الكارثة

483 54 5
                                    


في غرفة الاجتماعات كان الصمت سيد المكان، قال شادو بخوف: هل تضنون أنه كان هناك خلل في حجرة النوم، لانا أيضا تأخرت في الاستيقاظ لذا ربما ما حدث بسبب حجرة النوم.
قال إيرين بصوت مصدوم يحاول استيعاب ما جرى: لا أعتقد ذلك ربما يكون مرض في جريمي.
قالت سوزان باعتراض: هذا مستحيل لقد تم فحص الجميع قبل الرحلة، لو كان مريض لتم كشف الأمر بسرعة.
غضب إيرين وضرب الطاولة بكلتا يديه ثم قال: إذاً ما سبب موته؟
وضع إيرين رأسه على الطاولة وبدأ بالبكاء، ثم بكت ماريا معه، تبعهم شادو بعدها لين، مين أخفا وجهه لكي لا يرى أحد دموعه، تأثر باقي المجموعة لحزنهم لذا بدأت سوزان بالبكاء أيضا، كانت إيما تشعر بالقلق على لانا لأنها لم تبكِ فقط صامتة وسارحة في أفكارها، جون لم يقل شيء، ايدوارد أيضا ضل صامتا ديفيد، شين، نورمان، سام وساو. دخل جابريل عليهم مسح شادو دموعه ثم قال له: كيف حال سارا؟
قال جابريل بصوت حزين وهادئ: أنها بخير لقد أفاقت، لكنها بكت كثيرا لذا ران أعطتها مهدئ لتنام قليلا.
قال شادو بصوته الباكي: هذا جيد مرت سارا بالكثير لابد أنه مؤلم عليها أن ترى شخصا ميتاً.
قال جابريل بشفقة: أجل.
جلس جابريل بجانب شادو ثم قال: أعلم أن الأمر مؤلم لكم جميعا، لكن علينا أن نتماسك لأجل سارا ولأجل جان أنتم تعرفون ماذا أعني؟
مسحت ماريا دموعها ثم قالت: حسنا على الأقل حتى نعرف سبب موته ويحين لحظة الوداع.
رفع إيرين رأسه ثم قال: ماذا تعنين ألن نحتفظ بجثته لكي نوصلها لأهله؟
دخلت ران على جملة إيرين فردت عليه قائلة: أجل سنفعل ذلك، سنجمد الجثة بحيث لا تتعفن لذا سيكون من الممكن وصول الجثة إلى أهله، لكنها تعني وقت تجميده سيكون مثل الدفن ايضا.
قال إيرين بصوته المبحوح: لقد كنا مقربان جداً، أن يموت هكذا، أشعر بالضعف والعجز، لا يمكنني أن أتماسك أنا أسف.
غادر إيرين من الغرفة مسرعاً فبدأت ماريا بالبكاء مجدداً، ران أيضا بدأت بالبكاء، صمت لانا جعل الامر صعب، الشخص المسؤول عن تغيير المزاج هي لانا، والان هي صامتة لا تقول شيء، كان جون يراقبها بهدوء، ينتظر ردة فعلها لكل هذا، لكنها بقت صامتة إلى أن دخل جان عليهم بوجهٍ جامد ثم قال: أين إيرين وسارا؟
قالت ران بعد أن مسحت دموعها: سارا نائمة أما إيرين فقد غادر الغرفة لم يستطع البقاء هادئ.
قالت ران أخر جملتها بصوت ثقيل يمسك الدموع من السقوط،
قال جان بتردد وحيرة وكأنه يخاطب نفسه: حسناً إذاً لقد قمت بفحص الجثة، ولم أعرف السبب حتى الان، سيستغرق الأمر وقتاً كثير، لكن كل ما أعرفه هو أنها جرثومة سببت انفجار رأسه و.....
قال جون محفزاً جان: وماذا يا دكتور؟
قال جان وهو يحك جبينه بتردد وخوف: هذه الجرثومة أنا من طورتها لكن لم أجد الدواء لها بعد.
صرخ شادو في وجه جان قائلا: كيف لك أن تصنع جرثومة بدون دواء؟
نظر جان له وهو سارح كالضائع ثم قال ببرود: عندما تصنع جرثومة أنت تضعها في فأر التجارب لترى تأثيرها وأعراضها وبعدها تقوم بصنع الدواء.
قال جون بجدية: إذاً وما هي أعراض هذه الجرثومة؟
قال جان بنفس الضياع: لا أعراض لها فور تعرضك لها أنت ستموت خلال ساعة.
قال جون بقلق: هل هي معدية؟
أجاب جان بعد تفكير: أنا حقا لا أعلم إذا كانت معدية أم لا، فأنا لم أتم تجاربي عليها، تم ايقافي بعد رؤية تأثيرها.
قال جون بهدوء: هكذا إذا علينا أن نكتشف بأنفسنا باقي الأمور.
قال جان منزلا رأسه بحزن: للأسف أجل.
سأل جون: حسنا دكتور كم مر على موت جيرمي؟
قال جان وهو ينظر إلى ساعته: نصف ساعة.
قالت لانا بعد صمت طويل: بعد نصف ساعة أخرى سنعرف إذ كانت الجرثومة معدية أم لا.
قالت إيما باعتراض: هل سنستخدم الدكتور جان؟
قال جون: كلا لقد تعرض لدماء جيرمي، قد يكون أصيب بالجرثومة هو أيضا، لذا سيبقى في مكان منعزل لمدة ساعة إذ لم يحدث شيء هذا يعني أنه بخير وإذا حدث شيء قد نكون جميعا في خطر.
صمت الجميع مرة أخرى مصدومين مِما سمعوا، أما جان قال بهدوء: حسناً سأحبس نفسي في غرفة الفحص لأتابع فحوصي، ران سأسجل كل ما أفعله بالصوت والصورة لذا إذا حدث شيء لي أستخدمهم لمتابعة البحث و إيجاد الترياق.
قالت ران بصوت حزين وثقيل: حسناً.
غادر جان الغرفة وبقي الجميع صامت، ثم قال جون: حسناً جميعاً سنتابع جدولنا ولنحاول أن نتماسك معاً.
ضحكت لانا ضحكة سخرية ثم قالت: جون هل يهمك الأمر حتى؟! أعني موت جيرمي.
قال جون بهدوء: أجل الأمر يعنيني، لانا لا تجعليني الشخص الذي ستفرغين جام غضبكِ عليه.
قالت لانا بهدوء واستفزاز: كلا أنا لست ضعيفة لأنفجر بسرعة، أنا فقط كنت أسأل جون هل تذكر جيرمي؟
قال جون بعصبية: ماذا تعنين؟!
تابعت لانا كلامها: في يوم المهن، عندما كان هو عمره أربعة عشر عاماً يعني قبل خمس سنوات من الان هل تذكره؟
قال جون: لا أتذكر، الكثير من الاشياء حدثت و...
قاطعته لانا وقالت بانفعال: جيرمي يفعل، أنه يتذكر ذلك اليوم، ويتذكر كل هراء أنت قلته له، حينها أنا أيضا كنت هناك، بينما أعتقد جيرمي أنك عظيم، هل تعرف أنا ماذا اعتقدت؟
قال جون: كلا لا أعلم.
نهضت لانا وتوجهت له ثم اقتربت منه إلى أن أصبح وجهها فوق وجهه تماما ثم قالت له: اعتقدت أنك منافق.
غادرت لانا الغرفة بعد أن أنهت جملتها أما جون بقي متصلب لفترة ثم نهض من مكانه وغادر الغرفة، شيء فشيء غادر الجميع، لكن جابريل بقي مكانه يراقب جميع أصدقائه يغادرون.
مضت نصف ساعة لكن جان لم يمت، أثبت هذا أن الجرثومة غير معدية، أطمئن الجميع لكن لانا لم تفعل، بينما كان الجميع جالس في أماكن مختلفة كانت لانا جالسة في منتصف المركبة، بحيث يمكنها رؤية الجميع وماذا يفعلون، تراقب بصمت.
اقتربت إيما منها وقالت: لانا هل أنتِ بخير؟! منذ.. صمتت قليلا ثم قالت: أنتِ لم تقولي شيء وكل ما تفعليه هو مراقبة الجميع وكأنكِ تنتظرين حدوت شيء ما.
قالت لانا وهي تراقب جان: كل ما أستطيع قوله لكِ هو لا تقتربي من جان.
تعجبت إيما ثم قالت: لماذا؟
لم تجب لانا لأنها تعرف إيما لن تصدقها، قبل أن تغادر إيما نظرت للأعلى ثم غادرت، نظرت لانا للأعلى فوجدت نورمان ينظر إليها أنزلت رأسها واستمرت في المراقبة بهدوء.
وقت الطعام إيرين لم يكن حاظر وسارا أيضا، بينما كان على الجميع الجلوس في الطاولة تجنب نورمان الجلوس بجانب جان، مع أن من المفترض أن يجلس أمام جان، إيما أيضا فعلت مثل ما طلبت لانا، أكلوا الطعام بصمت، كسر هذا الصمت سؤال لانا: جان متى ستنتهي من جثة جيرمي؟
قال جان: عند الخامسة مساءاَ سأكون قد انتهيت.
قالت لانا: هكذا إذا.
تابعت الأكل بصمت وأنهت طعامها ثم غادرت، أنهت إيما طعامها بسرعة وتبعت لانا، شعرت لانا بإيما لذا توقفت والتفتت لها، توقفت إيما ثم قالت للانا: لم يحدث شيء حتى الان أنا أعرف فيما تفكرين لانا لكن حتى الان لم يحدث شيء.
قالت لها لانا: قد لا يكون اليوم وقد لا يكون غداً لكنه سيحدث.
غادرت لانا واتجهت إلى غرفة سارا، طرقت لانا الباب لكنها لم تجب ففتحت الباب، نهضت سارا من سريرها بخوف وقالت: كيف فتحتي الباب؟ لا يمكنكِ فتحه إلا بمفتاح خاص.
قالت لانا بلا مبالاة: أنه سهل تم تدريبنا على هذا في الجامعة.
صمتت سارا لفترة ثم قالت: دعيني لوحدي.
قالت لانا بعد أن جلست بجانبها على السرير: تعرفين مشاعري تجاهكِ صحيح؟
قالت سارا: أجل أنتِ تكرهينني كلا أنتِ تكرهين الجميع.
قالت لانا بسخرية: أكره الجميع، كلمة جيدة، كلا أنا لا أكره الجميع، كل ما في الأمر هو أنني لا أحب أن أتعرف على الكثيرين، أشعر أن دماغي لا يستوعب الكثير من الاسماء.
قالت سارا: حسنا شكراً لأخباري لكن هذا لم يغير شيء.
قالت لانا بانفعال هادئ: إيرين يحتاجكِ، ألستِ موجودة هنا لهذا السبب لهذا الوقت.
قالت سارا بحزن: لا أعرف ماذا أفعل أنا خائفة كل مرة أتذكر جيرمي أنا...أنا....
صرخت لانا قائلة: لا تكوني جبانة.
نظرت سارا بتعجب إلى لانا، هذه المرة الأولى لها ترى لانا منفعلة هكذا، تابعت كلامها بصوت حزين: لا تكوني جبانة، قاتلي نفسكِ اهزمي أحزانكِ، إذا لم تفعليها الان أنتِ لن تفعليها أبداً، هذا ليس لأجلكِ هذا لأجل إيرين لأجل جيرمي، في الساعة الخامسة نحن سنودع جثته، أريد من الجميع أن يكون هناك لأجل أن لا يكون جيرمي وحيداً وحزين.
نزلت دموع سارا بلا وعي ثم قالت وهي تبكي: سأبذل قصار جهدي لأجل جيرمي.
غادرت لانا غرفة سارا متجهة إلى غرفتها أغلقت الباب واستندت عليه وضعت يدها على فمها لتكتم صرخة كادت تهرب من شفتيها وبدأت بالبكاء بصمت دون أن يسمع أحد أنينها...

ما بعد الكارثة كارثة اخرىWhere stories live. Discover now