الفصل التاسع عشر

12.4K 240 3
                                    

نظرت شهد لخالد برعب مما جعله يضع يدا خفيفة على شفاهها في محاولة منه لتهدئة روعها لتسمعه يقول بصوت حازم :_ مالأمر أمي ؟؟
(سمعا صوتها يقول بحزن :_ إنها جدتك لقد تعبت فجأة وعماد يقول أنه يجب نقلها فورا للمستشفى.
(وقف خالد بسرعة ليقول بتوتر:_حسنا أمي إذهبي أنت وسألحق بك بعد لاحظات.
(راقبته شهد وهي شبه مخدرة يلبس ملابسه وما إن إبتعدت خطوات والدته حتى قال بهدوء :_سأذهب لغرفتي لتغيير ملابسي أولا وبشأن ما حدث الليلة...
(قاطعته بجفاف وهي تلبس روبها :_لنذهب لجدتك الأن وسنتحدث لاحقا .
(نظرإليها مطولا ثم هزرأسه لها موافقا ليخرج بهدوء تاركا إياها تتأمل الباب الذي خرج منه بعيون ضائعة لتتبعه قاصدة غرفة جدتها وهي تفكرأنها ستتحدث مع خالد لاحقا عم كاد يحدث بينهما أما الأن فسترى جدتها التي نسيت حتما تناول دواءها مرة أخرى،
عندما وصلت لغرفتها سمعت صوت بكاء مما جعلها تدخل وقلبها يسبقها ،
كان عماد يبكي في حضن خديجة وأمه تضم العمة ثريا بحنان لم تعهده بينهما ،
نظرت إلى الجميع بحيرة ليوقظها صوت خالد الذي أتى من وراءها يقول متساءلا :_ماذا يحدث هنا ؟؟
(تطلع إليه الجميع ليقول عماد بصوت باكي :_ لقد ماتت منذ قليل ،عندما أحسسنا بها وجئت لرؤيتها كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة.
(إبتسمت شهد ببلاهة لتقول بقوة :_أنت تمزح أليس كذالك ؟؟
(إقتربت منها خديجة التي تعرف جيدا حقيقة العلاقة بينهما ثم قالت بحزن :_حبيبتي لقد ماتت حقا .

ماتت حقا...نفس الكلمة التي سبق وسمعتها قبل مدة عندما كانت تنتظرالطبيب ليطمئنها على حالة جدها،
ماتت..!! تركتها دون أن تودعها حتى ،دون أن تخبرها أنها سترحل لخالقها ،دون أي شيئ، فهل هذا هوالعدل ؟،لكن عن أي عدل تتحدث ؟،ثم متى كان القدرعادلا معها ؟؟،إنه ومنذ وجودها ماينفك يصفعها صفعة تلو الأخرى وهاهو يأخذ منها جدتها ،سندها الأخير،الإنسانة الوحيدة التي رحبت بوجودها وأحبتها...أحبتها حقا ، 
إقتربت بعيون أعمتها الدموع من فراشها الذي كانت ترقد عليه جثة هامدة ،جثت أمامها بألم لتمد يدا مرتجفة لتلمس ملامحها الحبيبة التي لن تراها بعد الأن ،
رفعت يدها الشاحبة تقبلها بقوة ثم أغمضت عينيها بحزن وعقلها يردد لقد ماتت حقا ،ماتت حقا.

اليوم دفن جدته كما دفن والده ،جده ، ثم عمه من قبلها ،
فتح باب غرفتها وما إن دخل إليها حتى وجدها فارغة كئيبة موحشة بدونها ،
إقترب من فراشها الذي أصبح خاويا من جسدها المتعب دائما ،مررأصابعه عليه وقد إمتلأت عينيه بدموع حبسها طويلا ، 
لقد ماتت الإنسانة التي ربته وعوضته عن حنان الأم التي تركته بحثا عن سعادتها الخاصة ،الإنسانة الدافئة الطيبة والصارمة إذا دعت الحاجة لذالك والتي أحبته وشقيقه حقا ،أحبتهما وسهرت على راحتهما ،...يالله كم سيشتاق إليها وكم سيفتقد تدخلها الدائم في حياته والأهم من ذالك أنه سيصعب عليه جدا الإستمراروقد ماتت المرأة الوحيدة التي يثق بها وبحبها الصادق البريئ الخال من أية مطامع خاصة...

رواية *الدخيلة *حيث تعيش القصص. اكتشف الآن