الفصل الرابع والعشرون

1K 80 78
                                    

( سلاف من جديد ؟ ... وللأبد )









لم يكن بالوقت المثالي مطلقاً ! ذلك العقرب الذي تهيمن على التاسعة صباحاً في توقيتٍ هواءه زمهرير ، إختلاطات متعددة تداهم الصمت الذي يتلحف به مع من في طاولته مطفئين عليه شعلة ذكرى يوم أمس لتجعل تقطيبة تعتليه ما انفك عن حلها متضايقاً الإزعاج في محيطه يداه تحوطان قدحاً ساخناً وكبيراً من القهوة يرتجي من رشفاتها بعض الدفء مهملاً صحن الفطائر الذي جاوره .

اسند ذقنه على كفه متململاً هذه هي عودةٌ شاقة للدراسة بعد غياب اسبوع كامل ولم يكن هناك داعٍ للإطالة خصوصاً انه رآى بأم عينيه سلامة ابيه وامنه في إحدى البقاع .

اشغل نفسه - بمحاولة - الإستماع لمارك الذي يجلس امامه مجاوراً لزميله جامون عل بعض حديثهما يجذبه ليجاريهما ولكن لم يتمكن من معرفة موضوعهما بسبب ضجة الطلاب وخفوت صوتهما والاعجب انهما يسمعان بعضهما ! هل السمع الخارق متوافر ايضاً لذوي الذكاء الدراسي ؟ .

وبغض النظر عن هذا كله ! كان اجمل شيء في جامون هو عدم تمتعه بالفضول ، لو تغيبت عنه لسنة كاملة سيسأل عن حالك فقط غير مهتم بسماع التفاصيل ولعل هذا ما جعل مارك يتقبل شخصه الغريب كزميلٍ له إذ انه غير مضطر ان يقلب اوراق ماضيه امامه ما دام يعتبر حياة مرافقه شيئاً لا يخصه .

إنتهى الحديث الذي كان يجمعهما لفترة قصيرة عاد كّلٌ منهما للتحديق في طبقه ليتنهد إيفان ويتلفت بقزحيتيه في الارجاء يراقب سير الطبيعة النشيط هنا في وقت الإستراحة معدود الدقائق حتى لفت جامون إنتباهه حين ترك ملعقته ورفع يده ليبدأ بلي اصابعه وفرقعتها بنفس الطريقة المؤلمة التي جعلت إيفان يرتعش ويقبض على يديه مستنكراً ما يرى غافلاً عن نداءات مارك له ليزفر الاخير ويمد جسده ضارباً جبهته للفت إنتباهه الضائع منه وسط تحديقه الابله بجامون الذي عاد ليكمل إفطاره .

نظر إيفان له عاقداً حاجبيه يتتبع سبابة مارك حين اشار بها لإحدى الإتجاهات نحو طاولةٍ طويلةٍ فارغة إلا من مجموعة توسطوا مقدمتها غير ان مارك لم يكن يوجه يده نحوهم بل اخفضها سريعاً حين وقع بصر إيفان على ضالته وهي فتاة تجلس منعزلة عن الجميع تتناول إفطارها بسكات فعاد يطالع في مارك متسائلاً ليقلب هو عينيه ويتمتم : " إنها آنيت ايها الاحمق " .

رفع حاجبيه دون ان يمحي البلادة وعدم الفهم عن ملامحه فتنهد مارك ومال بجسده عبر الطاولة ليصله هامساً : " ألا ترى ان الامر زاد عن حده ؟ لماذا تحتكر الحقيقة لك وتتملكها ؟ من الرائع ان الفتاة لم تجن إلى الان مما قاسته فكيف بك تثقل عليها بالحيرة والخوف ،، لقد إرتحت الان إيفان اما هي فلا ! لتعرف انها كانت ضحيةً ايضاً ناهيك عن ان تعاملك معها في الايام الاخيرة قد ساء " .

اخفض إيفان رأسه وحك شعره بتوتر غريب يغمض عينه اليسرى وينظر ناحية آنيت في تردد واضح فيما هي توليهم ظهرها جاهلةً عن كل شيء ، لم يرد على مارك فسكوته ارضى الاخير وجعله يعدل جلسته منتظراً مبادرته للذهاب غير ان إيفان ادار جسده فقط واخرج من اسفل الطاولة قدميه اللتان تمران بحالة تعصب وتناقض عجيب . نظر لمارك أخيراً وسأل بخفوت وتوجس : " ماذا افعل ؟ " .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةWhere stories live. Discover now