الفصل الثالث والعشرون

980 74 159
                                    

( اخر وقفة / بداية العد التنازلي )







بدأ مصباحه الصغير يومض في يده حتى إنطفأ ليدفع بجسده للأمام في حنق ويضرب عليه بخفة عله يعمل تاركاً الورقة التي كان يتفحصها في ظلمة الغرفة . وحدهما البرودة والظلام إجتمعا عليه هناك وبالرغم من حرصه على تدفئة نفسه لازال يحس بالصقيع ويسمع القطرات المطرية تنزل من حواف ملجئه الخشبي وتقع على عتبات بابه المتهالك .

نفث وفرك يديه رامياً ماكان بحوزته وعاد يحكم غطاءه ويستلقي على الارضية الخشبية مغمضاً عينيه بعد تركيز طويل في الباب ، وحين اصبح على مشارف النوم فُتح أخيراً واطل رجل ضخم الجثة عاقد الحاجبين يرتدي ملابساً بالغة الغلضة بيده اليمنى أكياسٌ بلاستيكية .

نهض بتكاسل وفرك عينه في حين ضيفه ضيق عينيه من ظلمة المكان وافرغ أكياسه مخرجاً بعض الشموع بدأ يسير بها في انحاء الغرفة مضيئاً إياها .

: " إلى متى سنبقى هنا ؟ " سمع تساؤله الخامل وحملق فيه لبعض الوقت قبل أن يجيب بصوته الثخين : " حتى الصباح ربما ! ولا تفرح ورائنا عمل شاق بمجرد إنطلاقنا لنقطة التجمع " .

اومأ له وكأنه يدرك الوضع جيداً ليعود مجدداً ويستلقي بنية النوم ولكن صاحبه الضخم جاء وركله لينتفض الاخير ويزمجر بغل : " ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟ " .

: " تنام وكأنني اعمل لديك لكي أحرسك ! قم هيا المنطقة مكشوفة للعدو قد نراهم فوق رؤوسنا بأي لحظة " .

شتمه بهمس عدة مرات وعدل وضع جلوسه يضرب برأسه في الجدار خلفه فيما رفيقه جاوره مخرجاً أسلحته ليبدأ بتنظيف فوهاتها مستعملاً منديلاً قماشي ابيضَ صغير ويتنبه لتلك الورقة المرمية بإهمال امامه ليتناولها فاحصاً حين كتبت حذواتها ورُسمت بخط اليد : " كنت اراجع الإستراتيجية والجدول الزمني " .

نظر إليه حين حادثه وهمهم متفهماً يخفضها ويعود لعمله قائلاً بشبح إبتسامة : " بذلوا جهوداً كبيرة للتخطيط لديهم امل بكونها اقوى ضربة على سلاف يؤسفني انه سيتم خذلانهم لاحقاً " .

قهقه مستشفياً وتنهد رافعاً يديه على رأسه وامال به ناحية شريكه : " سيرجي ومن معه مجانين رسمياً ولكن للحق تفكيرهم مثير للإعجاب امل ان يسير كل شيء على ما يرام " .

: " وتنتهي هذه المهزلة " اضاف بعده عاقداً حاجبيه بجدية فيما رفيقه حافظ على إبتسامته الخفيفة تلك وربت على كتفه ليقول بعدها يتودده بلهجة بائسة : " أستطيع النوم الان ؟ قليل من الوقت ارجوك ! " .

حول ببصره نحوه وقلب عينيه في ضجر ليومأ له بعد صمت عابساً ويصفق الاخير بيديه مستلقياً يشكره بحرارة ، سخر منه دافعاً قدمه بقوة بينما ضحك شريكه بخفة واراح رأسه على ذراعه يغمض عينيه باسماً دون ان ينسى تقريب مسدسه الفضي بجواره تحسباً لأي طارئ .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةWhere stories live. Discover now