الفصل السابع عشر

1.1K 90 102
                                    

( الهارب / حامل الراية ) -١-






ما هو سوى غبش الليل في صفحة سمائهم يعلن بإنقشاع الظلمة تدريجياً وبداية طلوع شمس اليوم التالي ... وقف بعد ركضه السريع يسند راحتيه على ركبتيه لاهثاً وإستقام بعدها مزيحاً قبعة سترته عن رأسه ليظهر شعره البني الداكن الرطب والملتصق بجبينه جراء عدوه القاسي قبل قليل .

حمل مفاتيحه من جيبه وحركها داخل قفل باب من الشبك الحديدي ليدلف بعدها ينفث من فمه لبرودة الجو ويحكم غلق الباب خلفه .

المنشأة ساكنة تماماً والحرس الليليون خلدوا للنوم في الغرف الحصينة ليأتي دورهم هم الأن ، تنهد وسار مسدلاً ذراعيه على جانبيه ناحية البوابة يتخطى أرض الساحة الترابية ليستوقفه نداء قادم من يسراه : " فيرناندو ! " .

توقف عن المسير ونظر حيث كان صديقه هنري يلوح له ويخطو ناحيته حتى بلغه وردد له باسماً : " صباح الخير ! " .

أومأ له بشبح إبتسامة وهو يضيق عينيه وتابع المسير برفقته هو الذي آثر الصمت وتتبعه حتى إفترقا كل إلى وجهته .

ربع ساعة فقط حتى عاد إليه هنري ليراه قد سحب كرسيه وجاور النافذة علقت سيجارته بين شفتيه الطرية ينفث منها ببطء حتى رفع حاجبيه حين تنبه له وحادثه متهكماً : " ماذا ؟ تريد الوشاية بي ؟ " .

هز رأسه يائساً ومشى ليجلس مقابلاً له بسكات فيما فيرناند أبى بعدها أن يزحزح عينيه عن النافذة يفكر بأخر يومين شهدوها في سلاف من تغيرات حتى في العسكرية ... شيئاً فشيئاً سلاف بدأت تعود كما كانت قامت العمارات المهمة وعاد تشييد وترميم بعض المدارس ليبدأ الطلاب بالإستعداد للدوام فيها في غضون أسابيع .

حثوا مواطنيهم يوم أمس على التطوع وها هم هنا في المنشأة يستقبلون الأفراد الراغبين في العمل كجنود وقد سقط بند أن يكون الرجل خريج من الكلية العسكرية فمن الضرورة عليهم الأن البدء في تحصين أنفسهم ورفع عتادهم .

أطفئ سيجارته وعدل من وضع كرسيه ليسند مرفقيه على المكتب سامعاً هنري يقول بهدوء له مقطب الحاجبين : " لم تكن معنا في المطار يوم رحيل ألكساندر ماذا شغلك ؟ " .

همهم محركاً القلم بشكل دائري وأجاب بلهجة بسيطة : " بعض الأشغال ومن ثم ودعته قبلكم جميعاً وأيضاً أرسلت له بضع رسائل على بريده ولم يبدو أنه تفقدها ! " .

حك هنري رأسه بعدها بحيرة ليقف فيرناند معدلاً هندامه بسخط متمتماً يغير دفة الحديث : " وكأنني القائد العسكري الوحيد هنا ! ألم يجدوا غيري للإشراف على المتطوعين ؟ " .

: " رغم صغر سنك إلا أنك أعنفنا وتستحق هكذا مهمة فقط تأكد من حمل حبوب الكالسيوم معك أعصابك لن تحتمل " ردد له هنري ضاحكاً وهو يحرك كرسيه للأمام والخلف متمتعاً بتجهم وجه رفيقه الذي سفهه ومشى خارجاً بضيق ليبلغ مكان تجمع المتطوعين اليومي .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن