27.بُذور نَبتت واستحَلت

603 39 41
                                    

أنا ظِل، كَبر وتمدد  فَوق الجُدران،  تَغذى قسوة الشَمس وهجرتهُ ظُلمة الليالي ،ظلله غسق هزيل لا يؤول لمساء ولا يهلل لصباح،  روحي ترتعش لهذه الريح الذي تثأر بقسوة في أوردتي،  يصرخ هبوبها غاضباً مني

مُسافر بلا وجهةِ، خَريف طَويل بلا أمل لِشتاء قريب، خَيبات تتساقط من عُيوني بِنهم لا يَنقضي، مالذي سَيبقى؟ إن أندثر كل وَرق الخَريف وتكدست أوراقهُ يَتسائل: إلى متى سَيعصف الريح به؟

آه يا مُمَزقي

لقد مرَّ وقت طويل حقاً

قال ماركوس،  فحدقتُ في وجهه يِحمل الحقائب في السيارة

بل إنه عُمر كل العمر

جلستُ أشعل سِجارتي ولا أتوقف عن التَحديق في  السماء،  أتنفس مُسترِقاً رائحة لافال ، هذه المدينة الذي ترحلتُ عنها تارِكاً كُلي

إلى أين؟
جلس بِجانبي يقول فَنفثت دُخان سِجارتي  لأن الفِكرة تذبح خلايا عَقلي ولِساني

القصَر

فجنوني يَصرخ ووجه والدي الميت نِشوتي التي فتشت عنها طِوال السنوات المريرة التي مَضت ، وجهه المُبتئس اللعين
شاحب ، أمنيتي كل ليلة فكيف سأُفرِط بها الآن؟

آهٍ ، كم أبدو ممتلئ بالشفقة نَحو كل الأشياء التي جابهتها فبدلاً من أن أعيش الحياة لقد عشتُ مَوت قَضى على أوردة بقائي ووحدكَ الذي بَقيت

غادرتُ هذهِ الأرض والثلج يَتساقط وها هي قَدماي تِحط فوقها مجدداً أرقب ورَق الخَريف يَجوب السماء مع هُبوب الريح

هذا القصر جُدرانه وشَبابيكهُ كُل شيء يَبدو في هَيئته ،
ورأيت حلما خرجت من السيارة صَف الحَرس والخَدم أمام الباب في مَشهد لإستقبالي فارتَاد وجهي بُرودي المُعتاد ، أشعر بالعيون كُلها تَسير فوق كَياني وأسيرُ بلا مُبالة إلى دَواخل القصر حيثُ رائِحة الذِكرى غَرس عَميق في عقلي يَصيح الآن

خَاوٍ

ليس الآن فقط،  بل من اللحظة التي خَرجت أمي من باب هذا القصر كَجُثة ، ولم يَحفل بشيء أبداً إلا من مَلمس حبيبي،  من رائِحته التي غَمَّمت رائحة البُؤس وانتشرت بين لَوحاتي ووسائِدي

هللتَ سيدي
أنحنتُ أمامي رئِيسة الخَدم حينما دلفتُ الصالة،  ورأيتُ ووجها الذي تَغير إثر الزمن ، هززت رأسي بِصمتي الظاهر أحدقُ بالصَّالة الفَارِغة

وجالتْ أطرافُ أصَابعي فوق البِيانو الأبيض الذي لم تَعد العجوز ماري تعزف فَوقه حيثُ مَاتت مُنذ ثلاث سَنوات ولم يبقى في هذا القَصر سِوى والدي

نورُ النفقِ |TKWhere stories live. Discover now