الفصل الرابع والعشرون

267 17 1
                                    

خرج ليرد على هاتفه وهو يشعر بترقب من المكالمة لا يعلم لماذا، ولكن قلبه يخبره أن هذه المكالمة تحمل أخبار سيئة رد بهدوء بصوته الرخيم : السلام عليكم .
صوت عملي : وعليكم السلام ، معي الأستاذ ياسين محمود شوكت ؟
__ نعم ، أي خدمة .
__ أخاك يوسف تعرض لحادث سيارة .
شعر بالرجفة تسيطر عليه : بأي مشفى ؟ هل هو بخير ؟ من فضلك أخبرني .
أبلغه باسم المشفى ليغلق الخط
شعر بإنجي وهي تتعلق بذراعه وسألته بإلحاح :
__ ما به يوسف ؟ أجبني ياسين .
تنفس بقوة ليسيطر على رجفته : أنه بالمشفى لقد تعرض لحادث سيارة .
ترنحت وقفتها ليمسك بها حتى لا تقع أرضًا
انحنى ظهرها قليلًا لتلمع القوة بعينيها وتنتصب واقفه قالت بقوة وإصرار عجيبين : خذني إليه أريد أن أراه ولا ترفض ، فمعك أو بدونك سأذهب .
نظر إلى نور بتعجب من قوتها التي لا يتخيل أن تمتلكها
لتهز الأخرى راسها بتعجب وعدم معرفة بهذا التغيير العجيب
بشخصيتها المرحة :
__ حسنًا ، ولكن لا أريد أن تعلم أمي بالخبر حتى نطمئن على يوسف .
تنحنحت نور : عندي فكرة ، أخبرها اننا سنلتقي بيوسف ونخرج جميعًا .
رد بهدوء : فكرة جيدة ، ارتدي ملابسك نور وأنتِ الأخرى إنجي، وأسرعا .
تحركت نور لتتعجب من عدم حركتها واقفة تتذكر جميع مواقفهما معًا كأنه شريط سينما يعرض أمامها ، منذ أن كانا صغار إلى الآن وهما بالمدرسة معًا ،وعندما كان يأتي لها بلندن ويوم زواجهم ، وشهر العسل الذي قضياه بالريف الأوروبي شهرًا كاملًا ثلاثون يومًا يتنقلان معًا من مدينة إلى بلده إلى بلد أخرى بالقطار ،ويوم مشاجرته مع معتز وغضب ياسين يوم تلقيه لخبر حملها والذي أصر أن يحتفل به مهما حدث أجفلت من فكرة أنه من الممكن أن يتركها لتدمع عيناها
رتبت نور على ظهرها : إنجي ارتدي ملابسك حتى نذهب .
رأت نور الدمع بعينيها لتكمل : لا تقلقي سيكون بخير .
ردت وهي تجاهد أن لا تنهمر دموعها : غصبًا عنه ، ليس برضاه، سيكون بخير وسيبقى معي كما وعدني آلاف المرات .
توترت نور من ردها ليشعر ياسين أنها مجنونة بالفعل .
رد بهدوء : حسنًا ، هيا اجهزا حتى لا نتأخر .
***
وصلوا إلى المشفى الراقد بها يوسف ونور تشعر بالتعجب من إنجي فهي لم تصمت عن الثرثرة
ارتسمت على وجهها علامة تعجب كبيرة منها ، فهي تكلمت معها بكل شيء حتى الطبيخ ، نظرت إلى ياسين بعد نزول إنجي من السيارة وهما يسيران بجانب بعضهما بتعجب منها ليقول بهدوئه المعتاد :
__ لا تتعجبي نور ، أنها تسيطر على توترها ، إذا صمتت ستجن من الأفكار التي ستداهمها عن وضع يوسف الصحي فتثرثر حتى تشغل عقلها وينتبه إلى أشياء أخرى غير الحدث الذي لا تريد أن تفكر به .
نظرت إليه وشعرت بالغيرة من تحليله للموقف :
__ هل تعرفها لهذه الدرجة ، أنت تفهم تصرفها جيدًا ؟
نظر إليها : أنتِ تشعرين بالغيرة ،أليس كذلك ؟
عمومًا لا أنا قرأت عن حاله كهذه من قبل و عندما بدأت إنجي بالثرثرة علمت أنها تقوم بتمويه لعقلها ، أين هي ؟
__ لا أعلم أعتقد أنها تقدمت علينا ،هناك تسأل بالاستقبال .
مشى سريعًا لتقول بسرعة وبارتياح : أنه بالدور العاشر وبغرفه عادية .
زفر ياسين بقوة : الحمد لله .
ركضت من أمامه ليصيح : انتظري
نطقت وهي تدلف الي المصعد : تعالا على راحتكما .
تمتمت نور بتعجب: أنها بالفعل مجنونة ياسين !
لم يستطيع كبح ضحكته فوجه نور كان معبرًا عن حاله شديدة من الاندهاش والتعجب ولكن ما أضحكه فعلًا أن أخاه سليم ردد مرة أخرى : الحمد لله ، هيا نور لنصعد إلى يوسف أريد رؤيته حتى يطمئن قلبي أكثر .
__ لا تقلق حبيبي سيكون بخير
صعدت إلى الغرفة لتطرق الباب وتدخل فورًا تنهدت بارتياح وهي تراه جالسًا على الفراش لتركض إليه وتجلس بجانبه : أنت بخير ، أليس كذاك؟
ابتسم بوجهها : نعم ، لا تقلقي ،
تفحصته ليقول : كسر بذراعي الأيمن ورجلي اليسرى والتواء بسيط برقبتي ،وقال بحزن شديد ولكن السيارة رحمها الله .
نبرته الحزينة جعلتها تتأهب لمصيبة ليبلغها عن السيارة
لتقذفه بحقيبتها بوجهه فيقهقه ضاحكًا ويسحبها من يدها التي تضرب صدره بها ويضمها إليه وينثر قبلاته المرحة على رأسها: أنا بخير يا قلبي لا تقلقي .
دمعت عيناها ودفنت رأسها بصدره أكثر : كدت أن أموت قلقًا عليك ، وأنت تقول السيارة ، فداك مائة سيارة حبيبي .
ابتسم بحب لتقترب منه وتقبله بحب شديد : لا تفعل ذلك ثانيةً .
استمتع بالقبلة ليقول بنبرة عاشقه : لا تقلقي أنا بسبعة أرواح .
وصلا إلى الغرفة لينظرا من خلال الزجاج المعركة الدائرة بين إنجي ويوسف رفع ياسين حاجبيه من هذه المجنونة التي تحاول أن تضرب زوجها ومن أخاه الأكثر جنونًا الذي يضحك منها وفجأة تحول المشهد أمامه إلى حب وغرام واضح بين الاثنين لينتهي بقبلتها التي لم يكن يتوقعها  تمامًا
احمر وجهه خجلًا لينظر إلى نور التي أعطت ظهرها للمشهد بأكمله
تفكر بما رأته امامها عقلها يحدثها بأن هذه الفتاه غير طبيعية
تتذكر تقبيلها ليوسف وتندهش ألا تخجل أن تقبله هكذا ، نعم أنه زوجها ولكنها بمكان عام ومن الممكن أن يدخل عليهم أي أحد ، دون سابق انذار انتبهت إلى صوت ياسين :
__ نور ، ألن تأتي معي ؟
رفعت عيناها لترى الاحمرار الذي على وجهه لتبتسم وهي تفكر أن ياسين نفسه خجل من الموقف
تمتمت بهدوء : عجيبة !
ابتسم ياسين عندما رأى وجهها بلونه الأحمر القاني وحدث نفسه عندما سمع تمتمتها طبعًا نور ، أنتِ خجول للغاية وهي تحيا كالأوربيات ، لا يهمها أحد غير يوسف وأنتِ تقدمين الناس جميعًا على مشاعرك .
طرق الباب بهدوء ليدخل وهو يبتسم : أنت بخير ؟
ابتسم بسعادة : نعم ، أنا بخير لا تقلق مجرد كسور بسيطة ، الطبيب أخبرني أني نجوت بمعجزة .
__ الحمد لله .
ابتسمت : حمدًا لله على سلامتك يوسف .
__ سلمك الله ،أنتِ التي ستتحملين نتيجة الحادث فأنا لن أستطيع الذهاب إلى العمل هكذا وأنتِ وزوجك من ستذهبان إلى الشركة .
نطق ياسين بهدوء قاطع : أنا سأذهب ،سأضطر لإلغاء السفر في الوقت الحالي حتى تتحسن وتفك ذراعك ولكن نور ستكمل اجازتها .
نظرت له بتعجب ولم تشأ أن تتناقش الآن معه .
طرق الباب ليدلف الطبيب : السلام عليكم ، كيف حالك الآن ؟
ابتسم يوسف : الحمد لله .
نظر الطبيب إلى ملفه ليقول : أنت بخير وتستطيع الانصراف الآن، اهتم بحركتك ، وأنصحك بالراحة الفترة القادمة حتى لا تتأثر رجلك ، فكسر رجلك شديد .
__ إن شاء الله .
خرج الطبيب ليسأل ياسين بهدوء : ماذا حدث ؟
نظر له يوسف وقال بمرح : لا شيء ، إن حوادث السيارات الآن كثيرة .
نظر له بتفحص : قص لي الحادثة .
قال بارتباك : كفى  ياسين ، المهم أني بخير .
قال بقوة : إذن هي مدبرة ، ليست قضاء وقدر

أحلامي المزعجة Where stories live. Discover now