الفصل الثالث عشر

1.2K 98 102
                                    

( بعيداً عن ثراك يا وطن ) -٢-

# zedd

أصدر المحرك صوتاً حين لامسته بمنشفتي الخشنة ومن غير أن أعلم هب دخان أسود منه برائحة الزيت وكتمني لأتراجع عنه مختنقاً أسعل بشدة وقد إحمرت عيناي نتيجة لذلك .

مسحت سواد الزيت اللزج العالق في وجهي متضايقاً و يائساً منه ومن إصلاحه فأغلقت مقدمة السيارة وجلست عليها أفرق بين قدمي بإنتظار منقذي والذي على الأرجح لن يأتي أرثي على حظي العاثر اليوم .

كنت لم أبلغ المخرج من الحي حتى إلا وقد تعطلت سيارتي لذا لا أظن أحدهم بعابرٍ من هنا ولازلت أشعر بالإحراج من طرق أبواب الجيران لمساعدتي ، أخرجت هاتفي ونظرت إليه مفكراً في صديقي ( جوناثان ) هل أطلبه هو ليأتي من أجل إصطحابي إلى العمل ؟ .

غيرت رأيي بعدها في نفس اللحظة التي أضاء فيها ظهري من الخلف وإمتد ظلي وظل سيارتي بشكل طولي للأمام لأستدير بسرعة حين رأيت سيارة متوقفة بقربي تصدر أصواتاً من محركها القديم وتهتز ليتصاعد منها البخار الأسود .

كنت لأشعر بالفرح ولكن معرفتي لسائقها الخبيث قتلتني من الغيض ، من بين جميع الناس ظهر هو لي ؟ .

تقدم بسيارته نحو مكان وقوفي وأنزل زجاج نافذته ليظهر وجهه الخمسيني الأسمر ويستبين لي قصر قامته الجالسة على المقعد بملابسه الزرقاء الباهتة تماماً وقبعته التي تغطي شعره الممتلئ بالشيب .

علق مبدياً دهشته وهو يمد رقبته من نافذته : " أوه زيد ماذا أرى ؟ تعطلت سيارتك ... لحسن الحظ أني ظهرت بإمكاني المساعدة " .

زفرت الهواء من فمي ضجراً منه ليس وكأنني أعرف مدى إستغلاليته ولكن لطفه أثار إستغرابي القليل ، حركت قدمي راغباً في الركوب بجواره حتى قاطعني صوته البغيض المستفز حين إرتدى نظارته السوداء ورفع أنفه بإنتقاد لتصرفي : " لا ، لا إلى أين أنت ذاهب ؟ ركوبك بجانبي قمة الوقاحة يا زيد إبن الحداد ، يجب أن تقوم بشيء في المقابل ألا وهو أن تقود أنت وتوصلني لعملي " .

توسعت عيناي بقوة لدى مطلبه وصمتي الذي طال جعله يزفر قائلاً بتصنع : " لست تقبل عرضي إذاً ! أسف بني لأنك ستتأخر اليوم أنت من رفض القيادة رداً على جميلي لإعطائك السيارة " .

ولكن أقبلت عليه مسرعاً أمسك بمقبض الباب لامحاً إبتسامته المنتصرة من طرف عيني وهو ينقل جسده لمقعد الراكب .

إستقريت بجوار العجوز ( جون ) أراه يمدد جسده مرتاحاً و يشبك أصابع يديه فوق رأسه في حين أنا هنا علي قطع مسافة طويلة لأطراف المدينة لأقله حيث مصنعه المتهالك ذاك ثم أعود للمركز البعيد عنه يالي من بائس حظ .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةWhere stories live. Discover now