الفصل الثاني عشر

293 14 0
                                    


أنطلق إلى أخيه في مرآب الشركة فلقد شاهده متجهًا إليه منذ قليل رآه يتحرك بالسيارة ،فناداه بصوتٍ عالٍ وهو يركض إليه : ياسين .
أوقف السيارة وترجل منها وعلامات الخوف على وجهه : ماذا حدث ؟
__ لم يحدث شيء، أريد أن أطلب منك شيئًا .
نظر إليه مستفهمًا ، ليردف الأخير: من فضلك إن نور متعبة وتنتظر سيارة أجرة بالخارج ، هل تسمح بتوصيلها ،من أجلي؟!
عم الوجوم على وجهه ، وبهت من الصدمة فها هو أخاه يطالبه بما لا يحتمله
رد ببرود اتقنه : لما لا توصلها أنت؟
ابتسم يوسف داخليًا فأخيه تعمد البرود ، برغم أنه قصد استفزازه ،رد بابتسامته المعهودة: للأسف ، لدي بعض الأمور التي يجب أن أنهيها ، وإلا لقمت بتوصيلها طبعًا
لمح الآن الغضب يلمع في عيني ياسين ليردف بسرعة
__ ها ، أستوصلها أنت ،أم ماذا ؟
ابتلع ريقة بصعوبة وقال بجفاف : حسنًا ، سأوصلها
لا يعلم لماذا وافق على أن يقلها إلى منزلها ، ولماذا حشر نفسه في هذا الجحيم ، يقوم بتوصيلها من أجل أخيه ، تجلس بجانبه ولا يستطيع التصرف معها بحريته
فهي من أجل أخيه ، ستصبح ملكًا لأخيه شعر بالصداع يزداد عليه ليقسم عقلة إلى نصفين من الألم
حرك السيارة بهدوء للخارج ، فرآها واقفة أمام مدخل الشركة ، عند النظر إليها ،شعر بأنها تحاصره من جميع الجهات ، تنفس بعمق حتى يتخلص من هذا الحصار الذي يتحول إلى احتلال في غضون ثواني وقف بآلية ، وفتح باب السيارة من الداخل ليقول بهدوء : اركبي .
تقف منتظرة  أيًا من سيارات الأجرة تمر عليها ، وهى تشعر بتعب شديد فهي لم تتتناول أي طعام من الصباح ، فكرت أنها من الممكن أن تكون واقفة في الاتجاه الخاطئ لكنها لا تستطيع المشي ، فإذا تحركت ولو قليلًا ستتعرض إلى الإغماء ثانيةً ، لامت نفسها على رفض عرض عمر في أن تعود معه ، ولامت نفسها أيضًا على عدم تناولها الفطور لتفاجئ به هو وسيارته الفخمة أمامها يقف بهدوء ويفتح باب السيارة ليقول لها أن تركب معه
اندهشت في بادئ الأمر ، وانحنت لتسأله : ماذا تريد؟
زفر بضيق : تفضلي لأوصلك .
تعجب من سؤالها فالأكيد أن يوسف أقنعها بركوبها  معه بدلًا منه لأنه مشغول
ردت باستغراب : لا شكرًا ، سأستقل سيارة أجرة.
غضب ليجز على أسنانه : لما ، إن شاء الله ألا تأمنين على نفسك معي ؟!
ليردف بالجملة التي يختزنها في صدره ويقولها بغضب ومرارة : ما الفرق بيني وبين يوسف لتذهبي معه وأنا لا ؟!
رفعت حاجبيها بدهشه وهزت رأسها بعدم استيعاب :ماذا تقول؟
ترجل من السيارة بغضب : أكنتِ سترفضين عرض يوسف بأن يقلك إلى المنزل ؟! ، لماذا لا تركبين معي إذًا ؟
آها نسيت أنا ، أنه مختلف عني فهو حبيب القلب .
لم تستطع التماسك ولا السيطرة على مشاعرها
__ اخرس ، لم أركب مع يوسف أبدًا ولا يوجد شيء بيني وبينه من الأساس ، ولن أسمح لك مرة أخرى بهذه المعاملة وإذا كانت على الوظيفة ، فأنا لا أحتاجها ، سأقدم استقالتي لأريحك مني نهائيًا .
الغضب الذي دب في أوصالها جعلها تسير بسرعة ، تدق الأرض بقدميها غضبًا ،تتجمع الدموع بعينيها وتشعر باختناق روحها ، لم تتعرض لسوء الظن من قبل أبدًا
ومنه هو بالخصوص كان سوء الظن إزهاق لروحها
ظنت أنه مختلف عن الآخرين، ظنت أنه يفهمها جيدًا من نظراته التي تخترقها ،لا تعلم لما هي حزينة ولكنها تشعر أنها مثقلة بالهموم !!
فغر فاه استيعابًا ودهشه مما قالته فقد الجمه ردها وعندما أدرك ما قالته كانت اختفت من أمامه ، لا يعلم أيفرح من أنها لا تحب أخيه ،أم يحزن على الموقف الذي ستتخذه منه بعد الآن ، تفاجئ بأنها أخبرته باستقالتها  ، فلا يوجد بعد الآن ، ألن  يراها مرة أخرى ، رن السؤال في عقلة لينتفض من مكانه بسرعة ويركب سيارته وينطلق ورائها سيفهمها الآن ما يحدث ،حتى لو ذهب الى منزلهم

****

عبر باب شقته بحزن وهم يجتاح كيانه ، فالمنزل لا يطاق بعد رحيلها عنه ، والشقة تذكرة بجميع الأحداث التي مرت بهما معًا سواء كانت سعيدة أو حزينة
عطرها لازال في الاجواء ، ينتظرها أن تأتي لتستقبله كعادتها ترتمي بأحضانه وتقبله على وجنتيه كما كانت تفعل دائمًا ، ولكن أين هي ؟! لقد رحلت عنه وتركته في شقاء دائم زفر بضيق وهو يرمي بجسده وروحه المنهكة على الأريكة التي طالما ابتلعتهما معا ليزداد عطرها في الهواء ، كثير من الأصدقاء نصحوه بأن يترك هذا المنزل حتى يستطيع النسيان ، ولكن هذا المنزل الذكري الوحيدة التي بقيت منها
شعر بعبيرها يزداد ليتخيلها بجانبه فاحتضنها وأغلق عينيه وسقط نائمًا

***

لم يتعب في أن يلاحقها فعند أول الشارع وجدها واقفة  ، أوقف سيارته معترضًا طريقها ونزل مسرعًا ووقف أمامها وامسكها من كتفيها
__ نور ،من فضلك اسمعيني.
فوجئت به يعترض طريقها بسيارته وينزل منها مهرولًا إليها
أسرعت خطواتها لكنها لم تكن سريعة بما يكفي
وهو يسد بجسده الضخم طريقها ، ويخبرها بأن تستمع إليه.
نظرت إليه في حدة والغضب يقفز من عينيها
__ من فضلك ابتعد عني ، ولا تضع يدك على ثانيةً.
انتفض من لهجتها ليتمتم : آسف لم أقصد أن أمسكك هكذا ولكن من فضلك اسمعيني.
هتفت بحدة : ماذا تريد ؟
__ أريد الاعتذار عما قلته لكِ ، فلم أقصد ما فهمتيه.
__ لا بل قصدته وأنا لست غبيه ، فكان معناه واضح
كوضوح الشمس .
تنهد باضطراب : أيمكن أن أطلب منك أمرًا؟
رفعت حاجبيها : لا ليس ممكنًا أن تطلب مني أي شيء
نحن الآن خارج العمل وليس بيننا أي علاقة تجبرني على الاستماع إليك .
قال بتوتر: ألسنا اصدقاء؟
نظرات عيناها الغاضبة والحدة المرتسمة على وجهها
جعلته يزفر بضيق ويفرك يديه ببعضها
__ أستحلفك بالله نور ، لا تغضبي ،واستمعي إلي.
لمح  وجهها يلين ليكمل : هل من الممكن أن تأتي لنتكلم في أي مكان ،فلن أن أستطيع أن أتكلم معك هكذا والمارة يشاهدونا ، من فضلك نور  أي مكان  تختاريه أنتِ ، أريد أن أتكلم معكِ .
__ حسنًا ولكني لن أركب سيارتك .
__ لماذا ؟
رفعت حاجبها الأيمن بغضب وهي تجز على أسنانها لتنطق عيناها بما قاله من قبل
فأردف : حسنًا استقلي سيارة أجرة وسأتبعكما أنا.
أومأت موافقة ، وهي لا تعلم سبب موافقتها على عرضه ، حدثت نفسها شيء بصوته حسها على الموافقة
شيء داخلها يأمرها بالاستماع إليه والذهاب معه إلى آخر الدنيا .
أوقف سيارة الأجرة ،  لتنتبه على صوته : هيا اركبي، إلى أين تريدين الذهاب ؟
أردف :ما رأيك أن نذهب إلى مطعم ..........
هذا هو المطعم الذي اصطدمت به فيه ،مطعمها المفضل
لم تقو على الاعتراض ولا تعلم لماذا ، هزت رأسها موافقه
فأبلغ السائق بالمكان وفتح لها الباب لتركب : تفضلي .
اندهشت من تصرفه ولكنها دلفت إلى السيارة بهدوء ، فأغلق الباب وتحدث مع  السائق الذى تبين أنه لا يعرف المكان المطلوب :اتبعني
أسرع إلى سيارته ليديرها ويتحرك أمام السائق الذي اتبعه .
ركنت رأسها على زجاج الشباك في تعب وهي تفكر ماذا يريد منها ، حدثت نفسها لا تتعبين عقلك أكثر من اللازم كلها ربع ساعة وتعلمي
يقود السيارة وهو يشعر بالتوتر من الموقف كله يحاول ترتيب الحديث برأسه حتى لا يتفوه بما يغضبها أكثر من ذلك
نطق بهدوء : استغفر الله العظيم .
تنفس بقوة ليستطيع السيطرة على أعصابه وصل إلى مكان المطعم فصف سيارته وترجل  مسرعًا منها ليجدها تترجل من التاكسي بدورها ،هم بنفح السائق نقوده فصاحت  : من فضلك سأحاسبه أنا.
قال بهدوء فهو لا ينوي أن يفتعل مشكله على هذا الشيء الصغير : من فضلك لا تحرجيني هكذا .
انحنى وحاسب السائق وهى تتلوى من الغضب على تجاهله لرغبتها
انصرف الرجل وهو يلتفت إليها : هيا بنا .
نظرت إليه بغضب ليهمس بهدوء : سنتفاهم بالداخل .
سارت أمامه فتنفس بقوة وحاول اللحاق بها
فتح باب المطعم ليسمح لها بالمرور من أمامه بتهذيب جم
أسرع أحد العاملين يرحب به ويصحبهما إلى طاولة تقع بآخر المطعم ، وهو يعتذر إلى ياسين أن طاولته المفضلة اليه ليست متاحة ، شكره ياسين
والتفت إليها : تفضلي نور .
جلست بتعب فسألها بهدوء : هل أنتِ متعبة؟
اندهشت من سؤاله كيف شعر بتعبها: قليلًا .
__ ماذا تريدين أن تتناولين على الغداء ؟!
قالت بحدة : من قال لك أننى سأتغدى معك.
تنحنح من حدة نبرتها : نحن في مطعم مرموق وقت الغداء ، من المؤكد أننا سنتغدى .
نظرت إليه : أنا أتيت إلى هنا لأسمعك ، بناءً على رغبتك أنت فقط أيضًا.
شددت على كلمة فقط الأخيرة
نظر لها بهدوء: لا ضرر من تناول الغداء
همت بالاعتراض ليرفع كفه أمامها : من فضلك لا تجادليني سأطلب الأكل ،ولا تؤكلي منه .
رفع يده ليأتيه النادل فورًا طلب أشكال من الطعام مختلفة وهو متعمد ذلك فهو لا يعلم ما تفضله ، أحضر لنا كوبين من العصير المثلج أولًا التفت إليها : ام تفضلين القهوة؟
ردت باقتضاب: لا شكرًا .
عبس من لهجتها ليقول للنادل : شكرًا لك .
عند مغادرة النادل لهم قالت بنفاذ صبر
__ أنا أسمعك .
نفض رأسه من اسلوبها وخيل إليه أنها واحدة أخرى غير نور التي يعرفها وتعامل معها : عفوًا .
قالت بحدة وغضب : أنا أسمعك ، أنت تريد محادثتي أليس كذلك ؟!
ابتسم : نعم أريد محادثتك
تنهد بقوة : لا أعلم لمَ قلت لكِ هذا الكلام ، ولكن يوسف جاء إلي وطلب مني أن أوصلك ، لأنه لن يستطيع ذلك بسبب بعض الأمور التي عليه إنجازها فتوقعت موافقتك ، و لكني فوجئت برفضك فشعرت أنها إهانة لي وأنكِ لا تأمنين على نفسك معي .
صمتت قليلًا وهي تفكر في الحديث لتقول بغضب : ولكن هذا لا يفسر اتهامك لي بأنني على علاقة مع أخيك.
ابتلع ريقة بصعوبة وهو لا يعلم ماذا يقول
__ المعذرة لم أكن أقصد
نظرات عينيها الغاضبة أجبرته على التراجع
ليأتي النادل بالعصير وينقذه من السؤال الذى لا يوجد له إجابة غير اعترافه بأنه يحبها
وضع النادل أكواب العصير وغادر بهدوء
اقترب بجسده من الطاولة: من فضلك اشربي العصير
قالت والإصرار ينطق في عينيها : لم تجاوبني
شعر بأن حلقه جاف فابتلع كمية من العصير
__ المعذرة إن جرحتك ، ولكن طريقة معاملتك مع يوسف مختلفة عن تعاملك مع الآخرين ، أنا رأيت كيف تتعاملين مع طارق وكيف تتعاملين مع يوسف ، وطريقتك مختلفة كاختلاف السماء عن الأرض ، ممكن أن يكون التبس علي الأمر، أكرر اعتذاري .
__ لا بد أن تكون طريقتي مختلفة ، فأنا أعرف يوسف لمدة ثلاث سنوات كان نعم الأخ والصديق دائمًا محترم لا يحتك بالفتيات يمزح معنا ويساعدنا ويشرح لنا دروسنا أيضًا في حدود الاحترام والمودة ولم يتطاول أبدًا على إحدانا حتى الشباب زملائنا يكنون له الاحترام والمودة
نطقت بغضب : أما هذا الطارق فمثال للشباب المنحرف ويثق بان الفتيات سيركعن تحت قدمية لمجرد رؤيته وأنا أمقت هذه النوعية من الشباب ، وكان لابد أن أتعامل معه بهذه الطريقة .
ابتسم بإعجاب من تفكيرها وأنها تكره الشباب من نوعية طارق
سأل بهدوء والابتسامة على شفتيه : ما النوعية التي تفضليها إذًا ؟
__ نوعية ماذا؟
__نوعية الشباب .
نظرت إليه بحدة ليقول بابتسامة تشرق وجهه : أنه مجرد سؤال ، لا أكثر ولا أقل
همس : هل تسمحين بإجابته ؟
__لا يوجد لدي نوعية مفضله .
__كيف لكل فتاه فارس للأحلام؟
ضحكت بتوتر وهى تفكر في الكوابيس التي تزورها كل ليلية لتعلم لما ليس لها فارس للأحلام
جاوبت بهدوء: لا ليس عندي مواصفات .
اندهش من جملتها ليستشف الحزن والهدوء اللذان سيطرا عليها
جاء النادل بأنواع الطعام الذي طلبه ياسين لتشعر فجأة بالجوع ،فرائحة الطعام الشهي دغدغت حواسها وجعلت احساس الجوع يقفز إلى عقلها ويطالبها بالأكل
قال بهدوء: من فضلك تناولي الطعام معي.
لن تستطيع الرفض وإذا رفضت هي فحاجة جسدها للأكل ستغلب عقلها وتسيطر عليه
أكمل : لا أعرف نوعية طعامك المفضل ، ولكن إذا تريدين شيئًا آخر أطلبه لكِ.
__ لا أشكرك.
بدءا بتناول الطعام وهو يقول: أتعلمين هذا هو مطعمي المفضل .
ضحكت لتقول : وأنا أيضًا.
__ حقا .
__ نعم وعمر إذا أراد مصالحتي أو تدليلي يأتي بي إلى هنا وهو يقول لي دائمًا أني أفقد عقلي هنا أمام الطعام وأرضى عنه سريعًا .
ضحك ليميل إلى الأمام ويهمس لها : إذًا رضيتي عني أنا الآخر.
نظرت إليه لترى الدفء واضح بعينيه ، أبعدت عيناها عنه والصمت يخيم عليهما
قال بهدوء: من الواضح أنكِ ما زلتِ غاضبةً مني ؟
__ لماذا تريد مصالحتي ، أو حتى لماذا تريد أن أرضى عنك؟!
مال رأسه لينظر لها بحنان : أحقًا لا تعلمين ؟
نظرت إليه والدهشة تملئ عينيها وهزت رأسها بنفي: لا أعلم .
ابتسم وهو يكمل غداؤه : إذًا يومًا من الأيام ستعلمين
أردف بغموض : أكملي غدائك ، وإذا لم ترضين عني الآن سأصحبك إلى هنا كل يوم حتى ترضين عني
قال جملته كأنه أمر مسلم به ، وأنها سوف تأتى معه يوميًا إذا أراد ، لم تعترض على جملته ، بل شعرت بالسعادة تغمرها
ولا تعلم لما أكملت غدائها بهدوء وهو يتكلم معها كأنهما يعرفان بعضهما منذ سنوات

*****

دخل إلي القصر ليسمع جلبة يمنى واضحة وصوت لعبها يجلجل في القصر ، شاهد أمه الجالسة وبجوارها نهى ويمنى تعبث بكل ما تصل يديها إليه
تقدم بهدوء إلى الداخل : السلام عليكم يا أهل الدار
تقدم من أمه ليسلم عليها ويقبل رأسها ، ليحتضن أخته ويقبلها : كيف حالك يا اختاه ؟
لتسرع الصغيرة إليه : أهلًا يا مفعوصة كيف حالك ؟
ضربته نهى بإحدى الوسادات : كف عن مناداتها هكذا .
ضحك على مضايقتها من اللقب الذى أطلقه على ابنتها
ليجلس الفتاه على رجليه
نهى : ما أخبارك يوسف ؟ وكيف كان عملك ؟
__ الحمد لله ، اليوم طويل ومتعب جدًا أنا جائع ألن نتناول الغداء ؟
الأم : سننتظر أخاك.
أمال على أخته : أريدك في موضوع هام .
همست له : ما الأمر ؟
أجابها بصوت خافض : اتبعيني فلا أريد الكلام أمام أمي .
__ حسنًا .
قال بصوتٍ عالٍ وهو يقبل خد يمنى ويوقفها أرضًا : حسنًا سأذهب إلي غرفتي لأغير ملابسي واستريح حتى يأتي ياسين .
التفت إلى نهى : أين زوجك ؟
__ أنه مسافر مع العمل وسيأتي غدًا .
__ إذًا أنتِ باقيه معنا الليلة ، شيء جيد حتى أستطيع أن أشبع من مفعوصتك
ركض من أمامها حتى لا تضربه بإحدى مخدات الكنب
لتضحك هي وأمها عاليًا
رددت الأم بهدوء : لن يعقل
__ ما به أمي ، فهو من خيرة الشباب ، أنه مرح لا أكثر وعندما سيتزوج سيستقر إن شاء الله كما تريدين ، سأذهب بيمنى إلى أم محمود لتطعمها.
ذهبت من أمام أمها بابنتها إلى الدور العلوي لتترك الفتاه في رعاية أم محمود وتسرع خلف أخاها
طرقت الباب بهدوء لتسمع صوته : تعالى نهى .
وجدته واقف في وسط الغرفة
سألت بريبة : ما الأمر ؟
ابتسم ملئ شدقيه : أخانا الاكبر واقع في الحب .
نظرت إليه مطولًا : اه ، أنت جننت أليس كذلك؟
ضحك عليها فهو رد الفعل الذى كان يتوقعه
__ لا والله أنا أقول الصدق ، وأريد مساعدتك ليتم الأمر
فأنتِ تعلمين ياسين من الممكن أن يفسده .
جلست : لا ، أريد أن أعلم بالضبط ما يحدث ؟
قص عليها ما شاهده في حفل الزفاف إلى سعادة أخيه العارمة بعد رؤيته لها ، لمظاهر الغيرة الواضحة علية
وغضبه الشديد لاقتراب طارق منها واقترابه هو أيضًا
فغرت فاها لتستوعب ما يحدث : هل تتكلم عن نور صديقتك؟
__ نعم
ردت سريعًا : إن أمي تريد أن تخطبها لك .
رد بسرعة وغضب : ماذا؟ هل أنا فتاه لتخطب أمي لي .
__ لا يا أستاذ ، بل طريقة معاملتك لها جعلتنا نظن أنك تحبها .
انتبهت إلى الكارثة التي حدثت لتضع يدها على فمها
__ يوسف إن أمي تكلمت مع ياسين البارحة في أمر خطبتك لنور ، آها الآن علمت لما كان غاضبًا في الصباح ، إن أمي قصت لي أنه تغير البارحة بعد علمه بالأمر وكان حادًا معها في الصباح .
زفر يوسف بضيق : لذا كان متغير معي اليوم ، ليخبط رأسه بيده : أنها كارثة لو ظن أن بيني وبين نور شيء ولذا طلبت منه أن يوصلها .
__ ماذا تقول ؟ لا أفهم
روى لها ما حدث وأنه طلب من أخيه أن يوصلها من أجله
__ خفت أن أخبره أنني أعرف بأمر مشاعره يكابر كعادته ويعلن عدم اهتمامه بالأمر، فقلت أُحدث شهامته فهي غالبًا ما تنتصر على عقل ياسين.
__ أيها الغبي ، لقد أكدت له ما قالته أمي .
__ الآن ماذا سنفعل ؟
__ لا أعلم ، ولكن لا بد من إخبار أمي بأنك لا تريد أن تتزوج نور ، لن نخبرها بأمر ياسين حتى يتحدث هو .
هز رأسه موافقًا : سأترك لكِ موضوع الخطبة هذه .
__ حسنًا ، وأنت ما أخبارك ؟
سألت بنبرة ذات مغزى
ليبتسم بوجهها : ستأتي الجمعة المقبلة .
اتسعت عيناها دهشه ممزوجة بالفرح : حقًا .
هز رأسه بسعادة
ارتبكت : يوسف هل أنت مستعد لمواجهة ياسين ؟
زفر بضيق : لا ، أعرف جيدًا العقبات التي تقف في طريقي
و مدى كره ياسين لهذا الأمر ، لكني أحبها يا نهى ،سأتحدى الدنيا كلها من أجلها ، كما فعلت هي.
رتبت على كتفه : موفق ، إن شاء الله .
ردد بهدوء : إن شاء الله
تركته لتذهب إلى أمها وتبلغها بقرار يوسف
لم ترد أن تخبر أمها بأن يوسف سيرفض الأمر، فهي تعلم بقراره جيدًا ، كانت تأمل أيضًا أنه استطاع النسيان لتفاجئ بأنه ينتظر على أحر من الجمر ، لا تعلم ما موقف ياسين حيال هذا الأمر دعت بهدوء : فليمررها الله على خير .

***
نظرت في ساعتها لتجدها السابعة والنصف لتنتفض واقفه
__ لا بد أن أذهب فقد تأخرت جدًا، لا أعلم كيف الوقت مر هكذا سريعًا .
ابتسم بهدوء : حسنًا ارتاحي من فضلك ولا تجزعي ، لن تتأخري .
نادى النادل ليحاسبه ويقف هو بدوره
__ تفضلي ، سأوصلك
رفع يده : ومن فضلك لا تعترضي .
ابتسمت وهى تبلع اعتراضها
فتح إليها باب السيارة : ستتشرف السيارة وصاحبها بخدمتك.
ابتسمت بخجل من مزحته : أشكرك على مدحك العظيم .
ضحك بسعادة لتلمع عيناه ارتكن على باب السيارة وهى تهم بالدخول إليها همس بجانبها : نور
التفتت إليه لتجده قريب منها جدًا لا يفصله عنها إلا باب السيارة
تلاقت عيناها بعينيه لتبحر بهما فهي تريد أن تعرف ماذا يريد وما هي الكلمات المبهمة التي تطل منهما
أجابته بهدوء: نعم
ابتسم ابتسامه رائعة لم تراها من قبل : أشكرك .
دخلت بسرعة إلى السيارة ليغلق الباب بهدوء
وهو يشعر بأنه طائر بالسماء لا يمشى على الأرض
جلس في مقعده وهو يشعر أن كل أمانيه تحققت اليوم
سألها بهدوء :هل لديك موعد ما تأخرت عليه أم أنكِ تأخرت في العودة ؟
__ لا عمر اليوم ذاهب لشراء الشبكة وسأتأخر هكذا عليه .
رد بابتسامه : مبارك ،  العقبي لكِ .
رد ت بهدوء : بارك الله فيك ،  والعقبي لك أنت الآخر.
ابتسم بسعادة : قريبًا إن شاء الله  .
عقدت حاجبيها وشعرت بالخنقة من جملته لتسأله سريعا دون تفكير : أستتزوج قريبًا ؟
التفت إليها بدهشه فصوتها خرج مخنوقًا نظر إلى عيناها فتبين له أنها غير سعيدة بالفكرة
سألها بخبث : نعم ، ما رأيك ؟
ردت بحدة : وما علاقتي بالأمر ؟
ابتسم : ألسنا اصدقاء ؟
نظرت إليه غاضبه : افعل ما يحلو لك .
قال والشقاوة ترقص بعينيه : سأفعل إن شاء الله .
أردف :ها قد وصلنا
انحنى فجأة ناحيتها ليمسك يدها ويلثمها برقة : أشكرك نور على منحي السعادة اليوم فقد قضيت أسعد وقت في حياتي اليوم .
انتفضت من حركته وجرأته معها لتندهش أكثر منه وهو يردف: ألا تعلمين حقًا لما أبحث عن رضاكِ ؟
هزت رأسها بنعم ،
نظر إلي عينيها ليقول بهمس : فكري قليلًا ستجدين الإجابة
أنا أثق بذكائك نور .
أخيرًا أطلق يدها من يده لتسرع مغادرة السيارة
وهى تشعر بأن الحيرة تسيطر على عقلها والارتباك يعصف بأوصالها والسعادة ترفرف بجناحيها على حياتها .

********

أدار سيارته وهو يشعر براحة كبيرة ، فكرة الزواج تسيطر على عقله وتجعله يفكر ماذا سيفعل مع أخيه؟
أنها لا تحبه وهذا يجعل المهمة أسهل ، ولكن إذا كان يوسف يحبها هذه هي المشكلة ، لا يعلم ماذا سيحدث
وصل إلى القصر وصف سيارته
وهو يهم بالدخول سمع أصوات مرتفعة بالداخل تبين أنها صوت أمه وصوت يوسف أيضًا
دخل بسرعة ليسلم على نهى ، ويقول بصوت مرتفع : ماذا يحدث؟
ردت أمه بصوت غاضب : أخاك المبجل لا يريد الزواج
ابتسم براحة ليلتفت إلى يوسف : حقًا .
ليرد يوسف بهدوء : نعم لا أعلم ما الضرر فإني لا أريد الزواج من نور .
__ أنها مناسبة لك . ردت الأم .
رد بعصبيه : أنا لا أريد أن أتزوجها أمي ، إنها مجرد صديقتي لا أكثر.
سأل ياسين بهدوء : لماذا يا  أمي تتمسكين بها هكذا ؟
__ أنها فتاه جميله مؤدبه وهي حفيدة اللواء إسماعيل صديق أباك وأنا أرحب بنسب هذه العائلة ، أنت من تسألني وأنت تعلم جيدًا مميزاتها .
رد بهدوء : نعم أعلم ، بالتأكيد أعلم.
نظر يوسف إلي نهى ليبتسما الاثنان فنبرته الحنون حملت إليهما الكثير من المعاني
رد يوسف : أمي من فضلك أغلقي هذا الموضوع .
نظرت الأم غاضبه إليه لتلتفت إلي ياسين بحنيه
__ هل تغديت حبيبي ؟
ابتسم وهو يتذكر لقائهما معًا والغداء الذي لم يستمتع به هكذا من قبل ، تكلما كثيرًا ، شعر أنه يعرفها منذ زمان ، وأنها قريبه منه كثيرًا ، فهي خلقت له خصيصًا
انتبه على يد أمه وهى تهزه : ياسين .
كتم يوسف ونهى ضحكتهما وهما يجلسان متجاوران
ليهمس لها يوسف : ألم أقل لك ؟
__ نعم أنا صدقتك الآن ، أنه متيم بها .
__ لا أمي لقد تغديت
نظر إليهما : ما بكما أنتما الاثنان تتهامسان ؟
نهى : لا شيء ياسين
__ حسنًا سأصعد إلى غرفتي
صعد لينظرا إلى بعضهما وابتسما بسعادة من أجل سعادته .

******

دخلت إلي بيتها مسرعة ،صعدت إلى غرفتها وبدلت ملابسها حتى تستطيع اللحاق بمود عمر  ،تشعر بالحيرة من أمره معها ولكنها لا تريد التفكير الآن ، تريد الشعور بالسعادة التي تغمرها
اختارت ملابسها بألوان الربيع المبهجة لتعكس شعورها الداخلي بالسعادة
سمعت صوت عمر من البهو: نور أنتِ جاهزة
خرجت مسرعة له : نعم .
__ إذًا انزلي لا وقت لدينا فأنا تأخرت وأنا اتي بسيارتي من عند الميكانيكي.
__ حسنًا .
اندهش من مظهر أخته السعيد ، ولمعة عيناها التي انطفأت منذ وفاة والديهما وإشراق وجهها الذى عاد
سألته عندما أطال النظر إليها : ما الأمر ياعمر ؟
__ لا شيء حبيبتي منذ فترة لم أركِ سعيدة هكذا .
تأبطت ذراعه: هيا حتى لا نتأخر .

*******

تكلم صديقتها في الهاتف وهى تضع طلاء أظافرها المفضل
لوت شفتيها بزعل : نعم سماح ، ستذهب اليوم لتشتري شبكتها
نعم ، فازت به هذه المفعوصة
من قال هذا لن اهنيها عليه
ولكني أنتظر الوقت المناسب ، ولابد من أخذ حذري من بسنت ، فأنتِ تعرفينها جيدًا قويه وأنا لا أريد مواجهتها والخسارة أمامها
لا لم أرد الذهاب معه
سأجعلها تطمئن من ناحيتي
لا أعلم ما يحب بها ، رفضني هذا المغرور ، سأذيقه الجحيم على رفضه لي
حسنًا سأذهب الآن ، سلام .


*****

افاق من نومه على صوت الهاتف ليكتشف أنه في المساء
محتضن إحدى وسادات الأريكة نظر إلى الساعة ليجدها تجاوزت السابعة
نظر إلى هاتفه ليشرق وجهه : السلام عليكِ حبيبتي
كيف حالك ؟ أنا بخير الحمد لله أفتقدك جدًا ، متى ستأتي ؟ حسنًا سأكون بانتظارك
تأتى بالسلامة ، سلام.
جلس براحة ها هي أخته الصغيرة العزيزة ستأتي لتؤنس وحدته قليلًا بعد افتقاده لحياته بعد ممات من كانت تملك روحه أمسك الهاتف ليتصل برقم مخزن لديه
__ السلام عليكم حسن، ما الأخبار عندك؟
تناول الغداء بمطعم .............. مع فتاه
رفع حاجبيه بتعجب ليسال بهدوء : أتستطيع أن تصفها حسن ؟
من مواصفاتها أدرك أنها الآنسة التي اصطدم بها اليوم
حسنًا لا تغفل عنه أبدًا.
أغلق الهاتف حسنًا ياسين من الواضح أنك مرتبط بهذه الجميلة ، سأحرق قلبك عليها
لتعلم ماهي حرقة القلب على من تحب


****

استقبلهما علي بترحاب شديد ، ليجلس مع عمر في الصالون وتدخل هي إلي صديقتها بالداخل
أتت الأم بهدوء ليصافحها عمر باحترام ، جلست بجانبه
__ علي ، أغلق الباب من فضلك .
تعجبا الاثنان من الأم لينفذ علي رغبتها على الفور
قال عمر بهدوء : خالتي هذا هو المهر وأرجو أن نذهب بعد قليل لشراء الشبكة .
__حسنًا بني ، كنت سأطلب منك أن تبدأ في إعداد البيت فلا يوجد الكثير من الوقت.
__ نعم خالتي سأفعل إن شاء الله ، فغدًا سيأتي أشرف صديقي ويضع تصور مبدأي للديكور و يا حبذا أن تأتي علياء لتشرح له ما تريده
وأنا اقترح ايضا ان نقيم حفلة عقد القران في حديقة الفيلا
لأننا لن نجد حجوزات في أيًا من القاعات في هذا الوقت القصير ، وفى الزفاف سأحجز لها أكبر قاعة للحفلات.
ابتسمت الأم بهدوء لحماس عمر وحبه الواضح لابنتها
قالت بهدوء : استمعا الي أنتما الاثنين جيدًا .
تنبه لها علي وعمر : عمر أريد أن تعد الغرف على وجه السرعة ، فأنا أريد الاطمئنان على علياء ولن أطمئن إلا وهى معك .
__ حاضر خالتي أنتِ تأمريني .
التفتت إلى علي : علي أتمم زواج أختك مهما حدث لا تنسى مهما حدث يا علي ، واجعلها سعيدة بكل ما في وسعك هذه وصيتي لك ، أما أنت فأوعدني وأقسم أنك ستصونها للأبد .
انزعج على من طريقة أمه ليقترب منها
__ ماذا بالك أمي؟ أنتِ متعبه .
ربتت على خده بحنان : لا حبيبي ، أنا أريد الاطمئنان على صغيرتي فقط

******
طرقت الباب بهدوء لتقول مبتسمة :ما أخبار عروس أخي الجميلة؟
ردت علياء  : الحمد لله بخير، أين أنتِ يا نور لم أسمع صوتك في الهاتف منذ يوم زفاف سارة ؟
__ المعذرة حبيبتي ، انشغلت عنك قليلًا
نظرت اليها علياء مليًا : ما بك ؟ أنتِ سعيدة أكثر من اللازم .
ابتسمت بإشراق : نعم لدي الكثير وأريد أن أقصه لك
لوت فمها : ولكن للأسف الوقت غير مناسب.
جرتها علياء من يدها : احكي لي حالًا ،ماذا حدث بإيجاز
والتفاصيل قوليها على الهاتف
قصت إلى صديقتها الحيرة التي بداخلها والمواقف الدائرة بينها وبين ياسين إلى ما حدث اليوم وأخر جمله قالها .
__بصراحة لا أعرف ماذا يريد مني ؟ ولا أعلم ماذا يحدث لي عند رؤيته
لمعت عيني علياء: هل تحبيه نور؟
اندهشت نور
فأكملت عليا : إذ تريدين اختبار مشاعرك  تجاهه ابتعدي عنه لفترة يوم اثنان ثلاث ، إذا اشتقتِ إليه ، إذا كنتِ مهتمة به بشكل آخر عن الآخرين
أردفت بابتسامه : وأنا أعتقد أنه يشعر بالغيرة عليكِ ولذا يعاملك بهذا الشكل عند اقتراب أحدًا منك
فأنا أتذكر أنه كان غاضبًا بشدة عند مرور الشباب بجانبنا .
تذكرت الموقف لتجد أن كلام علياء منطقي
ضربتها علياء بخفة على ركبتها : لا تفكري الآن ، ودعي الأمور تجري في مسارها الصحيح دون تدخل منك .
احتضنتها علياء بسعادة : أنا سعيدة للغاية اليوم
__ وأنا سعيدة أنا أيضًا من أجلك حبيبتي.
طرق علي الباب بهدوء لتفتح له علياء
__ ما هذا يا لولو ؟ألم ترتدي ملابسك إلي الآن ؟
اجهزي سريعًا سننزل لشراء الشبكة اليوم ،أمي اتصلت ببسنت وستأتي لنا هناك

******
جالس يستمتع بالجو المنعش في شرفة غرفته ويستعيد اللحظات السعيدة التي عاشها اليوم استعاد ضحكتها وكلماتها
اكتشف بها صفات كثيرة جميله جعلت قلبه يرقص فرحًا ، سيكلم عمر في موضوع الزواج في أقرب فرصة ولكنه سيقنع أمه أولًا
رن هاتفه ليجد اسم ياسر ينير الشاشة
رد سريعًا : اتصلت بالوقت المناسب .
صدحت ضحكة ياسر : الناس تسلم أولًا ياسين .
__ ياسر أنا أحتاجك بشده .
سأل بجديه : ما الأمر ؟
__ قابلني في المقهى المعتاد
__ سأكون هناك خلال ربع ساعة .
__ حسنًا أراك بعد قليل ، سلام .

أحلامي المزعجة Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora