اافصل التاسع والعشرون

213 15 2
                                    


انصرف سريعًا ليذهب إليها ، فهو يعلم أنها ستفيق بعد قليل
كالمرة الماضية ، ليتسمر عند رؤيته لهذا الشخص الكريه جالس بجانبها ويمسد على شعرها ، تصلب جسده ونفرت عروقه بدماء الغضب وهو يرى قربه من نور بهذه الطريقة اتجه في عاصفة غاضبة وفتح الباب بقوة ليقف موجها نظرة كره إليه جز على أسنانه وهو يرى ابتسامته الكريهة تلمع على شفتيه .
ابتسم بسخرية شديدة وهو يرى نظرة الكره المطلة من عيني ياسين ليسخر من نفسه ، ابنتك تزوجت من هذا الشاب الذي لا تطيق وجوده ، هتف صوت داخله لنتخلص منه حافظ قام من مكانه ليقف أمام ياسين والابتسامة الخبيثة تلمع على شفتيه : ابتعد حتى أذهب فأنا لا أحبذ رؤيتك وأكرهك كما تكرهني ولكني جئت لأطمئن عليها .
ابتسم ياسين بتهكم وهو يبتعد عن طريقة ليخرجا الاثنان من الغرفة ويغلق ياسين الباب ، حتى لا تسمع نور حديثهما إذا استيقظت : ولماذا لم تطمئن على المسكين الذي سيموت بسببك ، أم أنك لا تبالي به
اتسعت ابتسامة حافظ : إذن لقد أخبرك بالعداوة بيننا .
نظر له ياسين متفحصًا ليكمل : عجيب عمر ، استأمنك على سر من أسراره الكثيرة التي لا يخبر بها أحد ألهذا الحد يثق بك ؟
ظهر الغضب جليًا على وجه ياسين : إذن انت من وراء الحادثة بالفعل .
نظر له وابتسم ليكمل وكأنه لم يستمع إلى ياسين : وهل أخبرك بباقي الأسرار ، أم اكتفى بهذه العداوة القائمة بيننا ؟
نظر له ياسين بكره ليقول بحزم : لا تأتي إلى هنا ثانيةً وانسى أن لك ابنة أخ ، هي الآن زوجتي ولا أريدك أن تقترب منها ، واعلم جيدًا أنني لن أنسى ثأري أبدًا ولن أنسى ثأر عمر أيضًا .
ضحك بتهكم : إذن لم يخبرك عمر بشأنها ؟
ضاقت عينا ياسين ليكمل الآخر : نصيحتي أن تنسى موضوع ثأرك هذا لأنه لن تستطيع أن تثأر من والد حبيبتك وزوجتك .
نظر له ياسين وعيناه تقفز منها الأسئلة ليتبع بسخرية
شديدة : أنها ليست ابنة أخي اقترب منه بأسلوب مستفز وهمس بصوت سعيد تشوبه السخرية : أنها ابنتي أنا
انتفض ياسين ليتبع الآخر بفحيح مؤكدًا له مقولته : نعم إنها ابنتي، وإذا لا تصدقني انظر لها أنها تشبهني إلى حدٍ كبير ، ومن الآن عندما تنظر إليها ستراني أطل من عينيها .
انصرف من أمامه وابتسامته تتسع وشعور الانتصار يجعله بحالة نشوى ، لم يكن يتخيل أنه سيتخلص من هذا الياسين بسهوله هكذا، فهذا الشاب المعتد بنفسه لن يستمر مع نور وهو يعلم أنها ابنته ، وإذا شك بكلامه سيراه بالفعل مطلًا من عينيها فهي تشبه كما تشبه والدتها
ضحك بسخرية : ستأتين قريبًا نور ،ستأتين ، لن تجدي أحدًا سواي لتهرعي إليه .
جمد ياسين عن الحركة ووقف عقله عن التفكير لتتردد جملته بأذنيه ومن الآن عندما تنظر إليها ستراني أطل من عينيها هز راسه بقوة وعقله يردد : كاذب ، كاذب أنه كاذب مستحيل ، كيف تكون ابنته ، لا هذا غير حقيقي أنها ابنة أخيه ، لف رأسه لينظر إليها من زجاج باب الغرفة لتتسع عيناه من الصدمة ، أنها تتفق معه بشبه كبير ، نعم تشبه والدتها مجملًا لكن لون الشعر الفريد وطابع الحسن الذي لم يكن عند والديها ولون عينيها الفريد كمزيج بين لون عيناه مع لون عيني والدتها ، ولكن كيف حدث ذلك ؟ كيف تكون ابنته ؟ضرب السؤال عقله
لتتجلى الحقيقة أمام عيناه ، إذن أمها خانت أباها مع هذا الحقير ظهر الاشمئزاز على وجهه وهو يستوعب الآن أنه تزوج من امرأة أمها ***** خائنة وأباها حقير ،لتأتي هي نتيجة خيانة وحقارة .شعر بالغثيان ليسرع إلى دورة المياه ويفرغ كل ما في معدته .
***
فاقت منذ قليل فلم تجد أحدًا بجوارها ، مما أقلقها بشدة فاختفاء ياسين من جوارها ينم عن حالة عمر الخطيرة نظرت إلى ساعتها لتجدها تشير إلى التاسعة مساءً شهقت رعبًا فلقد نامت لوقت طويل ، أول ما جال بذهنها عمر لم تطمئن عليه لتقفز واقفة على قدميها لتشعر بدوخة خفيفة سيطرت عليها لتهرع إلى الخارج وكل تفكيرها ينحسر بعمر .
***
واقفًا ينتظر خروج ياسر من غرفة العمليات وهو يذرع الممر بضيق وغضب شديد ، لا يستطيع السيطرة على الغضب الذي يملأه فعمر الوحيد الذي يستطيع نفي أو إثبات ما أخبره به هذا اللعين تذكر حالته المزرية وهو بدورة المياه و وكم قضى بعضًا من الوقت لا يستطيع الحركة ويفرغ ما في جوفه كلما تذكر كلام حافظ إليه كره نفسه وقلبه الذي يحثه أن يذهب ليطمئن عليها ،و عقله يزأر بأنها ابنة الرجل الذي تسبب في موت أباه ، وأنها لا ابنة غير شرعية لا تليق به كزوجة ولا تليق بأن تصبح أم أولاده ومضت كلماتها عن جدها ومعاملته لها أمام عينية ليقفز عقله لاستنتاج خطير ، كان يتعجب دائمًا عندما تذكر أن جدها كان يعاملها سيئًا ،إذن هذا السبب الذي جعل جدها يقسو عليها ويتعامل معها بهذه الطريقة ، هذا هو سبب إصرار عمر على عدم لقائها بعمها ، إذن هو يعلم بذلك وهذا الكلام حقيقة لا مفر منها تقيئ مرة أخرى وهو يسمع كلمات حافظ الكريهة تتردد في أذنيه ، أنها ابنتي أنا كاد أن يبكي من شعور القهر الذي يسيطر عليه ولكنه تماسك أراد أن يذهب بعيدًا عنها ولكنه لن يستطيع الانصراف الآن ليس من أجلها بل من أجل عمر
تنبه على صوت هاتفه يرن ليجده ياسر ، وضع رأسه تحت الماء البارد ليهدئ من أعصابه ويحكم السيطرة على انفعالاته ليخرج إليه فهو يأمل به أن يستطيع إنقاذ عمر
خرج ياسر من غرفة العمليات ليسرع إليه : طمئني ، كيف حاله ؟
ابتسم ياسر مطمئنًا : بخير الحمد لله ، اطمئن ، ولكنه يحتاج إلى إجراء عملية أخرى ولكن لابد من أن ينقل إلى المشفى التي أعمل بها في القاهرة لأن الإمكانيات هنا ضعيفة ولن أغامر بإجرائها له هنا .
نظر له متسائلًا: هل سيحتمل الطريق ؟
أومأ برأسه : نعم ، سيرسلون سيارة إسعاف مجهزة لنقله وسأكون إلى جواره طوال الطريق لا تقلق .
نظر ياسر إلى ما وراءه لينظر إليه مستفسرًا : زوجتك أنها قادمة .
عقد حاجبية ليظهر على وجهه الغضب والاستياء ليتأمله ياسر بتعجب من ردة فعله غير المتوقعة
وصلت إلى طابق العمليات لتلمحه واقفًا وإلى جواره ياسر تعجبت من رؤية ياسر ولكن نفضت التعجب عن رأسها لتركض إليه لتسأله عن عمر ،وقفت إلى جواره وشدته من ذراعه بلطف : كيف حال عمر؟ هل هو بخير ؟ هل حدث له شيء؟
نفض كوعه منها بشدة جعلتها تجفل ، ليرفع ياسر حاجبيه تعجبًا من موقف صديقة الغير مهذب ليتظاهر أنه لم يلاحظ ما حدث وأجاب نور : لا تقلقي أنه بخير ، وسننقله إلى القاهرة الليلة ، وغدًا بإذن الله سيكون في أحسن حال .
التفت إلى ياسين ونظر له بقوة : سأذهب لأتصل بالمشفى ليستعدوا لاستقبالنا .
انصرف من أمامهما لتنظر إليه بتعجب وهي لا تفهم ما سر غضبة ولا سر نفضته ليدها وكأنها جمرة أشعلت النيران بذراعه سألت بتردد : ما الأمر ياسين ؟
رفع رأسه عاليًا ودون أن ينظر لها قال بجمود : لا شيء .
ابتعلت ريقها بصعوبة إثر البرودة التي لفحتها من صوته الجامد انتبهت على علي قادم نحوهم فآثرت الصمت .
اقترب علي ليربت على كتفها بأخوة : كيف حالك يا صغيرتي ؟
التفت بحده لعلي وهو يسمع نبرته الحنون الموجهة إليها لينقل نظرته الغاضبة الحادة بينهما ليبتعد علي بسرعة عنها ويحافظ على مسافة فاصلة بينهما أجابت هي بتوتر وخجل مما فعله ياسين ونظرته الغاضبة التي جعلت علي يبتعد عنها :
__ بخير علي ، أنا بخير الحمد لله ، ما أحوال علياء الآن ؟
رد بألم : لم تستيقظ إلى الآن .
ابتسمت له مطمئنة : من الأفضل لها أن تظل نائمة إلى أن يصبح عمر بخير ، حتى لا تتعرض لصدمة مرة أخرى .
__ نعم معك حق ، والدكتور ياسر طمئنني على عمر وأبلغني أنه سيُنقل إلى القاهرة وأنا أريد لعلياء أن تستيقظ لنعود إلى القاهرة أيضًا ، حتى تكون بجانب عمر .
__ إن شاء الله ستستيقظ وستكون على خير وما يرام .
ابتسم : بعد إذنكم .
انصرف وهو متعجب من ياسين لأول مرة يتعامل معه بقلة تهذيب، فهو دائمًا مهذبًا ودمث الأخلاق ، ثم الغضب الذي يقفز من وجهه لا يعلم سببه ، يا لغبائك علي من الواضح أنه تضايق من اقترابك من نور وتريبتك على كتفها أنه غيور ولا يعلم علاقة الإخوة والصداقة التي تربطك بها ثم إنها الآن زوجته ، وأنت بالنسبة إليه غريب عنها ومن حقه أن يغير عليها ويمنع أي شخص يحاول الاقتراب منها .
واقفة أمامه وهي تشعر بالصدمة والدهشة تغلفها فالطريقة التي تعامل بها مع علي كانت في قمة عدم التهذيب وكأنه عاد الجلف الذي تعاملت معه لأول مرة تنحنحت : هل سنعود إلى المنزل أم سنبقى هنا ؟
رد بجمود : سنعود إلى القاهرة ، لقد طلبت من نهى أن تجمع أشيائنا لنعود جميعًا ، فلا أرى فائدة من جلوسنا هنا وعمر سينقل إلى القاهرة 
هزت رأسها موافقة ليكمل آمرًا بتسلط : هيا سأدفع حساب المشفى لنعود .
تركها مسرعا لترفع حاجبيها بتعجب وتشعر أن قلبها يئن من معاملته الجافة لها اهدئي نور هو أكيد متعبًا أو متضايقًا من حركة علي العفوية ، أنتِ تعلمين أنه غيور جدًا تحمليه إلى أن يهدئ ثم تكلمي معه
تبعته في صمت وعندما انتهى مما كان يفعله همست : ياسين .
__ اممم .
__ أريد أن أذهب لأرى علياء قبل انصرافنا .
هز برأسه موافقًا دون أن ينظر إليها لتسرع في الذهاب إلى صديقتها وهي تفكر من الجيد أنه وافق قبل أن ينقلب حاله ويتذكر علي فيمنعها من الذهاب .
انصرفت من جانبه ليغمض عينيه مرغمًا نفسه ألا ينظر إليها ولكن هيهات فتح عينيه سريعًا لينظر إلى أثرها وهو يشعر بقلبه يتمزق ، كم يريد أن يركض خلفها ويضمها بين ذراعيه ،وكم يشعر بالنفور منها كلما ترددت كلمات هذا البغيض بأذنيه لتذكره بمنبتها الحقير ، تصلب جسده واقشعر بدنه لهذه الأفكار ، ليغمض عينيه ألمًا ويذهب بخطى بطيئة لينتظرها بالسيارة .
أسرعت بخطاها لترى صديقتها وتطمئن على حالها
وجدت علي بالغرفة ليبتسم لها مُرحبًا دلفت إلى الغرفة واقتربت من فراش صديقتها ، وجلست بجوارهااحتضنت يدها بكفيها لتسقط دموعها بألم على الحال الذي آل إليه أقرب الناس إليها ، لا تعلم ماذا ينتظرها بعد ذلك بدونهما ستصبح وحيدة لا عائلة لها ، لطالما كانت علياء أختها وصديقتها وكاتمة أسرارها اقتربت اكثر منها لتقبل جبينها وتهمس لها : لا تقلقي علياء عمر بخير الطبيب طمئنني عليه ، هيا كوني قوية لتطمئني عليه أنتِ الأخرى وتكوني بجانبه الأيام القادمة سيكون بأشد الحاجة إليكِ . انهمرت دموعها بغزارة وهي تبتعد عن صديقتها ، لا تريد فراقها وتريد أن تظل بجانبها ولكنها تريد الاطمئنان على عمر أيضًا ،دموعها الغزيرة جعلت الرؤية عندها معدومة لتتعثر رجليها ببعضهما فتسقط واقعة
شعر علي بالإحراج من تواجده معها بالغرفة ليخرج بهدوء ويتركها بمفردها قليلًا إلى أن تنتهي من الاطمئنان على علياء وقف بجانب الغرفة وهو ينظر إليهما من الزجاج يشعر بقلبه ينفطر على رؤية نور وهي حزينة بهذا الشكل ويتمزق ألمًا على مظهر أخته اليائس انتبه على نور وشعر أنها تبكي ليراها وهي تتعثر لتسقط أرضًا اندفع إلى الحجرة راكضًا ليصل إليها ويجثو على ركبتيه بجوارها : نور ، أنتِ بخير ؟
نظرت إليه بعينيها الدامعتين : نعم علي تعثرت فقط فوقعت أمسكها من ذراعيها ليوقفها : هل تستطيعي المشي أم اوصلك إلى الخارج ؟
هزت رأسها نافية : أنا بخير ، لا تقلق .
***
جلس قليلًا بالسيارة وهو يشعر أنه يجلس على حقل من الشوك ، يلعن نفسه على موافقته بأن تذهب بمفردها لتطمئن على علياء ، تذكر المرة الماضية وأنها تنهار عندما ترى صديقتها بهذا الشكل ليخرج من السيارة مسرعًا ويدفع الباب بعنف خلفه مفرغًا شعور الضيق والغضب من نفسه بإغلاقه لباب السيارة أسرع ليذهب إلى غرفة علياء ليرى علي وهو يمسك بها من ذراعيها ويقترب محدثًا لها ليشعر بالدماء تندفع إلى رأسه الذي يفور مما يراه أمامه ليندفع سريعًا إلى الداخل .
انتفضت نور من دخوله المفاجئ إلى الغرفة ليجفل علي منه ويتعجب من التعبير الغاضب المرسوم على وجهه تكلم علي بهدوء وهو يشعر بأن علية تبرير ما جعله ممسكًا لنور بهذه الطريقة: من الجيد أنك أتيت فنور تعثرت لتسقط على الأرض وأنا أظن أن كاحلها تأذى وكنت أعرض عليها المساعدة وأن أوصلها إلى الخارج ولكنها رفضت ، كنت سآتي إليك لأخبرك أن تأتي لتسندها للخارج .
نظر إليها غاضبًا ليقول بجمود : شكرًا علي ، أراك على خير .
تقدم ليمسكها من رسغها ويشدها بقوة ليسألها دون النظر إليها :
__ هل تستطيعين المشي ؟
همست : نعم .
__ حسنًا هيا .
سحبها من ذراعها وراءه بقوة دون مراعاة لحالة قدمها ، تأوهت أكثر من مرة وحاولت أن تخلص ذراعها من قبضته القوية ولكنها كلما حاولت الخلاص شد قبضته عليها أكثر زاد الألم عليها لتصرخ بشكل مسموع : اتركني .
التفت إليها بحده وهزها من ذراعها بعنف : هل جننتِ ؟ لماذا تصرخين ؟
نفضت ذراعها من قبضته بقوة ، ليؤلمها ذراعها بشده أكثر من ذي قبل وتقول من بين دموعها : رجلي تؤلمني وأنت تسرع بخطواتك ، وأنا لا أستطيع أن اجاري خطواتك السريعة .
انفطر قلبه وهي تتحدث ليستشف الألم من نبرتها رفعت رأسها إليه ونظرت من بين دموعها لتخبره أنها غاضبة من معاملته الجافة لها أبحر في نهر دموعها قليلًا لينسى غضبه واقترب منها ليهدئها ويطمئن عليها هم بأن يضمها إلى صدره ليتردد صوت كريه بأذنيه إنها ابنتي أنا ليبتعد مندفعًا ويتنفس بقوة وهو يضم يديه حتى يستطيع السيطرة على أعصابه قليلًا ليقول بجمود وهو يسبقها بخطواته : تعالي لنذهب ونطمئن على كاحلك بم أننا هنا .
نظرت له بتعجب عندما انتفض مبتعدًا عنها لترتسم أكبر علامة تعجب على وجهها وهي ترى صدره يعلو وينخفض بقوة وهو يتنفس كأنه يدير معركة حربية لتصدم من نبرته الجافة الجامدة وهي تراه ينصرف من جانبها وكأنها لا تعنيه تبعته بهدوء وهي مصدومة منه وتفكر فيما حدث ليجعله يتعامل بهذه الطريقة الغريبة عليها ،خرجا من المشفى بعد أن اطمأنت على كاحلها وأنها تستطيع المشي عليه وأمرها الطبيب بعدم اجهاده والحركة القليلة الضرورية اليومين القادمين وجدت ياسر أمامهم مبتسمًا : عربتي الإسعاف وصلت .
نظرت إليه مستفهمة ليكمل : سننقل عمر وزوجته الليلة إلى القاهرة وغدًا بإذن الله ستستطيعين التحدث إلى عمر .
تهلل وجهها بسعادة : حقًا .
__ نعم ، سيفيق غدًا ثم ننتظر يومًا آخر لإجراء العملية المتبقية ، لابد لنا من الانتظار لنتأكد أن هذه العملية نجحت على أكمل وجه .
ابتسمت : شكرًا جزيلًا ياسر ، أنا ممتنة لك بشدة .
__ لا تشكريني نور ، أنا طبيب ومارست عملي لا أكثر .
رفع نظره إلى صديقه ليجد عيناه قاتمه جامده كالصخر نظر له بهدوء محاولًا الفهم لما به ليشيح الآخر بوجهه بعيدًا عنه وهو يتمتم : شكرًا ياسر ، سنذهب نحن وطمئني عند وصول عمر واستقرار حالته .
تركه وانصرف لينظر إليه ياسر مدهوشًا منه يشعر بحدوث أمرًا جلل ، فياسين متقوقع على نفسه كما كان بعد وفاة والده سيعلم ما به عندما تتيح له الفرصة .
وصلا إلى القصر بعد طريق طويل قضت معظمه نائمة فياسين لا ينطق معها بحرف ، حاولت أكثر من مرة أن تتكلم معه وأن تفهم منه سبب غضبه منها ولكنه كان يتجاهل كلامها عمدًا ولا يجيب عليها شعرت أن لا فائدة من التحدث معه فآثرت النوم على أن تظل تترجاه ليتكلم معها.
تنهد براحة عندما وضع قدميه بالقصر ، يشعر بالسكون يخيم عليه فها هو وصل إلى ملاذه وملجأه بعيدًا عن كل شيء يريد أن يجلس بمفرده ليفكر ويقرر ماذا سيفعل بشأنها لا يستطيع أن يقضي بقية حياته مع ابنة عدوه وقاتل أباه ولا يستطيع الابتعاد عن ملكة قلبة و حبيبته يشعر بأنه مبعثر ومتمزق بين قلبه وعقله ذراعيه تريد أن تضمها إليه وعيناه تريدها أن تختفي من أمامه نظر إليها وهي صاعدة إلى الأعلى ليخفق قلبه بجنون أسرع بخطواته وهو لا يفكر بشيء آخر غير أن يضمها بين ذراعيه ليتوقف مرة واحدة عند أول السلم ويضغط قضبته بقوة متمسكًا بجدار السلم حتى لا يتقدم أكثر من ذلك .
شعرت بخطواته السريعة لتلفت إليه وتنظر بدهشة من توقفه المفاجئ وقبضته المتمسكة بجدار السلم كأنه على وشك فعل شيء لا يريد فعله لتقول بهدوء : ألن تأتي ؟!
نظر إليها بعينين قاتمتين وهم بالرد عليها ليفاجئ بنزول إنجي من أعلى السلم وهي حاملة حقيبة سفر وتنزل متسللة ضيق عيناه ليفهم ما يحدث أمامه ليرى أخاه يتبعها ببطيء
قال بقوة : أين أنت ذاهب يوسف ؟
صُدما الاثنين من وجوده لتضع إنجي حقيبة السفر من يدها وتندفع إلى نور وتحتضنها بين ذراعيها : كيف حالك نور ؟
ابتسمت نور بامتنان : أنا بخير إنجي .
نزل يوسف بسرعة أكبر من مقدرته ليقترب منها : كيف حال عمر ؟ هل هو بخير ؟
نظرت إليه : بخير يوسف ، الحمد لله .
__ اصعدي معها إنجي لتستريح .
صعدا الاثنتين ليلتفت إلى أخاه ليسأل ياسين : إلى أين ذاهب يوسف ؟
تنفس بقوة : كنت سآتي إليك ، لم أستطع الانتظار وأنت هناك بمفردك .
ابتسم ياسين ممتنًا : ولماذا تنزل متسللًا هكذا ؟
ابتسم يوسف بشقاوة : لم أخبر امي ، لأني أعلم جيدًا أنها سترفض سفري وأنا بهذا الشكل .
نظر له معاتبًا : طبعًا، كيف ستقود السيارة يوسف ؟
__ إنجي تستطيع القيادة، هيا ياسين اصعد لتستريح من هذا اليوم الشاق .
__هيا بنا .
حمل ياسين الحقيبة واتبع أخاه بصمت وهولا يريد الصعود
للأعلى ، فهو إلى الآن لا يعلم ما سيفعل معها .
***
دلفت هي و إنجي إلى جناحها لترتب إنجي علي كتفها : إن شاء الله ستطمئنين على عمر وستصبح الأمور بخير .
__ إن شاء الله .
__ هيا نور ادخلي لتأخذي حمامًا يريح أعصابك وتتخلصين من هذا اليوم الشاق ، سأعد لكِ ملابسك وأنتِ اذهبي .
دفعتها بلطف لداخل دورة المياه لتفتح دولاب ملابس نور ، فهي ساعدت نهى في ترتيب ملابس نور صدمت عندما وجدت القمصان الحريرية بترتيبها هي ونهى كأن نور لم تلمسها اعدت لها ملابسها لتنصرف من الجناح بهدوء وهي تفكر بهذه الإنسانة الخجولة لأقصى درجة وجدت ياسين امامها لتبتسم له : حمدًا لله على سلامتك ياسين .
__ سلمك الله  إنجي ، تصبحين على خير .
دخل إلى غرفة النوم وهو يشعر بالترقب يتملكه فمشاعره مضطربة لم يشأ أن يذهب الي أمه حتى لا تشعر به وتصر أن تفهم ما السبب وراء ضيقه ، فهو أمام والدته لا يستطيع أن يخفي ما به
ذهب إلى دورة المياه الأخرى ليستحم ويبدل ملابسه خرج ليجدها مرتدية بيجاما حريرية كحلية اللون مكونة من توب بحملات رفيعة وبنطلون قصير ضيق يصل إلى ركبتيها تظهر بشرتها البيضاء بلونها الجميل رمش بعينيه ليتخلص من تأثير جمالها عليه ولكنه لم يستطع أن يحول بصره من عليها وهي جالسة و تضع الدواء الذي كتبه لها الطبيب ، نظر إلى ساقها المصقولة ليذهب ويجلس بجانبها ليشد أنبوب الدواء من يدها ويدلك كاحلها ببطء وحنان .
نظرت إليه بهيام لتسأله : ما بك ياسين ؟ أشعر أنك متضايق من أمرٍ ما .
زفر بضيق ليقول دون أن ينظر إليها : لا شيء نور ، لا أريد أن أتحدث ، أريد ان أن استريح .
قالت هامسه : أشكرك ياسين على ما تفعله من أجلي .
أمسك يديها وأدار بصره عليها لتلمع الرغبة بعينيه ليشدها إليه بقوة وهو يقبلها بتطلب غير معتادة عليه : أريدك نور .
***
واقفًا ينظر إلى عمر من خارجًا الغرفة وهو يلعن نفسه على ما فعله البارحة ، كان عنيفًا معها ، لم يستطع السيطرة على شعور الرغبة الذي امتلكه ولكن عندما نظر إلى عيناها ترددت كلمات حافظ بأذنيه ليشعر بالكره يعلو داخل صدره ليصبح عنيفًا معها دون أن يستطيع أن يسيطر على أعصابه ضرب رأسه بالزجاج نادمًا على الرعب الذي سببه لها ونادماً على اقترابه منها .
انتبه على يد تربت على كتفه ليلتفت ويجده ياسر : ما بك ياسين ؟ ولا تقل لا شيء ، إنك متعب وضائقًا من شيءٍ هام ، أخبرني لتستريح .
نظر الي صديقة : لا أريد أن أتحدث ياسر ، جئت لأطمئن على عمر .
__ جئت فجرًا لتطمئن على عمر ، مظهرك لا يدل على أنك ذقت طعم النوم .
هز رأسه موافقًا : نعم لم أستطع النوم .
صرخ ضميره كيف تستطيع النوم بعد ما فعلته بها  زفر بألم ليرتب ياسر على كتفه : ادخل اجلس بجانب عمر احتمال كبير أن يفيق بعد قليل .
هز رأسه ليدلف إلى غرفة عمر
لينصرف ياسر وهو يعبث بهاتفه ليتصل بمريم ليطمئنها على أحداث الليلة الماضية
__ اهلًا حبيبتي ، كيف حالك ؟
__ بخير ، كيف حالك أنت ؟ وما أخبار عمر ونور وياسين .
ابتسم : جميعهم بخير حبيبتي ، اسمعي سأعود بعد يومين وإذا تريدين أن تأتي حتى أنتهي مما أفعله هنا لنعود معًا ، كيفما تشائين .
__ لا أعلم ياسر ، الأولاد مسرورين بالبحر وياسين يعتمد عليه بالفعل ، أصبح رجلًا ياسر ، وأنا فخورة به فعلًا .
ابتسم لسماعه أن هناك رجلًا يحل محله ويستطيع الاعتماد عليه وهو بعيد ، لينقلب وجهه إلى الاستياء لرؤيته لها وهي آتية بمشيتها الغنجة وزينتها المبهرجة التي لا تلائم التوقيت ولا وجودها بالمشفى ، تقدمت بخطوة سريعة في اتجاهه وهي تبتسم باتساع ليتوتر وتدور مقلتيه فهو لا يريد أن تسمعها مريم وخطواتها ناحيته تنبئه أنها آتية من أجله.
قال بتوتر : حسنًا مريم سأغلق الآن وسأتصل بك لاحقًا .
أنزل الهاتف من على أذنه لتقترب منه : أهلًا حبيبي عدت سريعًا ، ألم تقوى عن الابتعاد عني ، أليس كذلك ؟
مدت شفتيها بلونهما الأحمر المصبوغ ممثلة الزعل : مع أنني غاضبةً منك لمعاملتك الجافة لي بالهاتف .
نظر إليها بإزدراء وهو يلوم نفسه على انجذابه إليها دارت نظراته عليها ليكتشف أن كل شيء بها صناعي من عينيها الملونة بفضل العدسات اللاصقة إلى لون أظافرها المصبوغة باللون الأحمر القاني كم يشعر بالاستياء من نفسه لأنه فكر بها ولو ثواني
فهي لا تقارن بمريم في شيء ، فحبيبته وزوجته درة رزقه بها الله ولكنه لم يكن على علم بمدى قيمتها بحياته انتبه على صوتها الغنج : ياسر لم لا تجيبيني ؟
نظر لها بحزم : دكتور ياسر لو سمحتي ، نعم دكتورة سلمى ماذا تريدين ؟
اصفر وجهها من جديته ونظرته الحازمة : ما بك ياسر ؟
نهرها بعنف وصوت منخفض : من سمح لكِ أن تناديني بدون ألقاب ، هل تريدين شيئًا خاصًا بالحالات أم ماذا ؟
تلعثمت لتقول بصوت يكاد أن يسمع : المعذرة ظننت أنه مسموحًا لي بمناداتك باسمك الأول .
__ لم آذن لكِ أبدًا بذلك ، هل تريدين شيئًا ؟
نظرت إليه بنظرة مغوية : كنت أريد أن أطمئن عليك ، وأعلم هل عدت من أجلي ؟
عقد حاجبيه : لماذا أعود من أجلك يا دكتورة ؟
أكمل وهو يقاطعها بإشارة حازمة من يده : من الواضح أنه يوجد فكرة لديكِ غير حقيقية ، أو حدث لكِ التباس أنا السبب فيه ، علاقتنا نحن الاثنان كما قلت لكِ سابقًا ،لن تتعدى الطبيب وتلميذته، فأنا بمنزلة أخاكِ الكبير ليس إلا ، ومعاملتي الحسنة لكِ ما هي إلا ثناء على مهاراتك وتفوقكِ فأنتِ طالبه نجيبة تستحقين أن نعتني بك وندفعك لأن تتميزي وأنتِ طلبتي مني من قبل رأيي في ترشيحك للبعثة وأنا قدمت طلبك اليوم للدكتور عبد العزيز مدير المشفى ومعه جواب توصية مني أنكِ تستحقين البعثة ،نصيحتي إليكِ أن تبحثين عن مستقبلك فستصبحين جراحة قلب مشهورة ، بعد إذنك .
تنهد براحة وهو ينصرف من امامها ، يشعر بأنه تخلص من الثقل الذي كان يخيم على صدره .
تركها وانصرف وهي في حالة صدمة لما قاله ، كانت تتوقع أن بمطاردتها له سيستجيب إليها ، وعندما بدأ في تبادل الأحاديث معها بشكل غير رسمي قليلًا ظنت أنه انجذب إليها لكنه الآن بعثر لها جميع أوراقها ، ما بكِ سلمى ما تريدينه منه فعله ، أنتِ تريدين أن يعلمك جيدًا ويعطيكِ خبرته وهذا لم يقصر به يومًا ، تريدين الذهاب إلى البعثة وكل هذا الاهتمام به كان من أجل هذا السبب حتى لا يرشح أحدًا غيرك ، رغم أنكِ تعلمين جيدًا أنه كان سيرشحك أنتِ دونًا عن الآخرين من أجل تفوقك ومهارتك العالية ولكن ليس له أي حق في أن يعاملني بهذه الطريقة ابتعدي عنه سلمى ، فهو متزوج ولدية أطفال ثم أنتِ تعلمين جيدًا أنه يحب زوجته ، فهو لم ينفك أن يتحدث عنها عندما كان يتحدث معك ، لا لن أتركه ليس لديه الحق أن يعاملني كأني حشرة لا أهمية لها .
***
بعد أن طلب منها بتوتر أن تغلق الهاتف لم تستجب له بل ظلت واضعة الهاتف على أذنها وهي تشعر بترقب لا تعلم ما سره ، صعقت عندما سمعت صوتها الغنج لتحبس أنفاسها توقعت أن يغلق ياسر الهاتف ولكنها وجدت أن الاتصال لازال موجود لم يقطع وضعت الهاتف على أذنها وهي ترهف سمعها لتعلم ماذا يحدث بينهما شعرت بالسعادة تغمرها وهي تسمع حديث زوجها الحبيب لهذه الطبيبة الصغيرة ليطمئن قلبها وتقرر أنها ستعود إليه لن تجلس هنا دقيقة واحدة زيادة وهو يجلس بمفرده في القاهرة أغلقت الهاتف بعدما انتهى حديثهم لتتجه إلى غرفة ياسين لتوقظه وتخبره بأن عليهم العودة من أجل والده .
***
رن الهاتف بجانبه ليجبر نفسه على الاستيقاظ وينظر إلى الساعة ليجد أنها الخامسة صباحا ،مد يده ليرد عليه وهو يلعن من يتصل في هذا الوقت :
__ السلام عليكم .
انتصب جسده واستيقظت حواسه كلها وهو يسمع صوت علي لينظر بجانب عينه إليها ويتأكد أنها نائمة ليتحرك بهدوء من جانبها ، فمن المؤكد أن علي يحمل أخبار غاية في السوء وإلا لم يكن ليتصل بهذا الوقت
همس : وعليك السلام علي ، ما الأمر ؟
تنحنح علي : المعذرة لأني أيقظتك الآن ، ولكن عمر تعرض إلى حادث سيارة وهو يرقد في المشفى وأنا أريدك ان تأتي ببسنت صباحًا لترافق علياء .
__ لا حول ولا قوة إلا بالله ، حاضر علي ، لا تقلق عندما تستيقظ سآتي بها إليك ، بأي مستشفى هو ؟
أبلغه باسم المشفى ليغلق الهاتف وهو ينظر إليها ، لم تستيقظ إلى الآن مما يقلقه بشدة ، ولكنه سأل الطبيب منذ قليل وطمئنه أنها في الصباح ستكون بأحسن حال ولذلك يريد أن تكون بسنت ووفاء إلى جوارها فهو اتصل بجمال ( زوج وفاء ) وأبلغه أيضًا ولكنه فضل ألا يبلغهما بأن علياء كانت مع عمر ، حتى لا يضطربا ، وعندما تأتيان ستقدران حالة علياء ويتماسكا من أجلها .
***
بعد دخوله إلى غرفة عمر جلس على الأريكة المتواجدة بالغرفة وأسند رأسه وهو يلوم نفسه مائة مرة على ما فعله نظر إليه وهو يؤنب نفسه بعنف على أنه لم يصن الأمانة التي أمنه بها عمر ، استمع إلى هذا الحقير ولم يأتي إلى ذهنه أنه قصد أن يفعل به ذلك حتى يقلب حياة ابنة أخيه مرر يده في خصلات شعره بضيق وشده بعنف أوضح ضيقه من نفسه اقترب من عمر وجلس بجانبه ليمسك يده ويهمس : أنا آسف عمر ، لم أعتني بها جيدًا ، جرحتها وأنا متعمد حتى تبتعد عني ، لن أقوى على العيش معها وأنا أراه يطل من عينيها كل يوم
أغمض عينيه ألمًا ليكمل : ولا أريدها أن تبتعد عني ، لا أريدها أن تبتعد عني .
اتكأ على ظهر الكرسي وسند رأسه عليه وهو يتنفس بضيق ليسمع همس صادر من عمر ليقترب منه سريعًا :
__ عمر هل تتكلم معي ؟
سمع همهمة من عمر ليحثه قائلًا : أنا أسمعك ، هل تريد شيئًا ؟
همس عمر : لا تجعلها ترى عمي ، احمها ياسين منه ، لن تستطيع أن تحتمل الصدمة ، وهو سيصر على أن يخبرها لا تدعها تقابله ياسين .
صعق من كلمات عمر ليسأله : هل هي ابنته فعلًا ؟
لم يجبه عمر ، ليهزه ياسين بلطف : عمر ، هل هي ابنته ؟
لم يصدر من عمر أي صوت ليزفر بضيق ويرن جرس الممرضة لتأتى مسرعة أشار  إليها في قلق : أنه لا يجيبني ، توقف عن الكلام فجأة .
اقتربت الممرضة من عمر وفحصته لتبتسم له مطمئنة :
__ اطمئن سيدي أنه لا زال نائمًا لم يفيق بعد .
نظر لها ياسين غاضبًا : كان يتكلم معي ، ثم توقف فجأة عن الكلام .
ابتسمت مرة أخرى : من المؤكد أنها تخاريف البنج .
ردد بصدمة : تخاريف البنج ؟!
ردت وهي تنصرف : نعم ، لا يستطيع الاستيقاظ الآن ، فتأثير العملية قوي ، من المحتمل أن يستيقظ بعد أربع ساعات ، وإذا تحدث بأي شيء الآن تكون تخاريف من أثر البنج .
نظر إليه بدهشة وهو يردد : تخاريف البنج وهل هذه التخاريف حقيقية أم خيال ؟ ألن تستطع أن تريحني عمر ؟ ألن تستطيع أن تخبرني بالحقيقة ؟
تنهد لينصرف من أمامه وهو يعلم جيدًا ان ما ردده عمر كان حقيقيًا ولكنه لا يريد تصديقه .
***
جالسة بالحديقة وهي تشعر باستمتاع شديد بهذه النسمات الصباحية الرقيقة التي تلامس بشرتها بحنان وتتلاعب بخصلات شعرها في دلال اقترب وجلس بجانبها وأحاطها بذراعه ليهمس لها : أحبك نور ، لا أستطيع الابتعاد عنكِ ، ولكني أريدك أن تبتعدي عني ، لا أريدك بحياتي بعد الآن ، أنتِ تشعريني بالنفور منك ومن نفسي .
رمشت بعينيها من المفاجأة وكلماته الجارحة لتجد نفسها جالسه بصحراء شاسعة لا يوجد أمامها إلا الرمال الصفراء انتفضت واقفة لتنظر حولها فلا تجد إلا اللون الأصفر ، التفتت تبحث عنه ولكنها لم تجده ركضت لتبحث عنه وتخبره أنها لن تستطيع الابتعاد عنه ، فهو حياتها كلها نادت عليه أكثر من مرة لتشعر بالتعب وتسقط باكيه استيقظت على ارتطامها بالأرض وآثار دموعها على خديها بكت بألم إثر وقوعها وإثر ما حدث البارحة بينهما كان عنيفًا بشكل مرعب ، أرعبها وزاد ألمها ولكنه نحرها ببساطة عندما ردد على مسامعها أنه لا يريدها بحياته وأنها تشعره بالنفور مسحت دموعها بكفيها ووقفت ، لتتحرك ببطء ناحية دورة المياه لتستحم وترتدي ملابسها لتذهب إلى عمر فهو الآن أهم من أي شيء حدث بينها وبين ياسين شهقت بألم وهي ترى آثار يديه وشفتيه على جسدها تاركة علامات زرقاء مخيفة ، ذكرتها بالرعب الذي عاشته البارحة اجهشت بالبكاء وهي لا تعلم ما الذي فعلته جعله هكذا خيل إليها البارحة أنه شخصًا آخر ، لم يكن ياسين الذي أحبته وتزوجته كان يشبه عليها شخصًا آخر لتتذكر أحلامها التي كانت تزعجها باستمرار وضعت كفها على شفتيها وهي تنظر إلى نفسها بالمرآة وعيناها تتسعان رعبًا ، إذن أحلامها كانت حقيقة لم يكن يريدها زوجة بقدر ما أرادها كامرأة ، والآن يتخلص منها بسهولة لأنه مل منها دخلت تحت المياه وهي تهز رأسها بعنف لا تصدق هذا الاستنتاج ، كان جيدًا معها إلى أن تعرضت للإغماء ، لا تعلم سبب تغيره من ناحيتها ولكنها لن تستطيع أن تظل معه بعد ما فعله معها ، إلى أين ستذهبين نور ؟
عمر بالمشفى راقدًا بين يدي الله ، وعلياء أيضًا متعبه بشده إذن ستنتظر إلى أن يصبح أخاها بخير ،ولكنه لن يلمسها مرة أخرى ، ليس بعد ما فعله معها وبعد ما قاله لها نظرت إلى نفسها بالمرآه وتنهدت : سأنتظر إلى أن يفيق عمر ويصبح بخير وسأتركه دمعت عيناها لتتنفس بقوة وهي تهمس لنفسها : كوني قوية نور ، لا يستحق قلبك ولا حبك ، فهو يريدك أن تبتعدي عنه ابتسمت بألم : لنبتعد عنه كما يريد .
***

أحلامي المزعجة Onde histórias criam vida. Descubra agora