27: شبح الماضي

Start from the beginning
                                    

رفعت الستار عن خضراوتيها بعدما أتمت صلواتها بإخلاص وما زالت تحتضن أناملها المتشابكة عند صدرها

"لنذهب صغيرتي"

التفت تنظر للمرأة الجميلة ذات الابتسامة العذبة و الصوت الحنون فابتسمت نحوها بحب مستقيمة بدورها ثم سارتا خلف الحشد الكبير الذي يغادر الكنيسة بقلوب أخف ثقلا و هموما أقل وزنا و تأثيرا

ككل يوم أحد اعتادت فيه زيارة الكنيسة رفقة والدتها وشقيقها، بغض النظر عن كون هذا الأخير أضحى شقيا ومتمردا يرفض كل ما يقدم إليه فتركاه يصارع مراهقته الحادة في أمل أن يتجاوز هذه الفترة الصعبة سريعا

"أصبحت تستغرقين وقت طويلا في الدعاء مؤخرا، هل قلب فتاتي أصبح محتلا يا ترى؟"

التقطت ذات أعين الربيع نبرة والدتها المشاغبة ولم تخفى عليها غمزاتها المراوغة وضحكتها العريضة فقلبت عينيها مستنكرة المعنى المضمور بحروفها لتحتج بملامح ممتعضة :

" يعع ماما، لن يحدث ذلك أبدا، مستحيل"

"هل تنوين احتلال منزلي للأبد أيتها الشقية؟"

"أجل منزلك، مطبخك، البيانو خاصتك كل شيء، من يدري ربما زوجك أيضا"

"جديا إيما؟ ألم تشعري بالانجذاب لأحدهم يوما؟ ولا مرة واحدة؟"

"ماما ما زلت في السابعة عشر"

انتحبت الصغرى ترمق والدتها بذهول، دائما تسألها عن ذات الأشياء و تحدق بها بمكر بينما هي صادقة تماما، خافقها لم ينحني يوما لأي مخلوق بشري عكس صديقاتها بالمدرسة التي لا تخلو أحاديثهن عن علاقات عابرة وفتيان شديدي الوسامة

"وماذا في ذلك؟ لقد أغرمت لأول مرة وأنا في الرابعة عشر من عمري"

"هذه أنت ماما أما أنا فقلبي ممتلئ بالفعل، أحيانا أشعر أنه يكاد يفيض حبا"

"حقا؟ من يكون؟ هل أعرفه؟ زميلك بالمدرسة؟ لا تقولي أنه ابن جارتنا الذي يراقبك من الشرفة دائما؟"

قهقت الشابة الصغيرة باستمتاع ثم أسرعت بخطواتها لتعكس اتجاه جسدها فيضحى وجهها مقابلا لوجه والدتها المصدوم وظهرها معاكسا للشارع

"لا تركضي ماما ستتعبين"

ذكرت المرأة الأنيقة بمرض قلبها ووجوب توخي الحذر بعد آخر عملية قامت بها والتي لم يمضي عليها الكثير فعبست تحتج على بخل طفلتها و استمرارها في زرع جذور الفضول والحماس في قلبها دائما

"لا تجعليني أركض إذا وأخبريني، هيا !!"

كانت التعابير التي تصنعها جولييت لطيفة للغاية، أحيانا تتساءل إيما ما إن كانت تتبادل الأرواح مع أمها من حين لآخر، فأحيانا تصبح المرأة كمراهقة نشيطة بينما الشابة الصغيرة تراقب تصرفاتها الجنونية بهدوء تام

جيون جونغكوك: سجن الغرابWhere stories live. Discover now