ندوب الماضي

381 53 0
                                    


بعد عدة أيام، قابلت لانا إيرين قالت له بقلق: إيرين كيف حالك؟
أجاب وهو مشغول: ما زلت أتنفس.
صمتت لانا ولم تقل شيء، لماذا أشعر وكأن الذنب هو ذنبي؟! لماذا أشعر وكأن من قتل جيرمي والرفاق هو أنا؟! هل هذا لأن القاتل هو أخي؟! أم لأني لم افعل شيء لردعه؟
غادر إيرين المكان وهو صامت ولم يقل شيء، بينما لانا تعمل وهي تفكر، سمعت صوتاً من خلفها قائلاً: هذه ليس مكانها هنا.
التفتت لانا بتعجب ورأت شين ثم قالت: ها، أجل شكراً.
ابتسم شين وقال: هل تحدثتِ مع سارا؟
صمتت لانا ولم تجبه ثم قال: توقعت ذلك، لهذا أنتِ كثيرة السرحان.
لم تعرف لانا ماذا تجيبه لذا قالت: سارا مشغولة في أعمالها، لا يمكنني مقاطعتها بسبب مشاكلي الشخصية.
أجابها شين بنبرة حادة: مشاكلكِ الشخصية تؤثر على عملكِ، وعملكِ يؤثر علينا، لهذا مشاكلكِ تؤثر علينا، فحليها وتكلمي مع سارا.
أغلقت باب النافذ الذي كانت تعمل عليه ثم قالت: حسناً إذا التقيت بها.
غادرت لانا المكان متجهة إلى المكان الأخر.
أصبح الطاقم لا يلتقون إلا نادراً، حتى وقت الطعام أنهم لا يلتقون، جدول صارم هذا ما كأنت تفكر به لانا، لكنه مهم لهذه المركبة التي سماها سام سورا.
وفي أحد الأيام السوداء المملة، التقت لانا بسارا، لم ترغب لانا بالحديث، لكنها تعلم أنه عليها فعل ذلك، لذا هي قالت: سارا هل لديك وقت للحديث؟
قالت سارا مازحة: تعلمين أنه ليس لدينا وقت لكن سأفرغ بعضه لكِ.
ابتسمت لانا وقالت: متى ذلك بعد قرن؟
ضحكت سارا ثم قالت: عند الساعة العاشرة أنا أنهي عملي في هذا الوقت متى تنهين عملكِ؟
أجابت لانا: عند الساعة العاشرة والعشرون دقيقة.
قالت سارا: حسنا إذاً سأنتظركِ هناك في مكتب عملي.
ابتسمت لها لانا وبدأت بالكشف وافترقتا هما الاثنتان.
بعد عدة فحوصات ألتقت بشين ونورمان، كانوا في نفس المكان، أرادت لانا المغادرة، لكنه عملها لهذا لم تغادر، تابعت عملها صامتة هي فقط قامت بتحيتهم ولم تقل شيء، لكن شين قال: لانا هل تحدثتِ مع سارا؟
قالت لانا بهدوء: سأتحدث معها الليلة قبل النوم.
قال شين بشك: هل ستفعلين؟! حقاً؟
قالت لانا بانزعاج: أنت قلت إن مشاكلي تؤثر على الجميع صحيح؟
قال شين بتعجب: أجل لقد قلت.

ثم قالت قبل أن تغادر: لذا على أن أحلها.
بعد أن غادرت لانا نظر شين إلى نورمان وقال: هي لن تذهب.
قال له نورمان: هل يمكنك في مساعدتي برفع هذه أنها ثقيلة.
تنهد شين على برود نورمان ثم ساعده على عمله.
عند الساعة العاشرة والواحد والعشرين دقيقة، لانا كانت في طريقها إلى مكتب سارا، لكن أوقفها شيء ما، شيء في داخلها، قال لها لا تذهبي، إذا ذهبتي أنتِ ستواجهين الأمر، أنتِ لا يمكنكِ مواجهة هذا، أنتِ أضعف من هذا، هذا الكلام كان يقوله لها والدها دائما، عندما كانت صغيرة لقد كانت ضعيفة جداً لهذا والدها كان يضعفها أكثر، لم يرغب منها أن تنجح في الاختبار، لأنه أعتقد أنها ستحرجه بضعفها، لكن لانا حاولت بجد أن تهزم ضعفها هذا، أو عقدتها هذه، لكنها لم تنجح، أرادت العودة لكن عندما استدارت، وجدت نورمان ساند ظهره على الجدار، المكان كان مظلم لذا لم تكن ترا ملامحه جيداً، لكنها كانت تعلم أنه نورمان، لانا لم تقل شيء هي فقط ارادت المغادرة، لكنه قال: لذا علي أن أحلها، هذا ما قلته وهل هكذا تحلينها؟
لم تجبه لانا توقفت عن الحركة، ارادت فقط أن تختفي لكن عليها فعل شيء، إما أن تعود وتخيب ظن الجميع، أو تذهب إلى سارا وتواجه كل مشاعرها، لكن هذا أيضا شيء مستحيل، ماذا علي أن أفعل؟! هذا ما كانت تفكر به.
ضرب نورمان رأسها بقوة فصرخت لانا وقالت: ماذا تفعل؟
قال: أعيد صياغة هذا العقل.
قالت لانا وهي تحك مكان الألم: عقلي بخير لا تتدخل به.
قال وهو ينظر مباشرة إلى عينيها: حقاً؟
حاولت أن تتجنب نظراته وقالت: حسناً يوجد به بعض المشاكل.
قال لها: بعض؟
أجابت وهي تنظر إلى الأرض: حسناً الكثير.
قال نورمان: أعتقد أنه لا يوجد جزء سليم في دماغك.
رفعت رأسها ونظرت إلى عينيه بتحدي وقالت: يوجد جزء صغير.
ابتسم لها ثم قال: إذا ماذا ستفعلين؟!
أجابته بحزن: لا أعلم أنا ضعيفة وجبانة.
وضع يده على كتفها ثم قال: أنتِ أقوى شخص عرفته، وأشجع شخص أيضا، لا تفقدي الثقة بنفسك.
قالت لانا بتعجب ساخرة: أنت تستطيع أن تقول كلاماً جيد.
قال لها بعد أن دفعها بيده بخفة: لا فائدة منكِ.
ضحكت لانا ثم قالت: كنت أمزح معك، لا تبكي.
قال نورمان وقد عاد للحائط: لا أعلم حقا من سيبكي هنا.
ابتسمت لانا بخوف وقالت: أظن أني سأذهب إلى سارا الان، ليس عليها أن تنتظر كثيراً.
قال وهو يلوح يده لها لذهاب: أجل أذهبي.
قالت لانا: أجل أنت أذهب للنوم.
قال نورمان: كلا سأبقى لأتأكد أنكِ لن تهربي.
قالت لأنا بإصرار: لن أفعل.
قال لها: لا ثقة أذهبي.
استدارت لانا لجهة غرفة سارا، أخذت نفساً عميقاً ثم قالت: حسناً أنا ذاهبة.
قال نورمان ساخراً: بالتوفيق.
اتجهت إلى غرفة سارا طرقت الباب ثم دخلت، قالت لانا: أسفة إذا كنت قد تأخرت عليكِ.
قالت سارا بعد أن وضعت بعض الأوراق على طاولة غرفتها: كلا لا مشكلة كنت واثقة أنكِ ستأتين لانا، وكنت مستعدة للبقاء هنا طوال اليوم.
قالت لانا وقد هاجمها تأنيب الضمير: ليس عليكِ الذهاب إلى هذا الحد.
قالت سارا بلطف: كلا علي فعل ذلك.
قالت لانا وهي تحك مكان ضربة نورمان: حسناً ماذا علينا أن نقول؟
قالت سارا: أولا أجلسي على ذلك الكرسي.
أشارت سارا على كرسي جلدي أسود غريب الشكل.
ذهبت لانا واستلقت على الكرسي ثم قالت سارا: هل الكرسي مريح؟
قالت لانا: أجل لدرجة تجعلني أرغب بالنوم.
قالت سارا: كلا لا تنامي لدينا الكثير لنقوله.
قالت لانا بصوت ناعس: حسناً.
بدأت سارا حديثها: لانا ما هي أول ذكرى لكِ عن أمكِ؟
قالت لانا بصوت ناعس: لقد كانت تطهو كعك الشكولاتة للجميع كانت رائحته زكية.
قالت سارا: أنتِ تحبين الكعك حقا.
قالت لانا: أجل أحبه كثيراً.
قالت سارا: ماهي أول ذكرى لكِ مع أباكِ؟
صمتت لانا قليلا ثم قالت: لقد كان يضرب أمي حينها، حلمت بكابوس مزعج فنهضت للبحث عن أمي، والدي كان يقول لها أني سأبدأ التدريب منذ الغد مع الجميع، وأمي تقول له أني ضعيفة البنية، لن أقوى على تدريباته الصارمة، أحتد بينهم الكلام فقام بضربها، حينها خرجت وأنا أبكي وأقول له سأتدرب منذ الغد مع الجميع، لكن أرجوك لا تضرب أمي، توقف عن الضرب ثم قال وهو يضحك أحسنتِ عملاً هذه هي أبنتي.
قالت سارا: بعدها ماذا حدث؟
تابعت لانا حديثها قائلة بشكل ألي: في اليوم الثاني، أيقظتني أمي مع جميع أخوتي في الصباح الباكر، قبل أن تشرق الشمس، ذهبنا للجري بدون أن نأكل شيء، كنت جائعة وبردانة ومتعبة، كنت دائما أسقط وعندما أسقط أبي يقول سوف تموتين في أرض المعركة، أنتِ لا فائدة منكِ، أستمر الأمر لمدة شهر كامل، حينها علمت أن أمي حامل، كنت أشعر بالقلق عليها، لأنها متعبة حينها وقفت في وجه أبي، وقلت له هل ترغب بقتل أمي مثل ما فعلت مع زوجتك الأولى، نهض أبي كنت خائفة ظننت أنه سيضربني، لكنه نظر لي بنظرة احتقار وقال أنا أعوض عن فشلكِ لو كنتِ جيدة بما فيه الكفاية لما جعلت أمكِ تحمل، هذا خطأكِ أنتِ لقد كانت أول صدمة لي.
قالت سارا: إذ كان كلامه صحيح لماذا تزوج بمرأة أخرى؟! كأن ليكفيه أبناؤه الناجحون من الزوجة الأولى، وكان ليكفيه أيضا أبناؤه الخمسة الذي جلبهم قبلكِ، وكان لم يجعل أمكِ تحمل بعدك بثلاثة أطفال، حسب بياناتك أخوتكِ الاصغر منكِ بنيتهم جيدة أفضل منكِ على العموم، أنه كاذب هذا ليس خطؤك أنتِ، هذا غرور منه، أراد فقط تدمير أجمل زهرة أنجبها.
قالت لأنا وهي تبكي: أنتِ تحرجيني بكلامك.
ابتسمت سارا ثم قالت: ماذا حدث بعدها؟
اكملت لانا: بعد ثالث شهر لي من التمرينات الصارمة أغمي علي، أخدتني أمي إلى المشفى قال الطبيب إلى أمي أنه علي أن أرتاح وأن لا أقوم بتمرينات صعبة، لا مشكلة في الركض لكن لأميال عدة لا مشكلة في اللعب لكن لساعة في اليوم، حينها بدأ كابوس حياتي، تمنيت لو أن أبي جعلني أستمر في التدريب إلى أن أموت بدل الحياة التي عشتها.
قالت سارا: لكن لو متي أشياء كثيرة لم تكن لتحدث، كل ذكرياتكِ الثمينة التي تملكينها، ما كانت لتكون موجودة، وجودكِ بيننا الان نحن نحتاجه، لو لم تكوني هنا لكنا أموات، بالنسبة لي أنا شاكرة لوالدكِ لأنه ابقاكِ على قيد الحياة.
قالت لانا وهي تبكي: أستمر بقول إني ضعيفة.
قالت سارا: أنتِ قوية لقد تغلبتِ على كلام والدكِ، واصبحتِ شيئاً كبيراً في المجتمع، حتى ولو كان فخ حتى ولو متنا هنا، كان ليتذكر أسمكِ الكثير، وكان ليحفر في ذاكرة الجميع، أنتِ أحد طاقم المنقذين.
قالت لانا وقد أزداد بكائها: قال إني لا شيء.
قالت سارا: أنتِ شيء عظيم لانا، شيء لا يمكن الاستغناء عنه.
قالت لانا: قال إنه من الأفضل أن أموت.
قالت سارا: عليكِ أن تعيشي لأجل الجميع هنا، ولأجل الجميع هناك، علينا الوصول ومعرفة الحقائق، جميعنا حمقى نحتاج لذكائكِ لشرح الامر بشكل جيد.
قالت لانا: قال إنني أكبر غلطة في حياته.
قالت سارا: وجوده كاملاً يعد غلطة.
قالت لانا: مهما قلت إنني أسفة، لم يتغير شيء.
قالت سارا: لا داعي أن تقولي أسفة، فأنتِ لم تخطئي.
صمتت لانا ولم تقل شيء ثم قالت سارا: هل هذا كل شيء لانا؟
قالت لانا وقد هدأت من البكاء: أجل هذا كل شيء.
ثم قالت سارا: حسناً هذا كل شيء يمكنكِ الذهاب الان لانا.
نهضت لانا من على الكرسي ثم قالت: أشعر أن رأسي ثقيل ما الذي حدث سارا؟
قالت سارا وهي تكتب بعض الملاحظات في جهازها: لقد قمت بعلاجكِ عن طريق التنويم المغناطيسي، أسرع طريقة لعلاج الندوب القديمة.
قالت لانا بحذر: أنتِ لم تسأليني أسأله غريبة صح؟
قالت سارا وهي تبتسم بخبث: أسأله غريبة؟! مثل ماذا لانا؟
شعرت لانا بالخوف ثم قالت: لا شيء كنت أمزح.
غادرت لانا الغرفة وهي تفكر (أشعر أن شيئا ما أختلف بي، أشعر بثقة أكبر بنفسي، أيضا لم أعد أشعر بالضياع كما في السابق يبدوا أن سارا تجيد عملها).
عندما غادرت لانا توقعت أن نورمان مازال ينتظرها، لكنها لم تجده في مكانه، شعرت لانا بالغضب ثم ذهبت إلى غرفتها للنوم واستقبال يوم جديد...

ما بعد الكارثة كارثة اخرىWhere stories live. Discover now