الفصل السابع والعشرون

341 13 5
                                    

هوى جالسًا على كرسيه وهو يتوعد عمر داخليًا سأقضي عليك عمر ، سأدمرك وأقتلك عمر ألم تجد إلا هذا الشخص الكريه لتزوجه ابنتي يتذكره جيدًا فهو من وقف أمامه بعد أن توفى أباه إثر أزمة قلبية كان هو السبب فيها بعد أن استولى على مشروع كان سينقذ شركته من الإفلاس الذي تسبب به الشاب الطائش الذي كان يدير الشركة في ذلك الوقت استعمل ألاعيبه وعلاقاته ليسرق منه المشروع بطرقه الملتوية ليخر الآخر ساقطًا من هول الصدمة عليه وينقل إلى المستشفى وينتقل الي رحمة الله بعد يومين ابتسم بسخرية وهو يتذكر هذا الشاب الصغير الذي وقف بوجهه وصاح أنه لن ينسى ثأره أبدًا لا ينكر إعجابه به فهو أنقذ الشركة وأحياها من العدم ثم توالت نجاحاته وذاع صيته ولكن لم يقتربا من بعضهما لأنه أصر ألا  يأخذ هذا الشاب أي مشروع بالإسكندرية وواظب على التصدي له من بعيد حتى مشروع الشاليهات تصدى له  ولم يهتم بمن سيأخذه كان اهتمامه بأن لا يأخذه هذا المهندس الصغير ذو الشهرة الواسعة ليفاجئ أن ابن أخيه الأحمق من رسي عليه المشروع ولكنه منعه من دخول الأرض وسيعرضه لدفع الشرط الجزائي إذا لم يتم التنفيذ بموعده لقد نسى هذا الأمر في خضم انشغاله وإصراره على رؤيتها أمسك هاتفه ليجري اتصالًا هاتفيًا : أهلًا كيف حالك ؟ أخبرني ماذا حدث بمشروع الشاليهات صاح والغضب يتأجج بعينيه : نعم، كيف استطاع فعل كل هذا في هذا الوقت القصير أنتم أهملتم الموضوع وسأحملكم النتائج أريد هدم كل ما بُني ، أريد أن أرى الأرض حطامًا غدًا أغلق الهاتف بعنف ليستعيد اقتراب هذا الشاب الوسيم منها لتندلع النيران بعينيه تذكرها أنها ابنته الحبيبة من تبقت له منها ، تشبهها للغاية لدرجة أنه تصور أن نور عادت إليه من العالم الآخر ، عادت إليه هو فقط ، من أجله فقط ولكن بها شيء مختلف ضاقت عيناه وهو يعقد المقارنة بينهما ولم يحتاج لوقت كبير ، أنه الغرور والقوة التي كانت تتسلح بهما نور حتى وهي بأضعف مواقفها كانت قوية صلبه مغرورة ومتحررة سرقت قلبه وعقله ، ولكن هذه الفتاه شعر أنها هشة داخليًا ، مرتبكة ضعيفة رغم انها تتظاهر بالقوة ، نظراتها كانت زائغة متوترة ، ولكن يشعر أن هناك سببا وراء ذلك تذكر حبيبة قلبة لترتسم ابتسامة شقية متألقة على شفتيه كم كان يعشق قوتها قفزت إليه إحدى ذكرياته معها ليتنهد بحب رآها تسير بالحديقة هائمة وحزينة لعن نفسه يومها على أنه خدعها ليحصل على ما يريد فهو السبب في حزنها وانطوائها ، تبعها بهدوء وحين التفتت قطع طريقها بجسده لمع الغضب بعيونها وهي تراه ليبتسم لها إحدى ابتساماته التي تجعل عقول النساء تطير ، لتجز على أسنانها غضبًا وتصيح بوجهه : ماذا تريد ؟
اقترب منها أكثر وقيد يديها بقوة : اشتقت إليكِ .
رفعت رجلها بحركة سريعة وداست بكعب حذائها على قدمه لتجعله يتأوه بشدة ولمع الغضب بعيونه لتقول هي من بين أسنانها بنبرة قوية : إياك أن تقترب مني ثانيةً .
ضحك ساخرًا : ماذا ستفعلين نور ؟ أخبرتك من قبل أني سأحصل عليكِ وقتما أريد فأنا لا أقبل برفضك لي .
رفعت يدها لتصفعه ليمسكها بقوة لتقول والشرر يتطاير من عينيها : أيها الحقير ،دفعته بعيدًا عنها
لتكمل بقوة : سأخبر محمد المرة القادمة إذا اقتربت مني .
ضحك ضحكة طويلة ساخرة : ولماذا لم تخبريه من قبل ؟
قالت بنبرة صادقة : أخاف عليه منك .
ابتسم وقال هازئًا: لما لا تعترفين أنه جبان ؟
نظرت له وقالت بنبرة هادئة ونظرة قوية: أنت تعلم جيدًا أنه أبعد ما يكون عن هذه الصفة التي تتمتع أنت بها ولكني أخاف عليه فأنت حقير و سافل وقذر لن يردعك أن تفعل له أي شيء ، وهو نقي طاهر لن يستطيع التصدي لألاعيبك القذرة مثلك .
انقلب وجهه من تفضيلها العلني لزوجها وتعديدها لمحاسنة أكملت : ثم أني أعلم أنه سيقتلك إذا علم بما فعلته معي ، وأنا أريده أن يبقى لجواري وجوار أبنائه .
زمجر بغضب : ابنه فقط نور ، أنها ابنتي .
نظرت إليه : في أحلامك حافظ ، لا تتخيل أشياء لم تحدث وتصدقها .
اقترب منها ثانيةً والحب يلمع بعينيه وحاول أن يجعل قلبها يلين اتجاهه : أحبك نور ، وأنتِ تعلمين جيدًا .
__أنت كاذب حافظ ، كاذب حقير ،لقد دمرتني لم تحبني قط رفعت رأسها بشموخ :صدقني حافظ ،لم أحبك أبدًا كنت أظنك صديقي ولكن ما فعلته دمر كل شيء ولن أنساه لك أبدًا .
تركته وانصرفت ،ليتبعها بعينيه شعر بالغضب والغيرة تأكله عندما جلست بالأرجوحة المعلقة بالحديقة ليجلس بجوارها أخاه ويمسك يدها رمت نفسها بين ذراعيه ليضمها محمد إلى صدره ويقبل رأسها بعمق شعر حينها أن عليه أن يتخلص منه فهو من يقف بطريقه إلى قلبها ، لم تحب محمد هو متأكد سأل نفسه من يحب هذا القاسي الذي يتكلم بالقطارة ، ترفضيني أنا من تجلس النساء تحت قدميه لأجل ابن المربية سنرى نور سأنالك مرة أخرى مهما حدث .
زفر بضيق وهو يتذكر مرة أخرى كان نجح بزعزعة موقف أخاه من الشركة والمصنع ويشعر بأنه الانتصار عليه قريب تناهى إلى مسامعه وهي تخبر صفية أنهم سينتقلون للقاهرة عند والدها ، فهي لن تستطيع العيش هنا بعد الآن وأن محمد سيأخذ إرثه من أبية ويفتح شركة خاصة به مقرها بالقاهرة ،انتظر بعد أن تركتها صفية التي لم تُعجب بقرار محمد وحاولت أن تثنيه عنه أكثر من مرة وأظهرت اعتراضها بشده ليتقدم ويقف أمامها : هل ستنتقلون نور ؟
نظرت إليه بحده : نعم .
مسك يدها : لن استطيع الابتعاد عنك أو عن نور الصغيرة .
جذبت يدها منه بعنف : أنها مشكلتك ، لا دخل لي بها .
__ نور أنت تعلمين أنها ابنتي .
ابتسمت ابتسامة باردة : نعم ، لا أفهم ما تقوله .
زفر بضيق : لا ،تفهمين ، هذه ابنتي ، ولا أعلم للآن كيف تستمرين في هذا الزواج الذي يجلب لكِ التعاسة .
اقترب منها لتلفح أنفاسه وجهها : أنتِ تحبينني نور ، وأنا اشعر بذلك .
دفعته عنها بغضب : أنا أحب زوجي و من الأحسن لك أن تكف عن مضايقتي وإلا أبلغته .
ضحك ساخرًا : بماذا ستبلغينه ؟ أن نور ابنتي .
ليردف بخبث : وأنكِ أسميتها الاسم الذي أريده أنا .
بعدت وجهها عنه ضائقة : كف عن ترديد هذه الخرافات
قال بنبرة عاشق متيم : لماذا تصديني نور ، أنا أحبك .
__ أنت لا تحب أحدًا آخر غير نفسك ، وأنا أخطأت خطأ عمري كله عندما فكرت بشيءٍ آخر غير ذلك لتردف بقسوة والكره يملئ صوتها : ابتعد عني وإلا سأحيل حياتك جحيمًا ، واحذر كيدي فإن كيدي عظيم .
قال بغضب : لا تجعليني أؤذيكِ نور ، أنا أحبك .
اتركي محمد وأنا سأتزوجك ونربي الأولاد معًا .
نظرت إليه وقالت بقوة : لن أترك زوجي ،فأنا أحبه هل سمعت ، وأكرهك من كل قلبي حافظ ، ولا تقترب من أبنائي حتى لا اؤذيك حقًا فأنا قادرة على أن أحيل حياتك كلها إلى جحيم .
ابتعدت عنه صفعته بكراهيتها لتجعله يفكر في كسر غرورها وأنفها تكرهيني نور، حسنًا سأعطيكِ سببًا كافيًا لتكرهيني نور ، سأحصل عليكِ مهما حدث ، أنتِ لي ولن تكوني لغيري بعد الآن ،قرر يومها أن ينالها ويجبرها على ما يريد ولكن علنيًا هذه المرة ، وانتظر الفرصة لكي يقتنصها لتتحول بعد هذا اليوم إلى كائن آخر ، أصيبت بانهيار عصبي لتدخل إلى المشفى وتخرج على بيت والدها لم يستطع رؤيتها ولا مرة بعد ذلك ولكن علم من صفية أنها انطوت على نفسها وتتعرض لنوبات اكتئاب حاده ، فمحمد يخبرها بتفاصيل يومه كلها ، وأكثر ما يحزنه حالة نور التي تتدهور كل يوم عن اليوم الذي قبله الي أن ماتت وهو يمني نفسه برؤيتها مرة واحدة يخبرها بصدق مشاعره وحبه لها ويعتذر منها بسبب فعلته الهوجاء التي عرضتها للألم ، نظر إلى صورتها المزينة مكتبه :تعالي نور وأنا أعوضك عن كل ما سببته لكِ من الألآم سأجعلك سعيدة وسأمحو ما يفرقنا عن بعضنا البعض فقط تعالي ، ولن أخيب ظنكِ هذه المرة .
***
نظرت إليه بطرف عينها فهو شارد الذهن من بعد خروجهم من قصر عائلة أبيها ، أجرى اتصال هاتفي بشخص اسمه حسام وتواعدا على لقائه غدًا وأخذ الطريق السريع ليذهب الي وجهتهم الأساسية لم ينطق معها بحرف ولم يتكلم معها إطلاقًا وجهه عابس ،يمسك المقود بقوة معالم وجهه تظهر عليها الضيق والغضب وهي لا تعلم السبب ، تنهدت لتتذكر لقائه بعمها لا تدري أيضًا ما سبب نظرات الكره والضيق التي تطايرت بينهما ، تعجبت من أمرهما اسندت رأسها على زجاج النافذة وهي تفكر في الأسباب وأهم شيء يقفز لرأسها سبب عودته دون إنجاز ما أتى لأجله إلى الإسكندرية فهي علمت من مكالمته أنه سيعود غدًا إلى الميناء لاستلام الشحنة ، وأوصى هذا الحسام أن ينتبه  إليها .
رمشت بعينيها وهي ترى عمر أمامها بابتسامته الهادئة الحنون التي تشعرها بالأمان فاتسعت ابتسامتها لأخيها لترى شخصًا آخر يتقدم نحوهم ظنت في أول الأمر أنه ياسين فهو يتفق معه بالطول والعرض والهيئة ولكن عندما اقترب منها أكثر تأكدت أنه ليس ياسين فهذا الشخص الغير معلوم بالنسبة إليها وجهه يعلوه الضباب بشكل غير طبيعي أقترب من عمر وطعنه بظهره صُدمت مما تراه ولم تستطع الصراخ ، ليقترب هذا الشخص منها أكثر ويحملها بين ذراعيه وجدت صوتها أخيرًا لتصرخ بشده وهي تبكي وتلكمه بيديها ليبتعد عنها .
لا يستطيع أن يكتم الضيق الذي يشعر به ، ألم يجد فتاه أخرى يقع بحبها الا ابنة أخ هذا الرجل الكريه ؟
لن ينسى أنه تلاعب بصفقة كان أباه يحمل عليها كل آماله في إنقاذ الشركة من الإفلاس الذي تسبب به معتز ولم يستطيع أن يحصل عليها بسبب هذا البغيض ، الأمر الذي أدى لدخول والده إلى المشفى ، أباه الذي لم يتحمل فكرة إعلان إفلاس شركته ، ليصاب بأزمة قلبية ويتوفى على إثرها بعد يومان ،تمسك بمقود السيارة بشدة ليسيطر على ألمه وضيقة من هذه الذكرى المؤلمة له لا تخلط الأوراق ياسين إن علاقتها هي وأخاها معدومة بهذا الشخص وعمر نفسه مهدد من قِبل عمه ، إذن هما ضحيتان لهذا الشخص البغيض ولكن من الواضح أن نور لا تعلم شيء عن هذا الوضع ولا التوتر السائد بين أخيها وعمها زفر بضيق وهو يحدث نفسه ، أستأخذها بذنب شخص آخر لم تعرفه طوال عمرها بل كان سيئ تجاهها هي وأخاها فهو علم منها من قبل أن عمها لم يتحمل مسئوليتهم إطلاقًا بعد وفاة جديها ومن تحمل مسئوليتها هو عمر أغمض عيناه فهو يشعر بالتمزق لا يعلم كيف سيتعامل معها وهو يشعر أنها تحمل بعضًا من دماء من تسبب بموت أباه .
انتفض بشده على صراخها الحاد لينظر إليها بدهشة فيجدها تصرخ وهي تلكم بقبضتيها الهواء بكل ما أوتيت من قوة ركن السيارة بسرعه ليشدها إلى حضنه ويربت على وجهها بقوة : نور ، استيقظي ،فهو متأكد أنها تحلم فهذه ليست أول مرة يتعرض لذلك الموقف انتفضت بشده بين ذراعيه ليشعر بقلق شديد عليها ضربها بقوة أكبر لتنتفض مرة أخرى وتفتح عينيها وهي تشهق بقوة لتنفجر بالبكاء : عمر ، أريد الإطمئنان عليه .
ربت على رأسها : اهدئي حبيبتي ، سنتصل به الآن وتكلمي معه كما تريدين ولكن اهدئي أولًا حتى لا تقلقيه .
نطقت من بين شهقاتها : خائفة عليه ياسين ، اتصل به .
__ حاضر ولكن توقفي عن البكاء .
حاولت السيطرة على دموعها ، ليتناول هو زجاجة مياه
ويناولها إياها : اشربي قليلًا من المياه ستساعدك على الهدوء .
شربت الماء ليمسك هو هاتفه ويكلم عمر وهو مازال يحاوطها بذراعيه رد عمر سريعًا عليه : نور بخير ياسين .
عقد حاجبيه تعجبًا من رده لينقل عيناه عليها ويقول بحذر : نعم ، لماذا تسأل بهذه الطريقة ؟
تجاهل سؤاله ليسأله : هل حدث لها شيء ؟ عمي ضايقها بشيء .
قال وتعجبه يزيد : لم يحدث شيء عمر ، فهي لم تجلس معه قابلته وأنا موجود لم يُسلم عليها حتى .
تنهد بارتياح لترتسم على وجه ياسين علامة تعجب كبيرة من زفرة الارتياح التي وصلته عبر الهاتف .
نفض رأسه ليقول : نور تريد مهاتفتك ناولها الهاتف لتطمئن على أخاها سألته الأسئلة المعتادة وشددت عليه أن ينتبه إلى نفسه وهمت بإغلاق الهاتف ليسحبه ياسين منها : عمر أريد رؤيتك .
__ حسنًا ، متى ؟
__ ما رأيك أن تأتوا إلينا أنت وعلياء تقضوا معنا بضعة أيام وأنا وأنت نرى ما وصل إليه مشروع الشاليهات ؟
__ فكرة جيدة ، كنت سآتي الاسبوع القادم وأترك علياء بمفردها وكنت قلقًا من هذا الأمر ، ولكن سأرتب مواعيدي وأرد عليك .
__ سننتظركما، سلام.
أغلق الهاتف لينظر إليها بحنان : مطمئنة الآن على أخاكِ .
هزت برأسها إيجابًا ليتنهد ويضمها إلى صدره بحب
__ نكمل طريقنا الآن ، ولا تذهبي للنوم فأنا ارتعب عليكِ من هذه الأحلام التي باتت تزعجني حقًا .
ابتسمت لتدمع عيناها ليقرصها من خدها بلطف : نور أرجوكِ لا تقلقيني أكثر من ذلك أكمل مازحًا وهو يدير السيارة : ما رأيك أن نذهب رأسًا إلى البحر؟ لتقفزي إليه وتنسين كل شيء حتى أنا فهو المكان المفضل بالنسبة إليكِ وتتخلصي من كل ما يضايقك به .
ضحكت لتساله بتعجب : من أين علمت ؟
__ نهى أخبرتني ، وأخبرتني أيضًا أنكِ تعشقين السباحة ولذلك صممت على شرائك المايوه .
__ ولكنك لم تراني وأنا أشتري المايوه .
ابتسم بخبث : حقًا ، هل تظنين ذلك ؟
نظرت إليه وقالت بتعجب : كنت تراني ، ولكنك كنت مشغول بشراء حذائك الرياضي !
اقترب منها ليضمها بذراعه إلى صدره : لا يوجد شيء يشغلني عنكِ حبيبتي .
ابتسمت بسعادة لتصفق مازحة : حسنًا إلى البحر .
ابتسم بسعادة لأنه استطاع إدخال جو البهجة من جديد ولكن عقله لن يتوقف عن التفكير بالسر وراء خوف عمر من لقاء نور بعمها .
***
رن جرس الباب ثانيةً بإلحاح ليتحامل على نفسه ويقف وهو يلعن هذا القادم ، ألم يتمكن من القدوم وبسنت موجودة فهو لا يستطيع الحركة يشعر بتعب فظيع وألم بجسده وصل إلى الباب بعد عناء ليستند على الحائط ويفتح الباب بتعب ليتصلب جسده ويجبر نفسه على الوقوف شامخًا رفع رأسه بكبرياء وغضب : نعم ماذا تريدين؟
توترت ملامحها فهي كانت ترتجف خوفًا أن يغلق الباب بوجهها أو يرفض مقابلتها تنحنحت وابتسمت بتوتر :
__ مرحبًا حبيبي .
اتسعت مقلتيه غضبًا ليشيح بوجهه بعيدًا عنها دلفت للداخل سريعًا حتى لا يغلق الباب بوجهها وتضيع فرصتها في التفاهم معه
جلست لأنها لا تستطيع الوقوف أكثر من ذلك عضت شفتيها بتوتر ثم بللت شفتيها وهي لا تعلم من أين تبدأ كلامها معه .
نظر لها باستياء عندما دخلت وجلست ليزفر بضيق ويغلق الباب بعنف شديد جعلها تنتفض تلعثمت : هل أنت بخير ؟
رد بصوت مبحوح من البرد ولكن قوي : نعم ، أنا بأحسن حال .
ارتبكت زيادة من رده ووقفته فهو لم يجلس مما صعب مهمتها في التحدث : علي أريد أن أتحدث معك .
__ وأنا لا أريد التحدث معكِ ولا رؤيتك .
قالت باستجداء : أرجوك علي أنت رسمت صورة من خيالك لم تكن واقعًا أبدًا .
ضيق عيناه ونظر إليها بغضب وصرخ هادرًا : صورة من خيالي، ألم تملئي رأس علياء ضد عمر ، ألم يكن قصدك من البداية أن لا يتزوجا ، ألم تكوني قاصدة أن تؤذي عمر من البداية؟
ارتبكت ليصرخ بها: ردي .
انتفضت بشدة من صرخته لتقل بارتباك : أرجوك علي استمع إلي .
__ لا أريد سماعك ، هل كنتِ تظنين أنني لم ألاحظ معاملتك السيئة لأخواتي وأمي رحمة الله عليها ، كنت أراكِ وأنتِ تتعاملين معهم بتعالي وغرور فكنت أظن أن غرورك صفة مرتبطة بجمالك الفتان الذي لا مثيل له ، والذي اكتشفت مؤخرًا أنني تخيلته و لم يكن متواجدًا من البداية .
صعقت من كلماته ونبرة صوته القاسية، كانت تظن أنه عندما يراها سينسى ما حدث ويسامحها على غلطتها الحمقاء التي فعلتها دون تفكير بعد أن طلقها وغادر المنزل ظلت تبكي إلى أن أشرقت الشمس ثم انتظرته أن يعود واتصلت به أكثر من مائة مرة ،ولكنه لم يجيب ولم يعود ، الثلاث أيام الماضية مروا عليها كعمر طويل اكتشفت بهم أنها كانت تحبه فعلًا ولكنها لم تشعر بذلك من قبل لأنه كان يغدق عليها من مشاعره بدون مقابل لم يسألها يومًا أن تعطيه كما تأخذ بل كان هو دائمًا المعطاء والمتفهم والحنون افتقدته فعلًا وشعرت أن حياتها من دونه لا شيء ،فاقت من تفكيرها فهي أتت لتخبره بمدى اشتياقها له وكيف مرت عليها أيامها الماضية بلا روح فيها  تريده يعود لتعود معه الحياة
نظرت إليه والدمع ينهمر من عيونها : أرجوك علي ، لا أستطيع أن أبتعد عنك ، أنت تعلم عيوبي جيدًا وأنا أعترف بأني أخطأت في حقك ولكن أرجوك سامحني واغفر لي
ألا استحق أن تغفر لي أول خطأ بحياتنا ، ألا تستحق جنى أن تسامحني من أجلها
رد بقوة : لا تدخلي جني في موضوعنا ستظل بنتي مهما حدث وسأرعاها وأحبها دائمًا قررت أن تخبره بما تعلمه : جنى تمتعت بدلالك وحنانك ألا يستحق القادم أن يتمتع بهما أيضًا ؟
رمش بعينيه ليفهم ما تقوله لتقول بصوت باكي : أنا حامل علي ، علمت من يومان كنت أنتظر أن أتأكد لأخبرك وأنت لم تعطيني فرصه بالهاتف فجئت أستسمحك وأترجاك أن تغفر لي خطئي وتسامحني من أجل جنى ومن أجل طفلنا القادم .
جلس من الصدمة فهو منشطر إلى نصفين نصف لا تسعه الفرحة بطفله القادم والنصف الآخر لا يصدقها
قال بنبرة حاول أن يخرجها قويه كسابقتها : هل تأكدتِ ؟
__ نعم أجريت التحليل المنزلي .
__ إن التحليل المنزلي مشكوك بصحته ، انتظري سأرتدي ملابسي وأنزل معكِ لتجرين التحليل ، لأتأكد أنكِ لا تكذبين .
صدمتها كلمته ولكنها لم
تستطع التنفس ألهذه الدرجة أصبحت الثقة بينهما معدومة ؟! رد عقلها سريعًا لقد أخطأتِ آية وتحملي نتيجة أخطائك واصبري حتي يعود لسابق عهده فهو يحبك ولن يستطيع أن يكرهك أبدًا وأنتِ استخدمي ذكائك وجمالك وحبك له لتسترديه ، فهو يستحق أن تبذلي مجهودًا كبيرًا مضنيًا لتعود الأمور إلى مجرياتها ويعود هو كسابق عهده .
***
جالسه أمام المرآه تكمل زينتها وتنظر إليه تأملته كثيرًا اليوم تشعر بسعادة كبيرة تملئها ولكن بقدر ما هي سعيدة بقدر ما هي خائفة ،لا تستوعب إلى الآن أنه يحبها ولا تصدق أن ما أخبرتها به حنان كان كذبًا ، فهي لا تجد إلى الآن سبب يجعل صديقة عمرها تكذب عليها ، ولكن ياسين أكد لها أن أحمد يحبها وهو الآخر اعترف بحبه لها أكثر من مرة تنهدت فهي تشعر بوجود حلقة مفرغة ألن تهدئي وتعيشي كباقي خلق الله ، فأنتِ تنعمين بحب زوجك وحنانه ، لا تفكري بأشياء تفسد عليكِ حياتك انتبهت إليه وهو يتحرك من الفراش لتبتسم تلقائيًا ويتزين وجهها بابتسامة تحمل كل ما في قلبها إليه .
نطق بسعادة : الله ،ما أجمل هذا الصباح الذي أرى فيه ابتسامتك الجميلة هذه .
اتسعت ابتسامتها ، ليقترب منها ويحتضنها بين ذراعيه بحب ومشاعر فياضه ويقبل رأسها بعمق : صباح الخير على ندى قلبي وشمس حياتي المشرقة .
ردت بخجل، وخداها موردان: صباح النور .
ردد بمزاح مقلدًا صوتها : صباح النور ، أين القبلات والأحضان يا زوجتي العزيزة ؟
أبعدت جسدها عنه بخفة :لا يعجبك صباحي ، حسنًا لا تتكلم معي ،وقفت لتذهب ليجرها إلى حضنه :
__ لا ، لا لم أقل ذلك أنا أمزح معك .
لفت يديها حول عنقه ،لتقبله برقة على وجنتيه: صباح النور .
أغمض عينيه ليشعر بحلاوة قبلاتها التي طالما اشتاق إليها ويشدد من احتضانه لها
ويهمس : أحبك نادين ، بل أذوب بكِ عشقًا .
احمر وجهها بشدة ليكمل : ما رأيك أن نسافر يومين إلى أي مكان تختارينه ؟
__ ألم تتعب من السفر ؟
__ لا ، أنا أعشق الترحال ، مع أنني أفكر جديًا بالاستقرار هنا ، ولكن لا أعلم شيئًا ما بداخلي يجبرني على السفر فأنا أشعر بالملل عند البقاء لوقتٍ طويل بمكانٍ واحد .
__ إذن اختر أنت المكان الذي تريد الذهاب إليه .
__ لنذهب إلى شرم الشيخ ، ونترك الأولاد هنا ، فأنا أريد تجديد شهر عسلنا مرة أخرى .
نظرت إليه بتعجب : نترك الأولاد !
هز رأسه : نعم ، نهى هنا ويوسف وإنجي وأيضًا أمي سيقومون برعايتهم جيدًا، لا تخافي عليهم .
استاءت من ذكره لزوجة يوسف ولكنها لم تشأ الدخول معه بمناقشة هذا الأمر الذي تجادلا به كثيرًا ، وأصلًا هي تعاملها الآن بشكل جيد من أجل يوسف .
تنهدت : حسنًا كما تريد .
__ إذن جهزي الحقائب وأنا سأحجز تذاكر الطيران لنسافر اليوم .
__ اليوم أحمد انتظر للغد ، ولنبلغ الأولاد .
رد بحزم : أنهم كبار ومعتادين الأمر من قبل ، فكنا نتركهم برفقه المربية عند إقامة الحفلات الخاصة بالسفارة ثم أنهم سيفرحون لمكوثهم برفقة خالهم العزيز الذي يكنون له مكانة أكثر مني أنا شخصيًا وطبعًا لوجود يمنى معهم .
ابتسمت لمقولته : أنت تغار من يوسف على أولادك.
رد سريعًا وهو يضحك : لا والله ولكني أتعجب عندما يقفزون إليه حينما يظهر أمامهم وعندما تكلمت مع عمرو ضحك بشدة وقال لا أعلم السر وراء هذا الشيء وعلى الرغم من أن يمنى تموت حبًا بياسين إلا أن يوسف المفضل إليها وعندما نأتي إلى هنا تقضي معظم الوقت معه .
ضحكت : إن يوسف طفل كبير ويلعب معهم كما يريدون يستمع إليهم ويأمرهم بحب ، سيكون أبًا رائعًا .
ابتسم : نعم ، أنه ينتظر مولوده بفارغ الصبر ، يأتي على خير إن شاء الله ، هيا اجهزي وأنا سأتكلم مع الأولاد .
***
وصلا إلى الشاطئ لتخرج رأسها من النافذة وتستنشق الهواء بسعادة وتنظر إلى البحر باستمتاع
أوقف السيارة وهو يشعر بسعادتها العفوية المتدفقة كم جميلة وهي تتصرف بطبيعتها
نظرت حولها: لماذا توقفت ؟
__ انزلي ، سآخذك بجولة في البحر .
نظرت له بعدم فهم ليبتسم لها، تقدم منهم أحد العاملين بالمرفأ
هز رأسه محييًا إياه : أهلًا سيدي ، اليخت جاهز وأنا بانتظاركم .
نقلت عيناها بعدم فهم بين زوجها وبين العامل ليقول ياسين :
__ شكرًا لك تستطيع أن تذهب، انا سأتولى الأمر من هنا .
انصرف العامل من أمامهما : لا أفهم شيء ؟!
ابتسم بوجهها وهو يشدها من يدها : ستفهمين الآن .
أوقفها أمامه ليحاوط خصرها بيده وأشار إلى أحد اليخوت :
__ ما رأيك ؟
نظرت إلى اليخت الصغير بانبهار : رائع ،هل ستستأجره ؟
ضحك : أنه ملكي ، أبي أهداني إياه منذ فترة طويلة ولكن يوسف اقترح تجديده وتصليحه منذ سنتين وأنا وافقت ليصبح هكذا .
__ أنه جميل ياسين .
__ حسنًا بم أنه أعجبك ، هيا سنقضي اليوم به .
***
دخل إلى المنزل ليفاجئ بها أمامه : السلام عليكم .
نظرت إليه مطولًا وقالت بهدوء : وعليك السلام ، أين كنت؟
صعد السلالم واتجه ناحية غرفة النوم لتتبعه بصمت رأته يبدل ملابسه لتساله بهدوء مرة أخرى : أين كنت ياسر؟
نظر لها ببرود : بالمشفى ، أراح جسده على الفراش وأعطى لها ظهره : ليس لي مكانًا آخر أذهب إليه .
نظرت له بتفحص : ولكني سألت عنك بالمشفى لم أجدك .
التفت اليها بحده : وأنتِ تبحثين عني كطفل صغير !
__ اتصلت بك أكثر من مائة مرة ولم تجيب على الهاتف فاتصلت بالمشفى ، ثم السؤال الآن أين كنت ؟
نظر لها ليشيح بوجهه لتسأل بصوت اكثر قوة : أين كنت ياسر ، ولماذا لا تجيب على هاتفك ؟ أنت هذه الأيام شخص جديد غريب عني لا أعرفه ولا أفهمه تتأخر كثيرًا وتأتي إلى البيت لا تجلس معنا ، أولادك نفسهم لا يرونك .
قال بنقمة : ولماذا اهتممتِ الآن ؟ أنتِ مشغولة دائمًا بأولادك وعملك وتلاميذك ومرضاكِ الآن تذكرتي أن لكِ زوج تسألين عنه ؟!
زفرت بضيق : أجبني أولًا عن أسئلتي ياسر ، أنا افعل كل ما بوسعي لأوفق وقتي بين البيت والعمل وأنت تعلم جيدًا بمسئولياتي ، الآن تذكرت أني امرأه عاملة ولدي كثير من المسئوليات .
جز على أسنانه غضبًا وانتفض جالسًا : كنت بالمشفى ، انتهيت من إجراء آخر عملية لدي الساعة الثانية صباحا وكان لدي موعد هام مع إحدى المرضى صباحًا الساعة الثامنة ، فقررت أن أنام هناك ، استرحتِ الآن مريم .
نظرت إليه بعدم ارتياح لتهز رأسها إيجابًا جلست على طرف الفراش بعيدًا عنه أراح ظهره على السرير ليسالها : لماذا لستِ بالعمل اليوم ؟
رفعت رأسها ونظرت إلى الأمام وابتسمت بألم : ليلة البارحة كانت عيد زواجنا ياسر وأنا أخذت إجازة لأقضيه معكم بالبيت .
شعر بصدمة من نسيانه لعيد زواجهم ليؤنب نفسه كثيرًا على قضاؤه هذه الليلة بالمشفى ، صاح ضميره مؤنبًا انت تغيرت ياسر ،هي السبب لقد أهملتني كثيرًا انشغلت بكل شيء إلا أنا ، لا تنكر انجذابك إلى الأخرى ياسر فهو ما يجعلك تشعر بنقمة كبيرة على مريم أخفض رأسه بغضب وخجل من نفسه ليرفع نظره إليها تأملها هي حبيبته كما هي لم تتغير ، بل إن قلبه يخفق بحبها دائمًا وأبدًا ، حتى عندما يرى الأخرى عيناه تعقد مقارنة تلقائية بينها وبين مريم لتفوز مريم بكل شيء ، ولكنها تعطيه كل اهتمامها ، وتشعره بأنه أهم شيء بحياتها ، الشيء الذي يفتقده بشده مع مريم الآن اقترب منها ليحاوطها بذراعيه وهمس بأسف حقيقي :
__ آسف حبيبتي ، اعذريني ، لا تغضبي مني مريم أنا آسف بحق ، اطلبي أي شيء ، وأنا سأنفذه فورًا .
ابتسمت وهي تجاهد أن لا تنهمر دمعاتها : لا ياسر ، أنا لا أريد شيء ، ثم أنك متعب وسأتركك لتنال قسطًا من الراحة .
أزاحت ذراعيه عن جسدها ليشدها إليه مرة أخرى :
__ هل اشتكيت لكِ ، اجلسي أنا أريد أن أتكلم معكِ قليلًا .
صدح بكاء عبد الرحمن لينقلب وجهه ،تركته لتذهب لسرير طفلها ، حملته وهدهدته ليتوقف عن البكاء ليقول ياسر بغضب : أعطيه للمربية فهو يحتاج أن يرضع .
نظرت له بتعجب : حسنًا سأحضر له الحليب ، وأعطيه له !
صاح بغضب فعلي : أعطيه للمربية وتعالي أنا أريدك أم أنا لا أهمية ً لي ؟
تعجبت من انفعاله لتذهب وتنادي على المربية لتعطيها الولد وتوصيها به
عادت اليه لتقول بغضب : ما بك ياسر؟
قال بانفعال وهو يصيح : ما بي أنتِ دائمة الانشغال عني ، اما بمرضاكِ أو عملك أو أبنائك وأنا لا أهمية لما أريده منكِ .
ارتبكت من انفعاله الزائد لتكتم ارتباكها وتصرخ هي الأخرى : اهتمامي بأبنائي خطأ الآن ياسر ، تريدني أن أفعل مثلك وأترك أولادي ولا أراهم .
صاح من بين أسنانه : اخفضي صوتك ، ثم لا أريدك أن تفعلي شيء من أجلي مريم ، اتجه لدولاب الملابس ليرتدي ملابسه
سألت بتعجب وغضب مكتوم : أين ستذهب ؟
رد وهو لا ينظر إليها : إلى أي مكان ، إلا هنا فأنا لا أطيق البيت الآن
انصرف من أمامها لتهوى جالسة على الفراش وعيناها متسعتين من الصدمة .
***
عاد إلى البيت وهو مصدوم بشدة فالطبيبة أكدت له أن آية حامل بشهرها الثاني ومنها لا يستطيع اتخاذ أي قرار كان ينوي ردها ويبقى بعيدًا عنها ،ولكن خبر حملها هذا شتت ذهنه وتفكيره تركها وذهب دون أن ينطق أوصلها إلى المنزل ليذهب بسرعة  فهو يشعر بأن كل الأشياء حوله مبعثرة ، لا يستطيع مسامحتها على ما فعلته ولن يستطيع أن يتركها وهي حامل بطفله ، هل هذه علامة من الله أن لا يتركها أم امتحان صعب على نفسه وقلبه ؟ لا ينكر خفقات قلبه الصارخة عندما رآها ولكن تلاشى تأثيرها وتراجع أمام صرخات الغضب التي صرخ بها عقله وصوت كرامته التي يشعر بأنها انتهكتها بفعلتها الحمقاء ارتمى على فراشه بتعب فهو يشعر بتعبه يزيد، جسده منهك وروحة ازدادت سقمًا وعلة تنفس بعمق وردد: ربي أعني على ما بلاني .
***
وصلا إلى شرم الشيخ ليبتسم لها : إن شاء الله ستكون أسعد أيام حياتنا .
ابتسمت بتوتر : إن شاء الله .
__ هيا سنضع الحقائب ونخرج على الفور ، لا أريد أن يذهب الوقت منا في لا شيء .
__ أين سنذهب ؟
__ نذهب إلى خليج نعمة نسير قليلًا ونتناول طعام الغداء .
هل تريدين الذهاب إلى البحر الآن ؟
__ لا ، أنت تعلم أني لا أفضل السباحة كثيرًا .
احتضنها بين ذراعيه : أعلم حبيبتي ، هيا .
***
واقفة على سياج اليخت وتنظر إلى البحر وهي تشعر بحاله شديدة من الحبور والسعادة ليأتي ويقف خلفها ويحيطها بذراعيه : سعيدة؟
__ بل بقمة سعادتي  .
__ نحن الآن بعرض البحر وأنا أوقفت اليخت ، تستطيعين أن تسبحي كما تريدين
لفها إليه وقال بهدوء وعيناه تدوران على وجهها : ارتدي المايوه وتعالي لنسبح سويًا .
تعجبت : ستتركني أسبح بالمايوه ياسين !
__ نعم ، لا أحد حولنا ولن يستطيع أحدًا غيري رؤيتك هيا ، أريد أن أراكِ مرة أخرى وأنتِ ترتدينه .
احمر وجهها بشده من جراء تذكرها لما حدث المرة الماضية
ليبتسم من حيائها رفع ذقنها بيده لينحني برأسه مقتربًا منها
ظنت أنه سيقبلها لتجده يقبل ذقنها برقة شديدة جعلتها تنتفض بحب له شعرت بالسخونة تجري بأطرافها لفت ذراعيها حول عنقه واسندت رأسها على صدره ،ضمها إليه أكثر ليخرج الهواء من صدره بهدوء ويبعد نفسه عنها مرغمًا فهو يريدها أن تسبح كما تحب قال بصوتٍ أجش : هيا نور ، حتى لا أرجع بكلامي .
ابتسمت لتنصرف من أمامه
بعد وقت قليل وجدها أمامه مرتديه فستان قطني واسع بشرائط من الكتفين مزموم بحزام من عند الخصر أبيض اللون
تعجب منها : ألن تسبحي ؟
ابتسمت بارتباك : لا سأسبح .
لم تستطع إخباره انها لن تنزل إلى البحر بالمايوه فقط فهي لم تعتد على ذلك أبدًا
اقترب منها : لماذا لم تستعدي ؟
__ سأسبح هكذا .
نظر لها : لماذا ، ألا زلتِ تخجلين مني نور ؟ أم لا تريدين أن أراكِ به مرة أخرى.
__ لا ياسين ، بل أنا لم أعتد على السباحة بالمايوه .
__ نعم ، لا أفهمك ؟!
جلست على إحدى الأرائك المنتشرة على سطح اليخت :
__ جدي رحمة الله كان يمنعني من النزول إلى البحر بالمايوه فقط ، حتى وأنا صغيرة
جلس بجوارها واحاطها بذراعه لتكمل : كنت أتعجب من قسوته الدائمة وصرامته معي ، ولكن كان عمر يخفف عني بحنانه الذي يغدقه علي ابتسمت لتنظر إليه : أتعلم ياسين أني عندما دخلت الجامعة وشاهدت صور والدتي تعجبت منه بشدة ، وجدت صور لأمي وهي ترتدي المايوه والعجيب أنه كان في معظم الأوقات قطعتين .
انفجرت ضاحكة ليشعر هو بتعجب فعلي من جدها وأفعاله معها ليقول بهدوء : من المؤكد أنه كان يخاف عليك نور ألا تعلمين أن الآباء يحبون ويخافون على أحفادهم أكثر من أبنائهم .
هزت رأسها وابتسمت ليكمل : الآن أنا أريد أن أراكِ كما أريد ، ولا تجعليني أطلب ما أريده أكثر من مرة .
احمر وجهها بشده ليفك هو شرائط الفستان المربوطة عند الكتفين والحزام المربوط بظهر الفستان أوقفها ليسقط الفستان ابتعدت عنه بتلقائية وهي تخفض رأسها
أبتسم وخلع قميصه : هيا ، أنا أيضًا أريد أن أسبح قليلًا.
قفز إلى الماء ليشير إليها ابتسمت لتقفز بمهارة ليقول بتعجب :
__ أنتِ تقفزين جيدا !
ردت بغرور : نعم أنا سباحة ماهرة .
ضحك : إذن نتسابق أيتها السابحة الماهرة .
ابتسمت لتسبح بسرعة ليصيح : هذا ليس سباق أنتِ تهربين مني .
توقفت عن السابحة لتنظر إليه : لك ما تريد إذا استطعت الإمساك بي
سبحت سريعًا مرة أخرى ليبتسم بخبث إذا كنتِ سباحة ماهرة فأنا بطل بالسباحة ولكن لنمرح قليلًا .
***
وقف ينظر لها وهي تعيد ترتيب الملابس بالدواليب ليبتسم : أنتِ مريضة بالترتيب أليس كذلك ؟
شهقت فزعًا : أخبرتك من قبل أن تنبهني بوجودك عمر .
اقترب منها ليقبل وجنتيها : حمدًا لله على سلامتك .
__ سلمكِ الله حبيبتي .
__ تأخرت اليوم ، فقلت اشغل نفسي وعقلي بعيدًا عن الأفكار السوداء .
__ آسف حبيبتي ، ولكن العمل كان على أشده اليوم فبعد انهيار البناية بدأنا بنائها من جديد حتى لا نتأخر عن موعد التسليم .
ابتسمت بتفاؤل : الله معك حبيبي .
__ أنا جائع جدًا .
__ بدل ملابسك وأنزل ستجد الطعام على المائدة .
نزل بعد قليل ليجد الطعام مرتب هتف : يا الله رائحته شهية جميلة .
ابتسمت باتساع : تفضل حبيبي .
جلست معه ليقول بعد قليل : لماذا لا تؤكلي؟ أنا لاحظت هذه الأيام أنكِ لا تتناولين الطعام جيدًا .
__لا أعلم عمر ولكن معدتي تؤلمني عندما أتناول الطعام كثيرًا ، فقللت كمية الطعام التي أتناولها .
__ لماذا لم تخبريني ، لنذهب إلى الطبيب .
__ لا يوجد داعِ أعتقد أنه برد بسيط ، وسيزول إن شاء الله .
نظر لها بعتب لترجوه : عمر إذا شعرت بأن التعب يزيد سأخبرك ونذهب للطبيب .
__ نور تسلم عليكِ ، هاتفتني اليوم وياسين دعانا لقضاء يومين معهما ، وأيضًا لأباشر مشروع الشاليهات ،ولكن لن أستطيع التغيب ليومين فسنذهب غدًا ونعود بنفس اليوم .
ابتسمت : حاضر سأجهز الحقائب .
__ سنغادر مبكرًا علياء ، لا تتأخري أرجوكِ .
__ لا تقلق .

أحلامي المزعجة Where stories live. Discover now