الفصل التاسع

ابدأ من البداية
                                    

بعد أن طلب خالد من فاتن أن تخرج لتنتظره في السيارة مع أميرة وشهد وجد نفسه يجلس أمام وليد وبعد أن تحدثا قليلا إكتشف أنه رجل محترم وفعلا يرغب بالزواج من إبنة عمته ليتفاجأ أنه إبن عمها وسبق وطلبها للزواج لكن عمته رفضت ،
كان حديثه مقنعا وحكيما وبدا صادقا وهذا دفعه لأن يعده بالمساعدة شريطة أن يبتعد عن فاتن حتى يجد حلا يرضي الجميع ،
تودعا بهدوء ليدخل لسيارته التي كانت غارقة في الظلام والصمت لكن ما إن هم بتحريكها حتى أحس بغيابها ليسأل ببرود :_ أين شهد ؟؟
(قالت فاتن بصوت مرتجف :_ عن..عندما..خر..خرجت ..ك.كانت ترك ...تركب سيارة أج..أجرة.
(ضرب المقود بحركة غاضبة ليشتم بصوت منخفض ثم إنطلق بسرعة وهو يغلي بأعماقه .
(عندما وصلا أسرعت فاتن وأميرة بالخروج لكنه أوقفهما بصوت أمر:_ لا أريد لما حدث أن يعرف به أحد خاصة أمك يا فاتن هل هذا واضح؟؟
(كانت فاتن أكثرمن ممتنة مما جعلها تحرك رأسها موافقة لتسرع بعدها هربا منه لغرفتها أما أميرة فقد وقفت تواجهه لأول مرة في حياتها وعينيها مليئتين بالدموع ليسمعها تقول بحزن :_ إنها لا تعرف شيئا عن تقاليدنا ولم تدرك أن ما فعلته فاتن خطأ وحتما هي لم تقصد التدخل ،لقد أرادت فقط المساعدة .
(قال ببرود :_أنت لا تعرفين شيئا عنها لذا لا تدافعي عنها.
(قالت تجيبه بألم :_أنت محق أنا دائما لا أعرف شيئا ،لا أعرف لماذا كنا نعيش بعيدا عنكم ،لا أعرف لماذا لم تحب يوما والدي أوأنا ولا أعرف لماذا تكره أمك ولماذا عائلتنا قاسية وباردة أنا لا أعرف شيئا أبدا ولا أريد أن أعرف لأنني أكرهكم جميعا ،أكرهكم وأتمنى الموت لأرتاح ..أتمنى الم...(سكتت وقد أصبح صوتها نحيبا مما جعل خالد يلعن بصوت مرتفع قبل أن يجذبها إليه ليضمها بحنان إلى صدره وهو يمسد رأسها كطفلة صغيرة إلى أن قطعهما رنين هاتفه فجأة .

(جلست شهد في مقهى الفندق تشرب قهوتها وعينيها زائغتين وكلمات خالد ترن في رأسها كالرصاص، لتفكربألم :
يالله أهذا ما هي عليه حقا بنظرهم "دخيلة " ؟؟،
دخيلة ... كم تؤلمها الكلمة وكم جرحتها عندما نطق بها خالد ،...يالله يا خالد لما كنت قاسيا لتلك الدرجة و لماذا إخترقت كلماتك قلبي كالسهم ؟؟؟
لقد أرادت من كل قلبها أن تصرخ فيه أنها ليست كذالك ،ليست تلك المتطفلة الدخيلة التي يظنها بل هي منهم ،لحمهم ودمهم ولا تريد منهم سوى حبهم وإهتمامهم بل أن يدعوها هي تحبهم وتهتم بهم أن تتقرب منهم أن تحاول إسعادهم وإعادة تماسكهم ببعضهم البعض والذي مزقه الماضي وشتته الأيام ،
أرادت أن تعلمه أنها ليست أبدا تلك المنحلة التي يعتقدها وأنها رغم جهلها بدينهم وتقاليدهم إلا أنها لم تفرط يوما في نفسها وأن ضعفها يصيبها فقط أمامه وأن...
_ شهد هل أنت بخير ؟؟؟
(إستيقظت من بؤس أفكارها على صوت حازم الذي جلس بجانبها والذي تابع قائلا بقلق :_ لقد أقلقني موظف الإستعلامات عندما أخبرني أن الأنسة شهد بإنتظاري في مقهى الفندق.
(أجابته شهد وهي تحاول أن تبتسم :_ لقد أخبرتك عندما إلتقينا أنني أرغب برؤيتك قبل أن تعود لفرنسا.
(تمعن فيها متفحصا ليقول بهدوء :_ لكنك لم تقولي الليلة كما أنك كنت تبدين سعيدة بعكس الأن.
_أنت محق جد في الأمورأمور.(سكتت قليلا ثم نظرت إليه تبادله نظراته لتسأله بحيرة :_ كيف جئت للمغرب ياحازم وإلى طنجة بالذات هل هي الأعمال حقا من أتت بك أم أنك لحقت بي ؟؟
(قال بصدق أجفلها :_ لم أستطيع إبعادك عن تفكيري لهذا أشفقت علي ياسمين فأخبرتني بخطتكما كما أنها قلقت عليك كثيرا فأنت لم تتصلي بها منذ سفرك .
(غامت عينيها بحزن بعد أن ذكرها حازم بالطريقة التي جاءت بها للمغرب وكيف كانت شجاعة بقرارها وخائفة في نفس الوقت منه لتنظرلحازم الذي كان يتأملها وعينيه تفيضان بالحب مما جعلها تقول بصوت باك :_ أنا أسفة ،أسفة جدا ياحازم لن أستطيع أبدا النظرإليك بالطريقة التي تنظر إلي بها الأن أبدا.
(أجابها بصوت هادئ حزين :_ لحدود الأمس كنت أمل وأحلم لكن عندما تبعتك للمغارة وقفت أراقبكم من بعيد قبل أن أقترب منكم ليسترعي إنتباهي الطريقة التي تنظرين بها لإبن عمك ،كنت تبدين مخطوفة اللب مسحورة وعينيك كانتا تلمعان بطريقة غريبة وعندما إقتربت منكم وعرفتني على أنني صديقك تعمدت الإستئثاربك وتجاهله هو وأختك فكاد أن يمزقني بنظراته لا بل إنني أكاد أقسم لو أن النظرات تقتل لكنت مت وهناك أدركت يا شهد أن دوري إنتهى وأنه حان لي أن أنسحب نهائيا من حياتك.
(كانت عينيها متسعتين على أخرهما كأنها لا تصدق ما تسمعه أوتخشى أن تصدقه ،ففي لحظة عندما بدأ كلامه كان قلبها يتمزق حزنا عليه لكن عندما أنهاه كان نفس القلب بداخلها يرقص ،فهل هوواثق حقا مما قاله أيكون خالد غيور حقا عليها ؟؟،أتكون الغيرة هي سبب إنقلاب ميزاجه في المغارة ؟؟...لكن لا كيف تكون حمقاء هكاذا لتصدق حازم المسكين ؟؟،كيف تصدق أنه يغار عليها بعد كل ما قاله عنها ولها؟؟
(تنهدت بصوت مرتفع لتقول بقسوة وألم :_أنت مخطئ يا حازم فخالد يراني مستهترة أشكل خطرا على أخته التي لا أجرؤ على الإعتراف بأنها أختي أنا أيضا ،يعتبرني دخيلة متطفلة لا يحق لها التواجد بينهم، وإذا حدث وعرف أنني أكون إبنة عمه فلن يتوان عن إتهامي بأنني فعلت كل ما فعلته فقط من أجل الثروة التي تركها لي والدي ،سيظيف إلى سجلي الأسود إهانات جديدة مثل منتهزة فرص والباحثة عن الثروات وربما مخادعة وكاذبة فما رأيك يا حازم هل هكذا يكون رأي رجل في إمرأة قد يكون مهتما لأمرها حقا كما تقول ؟؟. 
(نظرإليها حازم بحيرة ليقول بصدق :_ هل هو أعمى ليعتقدك هكاذا ؟؟؟،...مع ذالك لازلت مصرا يا شهد نظرات خالد إليك وإلي كانت مخيفة .
(أجابته بسخرية :_بالتأكيد ستكون كذالك فظهورك وحديثك معي ثم إنسجامنا معا بعيدا عنهما أكدا له أنني سيئة وقد أفسد أخلاق أميرة .
(حرك رأسه رافضا حديثها ليقول بإصرار:_ أنا لا أعرفه لكنني أستطيع التعرف على الغيرة عندما أراها.
(أشارت شهد بيدها في الهواء لتقول بحدة :_ دعنا منه لا أريد الحديث عنه .
(إبتسم لها ثم غيرالموضوع وبعد عدة دقائق إستأذنت منه مغادرة في حين بقي هو جالسا يفكرفيها وقد إقتنع أخيرا أنها ضاعت منه لصالح إبن عمها خالد المالكي ليتساءل بألم :
ترى مالذي وجدته فيه ولم تجديه في ياشهد؟؟بما فضلته علي؟؟ .
تنهد بحرقة ثم وقف بغية الصعود لغرفته ليتوقف مصدوما عندما لمح غريمه وسيدة فاتنة تتأبط ذراعه بتملك ،
عقد حاجبيه بتفكيره ونظراته لا تزال عليهما وفي تلك اللحظة إبتعد خالد ليتحدث مع موظف الإستقبال في حين إستدارت رفيقته لتلتقي نظراتها بنظراته تفحصا بعضهما برهة من الزمن لتغمزه بوقاحة قبل أن تلتفت عائدة إليه.

رواية *الدخيلة *حيث تعيش القصص. اكتشف الآن