الفصل الرابع والعشرون

Start from the beginning
                                    

ضرب جبينه بخفة وعاد يفكر يائساً كم ان صديقه يحتاج دروس تقوية في التواصل فغمغم يجذبه من قميصه نحوه فيما الأخير يميل برأسه مركزاً معه كأنه سيسرد عليه خطة : " إيفان صديقي ركز ! انت لست ذاهب لتتقدم لها ذاهب لتعتذر لها ... ببساطة كن لطيفاً " .

عقد حاجبيه بغضب ومكث حوالي دقيقة كاملة يشتمه بكل ما يعرف من ألفاظ على ما قال في البداية تعتلي وجنتيه حمرة خفيفة بينما مارك يغمض عينيه بصبر ، إبتعد عنه يتنفس بصعوبة ونهض يتمتم بكلمات مبهمة لم يسمعها مارك ولكنه متأكدٌ انه المقصود وسط شعوذاته تلك فتنهد وعاد يكمل إفطاره وعينه على الثنائي .

شهيتها لم تكن مفتوحةً اليوم لشيء ترغم نفسها على تناول ما بيدها واحياناً تظل ساهية مع الفضوى من حولها ، مكثت تلعب بملعقتها حتى عادت تأكل من حافظة إفطارها الخاصة ليقطع عليها صوت تعرفه جيداً : " صباح الخير ! " .

سعلت بقوة إثر ما سمعت ولم تستدر ناحية من حدثها بل ضربت صدرها عدداً من المرات وشربت من الماء الموضوع امامها تنظر ليمناها ناحية إيفان الجالس مسنداً مرفقه على الطاولة مبتسماً بشكل جعلها تتمنى حمل نفسها والهرب بعيداً .

ظلت تراقبه بأعين متسعة حين جاءها منطلق الملامح ولكن الان كلاهما تلحفا بالصمت جيداً ولم يبادر ايٌ منهما بقول شيء للطرف الاخر ، تنحنح حين اطالت النظر واعرض عنها يرفع رأسه بنفس لهجته المتعالية التي تعودتها غير انه كان يواري بها إرتباكه : " اعلم تماماً انك مشتاقة لي " .

اجفلت مما قال ورمشت في غير مرة لتعقد حاجبيها بضيق حين بدد بكلامه كل ما كانت تعتقد بشأنه من إحتمالات لترخي كتفيها بتنهيدة وتعدل جلوسها صادةً عنه ، اطرق برأسه وهمس دون النظر لها : " لم تكن احداث الايام الاخيرة رائعة " .

دارت بوجهها ناحيته منتظرةً تكملة لحديثه ولم تنبس ببنت شفة : " سأقطع لك وعداً واكون متاحاً لأجلك طول الوقت حتى تسأليني عما تريدين وانا - .. "سكت ولم يكمل لبرهة كان يحدق فيها لأصابع يديه المتشابكة براحة فوق الطاولة وظهرت على شفتيه شبح إبتسامة بعينين ساهيتين غلفتها الذكرى : " وانا اعتذر لكل ما حصل لك وعلى تجاهلي ايضاً " .

كان في ظن ان قول كلمة الإعتذار صعب لأنه لم يعتد على ذلك مطلقاً حتى في طفولته وصباه المليء بالمشاكل ، وكأنما حادث طفلاً صغيراً زاورته الطمأنينة واحس بسكينة غير مألوفة حين تبدلت ملامح شريكته الباهتة لدهشة تلتها بسمة غير مصدقة اشرقت معها من جديد وجعلتها تهز رأسها للجانبين بفرح عائدة إلى ما كانت عليه سابقاً لتبدو له مثل آنيت التي رآها اول مرة تلك السعيدة بلا سبب سعادةً منقطعة النظير .

لم يدرك انه اطال التحديق إلى حين سمعها تهتف بإحراج ناكسةً برأسها : " ماذا هناك ؟ " .

رمش قليلاً قبل ان يقهقه عالياً ويردد لها متنهداً يتكئ على كفه : " فقط النظر إليك مريح يا بلهائي " .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةWhere stories live. Discover now