2.مَخاضٌ جديد

1.9K 99 145
                                    

إنهُ السَوادُ...
شيءٌ عَظيمٌ هذا السَواد الذي يحيطُ بي ، أنه يُقيدني فأصبحُ أبكماً أصماً يريدُ أن يسمعَ صُراخ نفسه ، إنني مكبلٌ دون قيود أركضُ بحركة مشلولة فاغدو جثةً باردة على سريرِ الليل .

ألا يتعب القمر من سواد الليل ؟
عجيبٌ هذا القمرُ كيف يقاتلُ سوادَ الليل وُحدهُ .

أخبرني أيها الربْ هل يكون المُوت نعمةٌ ؟ إذا كان نعمةٌ يارب فلماذا نعيش ؟

أنا الفكرةُ الوحيدةُ في عَالمي ، الشيءُ الوحيدُ المجهولُ ، والمعادلةُ الصعبةُ التي قيمتُها صٍفراً انا ذلك النَجم الذي يقبعُ في حاشيةِ السماء ، فلا احدَ يلحظهُ ولا أحد يتأملهُ ، ملامحي السوداءَ هذه تُدنس كُل المرايا التي أقفُ أمامها فتصبح رماديةً قاحلة ، و لا أعلم حتى هل تُطهرني المياهُ التي استحم بها ، أم أُدنسها ؟

استمرت الحياةُ بِصفعي حتى جَعلتْني مُطيعاً يأبى فِراقها ، جبان لا يقوى على تخليص نفسه من حياته ...

أتسائلُ ما فائدةُ الحياة وأرواحُنا مسلوبةٌ، أجسادنا مرهقةُ وعيوننا نبعٌ يفيضُ في كل مرةٍ نواجهُ فيها صفعةً جديدةً من يد الحَياة ، لِم أتمسكُ بجسدي في كل مرة اقرر ترك هذا العالم ؟ ما الأمر العظيم الذي يدفعني كُل مرة للتراجعِ؟
هل عندما أكبرُ سأبقى بائساً هكذا ؟ أم ستجعلني الحياةُ شخصاً أفضل؟ هل أسلمُ نفسي للحياة وأنا لا أثق أصلاً بحاضرها ! فكيف أثقُ بِمُستقبلها؟

أستيقظتُ على ألمٍ عَظيم يفتكُ معدتي ، إنه الجوعُ هذا الألم أعلَمه جيداً، لقد درسته في كل سنوات حياتي تدربتُ عليه لليالٍ طويلةٍ ، ولم أعتادَ عليه بعد ...

حملتُ جسديَ الهزيلُ هذا ،أشعرُ بثقلِ رأسي يسحَبُني للخلفِ الغرفةُ تدور والبابُ يتراقصُ يميناً ويساراً ، أُُمسك جَبيني فلا أريدُ أن افقد وعيي بسببِ الجُوع، هذا مخزيٍ حَقاً ...

بعد دقائقٍ من الدوار استطعت تمالُك نفسي ؛ لأنزلَ درج بيتي المهترء ، بيتي الصغير الذي تُضيئه الشمعةٌ القصيرة ، بيتي وجحيمي لعنتي الأبدية ، وصلتُ المطبخ افتحُ الخزائن أبحثُ عن أي شيء ولم أجد سوا جرذٍ مُتعفن في حاشية الدُولاب ، أنا جائع أنا أموت

تايهيونق

كان هذا الصُوتُ أُمي

ماذا تفعل؟
رأيتُها تعكِفُ حاجبها وتستندُ على بابِ المَطبخِ

لا شيء جئتُ لأغسلَ يدايَ مياهُ الحمام بادرةٌ.

نورُ النفقِ |TKWhere stories live. Discover now