قضية معاً، كنت أعمل مساعدة له، حدثت جريمة لأحد معارفه، لقد كان يعرف الضحية لكنه تابع التحقيق، القاتل كان صديقه المقرب لكنه نجح في إدانته بكل هدوء، عندما سألته كيف أستطاع فعلها؟! أجاب -لانا أسمعي، على المحقق أن يكون بلا مشاعر، وإلا لن ينجح، حتى لو رأيتِ جثة طفل مقطعة لا تجزعي، بل فكري بهدوء، أن لم تستطيعي فعل ذلك فتوقفي منذ الان- أظن أنني لم أنجح في عملي.
قالت ماريا بعد أن أنهت عملها وهي تهم بالمغادرة: معلمكِ هذا قالها بعد سنوات من الفشل والتجارب، لا يمكن لأحد أن يفعل ذلك بسرعة، قد تكوني تأخرتِ لكنك أنجزتِ عملكِ.
غادرت ماريا المكان وأبقت لانا الحائرة لوحدها، عادت لانا للعمل ثم غادرت المكان إلى مكان أخر وعمل أخر...

ما بعد الكارثة كارثة اخرىWhere stories live. Discover now