الفصل الأول

Start from the beginning
                                    

قطع أحاديثنا مجيء إبني إيفان ، جلس لاهثاً بجانبي وهو يضحك وتبعه مارك الذي أتخذ مجلساً له بجانب والده . تبادلا الحديث والإحتجاج للحظات كان واضحاً فيها ضيق مارك من إيفان الذي ظل يضحك عليه بشماتة متقصداً لعبه الرديء بالتنس، ليقول نيكولاي بعدها وهو ينهض معدلاً هندامه : " هيا مارك سنعود للبيت " .

نظرت لإبني إيفان الذي أبدا الاعتراض وهو يعقد حاجبيه : " ماذا ؟ لا ، أبقوا معنا أطول رجاءً " .

تمتمت بعدها وانا أنظر لوجهه بتقطيبة : " نحن أيضاً سنعود إيفان لا يمكن أن نبقى ، لديك مدرسة غداً وانا لي عمل " .

تأفف ونهض ماشياً للسيارة بتذمر بعد أن ودع مارك في طريقه ، ونهضت تبعاً لذلك ولملمت أغراضي ... غادر نيكولاي بإبنه منذ دقائق وبقيت أنا وإيفان في المكان .. وضعت حقيبتي الزرقاء القاتمة في السيارة وانا أسرق نظراتٍ لإبني إيفان الذي جلس في المقدمة عاقداً ذراعيه وقد بدل ملابسه وحذائه الرياضي وارتدى ملابس أخرى أكثر دفئاً ، جلست بجواره وشغلت المحرك وقدت السيارة بسلاسة .

قلت بعد لحظات من الصمت بدون أن أشيح ببصري عن الطريق : " بالمناسبة إيفان ، غداً لدي الكثير من الأعمال في القاعدة العسكرية ، تعرف ! تدريبات الجنود والاجتماعات الكثيرة وما إلا ذلك... لذا قد لا أعود مبكراً " .

نظرت لإيفان في أخر كلامي ، لأراه وقد أختفى البرود الظاهر على وجهه ونظر لي بخيبة : " أوه لا ..هذا يعني أني سأبقى في البيت وحيداً ؟! " .

أجبته ببساطة : " إن كنت خائفاً أيها الطفل ، بإمكانك العودة من المدرسة لمنزل مارك ووالده وسأتي لإصطحابك في طريق عودتي " .

نفخ إيفان وجنتيه ورد عليَ بإمتعاض : "لستُ طفلاً ، ولا أحتاج أحداً معي .. سأبقى لوحدي ".

ابتسمت ولم ارد وحولت بصري للطريق وتابعت القيادة إلى أن وصلنا لمنزلنا ، القابع في إحدى الأحياء المتمدنة وحوله البيوت قليلة مما يضفي الهدوء والأجواء المهيبة أحياناً ، الجو ضبابي وغائم بعض الشيء ومن الصعب تحديد إن كان الوقت عصراً او ظهراً ولكننا الأن في وقت الغروب وقل المشاة على الأرصفة .

نزل إيفان بعد أن اوقفت السيارة وحمل حقيبته على كتفه وركض للمنزل ...وتبعته بعدها ودخلت... أغلقت الباب وتركت حقيبتي على المنضدة الخشبية المطلية باللون البني بينما جلستُ وأجريت مُحادثةً سريعة مع زميلٍ لي في العمل ...توجهت بعدها لغرفة إيفان مفتوحة الباب لأجده مستلقي على سريره بعد أن خلع سترته ورمى حذائيه بفوضوية ، كان يغطي وجهه بالوسادة فأقتربت لأزيحها عنه واجده نائماً !!.

قهقهت ضاحكاً بخفة وانا أغطيه واربت على شعره الأشقر المتناثر بفوضوية على وجهه .. وتركته بعدها ليرتاح .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

6:34 AM

...

مددت جسدي على السرير قليلاً لأستعيد نشاطي ومن ثم نهضت لحمام غرفتي متجاهلاً النغزات المؤلمة في صدري .. وقفت أمام مرآتي ونظرت لوجهي بشرود اليوم بالذات يراودني إحساس غريب وأحس بكآبة غير مألوفة ... مابي ؟! عادت ذاكرتي مستعيدةً أياماً سوداويةً ماضية مرت علينا نحنُ سكان سلاف جعلتني أتنهد بقوة وانحني لأغسل وجهي متجاهلاً وساوسي وقلقي .

بعد دقائق خرجت وانا اجفف شعري وذهبت لخزانتي لأخرج بدلتي العسكرية ،قماشها غليظ ذات لون كحلي يميز القادة وزخارف ملكية بلون ذهبي عليها شاراتي من جهة المنكبين.

سمعت فجأة صوت إيفان الصاخب من خارج الغرفة تلاها إنفتاح الباب بقوة ليظهر لي مرتدياً حقيبته على كتفه واضعاً قبعة حمراء على شعره الأشقر الغامق : " تأخرت ! " .

هززت له رأسي وتمتمت وأنا ادفعه للخروج : " إنتظر قليلاً حتى اوافيك في الخارج " .

أطلق زفيراً متذمراً ونزل لأغلق الباب وأذهب لتبديل ملابسي بسرعة ..

........

: "هل أنت بخير ؟! ".

أخرجني من شرودي سماعي لصوت إيفان لأنظر له بإستفهام ويردد في تعجب من حالتي : "لقد تخطينا المدرسة ! ".

عقدت حاجباي وركزت في الطريق بإضطراب ، لأرى أنه بالفعل قد ابتعدنا عن مدرسته ، نظرت لإيفان ولمحتُ القلق مرتسماً على وجهه ، لابد وأن هذا واضح كنت أحرك إصبعي الإبهام على المقود بتوتر وقزحية عيناي تتحرك هنا وهناك بضياع ، لا أدري ماذا أصابني .

إستدرت بالسيارة وعدت بطريقي للمدرسة وإيفان لم يتكلم بل كان فقد ينظر لي ويقرأ تحركاتي ولا شك أنه لاحظ غرابة طباعي اليوم ، وصلنا للبوابة حيث كان هناك الطلبة القلة ممن وصلوا وعبروها .

فتح إيفان الباب ونظر لي قبل خروجه : " هل ستكون بخير ؟ ، ما بك ؟ " .

قلت مخففاً عنه بإبتسامة جاهدت أن تظهر طبيعية على محياي : "لا عليك ليس بالأمر المهم ، سأكون بخير " .

هز رأسه وبدى على وجهه عدم الرضى والاقتناع و كأنه لم يُرد النزول . أغلق الباب ودخل عبر البوابة فيما بقيت وحدي هُنا .. مددت يدي اليمنى وشعثت شعري الأشقر وعينايّ مثبتتان بسهوم على زجاج النافذة إلى أن قررت الذهاب من هنا وتحركتُ قائداً سيارتي للقاعدة بسرعة معتدلة ..









[ ثورتين ورجل واحد ]

~~~~~~~~~~~~~~~~~~

مرحبا جميعاً ، اول رواية أنشرها على الواتباد راجية من الله أن اوفق في إكمالها وأن تنال إعجابكم ♡~ .

Crossings Into The Abyss | معابرٌ إلى الهاويةWhere stories live. Discover now