الفصل الحادي والعشرون

285 14 2
                                    


دوى صوت الصفعة لينتفض ياسين منها وشهقت نهى دهشةً مما يحدث أمامها
ليتقدم ياسين سريعًا نحو أمه ويمسك يديها قبل أن تصفعه الصفعة الثانية فمهما حدث هو لا يستحق هذا العقاب القاسي ولا يستحق أن يُهان أمام زوجته قال بحزم : كفى أمي ، لا تضربيه ثانيةً .
دفعته أمه بقوة وهي تصيح به : أنت كنت تعلم !
__ اهدئي أمي ، اهدئي لنستطيع التحدث .
__ لن أهدأ ، هل كنت تعلم أنه متزوج من شقيقة الذي حاول قتلك مرتين ، هل كنت تعلم أنه متزوج من شقيقة الذي كان سببًا في انهيار شركة أباك ، انطق .
__ لا أمي ، لم أكن أعلم ، كما أنه أيضًا لا يعلم كل هذا .
__ إذن ليعلم ، أنني لا أريد أن أراه .
__ من فضلك أمي ، اهدئي ، فالأمور لا تحل هكذا .
قالت نهي برجاء : أمي أرجوكِ اهدئي ولا تغضبي منه استمعي إليه على الأقل .
قال ياسين دون أن ينظر إليه : اصعد إلى غرفتك أنت وزوجتك يوسف الان .
__لن يذهب إلى مكان ، إلا خارج القصر ، يأخذ من باع أهله لأجلها ويغادر القصر فورًا .
قال ياسين بحزم : من فضلك أمي اهدئي ، اصعد يوسف
للأعلى ، اصطحابيهما إلى الاعلى نهى من فضلك .
هزت رأسها نهى بإيجاب لتقول بهدوء : هيا يوسف ، تعالا .
...
يشعر بدهشة مما حدث لم يكن يتوقع إطلاقًا أن تصفعه أمه بهذا الشكل ، لم يتوقع رد الفعل هذا منها بتاتًا
فهو الصغير ، آخر العنقود كما تناديه دائمًا ، المدلل الذي أوامره مجابه تهينه بهذا الشكل أمام زوجته
لم يسمع أي شيء آخر ، يشعر بأن خده يحترق إثر ضربة أمه لم تكن مؤلمة بقدر ما كانت مهينة ، يشعر أنه لن يستطيع رفع عينيه في أحد بعد الآن ، يشعر بغصة مسيطرة عليه و شيء كُسر بداخله ، وأنه أصبح محطم إلى قطع صغيرة لا تفيد بشيء
انتبه على صوت نهى : هيا يوسف ، تعالا.
نظر إليها بعينين تلمع بها الدموع لتنظر إليه وتبتسم ابتسامة باهته : هيا يوسف ، هيا .
التفت إلى إنجي : تعالي إنجي ، تفضلا .
قادتهم للأعلى وصوت امها يصرخ بياسين :
__ أنا لا أريدهما بالقصر ، أستجبرني على استقبال من لا أريد ببيتي ؟!
أجلسها ياسين وهو يتنهد : اهدئي أمي من فضلك
واستمعي إلي جيدًا ، من الأفضل لنا جميعا أن يمكث يوسف هنا .
نظرت إليه بغضب ليكمل بهدوء : هل تظنين أمي أني متقبلًا للأمر ، وأني سأقبل أن أتعامل بلطف مع أخت معتز ، بالطبع لا ولكني لن أطرد أخي ليستفرد به معتز ويذيقه الجحيم ، سأحميه كما ينبغي علي ، أم أنكِ ستسعدين إذا أتى لكِ خبر موته بعد أيام ؟
انتفضت أمه من جملته ولمع الخوف بعينيها ليهز رأسه بإيجاب : نعم أمي إذا قرر معتز أن يتخلص مني لسبب غير معلوم إلى الآن فما بالك بأن لديه حجة قوية ليثأر من يوسف ، فهل سيتردد أن يقتله بقلب ميت ، من الممكن أن يقتل أخته هي الأخرى فمن وجهة نظره هي فضلت يوسف عليه وتحمل ابنه بأحشائها .
رددت بدهشة : ابنه ، هل زوجته حامل ؟
__ نعم أمي ، أرجوكِ أمي اهدئي وتعاملي معهما بحكمة وصبر ، وتذكري أنها ستصبح أم أول حفيد لعائلتنا
فشئنا أم أبينا هي زوجة يوسف ، وسنتعامل معها من هذا المنطلق .
هزت رأسها لتقول بوهن : ياسين ، أنا خائفة عليك يا بني .
ابتسم ياسين : لا تخافي أمي ، ولكن لي رجاء عندكِ لا تعاملين يوسف أو زوجته بطريقة سيئة يكفى ما فعلتيه ، وأنكِ أهنته أمام زوجته بهذه الطريقة .
شاحت بوجهها غاضبة
ليقول بلهجة رقيقة : هل تريدين إفساد زفافي ؟
ردت سريعًا : لا طبعا .
ابتسم برجاء : إذن اهدئي واصبري إلى أن يمضي حفل الزفاف على خير ، فأنا لن أشعر بالسعادة والأجواء متوترة من حولي .
رتبت على خده بحنية : حاضر ولكن من أجلك ياسين
من أجلك فقط .
***
بعد خروج نهى من الغرفة اقتربت منه :
__ يوسف ، رد علي من فضلك .
تنهد وأحنى رأسه حتى لا ينظر إليها
لتردف برجاء : يوسف من فضلك ، تكلم معي أريد أن أطمئن عليك ، تعال نعود لمنزلنا ، ولا تتضايق بهذا الشكل ، اترك القصر .
أشاح بوجهه لتردف : عندي اقتراح تعال نسافر إلى شرم الشيخ أو إلى لندن حتى تهدأ الأمور ، وتهدأ والدتك ، وأنا متأكدة أنها عندما تهدأ ستتراجع عن موقفها .
نطق بصوت غاضب : اتركيني وحدي قليلًا إنجي ، من فضلك .
__ هل تحملني نتيجة ما حدث يوسف ؟
__ لا ولكني متعب ، وأريد الاختلاء بنفسي قليلًا .
__ ولأني زوجتك لن أتركك ، ولن أبتعد سأظل بجانبك مهما حدث ، إلا إذا تراجعت عن موقفك وتريد أن تطلقني .
انتفض من الكلمة : لا طبعًا ، لن أترككِ مهما حدث .
__ حسنًا ، تعال نخرج لنتناول الطعام فأنا جوعانة وبطني تؤلمني من الجوع .
قال وهو يتركها ويدخل لدورة المياه :
__ سنتناول العشاء معهم إنجي ، ولن أسمح لأحد أن يفرض علي ما أفعله أو ما أقوله أو المكان الذي أجلس به .
لوت شفتيها فهي مقتنعة أن تهدئة الأحوال ستأتى بثمارها عن العند الذي يتصرف به يوسف ولكن لا حول لها ولا قوة إذا أراد النزول وتناول الطعام معهم ستتبعه بدون نقاش .
...
سمعت طرقات على باب الغرفة لتفتح الباب
ابتسمت بفرح : أهلًا ياسين تفضل .
نظر لها مطولًا فهو أول مرة يراها عن قرب ، كان يقيم مدى الشبه بينها وبين معتز
نفس لون البشرة ولون الشعر الفاتح ولكن شعرها أقرب إلى الأصفر من البني ، فهي شقراء والعجيب العينان الزرقاء الصافية بلون البحر الهادئ حدثه عقله أن ليوسف كل الحق أن يعشقها فهي كالقمر ،جاهد نفسه ألا يبتسم فهو اليوم يشعر بالسعادة تحاوطه ولن يسمح لأي شيء آخر أن يسرق سعادته ولذلك ذهب للتكلم مع أخيه والتفاهم معه على طريقة للتعامل مع أمه
نعم لن يسامحه ولكنه سيعاونه ولا يريد أيضًا أن يحدث شيء قبل زفافه يكدر عليه فرحته شعر أنه أطال الصمت فتنحنح وقال بصوت رخيم جدي :
__ أريد أن أرى يوسف .
انتفضت من جديته : اه طبعًا تفضل ، سيأتي حالًا .
__سأنتظره بالخارج .
__ لماذا تفضل ؟
تحركت من أمام الباب ولكنه لم يتحرك لذلك دخلت لزوجها وطرقت باب دورة المياه وقالت بصوت منخفض :
__يوسف ، ياسين بالخارج ويريد أن يتحدث معك .
فتح الباب على الفور : أين هو ؟
__ بالخارج ، لا يريد الدخول .
__ أكيد محرجًا منكِ ، سأذهب له .
تقدم ناحية الباب وهو يتوقع أن أخاه انصرف ولكنه وجده
واقفًا أمام الباب قال بارتباك : لماذا لا تدخل ياسين ، تفضل ؟
قال باقتضاب : تعال معي .
هز رأسه موافقًا ليخرج من الغرفة ويغلق الباب خلفه
تبين له أن أخاه يذهب إلى غرفته ، دخل وراءه ليجد نهى بالغرفة ابتسم بوجهها
ليقول ياسين آمرًا : اجلسا
أريد أن أفهم ما حدث ، وكيف تعرفينها ، وماذا تعلمي عن الموضوع أصلًا .
__لم تكن تعلم شيء ياسين ، ولكنها تعلم أني أحب إنجي من الصغر .
عقد حاجبيه لتقول نهى : ألا تتذكرها ياسين ، إنها إنجي
كانت تأتي مع جيهان هانم (والدة معتز) هذه الطفلة التي تصغر يوسف بعام واحد .
هز رأسه كأنه يتذكر ما تتكلم عنه شقيقته : هذه هي الصغيرة التي كان النمش يغطي وجهها .
ضحكت نهي : نعم التي كنت تناديها بالأجنبية .
لم يستطع التحكم في ابتسامته : كانت مزعجة .
ضحكت نهى : نعم كانت تتذمر طوال الوقت وتزعجنا إلى أن يأتي يوسف ويلعب معها ، من الواضح أنها تحبه من صغرها .
قال يوسف بهدوء : ماذا تريد ياسين ؟
__ أريد أن أعلم السر وراء زواجك بهذه الطريقة .
__ أنت تعلم ياسين تزوجتها لأنك كنت سترفض هذه الزيجة سواء أنت أو معتز وأنا وهي لا دخل لنا بمشاكلكما ومن فضلك اسمح لي سأذهب لأطمئن عليها فهي متعبة .
هز رأسه ليسمح له بالانصراف لتتكلم نهى فور خروجه :
__ ياسين لا تقسو عليه بهذه الطريقة ، ما ذنبه هو بالكراهية المشتعلة بينك وبين معتز ؟ وما ذنبها هي أنها شقيقة معتز ، أنهما أصدقاء من قبل أن تكون العداوة معلنه هكذا بينك وبين معتز، اعذره ياسين اعذره .
خرجت لتتركه لأفكاره يستطيع الآن أن يفهم مشاعر يوسف ربما لو كان حدث هذا الأمر من قبل أن يقابل نور ، لكان هد الدنيا فوق رأس يوسف وطرده من القصر وتركه لمعتز يفعل به ما يشاء ، لأنه حينها لم يكن ليستوعب فكرة أن الحب قادرًا على فعل المعجزات ، فهو لم يكن يبتسم من قبل والآن أصبح يضحك ، لم يكن يمزح ولا يتساهل في التعامل مع الآخرين ، ولكنه الآن وبفضل حبه لنور أصبح شخصًا مختلفًا عن ياسين القديم الذي يهابه الناس
تنهد ولكنه أيضًا لا يستطيع مسامحة أخاه على تغفيله وأن يوقفه أمام معتز بمظهر الأبله كما نعته معتز انقلب وجهه عند ذكره لهذا الآدمي الذي مات قلبه بموت حنان ، ما الذي تُرتب له معتز ؟
ما الذي ستفعله ؟
***
__ يوسف أرجوك أعدني إلى المنزل لن أستطيع أن أتحمل ضيق والدتك مني ،وتأفف ياسين حينما أظهر .
زفر بضيق : لا تنزلي إلى الأسفل إنجي ، انتظريني هنا
ولا تخرجي أخاف أن يختطفك أخاكِ المصون ، ثم الغرفة متكاملة، ولا ينقصها شيء ، وإذا شعرتِ بالجوع اطلبي رقم المطبخ واطلبي الطعام الذي تريدينه وهم سيصعدون به إلى هنا، وأنا لن أتأخر ولكني لابد أن أذهب إلى عملي ، ثم نهى هنا وستأتي لتجلس معك أنا متأكد من ذلك ، فنهى لا تقيد نفسها بتعقيدات أمي وياسين .
مدت شفتيها بزعل ليقترب منها وهو يهمس : من أجلي حبيبتي ستصبرين ، أليس كذلك ؟
أشاحت بوجهها بعيدًا عنه ليقترب منها أكثر ويضع عيناه بعينيها : لا تغضبي لأستطيع أن أذهب إلى عملي .
همت بالرد عليه ليسكتها بقبله لطيفه : سأذهب ، سلام .
قامت خلفه إلى باب الغرفة لتمسكه من يده وهو يهم بالخروج لتجعله ينحني إليها وتطبع قبلاتها على خديه
__ لا تتأخر ، تعود إلي سالمًا إن شاء الله .
احتضنها بين ذراعيه بحب : إن شاء الله ، لن أتأخر لا تقلقي.
رفع راسه ليجد ياسين بوجهه ابتسم له بتلقائية ليرفع الآخر حاجبيه وينزل على الفور
زفر بضيق : يا لك من عنيد ياسين .
***
نزل مسرعًا وهو يفكر هل نور ستصبح بكل هذه المودة بعد الزواج أم ستظل متصلبة كما هي ،لا ينكر أنه شعر بالغيرة قليلًا لما شاهده منذ قليل بين أخيه وزوجته فبرغم من كل المشاكل المحيطة بهما إلا أنهما لم يتشاجرا بل ما شعر به البارحة واليوم أنهما متمسكان ببعضهما ولا ينويا الافتراق سعيد من اجل أخيه ، وكان سيسعد أكثر لو جاء يوسف وطلب منه أن يتزوج حينها كان سيزوجه لشقيقة معتز رغمًا عن أنف معتز ننفس ،خرج مسرعًا ليذهب إلى الشركة يريد الانتهاء من أعماله مبكرًا ليتفرغ لموعده الصباحي مع نور فهو ينتظر صعودها إليه لتفي بوعدها وتسمعه أحب كلمة إلى قلبه من شفاهها العذبة تنهد بحب وهو يدخل لمكتبه لينقلب وجهه ويجز على أسنانه ضيقا من رؤية الجالس أمامه .
***
استيقظ بالصباح ليشعر بسعادة لم يختبرها من قبل
فالليلة الماضية كانت أجمل ليلة بحياته ، عادت حبيبته كما كان يعرفها سابقًا ، عادت علياء حبيبة قلبه وروحة ومن تسكن حواسه كلها ، تحدثت معه بكل شيء حتى ألم فقدانها لأمها
تنهد بحب وهو ينظر إلى ظهرها العاري الظاهر بسبب انحسار الغطاء عنه ، اقترب منها بهدوء وعيناه تلمعان بلهفة وحب كبيران ليطبع قبلة عميقة بمنتصف ظهرها تململت على إثرها ليطبع العديد من القبلات الملهوفة السريعة ،شعرت بأنفاسه الدافئة على ظهرها لتشعر بقبلته العميقة التي أيقظتها على الفور وسببت باندفاع الدم إلى وجنتيها وكل جسدها لتشعر بالحرارة تسري به ليتبع قبلته الأولى بقبلات عديدة سريعة جعلتها تشعر بوهج لا تستطيع تحمله
قالت بهمس : عمر ، توقف .
ضحك : استيقظي أيتها الكسولة ، أريد أن أرى وجهك اليوم .
فأنا أستيقظ على رؤية وجهي كل يوم ، واليوم أريد أن أرى أجمل ما خلق الله على الأرض ، هيا استديري لأرى وجهك .
شدت الغطاء عليها إلى ما تحت ذقنها ولفته بإحكام عليها واستدارت إليه
أمسك الغطاء ليسحبه لتمسكه هي بقوة وهي تصرخ : عمر أرجوك .
قال برجاء : علياء اتركيه ، من أجلي حبيبتي .
هزت رأسها نافية بقوة : لا ، اتركه أنت ، وتوقف عما تفعله .
مط شفتيه واصطنع البراءة : لا أفعل شيء ، أريد أن أرى ملاكي الجميل في الصباح ، هل هذا كثيرًا علي ؟
ابتسمت : ليس كثيرًا حبيبي ، ها أنا ذا .
رمشت بعينيها وابتسمت ليبتسم لها بحب : صباح مبارك حبيبتي ، اليوم صباحيتنا وما يقهرني حقًا اني سأضطر أن أذهب إلى العمل .
سحبها إلى حضنه واحتضنها بذراعه : المعذرة حبيبتي
لأن العمل على أشده هذه الأيام ولن أستطيع أن آخذ أجازة.
__لا تعتذر عمر ، أنا مقدرة لظروفك ولكن لا تتأخر على الغداء ، سأحضره بنفسي .
قال بجدية : ماذا قلت لكِ أمس ؟ عروسي الجميلة لن تدخل إلى المطبخ ، لا تدعيني أكرر الكلام علياء ، فأنا أمل سريعًا ولكن اجهزي سأمر عليكِ ونخرج لنتغدى سويًا .
تنحنحت : ونور ؟
قام واقفًا وهو يقول : ما بها ؟
__ ألن تذهب معنا ؟
__ بالطبع سأخبرها لتأتي معنا ، سأذهب لأستحم ،ليتبع وهو يغمز بعينيه :هلا تأتي معي ؟
تلون وجهها للأحمر القاني وهزت رأسها نافية
ليضحك هو ويقول بخبث : اه لو كنت أستطيع أن أمكث اليوم بالبيت لكنت تنهد بقوة : ولكن ماذا أفعل ساعدني يا أرحم الرحمين .
انفجرت ضاحكة على مظهره وهو يتأفف من عمله لتتنهد وتمسك قميص بيجامته المرمي على الفراش وتحتضنه بحب اه عمر كم تمنيت هذه السعادة معك ،وها أنا الآن أحقق أهم حلم لدي ، لا أستوعب إلى الآن أن هذا يحدث أشعر أني بحلم جميل أخاف أن أستيقظ منه
دعت هامسه : ربي أدمها علي نعمة واحفظها من الزوال يا رب العالمين .
***
__ماذا تريد معتز ؟ ما الذي أتى بك اليوم ؟
ابتسم بخبث وعيناه تلمع بالكراهية : جئت لأرى نتيجة اجتماع مجلس الإدارة ياسين
فأنا سمعت أن أحدهم ستُسحب منه الثقة قريبًا .
جز ياسين على أسنانه ليهزأ ساخرًا : اه ، والمجلس سيجتمع من دون علمي ، أم أنك جننت وتتخيل الأشياء .
ضحك بسخريه ليضم ياسين قبضتيه بقوة حتى لا يلكم وجهه
__ سترى ، ولماذا يخبروك إذا كانوا سيسحبون منك الثقة ياسين ؟
هم  بالرد عليه لتدخل عبير : السيد عبد العزيز بالخارج ومعه كامل بك ، ومنير بك .
شعر بأن قلبه يهوي من ضلوعه إذن يوجد بالفعل اجتماع لمجلس الإدارة وهو لا يعلم عنه شيء
أفاق من تفكيره على ضحكته الكريهة الساخرة :
__ أراك بعد الاجتماع ياسين اقترب منه لينظر إليه من قريب ويضع عيناه البنية بعينيه الرمادية بتحدي :
__ أرجو أن لا تأخذ مكتب أباك معك ، فأنا أريد الجلوس عليه ، فنوعه جيد ، جيد جدًا .
انصرف وهو يقهقه ضاحكًا ليشعر الآخر أنه سينفجر
ولكنه لابد أن يسيطر على أعصابه ليستطيع أن يتحدث مع الاثنان اللذان بالخارج فهما أكبر مساهمين بالشركة وهما من يستطيعا التأثير على باقي الأعضاء
خرج من مكتبه ليجد الاثنان بانتظاره ابتسم بهدوء :
__ أهلًا تفضلا لنتكلم بالداخل .
لمح نظرة سريعة بين كامل بك ومعتز توتر هو منها ليتبعاه إلى الداخل .
***
ابتسم بحب : أهلًا أستاذي
نظر له مطولًا وقال بضيق : أهلًا معتز ، كيف حالك ؟
اقترب منه : أنا بخير ، كيف حالك وحال بقية الأسرة ؟
رد ونبرة الضيق لا تفارقه : بخير الحمد لله .
قال بنبرة رقيقة : ألن تسامحني يا سيدي ؟
نظر إليه وقال بمرارة : أسامحك ، لماذا هل فعلت شيء يستحق أن أغضب منه ؟
__ أستاذي ، لا تجعل ياسين يُملئ رأسك بالأفكار ضدي .
قال بحزم : لا تُدخل ياسين في كل شيء خاصًا بك فياسين لا علاقة له بالأمر وأنت تعلم ذلك جيدًا يكفى ما تحمله من أخطائك ، لا تبحث له عن أخطاء جديدة تفعلها وتحملها له .
__أستاذي
أشار له بيده مقاطعًا : كفى معتز ، لا أريد سماع اتهامك لياسين مجدداً ، فأنا أعرف ياسين جيدًا ، وأعلم أنه مستحيل أن يفعل ما قلته لي مسبقًا ، ثم أني طلبت منك من قبل أنني لا أريد رؤيتك فأنت تتسبب في فتح جروحي القديمة .
انصرف من أمامه ح ليشعر الاخر بقلبة يتمزق حزنًا ، لا يعلم ما الذي يجعل السيد عبد العزيز لا يصدقه بل يحمله ذنب وفاة حنان، رفض الاستماع إليه مسبقًا ، وكلما ذهب إلى منزله يرفض مقابلته ، لا يريد شيئًا غير أن يشعر بأنها قريبة منه كما كانت والسيد عبد العزيز وأسرته من تبقوا له من ذكراها .
قال بتوعد ونبرة منخفضة : سأقتلك ياسين ولكني سأحرق قلبك أولًا .
***
ابتسم بسعادة عند انتهاء الاجتماع وجميع من بالمجلس راضيين عن أداء الإدارة والشركة طبعًا كامل بك حاول أن يعثر على أخطاء قانونية وهندسية وإدارية ولكن وقوف السيد عبدالعزيز معه و يوسف أيضًا شكلا جبهة قوية أمام الإدعاءات التي لا صحة لها كم يشعر بالامتنان لهما ، وما يفرحه حقًا يوسف لم يكن يتوقع أنه سيكون سندًا وظهرًا قويًا يستطيع الاعتماد عليه ولكن من الواضح أن الولد الصغير أصبح رجلًا كبير يستطيع الاعتماد عليه بالفعل حسنًا يوسف سأختبرك في فترة اجازتي لقضاء شهر العسل
وإذا كنت عند حسن ظني سأمنحك منصب إداري مهم
طلت عليه وهو في خضم أفكاره بابتسامتها الجميلة
__ هل مسموح لي بالدخول ؟
اتسعت ابتسامته ليشرق وجهه : طبعًا ، أنتِ الوحيدة التي مسموح لها بالدخول دون استئذان .
تقدمت إلى الداخل : كيف حالك ؟ سمعت أن مجلس الإدارة مجتمع ، هل كل شيء على ما يرام ؟
قام واقفًا ليستقبلها : الحمد لله
فتح لها ذراعيه لتشير إليه بعينيها أنهم بالمكتب وهزت رأسها نافيه لوى رأسه معاتبًا ليقترب منها وينحني مقبلًا إياها على وجنتيها اللتان تحولتا إلى اللون الوردي بسبب ما فعله
همس بأذنها : أنرتِ المكتب حبيبتي ، تعالي لنجلس فأنا أريد التحدث معكِ ولا تنسي وعدك لي .
ابتسمت بحب وخفضت رأسها خجلًا ليدفعها بلطف بيده باتجاه الأريكة ليجلسها عليها ويجلس بجوارها ويحيطها بذراعه همس : نور
رفعت عيناها إليه ليكمل : ردي علي
ابتسمت برقة : نعم
زمجر بلطف : نور
ضحكت ليشدها إليه مقربًا : هيا انطقي
ابتسمت لتخفض بصرها : نعم حبيبي
رفع رأسه ليتنفس بقوة وهو يشعر أنه لا يريد شيئًا آخر
فكل أمانيه تتحقق هي بحضنه وتحبه ،ردد عقله لا أريد شيئًا آخر
قال برقة : ردديها نور ، فأنا أريد سماعها .
ابتسمت لتقول بحب خالص وهي تشعر أن وقت الاعتراف قد حان : ياسين
نظر إليها بحب لتكمل هامسة وهي تضع عيناها بعينيه
__ أحبك.
لمعت عيناه الرمادية بدفء وبريق استعصى عليها فهمه
لينحني مقبلًا اياها بلهفة شديدة
وقال من بين قبلاته : أحبك نور ، أحبك أريدك بجواري من الآن .
ذابت بين ذراعيه وقبلاته الملهوفة لتشعر فجأة بانزعاج خفيف و عدم القدرة على التنفس حاولت التملص من قبلاته والابتعاد قليلًا، ولكنها لم تستطع فهو محتضنها بقوة انتفضت بقوة عندما دب الذعر بجسدها لأنها لا تستطيع التخلص من ذراعيه المحكمين عليها ،لتنهمر دموعها بغزاره انزعج جدًا من دموعها التي بللت شفتيه وشعر بالغضب يعصف برأسه وبجسده كله ،أشاح بوجهه بعيدًا عنها وهو يفكر لماذا ترفضه بهذه الطريقة ، يشعر جيدًا بحبها له ، واليوم اعترفت له بمشاعرها ، فما الذي يخيفها لهذه الدرجة نظر إليها ليجدها تبكي ليقترب منها وسأل بهدوء يخفي الإعصار الذي يشعر به : لماذا تبكين نور؟ أخبريني نور، ما الذي فعلته أزعجكِ لدرجة أن تنهمر دموعك بهذه الطريقة ، أخبريني؟
نظرت إليه بعينين دامعتين لا تعلم لماذا تجزع وتفزع وتنتفض هكذا ، لا تعلم بماذا تجيبه عن تساؤلاته
ولكنها شعرت باختناق وظلمة وبرودة تسري في أطرافها لتطرد دفء وسخونة أنفاسه وقبلاته
برودة تزحف فتغطي على حلاوة شعورها به فتشعر بأنها تغرق ولا تستطيع التنفس ولا تستطيع الحركة فيترجم عقلها الإحساس بدموع غزيرة وانتفاضة مخيفة
تنهد وهو يحاول قراءة عيناها اللتان باتتا عذابه يشعر بالحيرة في نظراتها ، كأنها لا تعلم السر وراء خوفها منه ، من الممكن ان يكون خجل ، أو خوف من التمادي وهما ليس بزوجين فعليين مسح دموعها برقة وقال وهو يتنهد : كفى نور، كفى بكاء، لن أقبلك ثانيةً إلا عندما يتم الزفاف ونتزوج فأنا لن أحتمل رفضًا آخر منك ، أو خوفًا وفزع بهذه الطريقة وأتمنى أن يخف خوفك هذا إلى أن يحين موعد الزفاف .
سكتت وحاولت السيطرة على اضطراب مشاعرها لتركن رأسها على كتفه ، لم يستطع السيطرة على ابتسامته وهي تميل لتسند رأسها على كتفه أحاط كتفيها بذراعه ليضمها أكثر إلى حضنه ويسند رأسه على رأسها قال برقة : لم تسأليني عن شهر عسلنا نور؟ ابتسمت وقالت بصدق : لا يهم ياسين ، المهم أن أكون معك .
ضمها إلى صدره أكثر وهو يتنهد ويضم كفيها بيده عقله لا يستطيع التوقف عن تفكيره في السبب وراء انتفاضتها وخوفها وبكائها فها هي تعترف بحبها له وأنها لا يهمها أين سيذهبان كل ما يهمها أن تكون معه لماذا الخوف إذن ؟
تنهد بعمق وهو يحاول إزاحة هذه الأفكار عن رأسه ليسألها مجددًا : حقًا نور ، لا يهمك أن تعرفين أين سنذهب ؟
نظرت إليه : ما يهمني أن أكون معك ، ولكن لا يضر أن أعرف أين سنذهب ؟
__ سنذهب إلى اليونان ، فأنا أحب جزر اليونان ثم أنكِ ستستمعين بها ، أنا واثق من ذلك ولكن سنسافر بعد الحفل الذي ستقيمه أمي بعد اسبوع من زواجنا .
زفر بضيق : أنتِ تعلمين العادات القديمة المتوارثة وأمي لابد أن تفعل كل شيء كما قال الكتاب .
ضحكت على ضيقه وعلى فكرة أن أحدًا ما يسيطر على ياسين ويرغمه أن يفعل ما لا يشاء .
__ حبيبي ، أنها تريد أن تفرح بك ، فكما تقول نهى أنت الغالي .
نظر لها بحب : ماذا قلتي ؟
__ قلت أنك الغالي .
قال من بين أسنانه بغضب باسم : نور أنتِ تعلمي ماذا أقصد .
ابتسمت بخبث : لا أعلم ، أكملت وهي تقف سأنصرف لعملي ، وسآخذ اجازة من غدًا بناء على أوامر السيد عبد العزيز .
ابتسم : إذن السيد عبد العزيز هو من أمرك أن تأخذي اجازة وإلا لما كنتِ فكرتي بها من الأساس .
قالت بتلقائية : لا يوسف من قال لي أني من المفترض أن آخذ اجازة لترتيبات الزفاف الأخيرة وأنا استأذنت السيد عبد العزيز وسمح لي ، سآتي بعد غدًا لأسلم الأوراق التي بحوزتي وأنصرف .
نظر إليها وسأل بضيق : متى تكلمتِ مع يوسف ؟
__ منذ قليل فهو من أخبرني عن اجتماع مجلس الإدارة . هز رأسه بضيق لتسأل بتوتر : ماذا فعلت معه ياسين ؟
نظر لها بعينين متسائلتين عن ما تقصده
لتردف بنبرة متوترة : في موضوع زواجه .
قفز واقفًا وقال بنبرة جليدية : من أين عرفتي ؟
انتفضت من قفزته والجليد الذي وصلها من صوته لتقول بسرعة : من يوسف ، هو من أخبرني .
__ وعلى أي أساس أخبرك
خفضت رأسها وقالت بضيق : أنا ويوسف أصدقاء ياسين ، ثم أنا من العائلة إلا لو سيادتك تعتبرني غريبة .
قالت جملتها الأخيرة وهي تشد عليها بعتب
أمسك كتفيها : لا نور ، ولكن هذا الموضوع يثير أعصابي
ومن فضلك لا تتدخلي به ، أرجوكِ نور .
هزت رأسها إيجابًا ليسألها : ما رأيك أن تتغدي معي اليوم
بمطعمك المفضل ؟
لمعت عيناها : لا رأي لي ، سأفعل ما تأمر به .
اندهش من جملتها ليقول بمزاح : من الواضح أن هذا المطعم يروضك !
ضحكت بسعادة : ألم أقل لك من قبل ؟
نظرت إلى ساعتها : سأذهب لأكمل عملي ، ونتقابل بعد انتهاء العمل .
قبل وجنتها بقبلة خاطفة : سأمر عليكِ بمكتبك ونخرج سويًا .
__ سأنتظرك .
***

أحلامي المزعجة Where stories live. Discover now