الفصل السادس عشر

375 17 2
                                    

شعرت أنها ستقع أرضًا من المفاجأة ، فكل من تعرفهم متواجدين ، وعائلة ياسين بأكملها أيضًا ،وبعضًا من أصدقاء عمر ومعارفة وميزت ياسر صديق ياسين ووجوده
لتتنبه على الواقف أمامها بطوله الفارع ووسامته التي تزداد يومًا بعد يوم ، تشعر أنه مختلف اليوم ، عيناه تتألق بلمعه عجيبة عليها لم تراها من قبل ولونها الرمادي يتميز بصفاء السماء وابتسامته المشرقة تجعلها تشعر بوهن وضعف في أوصالها ، مرتديًا بدله رمادية اللون وقميصًا أبيض ورباطة عنقه المخططة بالونين معًا تممت أناقته وأظهرت وسامته واسمرار بشرته وجدت أنها اقتربت منه ليمسك يدها برقة ويهمس لها : مبروك حبيبتي ، ألف مبروك .
تعلقت عيناه بها منذ ظهورها على أعلى السلم ليتأملها براحة وهدوء فهي الليلة عروسته هو ، لن يشعر بالغيرة بعد الآن ستصبح ملكه هو ، لن يفزع عند اقتراب أحدهم منها فهي ستصبح زوجته وحبيبته وأم أطفاله سيقضي حياته معها للأبد في سعادة وهناء ، يريح قلبه بين ضلوعها ويروي ظمأه من نبع حبها ويرتاح في ظلها وقربها منه
انتهت أيام حزنك يا ياسين واليوم يوم سعدك
تأملها جيدًا وهي ترتدي فستان روزي اللون من الشيفون يصل إلى منتصف ساقيها مجسم إلى حدٍ ما فتحة الصدر مربعة فتظهر صدرها وجزء من ظهرها بأكمام شيفونيه شفافة مطرزة برقة ، شعرها مرفوع ومزين ببضع من الورود الصغيرة الوردية
نظر إلى وجهها الفتان ليرى شفتيها الوردية تتألق بلمعان
وجمال، أنفها جميل وشامخ بقصبته القصيرة وعيونها الخضراء العسلية يغلب عليها اللون العسلي نتيجة الظلال الدخانية المحيطة بها ليتيه بهما وفي بحرهما الذي لا آخر له تنبه على عمر وهو يمد يدها اليه ، ليمسكها برقة
ويهمس لها : مبروك حبيبتي ، ألف مبروك .
سار بها إلى الكوشة ، لتندهش إذن هذا الشيء المُعد بالأسفل ، حسنًا يا عمر ، أنت تضعني أمام الأمر الواقع فوجئت بأخت ياسين وهى تفتح علبه مخملية كبيرة أمامه وتلتقط منها دبله ماسيه لتعطيها لياسين ليمسك يدها
ليلبسها إياها انتزعت يدهها منه بسرعة ومالت عليه لتهمس : أنا لا أريد الزواج
انتفضت عندما تأكدت مما قالته لترفع عيناها إلى عمر فوجدت الغضب يطل من عينيه ، ازدردت لعابها بصعوبة، و ارتعدت خوفًا مما سيحدث ولكن ما أدهشها حقًا هو ياسين وهو يأخذ يدها ويبتسم ويلبسها الدبلة بهدوء كان يفعل كل شيء بهدوء قاتل ، نظرت حولها للتأكد من الحضور وهل لاحظوا ما حدث ولكن نظراتهم الدافئة وابتساماتهم السعيدة أظهرت لها أنهم لم يلاحظوا شيئًا مما حدث ، ما عدا عمر ونهى - فهما من كانا قريبين منها وسمعا ما قالته  ، تنهدت وخطيبها العزيز
__ نور نادتها نهى بلطف
تفضلي ناولتها الدبلة الفضية التي ستلبسها لياسين
ارتعشت يدها بعنف وحاولت السيطرة على أعصابها قليلًا
مد يده اليسرى وأمسك يديها بهدوء ليعطيها إحساس بالأمان فهو شعر بخوفها الذي لا يعلم سببه ، ساعدها لتلبسه دبلته وكم كان شكلها جميل وهي تزين بنصره الأيمن
مدت نهى إليه علبة الشبكة ليلبسها البقية
لكنه أشار اليها برأسه نافيًا : أريها للحاضرين وسنكمل نحن في وقت آخر.
ابتسمت نهى لتفهم أخيها لما فعلته نور ، فهي أرجعت موقفها وجملتها للارتباك الطبيعي المصاحب للعرائس في ليله كهذه
أشار إلى عمر بعينيه كي يقترب منه ومال عليه ليهمس في أذنه ببعض من الكلمات لم تستطع الاستماع إليها  ولكن رد أخاها كان ابتسامة هادئة وهز رأسه بالموافقة
مما جعلها تعقد حاجبيها ما الذي يخطط إليه هو وعمر
وجدته يمسك يدها بهدوء ويقول آمرًا بصوت منخفض
__ تعالِ معي من فضلك
لم تستطع النطق بل أذعنت لأمره وقامت معه لم تتبين ما حولها فشعرت أنها بغيبوبة عقلية ،فكل ما يحدث من حولها لا تستوعبه
دخلا إلى غرفة المكتب ليقول لعمر : من فضلك ، هلا سمحت لنا بدقائق على انفراد ؟!
هز عمر رأسه ليخرج من الغرفة اتبع عمر وأغلق الباب ليلتفت إليها وينظر مطولًا
لا يعلم ما يحدث، ما بها ، وما هذا الرفض غير المنطقي
من الواضح أنها لا تشعر بالسعادة ، وأن هذا الشعور بعيد عنها بأميال ، متوترة خائفة ، لكنها ليست سعيدة
حاول السيطرة على أعصابه وقال بهدوء :
__ نور ، ارفعي وجهك وانظري إلي .
من وقت دخولها إلى الغرفة وإغلاقه للباب وهى تنتفض داخليًا ، ما الذي سيقوله لها ؟ والأهم ما الذي ستقوله له ؟!
بماذا تبرر رفضها للزواج ؟
عندما أمرها بالنظر إليه ، رفعت رأسها ببطيء وهي تشعر بالبكاء يداهمها وجسدها كله يرتعش نظرت إليه لتجد عينيه خاليه من أي تعبير ،نظرته خاوية من الدفء ومن الغضب أيضًا
تنفس بقوة : ما بالك نور؟ هل أنتِ خائفة مني ؟
هزت رأسها نافية
__ أمن الممكن أن أعلم ما هذا الغباء الذي تصرفتِ به بالخارج ، حمدًا لله أنه لم يلاحظ أحدًا من الحضور شيئًا ؟! وإلا لتعرضت أنا وأخاكِ المسكين للفضيحة هل توجد عروس ترفض الزواج يوم خطبتها ، ولماذا أنتِ رافضة، ألم تعطيني موافقتك البارحة فقط ؟
هزت رأسها بنعم
ليزمجر غاضبًا : هل أنا لُعبة بين يديكِ نور ،البارحة موافقة واليوم لا تريدين الزواج ؟
هل وجدتني متيمًا بكِ فقلت لما لا أتسلي قليلًا مع هذا الأحمق؟
صرخ بها : نور ردي علي أم أن القطة أكلت لسانك؟
حاولت النطق لتنفجر في البكاء بهستيرية
رفع حاجبيه دهشة مما حدث ، ما الذي دهاها ؟
لم يعهدها تبكي هكذا ، حتى عند توقف المصعد كانت تبكي بهدوء ليس كالآن تبكي كأنها فقدت أحدًا عزيزًا على قلبها اتسعت عيناه من الصدمة ، هل من الممكن أن تكون مرتبطة بأحدهم ، أو كانت مرتبطة بأحدهم وهذا سر الحزن الواضح عليها
عض شفته قهرًا وغضبا ليقول بلهجة جافة
__ نور توقفي عن البكاء، وجاوبيني لما لا تريدين الزواج مني ؟
حاولت السيطرة قليلًا على أعصابها لتنظر إليه بعينين باكية ، تريد أن تُفهمه أنها خائفة وكانت غير مستعده لكل هذه الأشياء والمفاجئات ، وأن عمر فعل كل هذا دون موافقتها ولا إبلاغها بالأمر ، كانت ممكن أن تكون في حاله أحسن من تلك التي بها الآن ، إذا كان الاحتفال عائلي أكثر من ذلك ولكن ما الفائدة الآن ؟ هو غاضب مما فعلته ؟ وعمر أيضًا سيغضب منها ؟ وهي أضاعت فرحتها بيدها
تنفست بهدوء ونظرت إليه مطولًا لعله يفهمها بدون كلام كما فعل من قبل ولا يطالبها بتفسيرات للأمر
شعر أنها هدئت قليلا ، ليقترب منها بهدوء وتعقل ويمد يده لها ببضع من المناديل ، أخذت من المناديل لتمسح دموعها وتحاول إنقاذ ما تبقى من زينتها تنحنحت وقالت بصوتٍ اجش : آسفة ياسين اعذرني لم أتحمل الضغط .
ردد بدهشه : الضغط ، أي ضغط
__ ضغط الاحتفال المفاجئ ، وحضور الناس والصخب ،لم أتحمله .
سأل بحيره : هل هذا ما جعلكِ تتفوهين بهذه التفاهات عن رفضك للزواج بالخارج ؟
هزت رأسها بنعم ، تنهد براحة عجيبة
ليسأل بجديه : إذًا أنتِ موافقه على الزواج مني ؟
ردت بسرعة : طبعًا ولكن لابد من التروي ومعرفة بعضنا البعض ،ولنبدأها بالخطوبة إذا مرت بسلام ، لا يوجد مانع من الزواج .
نظر إليها وهي تتكلم بعمليه كأنها تتكلم على أحد العقود القانونية ، لا يعلم لما شعر أنها تخفي مشاعرها اتجاهه
تتكلم بآلية ولكن هو يستمع لدقات قلبها المتسارعة ويشعر بما تخفيه عنه ، إذن كانت متوترة لا أكثر ولا يوجد شخص آخر ، ولكن إذا كانت تحبه فعلًا كما يشعر إذًا لما كل هذا التوتر والارتباك الواضحان عليها
ابتسم بهدوء : حسنًا ، لا مانع لدي ، سأكتفي الآن بالخطبة
عم الصمت قليلًا ليظل يتأملها وهي تبدو بعينيه جميلة وجذابة جدًا لمعت فكرة برأسه ليقول بمكر: نور ، هل تعترضي إذا قبلتك الآن ؟
انتفضت واقفة : نعم !
قال بخبث وهو يجاهد ألا يبتسم : بمناسبة الاتفاق .
رددت بدهشة: اتفاق !
تصنع الجدية : اه ، كدعوة الغداء التي دعاكِ إليها بسام عند إمضاء العقود .
ارتبكت منه: لا طبعًا .
ليهب واقفًا فترجع إلى الخلف وتصطدم بدولاب الأوراق
تقدم منها بهدوء، ليضع يديه حولها على الدولاب
ويسأل بجديه : وإذا صممت ، فأنا من حقي أن أصر كما أصر بسام على حضورك للغداء .
احمرت خجلًا ، لتهز رأسها بشده نافيه
لوى شفته بخيبة أمل : حسنًا ، من الواضح أنني لست بغلاة بسام ، اه أنا نسيت أنه شخصية جذابة .
ضحكت برقة فهو يؤنبها على ما قالته عن بسام
سألت بخبث : أنت تغار .
ضحك بهدوء : أخيرًا فهمتي ، نعم أغار جدًا ، وأرجو أن لا تمدحي أحدًا آخرًا غيري بالطبع .
ابتسمت بهدوء: هلا جلست حتى لا يأتي عمر، ويرانا هكذا .
هز راسه بلا ، لتردف برقة غير مقصودة
__ ياسين ، من فضلك
تنهد بحب : أنها أحلى ياسين سمعتها بحياتي ، كرريها من فضلك
عضت شفتها السفلي بتوتر: من فضلك اجلس ودعني اجلس
دار بعينيه على تفاصيل وجهها بلهفة وحب ليقول برقة
__ ألم أطلب منكِ أن تتوقفي عن هذه الحركة ؟ شفاهك الرقيقة هذه لا تحتمل ما تفعلينه بها ، فهي تستحق أن تُقبل بمنتهى الرقة مال عليها أكثر ورغبته بتقبيلها تزداد
شعرت بما سيفعله لتنحني من تحت ذراعة ، ويرتطم هو بالدولاب بقوة
ابتسمت على منظره وهو يرتطم بالخشب لتنفجر ضاحكة على الغيظ الذي يملئ عيناه عندما التفت اليها
__ أين ستذهبين ؟
__ لا مكان ، ولكنك ستتهذب حتى لا أبلغ عمر .
__ تهدديني .
ابتسمت : نعم .
فُتح الباب فجأة: ها كيف الحال يا عرسان الناس تتساءل عنكما ؟
ابتسمت له بإغاظة ،ليرد عليها بابتسامة متوعده
ليسأل عمر بجدية : نور هل كنتي تبكين ؟
نظرت إلي أخاها بفتور : نعم ،أبكي فرحًا من المفاجأة ، لا تشغل رأسك.
توتر عمر من كلماتها المقصودة ، لينظر إلى ياسين
__ هيا تعالا، لتقطعا قالب الحلوى .
هز ياسين رأسه ،ليخرج بطاقة صغيرة من جيبه ، ويقترب منها
__ نور هذه بطاقتي ، بها أرقام تليفوناتي الشخصية وأيضًا أرقام الشركة ، سأنتظر اتصالك بي اليوم ، أرجو أن لا تبخلي علي به .
__ سأتصل لا تقلق .
ابتسم بسعادة، هيا لنخرج، مد لها ذراعه، لتمسك به
ويخرجا والابتسامة على شفتيهما

أحلامي المزعجة Where stories live. Discover now