الفصل السابع عشر

240 14 0
                                    

بعد عشرة أيام

تنهدت وهي تنظر لنفسها بالمرآه وجهها شاحب فهي لم تنم مطلقًا منذ يومين فتجهيزها للحفل يشغل تفكيرها كلما وضعت رأسها لتنام تتذكر بعض الأشياء التي عليها فعلها فتهب واقفة ، أمها أيضًا لا تنفك أن تطلب منها شراء احتياجاتها الخاصة من ملابس لدرجة أنها شعرت بتوتر أنها ستصبح عروس في هذا اليوم وليس مجرد عقد قران
فهي لا تنسي يوم انفجارها في وجه أمها وتخبرها بأنها لا تعلم لماذا تتعجلها بشراء كل هذه الاشياء ولديها مدة لا تقل عن ثلاث شهور بعد عقد القران تجهز بها !!
حينها غضبت أمها منها وخاصمتها واعتصمت بغرفتها وأتى علي وأنبها بشدة وقام بمجهودًا خرافيًا لترضى أمها عليها
لا تتذكر متى آخر مرة تكلمت مع عمر دون أن تتشاجر معه فهو الآخر يشكل ضغطًا من نوع آخر فيريد رأيها بكل شيء يقوم به بجناحهم في الفيلا وآخر مكالمة بينهم من أربعة أيام كان يريدها أن تأتي معه لشراء الأثاث فتشاجرت معه بقوة وأخبرته بأنها مشغولة ومتعبه وأن الوقت غير مناسب
غضب منها بشدة و لم يتصل بها مرة أخرى
رن جرس الباب لتنتبه من تفكيرها وتذهب لتفتح
فوجئت بها واقفة بغرورها الاعتيادي
ابتسمت ابتسامتها المتعالية وهى تدخل من الباب
__ صباح الخير علياء ،كيف حالك ؟ وحال خالتي ؟
ردت علياء بهدوء : وعليكِ السلام ، نحن بخير تفضلي .
__ المعذرة أني أتيت باكرًا هكذا ولكن علي أصر أن آتي اليك لأشتري هدية زفافك على ذوقك فهو أوصاني أن آخذك معي لتنتقي ما تريدينه .
__ ولما كل هذا فعلي اشترى لي أشياء كثيرة ؟
ابتسمت : لن تتزوجي كل يوم حبيبتي ؟
__ أنه مجرد عقد قران .
__ حسنًا انه زواج ، أليس الزواج عقد قران ؟
لفت برقبتها وهي تسأل : أين خالتي لأسلم عليها ؟
__ أنها نائمة .
__ حسنًا ، اجهزي للنزول إلي السوق فأنا مرتبطة بموعد عودة جني من المدرسة .
مطت شفتيها بتعجب ، غير مرتاحة لهذه الزيارة وكم المودة التي تتكلم معها آية به ، ولكنها لن تستطيع الرفض فهي متأكدة من تكليف علي لزوجته بشراء هدية لها
أيقظت امها لتقول لها وتخبرها أنها لن تتأخر .

******

جالسة بمكتبها وهي تشعر بكأبة فظيعة ، وشوق جارف له
فمنذ اسبوع وتحديدًا من يوم عقد قرانها عليه لم تراه
تشعر بروحها ممزقة شوقًا ولهفة له ولرؤيته نعم يتكلم معها كل يوم صباحًا ومساءً ولكنها تشعر بالشوق يغمرها ، ولكن أيضًا العند يملأها
فهي أصرت يوم عقد القران الذي تم بمنزلهم ألا تنزل لتراه بعدها رغم غضب عمر من موقفها ولكنها عاندت أكثر
فتأتي للعمل ولا تتحرك من مكانها ، تعتصم بمكتبها ولا تذهب حتى لتتناول الطعام ، تظل جالسة إلى أن يأتي ميعاد الانصراف فتنصرف على عجل وهي تحرص على عدم ركوبها للمصعد حتى لا تقابله ولو بالصدفة
طبعًا خبر ارتباطها به ملأ الشركة وجميع زملائها باركوا لها ، لن تنكر فرحة سناء بها وهي تبارك لها بمودة وحب ، وأيضًا لن تنسى نظرة السيد عبد العزيز الحانية وهو يبارك لها ويوصيها بياسين خيرًا و يقول أنه من خيرة الرجال
تتساءل بدهشة لما لا يأتي لها ليراها هو وكيف استطاع الانتظار كل هذه المدة دون أن يراها تعلم جيدًا أنه غضب عندما أخبره عمر أنها لا تريد النزول يوم عقد القران وأعلن عن غضبه لها هاتفيًا وأمضى يومين كاملين لا يتصل بها وهي الأخرى لم تتصل به ، لتفاجأ به يتصل بها وهو يبلغها بأنه اشتاق إليها ولم يستطع الصبر أكثر من ذلك
وإلي الآن يكلمها كل يوم صباحًا فهي تستيقظ على صوته وتغفى على صوته ، تحترق شوقًا إليه ولكنها تذوب خوفًا منه فحلمها المزعج لا ينفك ان يداهم نومها ويبقيها خائفة لساعات طويلة ، لا تعلم ما أساس هذا الحلم ولكن ياسين يظهر به بوضوح ولذا هي تعتصم ولا تريد أن تراه حتى لا يقرأ الخوف في عينيها ، مكالمته تأخذها لعالم بعيد عن أحلامها وعن واقع أنها زوجته ، فهو لا يذكر لها هذا الامر إطلاقًا
فعندما تتذكر هذا يملئها الغضب تشعر أنها غُصبت على الزواج منه بطريقة مهينة لها ولشخصيتها ولكرامتها
فهو وعمر لم يتيحا لها اختيار آخر ، حددا موعد الخطبة أولًا ثم موعد الزواج دون علمها بل أبلغها عمر كأنها غير معنيه بالأمر ، ثم حددا أيضًا موعد عقد القران ليتصل بها ياسين ويقول بمرح أنه سيأتي بالمأذون الساعة الخامسة فهو اتفق مع عمر ، وهذا السبب الرئيسي لرفضها لرؤيته
تفجر الغضب بداخلها وكادت أن ترفض أن يعقد قرانها لكن نظرة عمر الغاضبة الحازمة جعلتها توقع العقد وتبصم أيضًا عليه دون نقاش
__ كيف حال زوجة أخي ؟
رفعت رأسها بهدوء لتبتسم بوجهه : بخير ،كيف حالك يوسف؟ أين أنت لم تظهر منذ يومين ؟
ابتسم باتساع : ماذا أفعل مع زوجك ، فهو ينفث عن غيظه منكِ ومن عدم رؤيتك بي فأوامره أصبحت لا تنتهي وهو يتكلم معنا من أنفه ويصيح علي أنا وعبير
أنا متفهم حالته ولكن المسكينة عبير أشعر أنها ستقتله بيوم من الأيام
احتقن وجهها احمرارًا لصراحة يوسف ولخجلها منه
لتسأل بخفوت : هل هو من أخبرك ؟
نظر لها معاتبًا : لا نور ، ولكنه أخي وأنا أفهمه جيدًا
وغيابك عنه يؤثر به كثيرًا .
ردت مدافعة : ولكني أتكلم معه يوميًا .
نظر لها مطولًا : أخبريني نور ، إذ شعرتِ بالعطش
هل سترتوين إذا أتيت لكُ بكوب من الماء لتشاهديه ؟
هزت رأسها بتعجب :لا أفهم ما العلاقة بين هذا وذاك !
__ جاوبيني من فضلك
__ لا طبعًا ، فما يرويني هو أن أشربه كله .
ابتسم ابتسامة جانبية : ها أنتِ جاوبتِ بنفسك .
صمتت قليلًا لتفهم ما يقصده يوسف ليحمر وجهها أكثر
ونطقت كأنها تحدث نفسها
__ ولكنه لم يطلب رؤيتي ولا يوم في الأيام الماضية !
__ نور يوم عقد القران شعرت أن ياسين مجروحًا جدًا منكِ ومن عدم نزولك له لتفرحا معًا فما فهمته أنه كان حاجزًا بمكانٍ فخمًا لتتناولا العشاء معًا وتحتفلا ولكنك خربتِ ترتيبه لكِ أتعلمين أنه لم يبلغ أمي بالموعد سحبني معه وأنا لا أعلم ماذا يريد مني لأتفاجأ أنه يأتي بالمأذون وأنه سيعقد قرانه اليوم
وعندما عاتبته أمي قال لها أن عقد القران للرجال فقط ولا يهم حضور النساء وأنه سيقيم حفل زفاف اسطوري وقتها تستطيع أن تفرح به كما تريد
وأنا تكلمت معه بعد ذلك وأوضحت له أنكِ خجله منه ولذلك لم تنزلي إلينا ولكنه كان غاضبًا بحق
نور ياسين من الرجال الأقوياء وغضبه يعادل قوته وقوة شخصيته ، ولكنه يتعامل معكِ بطريقة مختلفة
أربكتني أنا شخصيًا وتعجبت منها كثيرًا ، وكان الجواب واضحًا أنه يحبك كثيرًا
ولكن ما أغضبني منك أنكِ لا تقدرين ذلك وتستمري في إيلامه، لما لم تصعدي لتريه ولو مرة واحدة منذ عقد قرانكم ؟
أجابت بارتباك : يوسف أنا قُلت لياسين السبب .
__ نور ما أجبرني على الكلام معك اليوم أن حالة ياسين أصبحت صعبة للغاية ، فلم أره من قبل غاضبًا كاليوم
ومشتت الذهن أيضًا ، لا تزيديها عليه فيكفيه إرهاق العمل .
__ حسنا، سأدعوه بمنزلنا اليوم ليتعشى معنا .
__ لا نور ، لم أطلب منك أن تفعلي شيئًا إكرامًا لي
ولا أريدك أيضًا أن تخسري جزء من كبريائك الأنثوي العتيد  فلابد ان يطلب هو رؤيتك ، ولكن ما أريده أن توافقي ولا تجرحيه مرة أخرى.
ابتسمت بوجهه : حسنًا يوسف ، ولكن أريدك أن تفهم أني لم أقصد اغضابه أبدًا .
ابتسم بعمق : أعلم عزيزتي ، فكما أرى أنه يحبك ، أرى أيضًا أنكِ مغرمة به احمرت خجلًا وهي تقول بغضب : يوسف
ضحك بمرح : حسنًا ، حسنًا سأذهب وأعانني الله على زوجك .

أحلامي المزعجة Where stories live. Discover now