الفصل الرابع عشر

1.1K 91 104
                                    

( رغم أنها نفس السماء )


مشاهد الحدائق الغناء والأرصفة الحجرية الممتدة على طول الطريق حائلةً بين القائدين وتصاميم المنازل الدائرية والمثلثية الأسقف بألوانها المبهرجة وبعض القبب التي تعتلي نواصيها ، كانت لتكون لوحة بانورامية مذهلة وخلابة لأي سائح ولكن بعين إيفان المغترب كانت شيئاً أخر لم يخفف عنه رهبته ونفوره من المكان .

مكث يراقب المشاة ، الكشكات التي تعارضهم ، والمحلات ، لم ينفك عن وضع عينه على كل شيء غريب وجديد عليه يقارن هذا البلد بسلاف المختلفة عنه بمئة وثمانين درجة .

سلاف ! تلك الأرض المحشورة بين غابات كثيفة أغلب حدودها ريفية التطور عندهم كان محدوداً وبسيطاً لم يألف لا هو ولا من معه كل هذا الصخب والإحتشاد المهول ، فالطبع جميع سكان موسكو يستغلون هذه الأيام المعتدلة بالنزهات قبل حلول الشتاء الدائم لخمسة شهور قارسة وعصيبة .

سمع ليونيد يحادث والده بإبتسامة وقد إنشرح صدره وإرتاح بعد رحلته الكارثية في الطائرة والتي لم يصدق أنه فارقها الأن .

والده كان هادئاً بشوشاً كما عادته لم يبدو عليه أي توجس من القادم كما مارك الجالس بجانبه ساكناً ، ومما يبدو أن إيفان وحده من ضخم الموضوع وأتعب نفسيته .

أزاح رأسه عن النافذة الزجاجية وراقب ليونيد يمعن النظر في أوراقه عاقداً حاجبيه : " أجهل كيف وبأي طريقة سأختصر كل هذا في الإجتماع غداً "

تحدث عن تقريرهما هو وألكساندر الذي سيلقى على الأعلام المهمة في الجهاز الأمني ، قلب إيفان عينيه بضجر وأعاد النظر لما خلف زجاج السيارة ليلتقط مسمعه صوت والده يجيب : " سننظر بشأن الإجتماع لاحقاً والذي بالمناسبة سأطالب بتأجيله " .

رفع ليونيد حاجبيه بعجب وتسائل عن السبب ليأتيه الرد من ألكساندر الذي نظر لإيفان ومارك : " لن أباشر العمل حتى يستقر الولدان في الثانوية " .

: " لا زلنا في بداية الفصل الدراسي على ما أظن ! " .

: " أجل وكلما عجلت بالأمر كلما كان أفضل ، لقد جاء قرار السفر سريعاً لم أضبط أوضاعهما جيداً قبل الرحيل " .

هز ليونيد كتفيه وأجاب : " كما تريد فأنا بصراحة لست متحمساً لهذا اللقاء ! " .

قال وتراجع بجسده ليريحه على المقعد ويترك أوراقه جانباً ، حين إستدار ناحية إيفان ومارك تذكر شيئاً ومال لألكساندر الجالس في يسراه هامساً بخفوت : " أعذرني ولكن من يكون ذاك الشاب بجانب إبنك ؟! " .

رفع ألكساندر رأسه وحدق به جيداً لبرهة من الزمن قبل أن يبتسم مرغماً ويرد بنفس الصوت الخفيض : " إبن صديق .." .

رغم فضول ليونيد بشأن هذا الصديق أين ومن هو ؟ إلا أنه فضل الصمت بعد رؤيته لتعابير وجه ألكساندر ومقلتاه الشاخصتان بعيداً ، هيمن بعدها الصمت عليهم وماثلوا السائق القحم في سكونه المريب وشكله الذي قد يخيف الراكب لبلوغه من العمر الشيء الكثير إلا أن ندوب السنون لم تبدو عليه .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةOn viuen les histories. Descobreix ara