الفصل الثاني

19.2K 334 9
                                    

أغمض عماد عينيه ببؤس ،لقد فاض به الكيل ولم يعد يقوى على الصبر،فمنذ أن تزوج وهو يحمل نفسه ما لا طاقة لها به ،
لقد وقع في حب كريستينا عندما سافر ليتابع دراسته في فرنسا ولأنها بادلته مشاعره تزوجها وعاشا معا سنوات رائعة خاصة وأن زوجته أسلمت بعد مرور ثلاث سنوات على زواجهما وغيرت إسمها لإسم خديجة بل وأسمت إبنهما محمد تيمنا بسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى أله أفضل الصلاة والسلام، 
إختارا العيش في بلادها على أن يكون صيفهم في بلاده وإلى هنا كان كل شيئ على ما يرام ،لكن ما إن يأتي الصيف حتى تأتي معه المشاكل ، فعائلته لم تتقبلها أبدا ومهما حاولت المسكينة إلا أنهم يصرون على التعامل معها على أنها غريبة وليست من مقامهم أو دينهم رغم إسلامها وإلتزامها،وهاهم سيسافرون بعد أسابيع وخديجة مصممة أن تأخذ معها مربية لتتكفل بإبنهم مدعية أن حملها بإبنهما الثاني يتعبها ،لكنه متأكد أنها تريد شخصا تعرفه من نفس بيئتها كي لا تحس بالغربة التي تتعمد عائلته وضعها فيها ،كما أن جدته وعمته مصرتان هذه المرة أن تزوجاه إبنة تلك الأخيرة فاتن ،وقد تعب من كثرة ما أخبرهما أنه يعشق زوجته وأنه لن يتزوج أخرى عليها إلا أنهما لا تريدان الإصغاء له ، 
أخذ نفسا عميقا ليشم رائحة عطرها التي تسحره ،فتح عينيه ليجدها أمامه تتأمله بعينيها الحنونتين ،مد لها يده لتمسكها بلهفة ،جذبها نحوه ثم أسند رأسه الذي أتعبته الأفكارعلى صدرها ليسمعها تقول برقة :_ هل عادتا لنفس الموضوع مجددا؟؟(هزرأسه دون أن يجيبها مما جعلها تسترد بنعومة :_ لا تحزن نفسك حبيبي أنا أثق بك وأثق أنهما ستيأسان منك ذات يوم خاصة أن فاتن جميلة ولبد أن هناك الكثرين يطلبون ودها .
(إبتسم رغما عنه ثم قال وهو يقف ليصبح في مواجهتها :_ فاتن عاقلة وليست راضية أبدا عن تصرفات جدتي وعمتي .
(قالت خديجة بإبتسامة ماكرة :_بعكس شقيقتها التي تتقن كل فنون الإغراء وتسعى جاهدة لإيقاع شقيقك .
_خالد ؟هيه نجوم السماء أقرب لها .(سكت قليلا ليفكرفي شقيقه الذي يصغره بسنتين والذي لا يعرف أحد ما يدور في خلده أو كيف يفكروالذي يشبه والدهما كثيرا ليسترد بثقة :_ المرأة التي قد توقع خالد تحتاج إلى جانب الإغراء أن تكون إمرأة بقلب من ذهب وإرادة من حديد وأيضا مشاعر من نار كي تلهبه و..
(قاطعته ضاحكة :_ على مهلك حبيبي ،هل تتحدث عن إمرأة أم عن شيئ أخر؟؟
(ضحك بدوره ليقول بمرح وهو يجذبها إليه :_دعينا من الجميع وأخبريني هل إشتقت لي اليوم ؟؟
(قالت بطريقة عابثة :_ ما رأيك أن أجيبك بالأفعال .(وقبل أن يجيبها إندست بين ذراعيه تقبله بشغف وهو كان أكثرمن محتاج لذالك .

جثت شهد قرب ضريح جدها لتمسك حفنة تراب بيدها لتراقب تسربها من بين أصابعها لتقول كأنه يجلس قبالتها تراه ويراها :
حبيبي جدي إشتقت إليك ،إشتقت لحضنك الدافئ الذي إحتواني طوال عمري وحماني من الجميع حتى من نفسي،
(سكتت قليلا لتحدق في الأفق بشرود لتسترد بإبتسامة مرحة نوعا ما :_ لقد تعرفت لعائلتي ،العم محمود أراني صور الجميع كما طلبت منه ،ورغم أنني غضبت منك قليلا لأنك أخفيت وجودهم عني إلا أنني سامحتك فأنت نقطة ضعفي الوحيدة كما تعلم.
(سكتت مجدد ا لتمسح دمعة يتيمة هربت من عينيها لتظيف بحيرة :_أتعلم جدي لقد أتعبني التفكيرفيهم وفي نفسي طوال الأسابيع الماضية ،حتى أنني طلبت من العم محمود أن يأتيني بأخبارهم وصور حديثة لهم كما أنني أتأمل صورهم كل ليلة كأنني أوطد معرفتي بهم أو ربما أحاول الوصول لأعماقهم أو بالأحرى لأفهمهم وأفهم إحساسي بهم ،ومع نهاية الليلة أقف عاجزة ،حائرة ،لأقررالتريث وعدم التسرع في الحكم عليهم.
إنهم عائلة كبيرة ،رائعة كما حلمت دائما لكن ...(سكتت لتعبس قليلا ثم أظافت بشوق يائس :_ أنا متشوقة لأتعرف عليهم وأن أكون بينهم لكن هم هل سيكون شعورهم مثل؟؟..أعني أنا أعلم أن والدي يحبني وحتما سيريدني لكن ماذا عن زوجته ،هل ستتقبلني؟؟هل ستضمني جدتي وعمتي ؟؟هل ستعتبرني أميرة أختها ؟؟وماذا عن بنات عمتي وأولا د عمي كيف سينظرون لوجودي المفاجئ بينهم؟؟
تنهدت بصوت مرتفع لتنظر إلى ساعتها لتقول بحزن :_ سرقني الوقت مجددا جدي كعادتي دائما عندما أكون معك والليلة لا يجب أن أتأخرفأنا مدعوة للعشاء في منزل العم محمود ،لذا سأتركك حبيبي،(قبلت أناملها ثم لمست حروف إسمه المكتوبة على قبره لتتحرك مبتعدة صوب سيارتها وهي تردد :_سأحبك دائما وسأشتاق لك أبداااا.


رواية *الدخيلة *حيث تعيش القصص. اكتشف الآن